مشتهيك أنا يا بلد..

Quote: *ملتقى القيلولة* *مهداة لاخوة الزمن الجميل.....* *(سحارة الذكريات* .. *منقول ، منقول ، ثم منقول من قروب دفعة قديمة* .. وينساب صوت الفنان الذري / إبراهيم عوض عبر (الرادي فيلبس) (يا جمال دنيانا ...يا جمالا) كان ذلك في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي عندما كانت (دنيانا فعلا يا جمالا) كل شيء فيها جميل ومنساب ومرتب إيقاعات الحياة تسير في خطوط متوازية لا تتقاطع فقبل أن يطل مساء الخميس (الواله المحزون) ويجن الليل وتتفارز وتتمايز الأكوام (أكوام الورع والذكر) وأكوام ( الهجيج) وما بينهما من أكوام (اللهو البريء) يكون كل كوم قد أعد العدة وتهيأ لاستقبال خميسه ومساءه .. # ثلة من شباب الحلة يقلبون أوراق الصحف وأعينهم غارقة في إعلانات (أين تسهر هذا المساء) ما بين أفلام أجاثا كريستي الراقية في سينمات كولزيوم و "BN" .. إلى الأفلام العربية لفريد شوقي وفاتن حمامة في سينما أمدرمان … والكاوبوي وديجانقو وسرتانا في الوطنية أمدرمان … والأفلام الهندية في العرضة وبانت والوطنية بحري .. وتتفق مجموعة منهم على بدء البرنامج بالذهاب إلى استاد الهلال أولا لحضور تمرين الهلال والاستمتاع بتابلوهات عزالدين الدحيش المدهشة وترقيصات على قاقرين الساحرة وفنيات كسلا الرفيعة ، بينما آثرت مجموعة أخرى الذهاب إلى استاد المريخ في العرضة جنوب لمشاهدة سيمفونية كمال عبدالوهاب الراقية وقذائف الفاضل سانتو المرعبة و(تصريجات) سليمان عبدالقادر الهوائية المزعجة ..!! # وثلة أخرى (مرطبة) عيونها نعسانة (غارقة في التكحيل) تبحث في إعلانات الكازينوهات حفلة لكمال كيلا في كازينو النيل الأزرق وأخرى لوليم اندريا في كازينو المقرن وفرقة رقص نمساوية في صالة "GMH" والبلابل في كازينو الجندول .. ومجموعةأخرى من (أبالسة) شاطئ النيل سمار الليالي الذين يتسللون في جنح الليالي لواذا إلى الأوكار السرية لشراء اللفافات ثم يلوذون إلى الشواطئ حيث يجتمع الضدان (الليل والقمرا) ويشعلون (الخدرة) يناجون (أشباحهم والظلالا) .. ويسبحون في عوالم الخيال .. وآخرون يديرون الكؤوس في (القعدات) وتدور معها رؤوسهم وترتفع عقائرهم بروائع الحقيبة مع دندنات الأوتار والإيقاعات .. وفي جانب آخر يحتضن (بيت العزابة) ناس الورق والكتشينة ملوك الوست والكونكان الذين يحضرون (التربيزة) والأوراق والأقلام وفناجين القهوة و(صعوط) الوطنية بحري وسوق الجلود والبرنجي لتجلجل صياحتهم تشق الصمت ليلا (سييييييك) و (خمسيييين) !! # وبين هؤلاء وأولئك رجال غارقون في حب المصطفى يتهيأون بلف العمم والملافح لإرتياد حلقات الذكر والمديح في حوليات الأولياء والصالحين .. منهم من يتوجه إلى حولية السيد على ببحري ، وآخرون في حولية الطريقة البرهانية بامدرمان والبعض الآخر في طريقه إلى مسجد الأنصار بودنوباوي وآخرون من أهل الفلاح والتقى والصلاح أصحاب القلوب المطمئنة يتحلقون حول حلقات التلاوة في المساجد .. وثمة مجموعة أخرى من الحالمين ممن يتعاطون السياسة وفي كل واد يهيمون .. ويقولون ما لا يفعلون يتهيأون لحضور ليلة سياسية عن (الواقع السياسي الراهن ومآلات المستقبل) .. # وحتى ربة البيت (التي تصب الخل في الزيت) تتهيأ بكي (توب أبوقجيجة او رسالة لندن) من العصرية .. والاستعانة بالمشاطة نهارا استعدادا لمسائها .. فاليوم (قولة خير) (ود سعدية) وتتهيأ للذهاب معهم يودو (فتح الخشم) .. وفي بيت آخر هناك لمة (دق الريحة) لعوضية (الداير ياخدا ) دكتور على (ود محاسن) بعدما جاء من الخليج في إجازة قصيرة لإتمام زواجه وكانت (نسيبته محاسن) قد حلفت حليفة مغلظة مهددة بتقويض الزواج بقولها (وحات أبوي الشيخ .!!) ما (بشحن بتي) وأسفرها ليه .. (أكان) ما حضر هو ما في عرس نهائي ..!! أما شلة ناس (اعتماد) فقد تهيأن بمفتخر الثياب للذهاب للكوافير لكي الشعر والتسريحة (القجة) فاليوم (تعليمة العروس) عواطف بحوة الطقطاقة ... أما (عمر) و(حبكانته) (هنادي) فعلى موعد للذهاب للمسرح القومي بأمدرمان لحضور مسرحية (خطوبة سهير) بطولة مكي سنادة وتحية زروق .. وهكذا كانت تدور رحى الأيام بكل تناقضاتها وتبايناتها دون تعكير لصفوها وحسنها .. فكان في البيت الواحد يجتمع الضدان و(الضد يظهر حسنه الضد) كل يهيم في واديه والنفوس متطايبة ومن ضلً حِيناً واتبع هواه ما يلبث أن يرعوي ويثوب إلى رشده .. فدورة الحياة تبين لنا أن من كان في شبابه عربيدا معاقرا للكأس فقبل ان يجف الكأس يصبح ما بين ليلة وضحاها من أهل الصلاح (الجارين السبح) ... فهذه لمحات من إحدى أمسيات ذلك الجيل الجميل الذي كانت الدنيا بالنسبة لهم (زي الموج تجيب وتودي) وكان جمال دنياهم يتمثل في : بسمة سرور وجمال ... وفى فرح الخواطر .. الطيبة في الآمال .. وفى شروق الصباح .. في بسمة الأطفال .. *فهل يا ترى اين أنتم اليوم من ذلك الجيل الجميل ..؟؟