أو نظرة موضوعية بعيدًا عن مشاعر الحرب وانحيازاتها، المشروعة وغير المشروعة.
تُعد إسرائيل دولة حديثة نسبيًا، تأسست عام 1948 كتجسيد لفكرة "الدولة القومية لليهود". وقد أسهم التاريخ الطويل من النفي والاضطهاد الذي تعرّض له اليهود في بناء الأساس الأخلاقي والسياسي لهذا المشروع، لا سيما بعد الكارثة الكبرى التي مثّلتها المحرقة النازية 1940-1945.
محطات تاريخية في معاناة اليهود
1. العصور القديمة: الاستعباد في مصر (حوالي 1500 ق.م) كما ترويه النصوص التوراتية.
السبي البابلي (586 ق.م) عقب سقوط مملكة يهوذا، وهو محطة مركزية في الذاكرة الدينية اليهودية.
2. اليمن والحبشة: تعرض اليهود في اليمن للاضطهاد على يد مملكة أكسوم المسيحية (نحو 520م)، ويُعتقد أن لهذا الحدث صلة بأصول يهود "الفلاشا" الإثيوبيين (ملاحظة: استنتاج بحثي للكاتب).
3. في ظل الانبعاث الإسلامي الأول:
توتر وصدام في يثرب (625م) بين المسلمين الأوائل وبعض القبائل اليهودية، في سياق ديني وسياسي متشابك.
4- القدس بعد الفتح الإسلامي (636م):
خضع اليهود للعهدة العمرية، كأهل ذمة، ما منحهم الحماية ضمن نظام قائم على الحقوق والواجبات، وإن كان مقيدًا.
5- عهدا الأيوبيين والمماليك 1000-1300م
تعرض اليهود لمجازر واضطهاد خلال الحروب الصليبية، وواجهوا تمييزًا دينيًا واجتماعيًا، خاصة في المشرق الإسلامي على يد الأيوبيين والمماليك (القرنان 12 و13).. مما حدا بغالبية منهم للهجرة الى اوروبا بداية بايطاليا ثم المانيا حوالي 1300م.
6- في أوروبا العصور الوسطى 1300-1600:
في أوروبا، قوبل انخراط بعض اليهود في الأنشطة المالية مثل الربا (الفايدة) بكراهية اجتماعية، انعكست في الأدب مثل مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير، ما رسّخ صورًا نمطية سلبية.
7- الشتات الأوروبي (الـ Diaspora) 1700- تاريخ اليوم: على امتداد قرون، عاش اليهود في وضع الشتات بين دول أوروبا الغربية والشرقية ثم أمريكا، وتعرضوا للتمييز والعنصرية، مما رسّخ لديهم شعورًا بالاغتراب وعدم الأمان كل الوقت وشكل الشخصية والمخيال اليهودي من جديد.
8- العصر الحديث (الهولوكوست):
بين عامي 1942 و1945، نفذ النظام النازي في ألمانيا إبادة جماعية ممنهجة ضد اليهود، راح ضحيتها نحو 6 ملايين شخص، بحسب معظم الدراسات التاريخية.
9- قيام إسرائيل وردود الفعل (أ و ب)
عام 1948، أُعلنت دولة إسرائيل بعد قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة. وقد اعتُبر هذا القرار في الغرب نوعًا من التعويض التاريخي لليهود، خاصة بعد الهولوكوست، بينما رآه العرب والعديد من شعوب المنطقة ظلمًا تاريخيًا جديدًا، وقع هذه المرة على الفلسطينيين.
أ- رفض عربي:
رُفض إعلان قيام إسرائيل عربيًا بشكل جذري، وتكرّس هذا الرفض في "قمة الخرطوم" عام 1967 التي رفعت شعار "اللاءات الثلاث": لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف.
ب- رفض فارسي أكثر صرامة:
عام 1979، مثّلت الثورة الإيرانية الخمينية تحوّلًا في الخطاب الإقليمي، إذ تبنّت نهجًا تصعيديًا رافعًا شعار "محو إسرائيل"، لا مجرد معارضتها السياسية، وهو ما شكّل أساسًا للعداء المتبادل بين إسرائيل والنظام الإيراني، وما تزال تداعياته مستمرة حتى اليوم في الصراع الإقليمي.
خاتمة: الصراع العربي/الفلسطيني/ الفارسي الإسرائيلي، لا يمكن اختزاله في نزاع سياسي على الأرض، بل هو صراع ممتد ومتجذّر في التاريخ والدين والهوية. وهو من أكثر صراعات العصر الحديث تعقيدًا وتشابكًا، إذ يتداخل فيه الموروث الديني مع الجرح السياسي، والخوف مع الذاكرة، والعقيدة مع الواقع.
لهذا، لا تجدي النظرة العجلى أو العاطفية في فهم جذور هذا الصراع، كما أن تجاهل جوانب التعايش والتداخل التاريخي بين العرب واليهود يعمينا عن الفهم الحقيقي للقضية التاريخية المعقدة. فقد عاش اليهود في كنف الحضارة العربية والإسلامية قرونًا عديدة، وتفاعلوا معها بعمق؛ كانوا مزارعين وتجارًا وصناعًا، ومنهم شعراء وفلاسفة وموظفون كبار في الدولة العباسية والأندلسية وإلخ. وحتى بعد قيام دولة إسرائيل، ظل عدد من اليهود العرب يعيشون في دول عربية كالسودان والمغرب واليمن، في سياقات امتدت لسنوات من السلام والتداخل الاجتماعي والثقافي.
06-17-2025, 05:40 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5761
ايران في مهب الريح ومعادلات شرق اوسطية جديدة تلوح في الافق!
وجهة نظر خاصة في صيغة تحليل حول الأزمة الإيرانية/الشرق اوسطية الحالية في نقاط بعيدا عن الرغبات الشخصية والاماني
1. خيارات طهران محدودة وصعبة وربما مستحيلة:
توقف المفاوضات مع الولايات المتحدة، التي تشترط وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل، وضع إيران أمام خيارات ضيقة تكاد تكون مستحيلة وأي تصعيد اضافي من طهران، مثل محاولة إغلاق مضيقي هرمز أو باب المندب، سيُعد استفزازا مباشرا، وقد يقابل برد دولي واسع النطاق.
2. امكانية تدخل غربي شامل يلوح في الافق:
أي هجوم مباشر من إيران على قواعد أمريكية أو مصالح خليجية قد يؤدي إلى رد عسكري كاسح، وربما أعنف مما حدث في العراق عام 2003. السيناريو المحتمل يتجسد في تدخل دولي شامل يهدف إلى تفكيك الدولة الإيرانية نفسها.
وكل دول الخليج ستنأ بنفسها وتلزم الحياد ان لم تبارك في نهاية المطاف تفكيك النظام الايراني.. العلاقة التاريخية السنية/السلفية الشيعية العدائية تؤيد ذلك بجدارة "نفسيا وعمليا".
3. المفاوضات النووية = خضوع؟
في السياق الحالي، العودة الإيرانية إلى طاولة المفاوضات أو تقديم تنازلات في الملف النووي قد تُفسر او تعني داخليا بالنسبة للشعب الايراني وخارجيا على أنها خضوع وانكسار سياسي. مما ينعكس مرة ثانية سلبا على النظام الايراني.. وربما يحدث انقلاب داخلي.
4. تغيير النظام على الطاولة: التحذيرات الغربية، خصوصا من واشنطن، أصبحت أكثر وضوحا وحدة. لم يعد الأمر مقتصر على استهداف البنية العسكرية، بل قد يشمل رأس النظام السياسي بالكامل.. كما سلف توضيحه.
5. غياب الدعم العسكري من الحلفاء التقليديين:
الاعتماد على تدخل عسكري من دول مثل روسيا، الصين، باكستان، أو كوريا الشمالية لا يستند إلى وقائع ملموسة او جدواه ضعيفة.. وفق التجربة.. هذه الدول تدير سياساتها وفق مصالحها الخاصة، ولا تبدو مستعدة للمغامرة بمواجهة مفتوحة مع الغرب لأجل إيران.
6. تحييد روسيا بفعل تأثير ترامب: عودة ترامب الى البيت الأبيض بداية هذا العام، ساهمت في تحييد الموقف الروسي تجاه إيران. الرئيس بوتين يسعى لتفادي أي صدام مباشر مع ترامب والغرب عموما، حفاظا على مصالحه الحيوية في أوروبا وأوكرانيا.
7. مشهد دمار غير متكافئ وخطاب دعائي متبادل:
رغم أن حجم الدمار في إيران يفوق ما تعرضت له إسرائيل بدرجات، إلا أن كلا الطرفين يوظف الخطاب الدعائي لخدمة أجندته: إيران تروج لرواية "المظلومية"، بينما تبرر إسرائيل تصعيدها على أنه دفاع وجودي. ومع ذلك، تظل إيران في موقف أكثر هشاشة من الناحيتين السياسية والعسكرية.
8. احتمالية تمدد الحرب: دخول الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع إيران أمر مرجح ما لم تعلن طهران، خلال أسبوع على الأكثر، وقفا كاملا لتخصيب اليورانيوم، وهو ما قد يُنظر إليه كنوع من الاستسلام داخليا وخارجيا.. لكنه ربما حتمي.
يعني الحرب دي خازوق بالنسبة لايران.. خازوق كبير مجهبز.
9. الخلاصة: لا عدالة فوق هذا الكوكب.. بل قوة مادية و مصالح ملموسة في معادلات الشعوب:
لا توجد عدالة في هذا العالم، انها غابة موحشة، فقط القوة والمصالح. لم تكن العدالة يوما محورا في توازنات الحضارات اي كانت، سواء الأرضية أو السماوية. إذا أردت أن تملك سطوة في هذا العالم، ففرصتك الوحيدة تكمن في امتلاك:
1- شعب حر يملك قراره (سيد نفسك مين اسيادك!)
2- وحدة وطنية راسخة
3- تفوق علمي وتقني حقيقي
ما عدا ذلك، فأنت مجرد "مشاهد على الهامش"، لا تملك سوى أن تتفرج وتعض أصابعك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد جمال الدين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست