💢 [حرب ١٥ أبريل ودورها في تعميق عملية الاستقطاب السياسي الحاد]
"انخراط بعض شباب الثورة في العمليات العسكرية إلى جانب الجيش أو الدعم السريع؛ مثالا"
((الاستقطاب في السياسة، يعني انقسام أو تباعد المواقف السياسية إلى الحدود التفكيرية القصوى، والاستقطاب قد يشير كذلك إلى الاختلاف في الرأي العام أو حتى داخل مجموعة معينة. وتقريبا كل النقاشات عن الاستقطاب في العلوم السياسية تعتبر الاستقطاب في سياق الأحزاب السياسية وأنظمة الحكم الديموقراطية. وعندما يحدث الاستقطاب في نظم الحكم الديمقراطيةكما في الولايات المتحدة مثلا، فعادة ما تفقد الأصوات المعتدلة أو الوسطية نفوذها وتأثيرها. كما يُفهَم الاستقطاب في حد ذاته عادةً باعتباره "انقسامًا أو صراعًا بارزًا ينشأ بين مجموعات رئيسية في مجتمع أو نظام سياسي، ويتميز بتجمع وتطرف الآراء والمعتقدات على قطبين متباعدين ومتخاصمين.)) "ويكيبيديا"
منذ أن أعلنت اللجنة الأمنية في السودان بقيادة الجيش والدعم السريع وجهاز الأمن والشرطة في ١١ أبريل ٢٠١٩، "كما ادعت"، انحيازها لثورة ديسمبر المجيدة واقالة المخلوع عمر البشير عن مناصبه الدستورية والعسكرية، فلقد بدأت عملية الاستقطاب بين القوى السياسية في ما بينها، وأيضا في ما بينها من جهة وبين الشباب الثوار من جهة أخرى.
ولقد كان الاستقطاب السياسي أساسه قائم على كيفية التعامل مع المكون العسكري في اللجنة الأمنية خلال الفترة الانتقالية وما بعدها.
هنا لا نود الخوض في تفاصيل ما حدث ، لأنه معلوم للجميع كيف أدى ذلك إلى تعطيل عملية التحول الديمقراطي وهندسة اتفاقية جوبا الكارثية، وانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، ثم توج أخيرا بحرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م العبثية.
عليه فمن المنطقي أن نقول أن الاستقطاب داخل القوى السياسية وفي المجتمع السوداني عموما كان قائما قبل حرب أبريل ، ولكنه ازداد حدة بعد الحرب.
فلقد انقسمت القوى السياسية إلى ثلاثة تيارات؛ تيارات محايدة، واخرى داعمة للجيش ، والثالثة تخندقت مع الدعم السريع، ولكل تيار لديه مبرراته المنطقية أو غير المنطقية.
تنزل هذا الاستقطاب الحاد إلى القواعد ممثلة في قوى الثورة من التيارات الشبابية، وخاصة لجان المقاومة وحركة غاضبون بلا حدود، وحتى وسط الأغلبية الصامتة.
فلقد انقسمت مثلا حركة غاضبون بلا حدود بين مؤيد للجيش والانخراط في العمل المسلح ضد الدعم السريع، وبين الذين اعتزلوا هذه الحرب واستمروا في النهج الذي يحمل طرفي الحرب مسئولية كل الجرائم السابقة وجريمة إشعال الحرب والانتهاكات التي حدثت وما زالت تحدث خلالها.
أما التيار الغالب في لجان المقاومة بقيادة لجان مقاومة السودان والقوى الموقعة على الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب، فلقد التزمت بخط الثورة القديم والمستمر في تحميل طرفي الحرب المسئولية والمناداة باستمرار الثورة والثبات على شعار الجيش للثكنات والجنجويد ينحل، وأصدرت الرؤية السياسية لإيقاف الحرب وإنهاء مسبباتها واستعادة مسار الثورة.
نحن نقول أن شباب غاضبون بلا حدود الذين انخرطوا في الحرب إلى جانب الجيش وحسب قناعاته؛ يعتبرون وقوفهم مع الجيش هو موقف تكتيكي مؤقت وليس موقفا استراتيجيا، وسيتم فك ارتباطهم بالجيش عند هزيمة الدعم السريع، وأنهم لم يتخلوا عن مبدأ سلمية الثورة تماما، وإنما هو موقف مشروع تحت شعار الدفاع عن النفس، وهذا موقف يحتاج لدراسة وتمحيص.
في الجانب الآخر ، فلقد تعمق أيضا الاستقطاب السياسي واصبح حادا جدا بين التيارات السياسية الثلاثة التي تفرقت ما بين الحياد والجيش والدعم السريع، ولكل مبرراته وقناعاته التي لا تختلف كثيرا عن مبررات وقناعات غاضبون بلا حدود ولجان المقاومة.
أخيرا؛ فإنه في النهاية لن يصح الا الصحيح ، وعند انتهاء الحرب سيتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وستنجلي الغشاوة ، وسيبقى في أرض السودان الطيبة ما ينفع الناس والثورة، وسيذهب الزبد جفاءا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة