كانت اليُمنىَ تحيطُ بخصرِ المدينة وكان الوقتُ عميقاً لا وقتَ فيه كان النهر غريقاً ولا ماءَ فيه سوى حشرجة الموج وآهات السكينة أضحى الخوف صديقا بليله الطويلِ مثل صحراءٍ لا يكذبُ الرمل فيها تعاقر النواح وحرقة العويل مثل بحرٍ يقتات من جسدِ السواحل يعتاش من نزق السفائن من خيبة الفرح البخيل
كانت الخرطوم تغسل عينيها من ضجر المدينة من وعثاءِ السهرِ وتحكّ أصابعَ قلبها من دمِ برتقالِها القتيلِ وكل ما تبقى من رائحةِ الأناشيدِ الحزينة
وما تلكَ بيسراكَ؟
قلتُ هي أمنيتي أتوكأ على سناءِ وعدها البريقْ أهشُ بها على ندمي أمدّ وسادةً من لحمِ الماءِ فُوقَ ألحفةِ الحريقْ أطلب الخلاصَ من عدمي من وحشة النيل الدفينة
وقفنا منذ حين من السأم عند مشارفِ زهوِنا حدثنا الموتَ تمرداً وحقيقةً حديثَ الندِ للندِ النهرُ باع أمسَه وغادرَ الظلُ غافلَ همسَه وغادرَ والدمعُ جسرُ آهةٍ سخينة
فلتعبري يا مواكبَ البكاءِ بين الخدِ والخدِ ولتأخذي على جناحِك الشظِي تقوانا ورجسنا عشقنا ونزقنا موتنا وشوقنا
خذي موالدَ الضياءِ ولتشعلي شموسها السجينة
ما تلكَ بيسراكَ؟
تلكَ ميتةُ الحياةِ وحياةُ موتِنا الثمينة فهي فى براثنِ الطوفانِ مهجة السفينة
هل أتاكَ نداءُ الشجنِ؟
هي التفاتةِ الدروبِ نحو قادمٍ جديدْ هي ما يكابدُ القتيل حين يشتهي عناقَ أهلهِ وشوقَه العنيدْ هي ما يزفه المساءُ من أنينْ هي العناءُ والرجاءُ وحرقةُ النشيدْ هي إنهمارُ بؤسنا من رقاعِ وقتنا الضنينْ
هل رآك حارسُ الزمنِ؟
هي حلمنا هي النشيجُ والنحيبْ هي حاجبُ الأبوابِ تطرقها الأصابعُ والشفاه ولا مجيبْ
وما تلك بيسراكَ؟ هي ما عناه الليلُ حين أتاكَ عبأ الضياءَ في محاجرِ النجوم حين ضج في الظلامِ نورُهُ هي صوت موتنا الرحيبْ
هي ارتعاشةُ الغيوم وطيبُ وجهها الخصيبْ
هي ما يسيرُ في دمائِنا معربداً طميُ من الأسى هى انتفاضةُ الهموم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة