في خضم المعارك الجارية في العاصمة السودانية الخرطوم، تتزايد معاناة المدنيين، مع استمرار فرض قوات الدعم السريع حصارها على مناطق عديدة مجاورة لسلاح المهندسين التابع للجيش بمدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم. وفي هذا السياق، أطلقت لجان المقاومة في أحياء مدينة أم درمان القديمة نداء استغاثة، محذرة من كارثة إنسانية في المنطقة. وقالت إن سكان أحياء ” بانت” و”الضباط” و”أبو كدوك” يواجهون الجوع والعطش إثر الحصار الذي تفرضه عليهم قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى نقص في الغذاء والدواء في ظل انقطاع التيار الكهربائي والماء. وأكدت أنهم يفتقدون أبسط مقومات الحياة مع تربص الدعم السريع والبطش بكل من يخرج، حيث تمنع المواطنين من الخروج حتى لإنقاذ أنفسهم من المجاعة التي قالت إنها شبه مؤكدة في هذه المنطقة. وأشارت في بيان، أمس الخميس، إلى أن هذه الأعمال ستؤدي إلى كارثة إنسانية، مذكرة أن المدنيين ليسوا ساحة لتصفية الحسابات في الحروبات أبداً، داعياً للتوقف عن استهدافهم. وناشدت لجان المقاومة، المنظمات المحلية والدولية التدخل من أجل إنقاذ أهالي المنطقة والسماح بدخول الدواء والمواد الغذائية، أو فتح ممرات آمنة لخروج السكان وبالأخص الأشخاص ذوو الإعاقة. وأوضح أن الدعم السريع تطبق نفس الحصار على أهالي أحياء الفتيحاب وأجزاء أخرى من العاصمة الخرطوم ومدن أخرى. وتوجهت اللجان بنداء عاجل إلى قيادة المنطقة العسكرية بأم درمان عموماً، وسلاح المهندسين والسلاح الطبي بشكل خاص، لإنقاذ سكان أم درمان المتواجدين في حي بانت شرق وغرب الموردة والعباسية وأوكدوك وحي الضباط وفريق ريد. وقالت إنهم محاصرون من كل الاتجاهات، بينما يواجهون نقصاً حاداً في الطعام ومياه الشرب وقطع الكهرباء والاتصالات وانعدام الأدوية وكل متطلبات الحياة الطبيعية. وفي إطار ردود الفعل الدولية للأوضاع الإنسانية في السودان، قالت المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا باليونيسف، اديل خضر، إن “19 مليون طفل خارج المدرسة في السودان”. وأضافت أن هذه كارثة جيل كامل يمكن أن يضيع، مشددة على أن إنهاء القتال والحل السلمي هما الخياران الوحيدان لإعادة الأطفال إلى المدرسة، وأنه ينبغي ألا ينسى العالم أطفال السودان. ومع دخول النزاع في السودان شهره الثامن يتزايد المرض والنزوح والجوع، مما يعرض ملايين آخرين للخطر، حيث يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن هناك حاجة ماسة إلى تكثيف الجهود الإنسانية والإنمائية لتجنب هذه الكارثة المتصاعدة. وأدى الصراع إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المتردية بالفعل في السودان، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح البشرية وسبل العيش والبنية التحتية العامة والخدمات الأساسية. ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد السوداني بنسبة 12% في عام 2023 بسبب توقف الإنتاج وفقدان رأس المال البشري وقدرة الدولة. وفي الفترة من أبريل/ نيسان الماضي وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، نزح ما يقارب 5 ملايين شخص داخلياً، وعبر نحو 1.3 مليون آخرين الحدود بحثاً عن الأمان، مما شكل ضغطاً هائلاً على المجتمعات المضيفة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه 20 مليون شخص الجوع، مع وجود أكثر من ستة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة. وقد تم الإعلان عن تفشي الكوليرا في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في الولايات التي تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين بسبب النزاع. وتشير التقديرات إلى أن 3.1 ملايين شخص معرضون لخطر الإصابة بالإسهال المائي الحاد والكوليرا بحلول ديسمبر/ كانون الأول فيما تجاوزت حالات الإصابة بالملاريا 800 ألف حالة. وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى يورى افاناسييف إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة في الوقت الحالي لوقف الكارثة الإنسانية المتصاعدة، وحماية كرامة الناس وإرساء الأساس لمسار التعافي”. وأشار إلى ضرورة التركيز على توفير الوصول إلى الطاقة والمياه النظيفة وترميم مرافق الرعاية الصحية وتوفير الأدوية الأساسية ودعم المزارعين للحفاظ على محاصيلهم، تم تصميم عرض أزمة السودان التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لاستكمال الجهود الإنسانية المنقذة للحياة بدعم مستدام للحياة. لا يؤثر الصراع العسكري على الجوانب الإنسانية فقط وإنما تمدد إلى منشآت حيوية أصبحت مهددة بالدمار مثل خزان جبل أولياء، حيث اتهمت الحكومة السودانية قوات الدعم السريع بالإضرار بالمنشآت المائية، الأمر الذي أدى إلى نقص المياه في نطاق واسع من العاصمة السودانية الخرطوم. وقال وزير الري والموارد المائية المكلف، ضو البيت عبدالرحمن منصور، خلال مخاطبته اجتماعات الدورة الخامسة عشرة للمجلس الوزاري العربي للمياه في العاصمة السعودية الرياض، إن منشآت المياه في البلاد تعرضت لأضرار فادحة جراء “تمرد قوات الدعم السريع” لافتاً إلى تأثيرها السلبي على تشغيل هذه المنشآت وعلى حياة المواطنين خاصة محطتي مياه بحري وأم درمان. سياسياً، بعد إصدار قوى الحرية والتغيير بيانها الختامي في أعقاب زيارة وفد منها لمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان ولقاء الرئيس سلفا كير، أعلنت الكتلة الديمقراطية المناوئة لها، أنهم بدأوا ترتيباتهم لزيارة جنوب السودان. وقال القيادي في الكتلة الديمقراطية، مبارك اردول، إنهم بدأوا في الترتيبات اللوجستية لتلبية دعوة الرئيس سلفا كير ميارديت للسفر إلى جوبا للمشاورات السياسية بخصوص الأزمة في السودان والبحث عن سبل الحلول اللازمة لها. وأضاف أن “دور دول الجوار مهم ومحوري في إنهاء الحرب وتحقيق السلام الشامل والحقيقي في السودان باعتبارهم طرفاً متضرراً من ناحية، ومن ناحية أخرى هم شركاء بالأصالة في حاضر ومستقبل بلادنا فضلاً عن ماضيها. وقال إنهم سوف يساهمون بشكل إيجابي في كل ما يحقق تطلعات الشعب السوداني في السلام والاستقرار داخل وخارج البلاد”. وأكدت الحرية والتغيير في بيانها الختامي حول زيارة وفدها إلى جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان بدعوة من الرئيس كير، على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسيادته على أرضه وموارده، معبرة عن رفضها لكل ما يؤدي إلى تمزيق السودان أو إطالة أمد الحرب أو تحويلها إلى حرب مجتمعية. وكان وفد الحرية والتغيير قد التقى بلجنة وساطة جمهورية جنوب السودان لسلام السودان، حيث تم نقاش رؤية جمهورية جنوب السودان لحل الأزمة الحالية في السودان، وتم الاستماع لتقرير من قبل وفد الحرية والتغيير حول الأوضاع الراهنة في السودان. وأجرت مناقشات أيضاً مع الرئيس كير، مشيرة إلى أنه تم إجراء نقاش عميق ومستفيض حول ضرورة الوقف الفوري للحرب في السودان وإنهائها بمعالجة جذور الأزمة والأسباب التي أدت إلى اندلاعها. ونقل البيان، عن كير قوله بأن ما يحدث في السودان والخرطوم “يمنعنا من النوم والراحة في جوبا”، مشيراً إلى أن بلاده وشعبها هم الأكثر معرفةً بالسودان وشعبه لأننا في الأصل شعب واحد، مناشداً السودانيين بأن لا يسمحوا لهذه الحرب بتمزيق السودان إلى أجزاء عديدة. كما وجه الرئيس كير دعوة لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، والأطراف السودانية الأخرى الداعية لإيقاف الحرب واستدامة السلام والاستقرار في السودان للحضور إلى جوبا للاستماع لوجهة نظرهم نحو إنهاء الحرب وسبل تحقيق السلام. وذكر بيان الحرية والتغيير أنه تم الاتفاق على الالتزام بنداء الواجب الوطني والاهتمام بالكارثة الإنسانية التي ألحقتها الحرب بملايين السودانيات والسودانيين وضرورة التصدي لها وتقديم العون الإنساني لهم في كافة أنحاء البلاد. وقالت إن الرئيس كير، أكد استعداده الاستمرار في استقبال العون الإنساني عبر جنوب السودان بالتنسيق مع الوكالات الوطنية ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى. كما أعلنت الاتفاق على العمل المشترك لتوحيد المنابر والمبادرات المتعددة في تكامل بين منبر جدة والإيغاد والاتحاد الإفريقي ومبادرة دول الجوار التي انطلقت من القاهرة في شراكة إقليمية ودولية لا تكتفي بإنهاء الحرب في السودان، بل تمتد إلى إعادة الإعمار وخلق مناخ إقليمي ودولي للسلام والاستقرار. فيما يتعلق بالعملية السياسية، ذكر البيان أنه تم التأكيد على عملية سياسية تنهي الحرب وتؤسس لنظام مدني ديمقراطي، على أن يتم الاتفاق على أطرافها وأجندتها وموعدها، بجانب السعي لتطوير العلاقات المشتركة والوصول إلى رؤية شاملة لوقف وإنهاء الحرب في السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست