Quote: Asma Taha 5 Tage · في وداع كمال الجزولي فقدنا في هذا اليوم الخامس من نوفمبر 2023 علما من أعلام بلادنا في الفكر والثقافة والقانون. فقدنا ونحن نعاني أوجاع هذا الشتات ومراراته، الأستاذ كمال الجزولي. سيدخل كمال الجزولي تاريخ بلادنا المضطربة هذه كواحد من أعمدة التنوير وكمناضل صلب العود شديد المراس. نحن جد محزونين لفقد هذا الإنسان النبيل، الودود، حلو المعشر، متقد الذهن. لكن عزاءنا أنه عاش حياة عريضة، خصبة، منتجة، متعددة الوجوه والمشارب. صنف كمال الكتب، وكتب المقالة الصحفية، والأوراق العلمية، وقرض الشعر، بل وعاش الشعر. كما كتب العمود الصحفي، وجاءت "روزنامته" الشهيرة مقدمة نمطا مفكرا، شيقا، ومؤنسا، في هذا الفن من فنون الكتابة الصحفية. بل جعل كمال من روزنامته منبرا يطل من خلاله كتاب آخرون من أصدقائه. ربما لم يبلغ كاتب سوداني ما بلغه كل من منصور خالد وكمال الجزولي في المثابرة، والحرص على التدقيق والتجويد، وغزارة الإنتاج. لقد قدم كمال الجزولي للكتاب، وخاصة الكتاب الشباب، الذين أضر بهم وظلمهم تعليم الإنقاذ، فساد وسط كثيرين منهم الإهمال في الكتابة، وشاعت في كتابتهم الأخطاء النحوية، نموذجا رفيعا في توقير اللغة، والاحتفاء بها، والحرص الشديد على سلامتها. فكمال يقوم بتشكيل حروف كلماته حرفا، حرفا، ليؤمن لها القراءة السليمة، وليتعلم منها من يريد تحسين معرفته باللغة. رغم اشتغاله بالعمل القانوني كمحامي مرموق وما تستغرقه مثل هذه المهنة من وقت، بلغ كمال بنفسه، في الزمن القليل المتاح له، مرتبة الكاتب المحترف. نحن محزونون لرحيل كمال الجزولي فقد كان ركنا ركبنا وقمرا مضيئا في عوالمنا التي أخذت تتقلص وتعتم بل وتحترق. رحل كمال غريبا عن وطنه، مثلما رحل صديقه وصفيه عبد الرحيم ابوذكرى، ومثلما رحل محمد الفيتوري، ومثلما رحل الطيب صالح، ومثلما رحل غيرهم من مبدعينا الذين التقمتهم المنافي بفعل ممارسة العسكر للسياسة. وممارسة العسكر للسياسة لا يأتي منها سوى الخراب والدمار. وددنا لو أننا كنا في تشييعك لا في المنفى وإنما في امدرمان التي عشقت. وددنا لو ضمت رفاتك الطاهرة مقابر أحمد.شرفي بجوار أسلافك، الذين طالما تغنيت بأمجادهم، ولكن الخير فيما اختاره الله، وأينما تولوا فثم وجه الله. نسأل الله العلي القدير لك القبول وحسن الوفادة بين الصالحين المجتبين الأخيار. ولنسربل نعشك الطاهر في وداعنا لك وأنت تخطو نحو برزخك البهي، بذكر الله، وبنور نبيه، وبدعوات الصالحين، ثم بكلمات الفيتوري المشرقات: في زمن الغربة والارتحال تأخذني منك وتعدو الظلال وانت عشقي حيث لا عشق يا سودان، إلا النسور الجبال لمن ترى اكتب أغنيتي؟ حيث لا مقياس إلا الكمال إن لم تكن أنت الجمال الذي يملأ كفي فيفيض الجمال يا شرفة التاريخ يا راية منسوجة من شموخ النساء وكبرياء الرجال سلام على كمال الجزولي يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا، وإنا لله وإنا إليه راجعون. النور حمد، وأسماء محمود محمد طه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة