يا أخوانا الحل شنو؟ بقلم محمود ميسرة السراج

Quote: يا اخوانا الحل شنو ما هو الحل؟ لا اتحدث عن الحرب انما عن الجوع.. كل يوم نسمع امرأة كبيرة ماتت من الجوع.. عن اسرة باطفالها وشيوخها تنتظر الآن مصيرها المحتوم بعد ان جف الزرع والضرع وما عاد في مطبخها الصغيرة لقمة تسد الرمق.. لن استخدم عبارة لازم تقيف ولا بل بس لكن الموت جوعا في قلب الخرطوم بين مقرن النيلين شئ محزن ومبكي.. يا الله من هذا القهر.. بعد شهر من الحرب عرفت ان الدكتورة التي كانت تعالج والدتي ماتت داخل منزلها في احد أرقى احياء الخرطوم هي واختها من الجوع..ثم توالت المآسي.. في اي حرب في الدنيا تكون هناك هدن انسانية.. هدن لا تحتاج لمنبر جدة ولا للأمم المتحدة ولا الاتحاد الافريقي.. هدن يعقدها القادة الميدانيون مع بعضهم البعض.. هدن قصيرة لدفن الموتى، لادخال الطعام الى منطقة ما، لاجلاء الجرحى والمرضى للمستشفيات القريبة، لاصلاح محطة المياه التي تعطلت او محول الكهرباء الذي يغذي منطقة ما.. هدن انسانية واخلاقية من بشر اسوياء، بشر يتمتعون بالحد الادنى من الانسانية والاخلاق.. لماذا السودان هو الدولة الوحيدة في العالم التي يتحارب فيها الناس بلا ذرة من الاخلاق.. في ليبيا في عز الحرب وطرابلس محاصرة من قوات حفتر كان البنك المركزي في طرابلس يرسل مرتبات الناس في بنغازي وتاجوراء والخمس وسبها ومصراتة..يرسلها حتى لجنود حفتر الذين يحاصرون طرابلس.. في اليمن نفس الشئ، الحرب كوم ومعاش الناس ومرتباتهم كوم آخر.. وبعد ثمان سنوات من الصراع في كل من ليبيا واليمن لا تزال الحرب كوم ومعاش الناس ومرتباتهم كوم آخر.. في سوريا بينما كانت حلب مقسمة الى قسمين، قسم تسيطر عليه جبهة النصرة والجيش الحر وجزء يسيطر عليه جيش النظام.. وبرغم البراميل المتفجرة كان المعلمون ينتقلون بين شطري حلب لتقديم ومراقبة امتحانات الثانوية والاساس للطلبة في كلا الجانبين.. هنا في السودان والحرب تدخل شهرها الخامس لم يصرف احد مرتبه.. اعرف رب اسرة عنده محلات في سعد قشرة ومحلات في مول عفراء.. رجل مقتدر والحمد لله.. من اول اسابيع الحرب احترق سوق سعد قشرة واحترقت معها محلاته واحترق مول عفراء واحترقت معها محلاته.. بين ليلة وضحاها اصبح على الحديدة واصبح نشاطه خلال هذه الشهور الخمسة هو ان يهرب باسرته من حي اشتدت فيه المواجهات الي حي اكثر امنا وهكذا حتى الآن.. جفت مدخراته وغابت الفئران عن منزله وهو الآن كملايين السكان من اهل الخرطوم القابعون تحت السراير والقذائف تمر فوق رؤوسهم اسقط في يده تماما.. كاذب من يقول ان الخرطوم خالية من سكانها.. ما زال ملايين الخرطوميين موجودين في منازلهم او منازل اقربائهم او في مدارس فتحت ابوابها لهم بعد ان هجروا من بيوتهم.. نعم ملايين لا يمتلكون ليس قوت يومهم فقط بل حتى لا يمتلكون ثمن تذكرة باص تخرجهم من هذا الجحيم.. لا اريد ان اتحدث عن اخلاقيات الحرب فاخلاقيات الحرب عندنا غائبة تماما فمن اوجب اخلاقيات الحرب ان لا تدور وسط الاحياء السكنية، ان لا تقصف الاحياء السكنية لا بالمدافع ولا بالطائرات.. هذا من ابجديات الحرب.. قبل يومين استمعت لقائد اوكراني يحتفل باستلامهم من امريكا والمانيا لهاوزرات تعمل باحدث انظمة الضبط الكومبيوترية.. قال سعيدا راجماتنا القديمة وصواريخ الكاتيوشا والهاونات التي كنا نستخدمها كانت تستخدم فقط في مسح المربعات الكاملة للعدو لانها غير دقيقة لذلك لم نكن نستخدمها في المناطق المأهولة.. الآن نستطيع الوصول للروس اينما اختبئوا ونحن مطمئنين ان المدنيين لن يتأثروا... ما لم يعرفه هذا القائد الاوكراني اننا هنا في السودان نستخدم ذات الاسلحة التي تمسح مربعات كاملة دون ان نتعب انفسنا اصلا بالسؤال عن وجود مدنيين او غير مدنيين.. نعم.. سيكتب التاريخ ان السودانيون خاضوا حربا بينهم هي واحدة من اكثر الحروب لا اخلاقية.. ورغم كل هذا فانا لن اتجرأ بالحديث عن الاسلحة المباح استخدامها في المناطق المأهولة وتلك التي تستخدم في النقعة.. ساتحدث فقط ان هؤلاء المدنيين المحاصرين بين كل تلك الاسلحة والذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب والذين استيقظوا ذات صباح ليجدوا انفسهم مشردين من بيوتهم منفيين في البلاد البعيدة عالقين في المعابر مختبئين خائفين في مناطق الصراع، هؤلا من ابسط حقوقهم ان يستلموا مرتباتهم، ان تدخل اليهم المساعدات، ان تعود ارفف دكاكين الاحياء الصغيرة مرة اخرى لتحمل قليلا من العدس والطحين والارز، ان يتوفر للمريض فيهم علاج في احد المشافي وان تتوفر للميت منهم دفن يليق بآدميته.. محمود ميسرة السراج 😓

Quote: ملايين السكان من اهل الخرطوم القابعون تحت السراير والقذائف تمر فوق رؤوسهم اسقط في يده تماما.. كاذب من يقول ان الخرطوم خالية من سكانها.. ما زال ملايين الخرطوميين موجودين في منازلهم او منازل اقربائهم او في مدارس فتحت ابوابها لهم بعد ان هجروا من بيوتهم.. نعم ملايين لا يمتلكون ليس قوت يومهم فقط بل حتى لا يمتلكون ثمن تذكرة باص تخرجهم من هذا الجحيم..