/ من ذاكرة أشريفنا الأصفر: اتفَضَّل*Itfaddhal*/

*Itfaddhal*"*إتفضل*"
يقول الراوي عنوان أثار فضولي على ورقة تتٍ خريفية يابسة
وجدتها تترنح في مهب الريح بالسفارة السودانية في لندن الواقعة في
ضاحية كليفلاند رو بالقرب من القصور الملكية، كان ذلك في العام ١٩٨٨
فدفعني الفضول لقراءة المقال الذي كتبه سائح بريطاني كان في رحلة سياحية
طويلة بدأها منجنوب السودان إنتهاءاً بالقاهرة حكى فيها تفاصيل الرحلة
و ما شاهده و ما أثار إعجابه من كرم سوداني أصيل لا يشوبه رياء

+ وحكي عن كافة أصناف الأطعمة التي تناولها على بساطتها و لكنها كانت
بالنسبة له فاخرة و كأنها من موائد القصور .. فكلما مر على قوم من السودانيين يسمع منهم
بصوت جماعي "إتفضل" و لم يفهم المعنى إلا باشارتهم له بالحضور إلى مائدتهم و منهم من
يقم ليجلبه بيده ليتناول معهم طعامهم باريحية لم يجد مثلها في حياته .. واستطرد السائح في وصف
الأكلات من السمك الناشف " الكجيك" والمرراة وأم فتفت و الفول والعدس و العصيدة و القراصة
و الملوحةو التركين و الشربوت تمر البركاوي امُحفف مع فول الحاجَّت السوداني، و كثير من
الأطعمة التي لم يتناولها في حياته من قبل و كيف أنه استمتعبها أيما استمتاع، حيث في بعض
الأحيان يكون جائعاً جداً، و علم تماماً ماذا تعني كلمة "إتفضل" في القاموسالسوداني، هذه
الكلمةا التي أحاطت به طوال رحلته في كافة محطاته على اختلاف اللهجات و السحنات،

+ حتى وصل الى وادي حلفا التي تناول فيها القراصة
و التركين بسحر كلمة "اتفضل" ، و تيقن تماماً أن هذا الشعب يحمل
في جيناته هذا الكرم الأصيل على إمتداد خريطته الجغرافية، فحمل كل
ذلك الموروث في ذاكرته البيضاء الغارقة في الماديات، و لم يجانبه
شك في أن هذا الشعب البسيط شعباً استثنائياً .. ثم استطرد قائلاً أنه
ودّع هذا البلد الطيب ثم امتطى باخرة نيلية الى أسوان .

و منها عبر الى كل المحافظات المصرية حتى و صل إلى القاهرة
و لم يسمع هذه الكلمة الساحرة التي أثارت شجونه، حينها علم أن هذه أمة و تلك
أمة و ما بينهما "إتفضل" و حتى وصل القاهرة و كان قد بلغ الجوع منه مبلغاً عظيماً
فقصد مطعماًشعبياً يشبع فيه جوعه، و ما أن دخل المطعم فوجد سودانياً معتمراً عمامته
فقصده ليس لأنه لا يملك كلفة الطعام و لكن ليتأكد من تلك الأصالة التي التصقت بذاكرته
كالوشم، فقال السلام عليكم بلكنة الخواجات فما كان من السوداني إلا أن قال له :"إتفضل"
و قام و اجلسه معه ليشاركه مائدته المتواضعه، فجلس هذا السائح يأكل مع "أبو عِمّة"
و يغالب دموعه التي لم تحتشم مما أدهش السوداني الذي ظن أن هناك خطأ ما
.. فقام بطلب المزيد من الطعام .. فلم يستطع الخواجه شرح سر دموعه
لتعذر لغة التواصل بينهما.. فكان رد الخواجة في هذا المقال.
الذي كتبه في احدي الصحف البريطانية!!

*ديباجة أخيرة *
* هل ما زالت "اتفضل" حاضرة الآن في السودان الجريح؟!
انا شخصيا اقول لن تختفي مادام على وجه الارض سوداني
وإن كان طفلاً و فيه طقَّاق عرق ينبض بإكسير الحياه.

نتمنى و ندعو موقنين بالإجابة يا حيدر أنها
ونفضل نحنا زي ما نحنا , لا تلقى الزمن غير ملامحنا
وأنا الصابر على المحنة .. سنين مرت . . ومروا سنين
..وبراك عارف وبي ادرى ..والحال ياهو نفس الحال
وفي جواي صدى الذكرى .
+ وليس معنى ذلك أن نزعم و ندعي مغالين بأننا ملائكة السماء
الذين يمشون على الارض مطمئنين هونا و إذا خاطبهم الجاهلون
قالو سلاماً . بل بالعكس بقدرما أهنا لنا ما لنا ، فعلينا ما ع لينا من
الهنات والعدت النشاز , بالذات الشعور بالدونية ، كأحد أثقل أعباء
الأحاسيس الملازمة التي يمكن حملها في حياتنا اليومية. تتجسد بالشعور
الوهمي الدائم بأنك مشتتٌ بحيث لا تستحق ما تناله، وأنك لستَ أهلاً لأن
تنعم بما أنت فيه أو لستَ ماهرًا و ذكيًا بما يكفي لمواكبة الزمن و غير
ذلك الكثير من نواقض الوضوء الأخرى التي تعيق أهليتنا للفرص
الرائعة التي تتيحها لنا الأقدار ، و ما يلبث سمتنا السمح أن ينقلب
وبالاً علينا في كثير من الأحيان، حيث بات قانون الاقتصاد
سائدٌ في كل شيء , و لم يعُد هنك مجالٌ لإكلاق كلِّ
شيء على عواهنه عفو الخاطر هكذا ..

+ يعني يا حيدر لو سألنا بشيء من البجاحة
كدا، حتي عادت اتفضل دي زاتا ، هل يجوز تنقال لكلِّ
من هبَّ و دبَّ و طبَّ جاك متلب بي فوق الحوش داير
يحتل مضعج في فراشك؟! كلا بل هي مما ما وردنا المهالك
+ ربما يشفع لنشاز عاداتنا مسلن ، فِي آدَابِ الزِّيارَةِ بوجهٍ خاص
كونها نابعةً عن سلوك عفويٍّ ، و لكن هناك طباعاً تغلب تطبُّعنا بكل
جدارةٍ لتضعنا كَشامةٍ"سوداء" بين الأُمَمِ وتقعد بنا عن ركاب الأمم حتى
النائمة منها على سِكَك حديد التنمية ، ممان حدا بنا لتوسيع رقعة البوست
لنطاقٍ أشملَ لكي نضع سلوكياتنا بما لها وما عليها تحتمشرط النقد
والتفكيكة والتحليل ، و لا بأس بنوعٍ من جلد الذات.
+ و كان جينا للحق هي ما نشاز زاتو لكوننها سائدةًً
ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ بصورة لامن مقززةٍ: فمثالاً وليس حصراً
ﻃﻖ ﻃﻖ ﻃﻖ ﺳﻼﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﻴﺖ..ﺍﻟﺤﺮﻳﻢ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺍﻟﻔﻰ سدرﺍﻟﺤﻮﺵ
ﻗﺎﻣن ﻮ ﻳﺘﻄﺎﻗﺸن ﻭﻳﺘﺠﺎﺭن تقول بالله "جانا كلب سنونوصُفر وحلب
الناقة في السُّنقاقة".ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺟﺮﺕ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻤتﺒﺦ ، ﻭ اﺗﻨﻴﻦ أضايرن انكمدن
ليهن ﺗﺤﺖ فتقة دلقون ﻃﺮﺣﺔ ﺯﻯ ﺍﻟﺼﺎﺑﺔ ﻓﻴﻬﻦ ﻣﻄﺮ بدون بُرَّاق، ﻭﺍﻷﻡ
ﺟﺪﻋﻮ ﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﺏ ﻣﻦ ﺟﻮة ﺍﻟﺒﺮﻧﺪﺓﻭﺧﺘﻔﺘﻮ تتبلم بيه وتلبد . ودا طبعن
ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺇﻧوﺍﻟ عد ا لتازلي ﺑﻴﻦﺍﻟﺼﻔﻘﺔﻭﺍﻟﺪﺧﻮﻝ(1) ﺛﺎﻧﻴﺔً ﻭ(003)
ﻛﺴﺮاً ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧيةدي مجرد نقطة ضوء وجرعة وعي!!

+ ياريتو كلامنا يجيب عقل للناس اللسة
بتشمي فينا لأننا قلوا ما كنا حاسين بالمهشين كما ينبغي
ﺃﻧﺎ ﻣﺘﺄﻛﺪ مامن ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﻔﻮﻕ ﺩﺓ ﻣﻤﻜﻦ ﺣﺼﻞ ﻟﻠﻐﺎﻟﺒﻴﺔالعظمى
و ﺑﻨﻔﺲالإخراج والحبك الدرامي ،ﻭﺑيﺤصل ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ
وفي ارقى مجتمعاتنا ﻋﻠﻰنطاق بلدي يا الجبوب.! ﻣﺴﺄﻟﺔ فيها ﺇﻧﺘﻬﺎﻙٌ
عبثيٌّ صاروخي صارخٌ لحرومات البيوت كأسواً من "إتيانها من أدبارها"
وهتكانٌ غامٌ لغشاوة بكارة ﺨﺼﻮﺻﻴﺔ العوائل، ﻭ قضٌ لمضاجع ربات
الخدور البواكي ودا كلو ﻣﻦ أنشر و أظرط وألعن ﺃﺳﻮﺃ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ
ﻋﻨﺪﻧﺎﻭﺃﻛﺘﺮتفشياً ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻌﻨﻰ.