|
50 يوما من حرب الجنجاكوز وحاكمية ثورة ديسمبر الغالبة
|
04:55 PM June, 05 2023 سودانيز اون لاين محمد حيدر المشرف-دولة قطر مكتبتى رابط مختصر
*50 يوما من حرب الجنجاكوز وحاكمية ثورة ديسمبر الغالبة ولو كره المتحاربون*
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة مداميك
محمد حيدر المشرف
”هناك حقيقة يجب الاعتراف بها وهي أن الأشرار دائما يتحدون ويقفون صفا واحدا رغم ما في نفوسهم من كراهية لبعضهم البعض, أما دعاة الخير فهم متفرقون, وهذا سر ضعفهم“.
بيرتراند راسل
يتوجب علينا – وفي موعدٍ أقصاه الآن- أن نؤمن إيمانا قاطعا أن مرجعية ثورة ديسمبر هي المرجعية الأساسية والحاكمة والناظمة للواقع الوطني أيا كانت الوجهة التي تقود إليها هذه الحرب العبثية. ويجب أن تمثل هذه المرجعية الحاكمة الاساس الفكري والتصور النظري والواقع الفعلي والمعادل الموضوعي لفكرة عدم التفريط في ثورة ديسمبر المجيدة.
طورت قوى الخير في السودان (قوى ثورة ديسمبر المجيدة) موقفا يكاد يكون تلقائيا برفض الحرب منذ اندلاعها صبيحة 15 أبريل المشؤوم... ولا يمكننا هنا إطلاق هذا التوصيف دونما تقييد. فلقد كان لبعض القوى الخيرة في السودان موقفا ايجابيا تجاه المؤسسة الرسمية للقوات المسلحة السودانية, سواء كان ذلك بوعي تام منهم بطبيعة التركيبة العقائدية السائدة داخل هذه المؤسسة, أو قناعة شبه تامة بوجود بعض الخير المتبقي في هذه المؤسسة العسكرية الفاسدة...
تجدر الإشارة هنا لتمييز دقيق يجب إدراكه بين الانحيازات والتفضيلات الذاتية بين طرفي الحرب, والتي قد نجد أنفسنا متورطين فيها لأسباب عديدة ومتباينة, وبين الموقف الرافض للحرب كموقف أخلاقي وقيمي ومبدئي من ناحية, وسياسي وثوري من ناحية أخرى.
هذا التمييز ضروري وحاسم في إطار تخليق إطار واسع يقبل الانحيازات والتفضيلات الذاتية بين طرفي النزاع داخل الموقف المبدئي و الأولي الرافض لهذه الحرب. والمسالة ليست مستغربة لو تأملناها جيدا, بل شديدة الواقعية كذلك, فالإنسان المنتمي لثورة ديسمبر حقا لم يدعو ابدا للحرب, لأن ذلك يمثل تناقضا أساسيا مع الطبيعة الجوهرية السلمية للثورة وبالتالي إنسان ثورة ديسمبر (الممتاز) هو انسان رافض للحرب بالضرورة.
أما وقد وقعت الحرب فعلا وواقعا فلكل تقديره داخل الاطار المبدئي بشرط العمل المشترك لتطوير الموقف التأسيسي الرافض للحرب ثوريا وسياسيا لفرض مرجعية ثورة ديسمبر الحاكمة والناظمة للواقع الوطني ايا كانت الوجهة التي ستؤول إليها هذه الحرب العبثية.
ببساطة شديدة, وكمثال ليس إلا.. أنا أرفض هذه الحرب تماما, ذلك لا يمنعني أبدا, بعد وقوع الحرب, أن أفضل إدارة صراعي الأساسي في مآلات محتملة لهذه الحرب ليس من ضمنها انهيار الجيش السوداني على سبيل المثال, او احتلال جنجويدي تام للوطن .. هذا موقف تفضيلي يخصني وتفضيلاتي لموطئ قدمي في الصراع الاساسي, والشاهد هنا أن هذا الموقف لا يمنعني من العمل والنضال الثوري تحت الموقف المعلن لثورة ديسمبر والقائل ب (لا للحرب)
وفي كل الأحوال يمكننا الآن طرح الحقيقة الأهم على الإطلاق, وهو أن موقف (لا للحرب) هو موقف ثورة ديسمبر المجيدة. وبالتالي يكون ذلك موقفا تأسيسياً ملزما لقوى الثورة في واقع الحرب أولا. وممتلكا القدرة التامة والقوة اللازمة لفرض مرجعية ثورة ديسمبر على أي واقع قد تفضي إليه هذه الحرب العبثية. وشرط ذلك الوحيد هو أن تقوم قوى الثورة (وهو فرض عين حتى على مستوى الافراد) بتطوير وبلورة هذا الموقف التأسيسي الصارم بعمل جماعي لكل قوى الثورة بمختلف أطيافها وتياراتها وفئاتها.
هذه مهمة وطنية عليا, هذه ليست تفضيلات تدور في مستويات خلاف ادنى من التهديد الوجودي الذي نعيشه بالفعل, وأمامنا الآن تتغير طبيعة الحرب بريزم يكاد يكون يوميا, نحن على بعد أقل من لحظة تاريخية واحدة نحو الحرب الاهلية والقتل على الهوية والنهب المسلح والفوضى الشاملة والمآسي الانسانية العظيمة التي سيتعرض لها شعبنا وسيرزح تحت وطأتها لسنوات قد تطول لعقود من الزمان الذي لن يكون في نهايته هذا الوطن كما تعودناه.
اي كيان ثوري او سياسي أو مهني او فئوي او يا كان, لا ينتظم داخل هذا الإطار التأسيسي الرافض للحرب والساعي لتكريس هذه المرجعية العظمى لثورة ديسمبر. ولا يساهم في تطويره ولا يقبل بمنتجاته الجماعية والتي حتما لن تأتي لنا بالمقاس الذي نريد, ولا ينتظم في هياكله التنظيمية, ولا يتبنى خطابه الثوري الجماعي المتنزل عن قيادة جماعية. أقول, أي جهة تفعل ذلك, و في هذا الواقع المزري جدا حد المأساة, فهي او هو ببساطة تكرس او يكرس لفقدان هذه المرجعية الاساسية للثورة بكل المعاني التي حملتها والدماء التي روتها والأحلام الوطنية العظيمة التي صاحبتها مذ كانت مواكبا صغيرة تجول في شوارع النضال.
كل من لا يرتضي العمل الجماعي لإنهاء هذه الحرب تماما وتجريد اطرافها من ادنى قدر من الشرعية أو الصواب الوطني سيتحمل مسؤولية تاريخية ثقيلة بتفتيت وإضعاف ثورة ديسمبر في اكثر المراحل حساسية على الإطلاق.
يجب علينا كذلك أن نفهم تماما مدى قوة وسطوة هذه الثورة العظيمة, وأن نؤمن تماما بحتمية إنتصارها. ويكفي أننا لو تأملنا قليلا في أسباب هذه الحرب العبثية سنجد مدى قوة هذه الثورة العظيمة في احداث التناقضات الأساسية داخل الكتلة الاسمنتية الصماء للدولة الشمولية بتمظهراتها العسكرية الأمنية البوليسية العقائدية, وسنجد فعلها في زرع التناقضات الأساسية داخل نواتها الصلبة ما يفضي لتفتيتها حتما.
وما هذه الحرب بالفعل إلا بين مكونات دولة الانقاذ البغيضة وقد بدأت رحلة تفتتها صبيحة 11 ابريل 2019 مرورا بصبيحة 15 أبريل 2023, وهي برسم الوصول لأهداف وغايات ثورة ديسمبر المجيدة. هذا هو التاريخ الطبيعي للثورة لو كانوا يفقهون.
لا يجب أبدا أن نسمح لمن سيتبقى من طرفي النزاع من الكيزان أو جنجويدهم بأدنى قدر من الاستفادة من مآلات هذه الحرب, وليعلم الذين يتحاربون الآن علم اليقين أنهم لن يجنوا من حربهم هذه إلا ما ابتلتهم به الحرب من الخسران الوطني والأخلاقي والمادي المبين. وبهذا سيفرض الشعب على الطرفين إنهاء هذه الحرب العبثية كما يصفون.
يجب أن تكون هذه وجهتنا الوحيدة , ويجب أن تكتسب هذه الوجهة القوة اللازمة للوصول إليها, ولا يكون ذلك الا بتجميع وتحشيد كل قوى الثورة, وكل الذين في أحزانهم وطن, و كل الصامدين في الداخل, و كل الشتات السوداني العظيم, كلنا جميعا في جبهة او كيان ثوري واحد متحد قوي وقادر على بلورة موقف (لا للحرب) بصورة فكرية وتنظيمية ونضالية مبدعة وملهمة وبخطاب ثوري وطني واضح ومتجاوز حتى للحرب وحاكم في المستقبل و مطروح للجمعية العمومية للشعب السوداني كبديل قوى وممكن وقادر فعلا على إنقاذ الوطن من هذا المصير الوطني المظلم لحرب الجنجاكوز.
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة مداميك، لقراءة المزيد قم بزيارة... https://www.medameek.com/؟p=122992https://www.medameek.com/؟p=122992 .
|
|
 
|
|
|
|