* الخرطوم التي تغنى بها الشعراء والمغنيين غزلاً وحباً وانتماء، ظلت لمئات السنين تحتفظ بمكانتها في مخيلة السودانيين مثل حسناء وقور تفترش الحرير في أرضٍ تتمدد تحت ظل عناقٍ حار بين نهرين أمسكا بجلباب أبيهم النيل العظيم بعد وعثاء الأسفار البعيدة!! * ها هي الحرب الرعناء تجبر الحسناء لطي حرائرها، تدفعها لفرار من وهدتها الحالمة دون أن تجد برهة لغسل ضفائرها من طين الكوابيس ووحل الغيبوبة الكبرى!! * تسللت الحرب سريعاً لطمس ملامح الخرطوم الجميلة، مثل جرثومة عنيدة تأبى الفناء تحت وقع كل المضادات الحيوية!! * يتمدد الآن الإعياء المميت على جسد الحسناء البتول، ينهش روعة اشراقاتها القديمة، ويمتص نضارتها وذكرى أيامها المخملية!! * لا الشعراء ولا المغنيين ولا العُشاق القدامى، يستطيعون التعرف الآن على ملامح الخرطوم التي تتجرع الآن "نقيع" البارود وتتمسح من "حنوط" الاحتضار المخزي!! * في ذات غفلة بائسة، ها هي مراويد " الباشبوزغ " الحيارى، تمزق ضفائرها وتُطيرها مع أعاصير الرياح مثل شظايا لا تقبل غير قوانين التناثر المطلق!! * وعلى فراش البؤس والخذلان، يتعرى الآن جسد الخرطوم الحبيبة في كامل شحوبه وتساقط هيبة جماله ، بينما نظراتها المكسورة تبحث عن تلك القلوب المجنونة بالحب القديم !! #لا_للحرب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة