الموت ليس بزائر غريب: انا لله وانا اليه رجعوان تعدد الاسباب والموت وواحد الفقد كبير فى الاخ الرائع عثمان موسى الذى كتب قبل اربعه ايام عن الموت وعن الجثثث وعن مايدور فى السودان وحقيقه الموت هى انه قد يبدو الموت وكأنّه زائر غريب يطرق أبوابنا فجأة ليختطف أحدنا مع أنّه ليس بالوافد وليس بالغريب فهو يعرفنا بقدر جهلنا به أو تجاهلنا له. فنحن نعيش ظاهرة الموت في كلّ لحظة وحين، فكلّ خلايانا تحمل كتاب موتها المبرمج فتموت الملايين منها لتبرز ملايين أخرى في توازن بديع بين نظامي الموت والحياة وعمليّات الهدم والبناء وقد يختلّ التّوازن وينهار أحد النّظامين لينتصر الآخر. "يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ" (سورة الروم، الآية 19). أمّا أجسادنا فهي منتظمة بذاتها في تنفّسها وخفقان القلب وكلّ العمليات الأيضية والحيويّة وقد يختلّ نظامها بتدخّلنا الفجّ وفي حالات أخرى قد تتعطّل الوظيفة بلا سابق إنذار، تلك الأجساد الّتي تستنزف وتجهد في النّهار فتحتاج إلى قسط من الرّاحة في اللّيل ليخمد الشّعور والإدراك ويهيمن اللاّشعور فتتحرّر الأرواح وتعرج متحدّية المكان والزّمان. هي موتتنا الصّغرى اليومية المتواترة مع حياتنا الصّغرى في عمليّة تدرّب واستحضار لتلك الكبرى وكأنّها تنذرنا بأنّ حياتنا الدّنيا الفانية ليست سوى جسر عبور نحو أخرى خالدة. "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (سورة الزمر، الآية 42). فالحياة مهما ازداد بريقها وعظم جمالها فلن يتحقّق مقصدها إلاّ بالتنبّه لحقيقة زوالها وتغييب ذلك يسقطنا في سوء مآلها. وكأنّ الحياة حلم لا تتجاوز مدّتها تلك الثّواني الّتي نستغرقها في الحلم، وكأنّ الموت يوقظنا من ذاك الحلم لنكتشف بأنّنا لم نبلغ نهاية القصّة بل هي مجرّد البداية. إنّ التركيز الممنهج على الحياة وتجاهل الموت حوّلها إلى وهم وسراب فلا يوجد وهم نتعامل معه كأنّه حقيقة كما الحياة ولا حقيقة نتجاهلها ونتعاطى معها كأنّها وهم كما الموت. أنّ نحبّ الحياة فذاك مفروض ومطلوب لكن دون تناسي منيّة قد تأتي دون ميعاد بمبدأ اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا. واجب علينا أن نعرف كيف نحيا ومن الواجب أيضا أن نعرف كيف نموت، فاستذكارنا واستحضارنا لحقيقة الموت يجعلنا ضرورة نستوعب حقيقة الحياة لتفادي الزلّات والمطبّات ولنكن على استعداد لرحيل أكيد هو آت زادنا فيه ما جمعناه من حسنات.
04-24-2023, 03:43 AM
معاوية المدير
معاوية المدير
تاريخ التسجيل: 03-24-2009
مجموع المشاركات: 14411
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة