زمة وطنية في سياق متصل، قال الباحث في التاريخ الاجتماعي عبدالله رزق، إن "ظاهرة ستات الشاي هي أحد مظاهر الأزمة الوطنية الشاملة التي تعانيها البلاد، لا سيما في شقها الاقتصادي، لتندفع جمهرة واسعة من النساء، في العاصمة والأقاليم إلى ارتياد سوق العمل للمساهمة في حمل بعض من عبء كلفة المعيشة المتصاعدة، لكن الكثرة من تلك الجمهرة لم تنل تأهيلاً أو تدريباً كافياً، ما جعل امتهان صناعة وتجارة الشاي خيارهن الوحيد، وكذلك بيع الطعام. وأشارت الإحصاءات التي أجريت في العقد الماضي إلى وجود الآلاف من النسوة في سوق الشاي في العاصمة والولايات، لكن الدراسات كشفت عن وجود جامعيات وبعضهن يحملن شهادات عليا بجانب خريجات الثانويات اللاتي قذفت بهن البطالة إلى هذا الميدان". وأضاف رزق أن "ازدهار سوق الشاي يؤشر إلى الحاجة الطبيعية لتعاطي المشروبات الساخنة خارج المنازل، بالتالي إحداث زيادة ملموسة في استهلاك السكر، وربما ارتفاع فاتورة استيراده، يدل من ناحية أخرى على ارتفاع الدخول المتأتية من بيع الشاي، التي تزيد أحياناً عن دخول بعض شرائح العاملين في القطاعين العام والخاص"• "الشاي" الثابت الوحيد في عالم غيرته الرأسمالية دعم وتكريم وزاد الباحث السوداني أن "ستات الشاي حلت محل القهاوي التي أغلقت أبوابها بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، وفي وقت أصاب الجفاف الحياة الاجتماعية والثقافية، بدءاً من إغلاق دور السينما، وأصبح محل ستات الشاي يقوم مقام القهوة نهاراً، لأن الجلوس في الكافتيريات مع الأصحاب والأصدقاء بات مكلفاً، بسبب غلاء الخدمات، ونلاحظ ارتياد الشابات برفقة زملاء العمل أو الدراسة أمكنة شرب الشاي والقهوة التي تديرها نساء. ويقوم المحل بوظيفة النادي مساء، ولغياب المظلات في ساحات العاصمة وشوارعها وغيرها من مدن السودان، أصبح محل ست الشاي هو محطة لقاء أو انتظار، مثلما بات عنواناً لمن لا مكان له، مثل السماسرة والتجار المتهربين من الضرائب". وأردف أن "عديداً من ستات الشاي، في مقدمتهن حليوة، ووارغو، وحواء وغيرهن، نلن شهرة، حيث يتوافد على أمكنتهن ساسة وصحافيون ومثقفون، ولأن وراء كل ست شاي تقريباً قصة أو تراجيديا من نوع ما، عملت الصحف تحقيقات عنها. وأصبحت ستات الشاي يحظين باحترام واسع في مختلف الأوساط الاجتماعية ويجدن التعاطف في مواجهة الحملات التي تقوم بها السلطات المحلية ضدهن بين الحين والآخر، وتوثق الصحافة كفاحهن في تعليم أبنائهن، واحتفت وسائل الإعلام بالنجاح الباهر الذي أحرزته ابنة إحدى بائعات الشاي العام الماضي في الشهادة الثانوية، كما قدمت منظمة تطوعية ست شاي لقص الشريط التقليدي إيذاناً بافتتاح منشأة صحية شيدتها في مستشفى الخرطوم". وتابع رزق أن "ست الشاي هي رمز كفاح لا هوادة فيه ومغالبة لكل الظروف غير المواتية من أجل الكرامة والعيش اللائق. (من تحقيق للزميل عثمان الاسباط نشرته جريدة اندبندنت عربية).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة