كنت في ديار بالجوى اعرفها وهي ايضا بالجوى تعرفني ,ديار الود اللا مقطوع واللا ممنوع اينما ذهبت يلاقيني في الشوارع في المطارات في الاسواق المزدحمة في الازقة وفي المكاتب الغارقة حتي الاذنين في الروتين. ولكن سريعا لابد في النهاية من مجئ لحظة الفراق علي نهج ابينا ادم الذي علمنا مفارقة الجنان,فانتزعت نفسي انتزاعا من هذه المدن وفي النفس شيئا منها ودلفت الي المطار اسحب حقيبتي ورائي وانا احس بالخجل من هذا الرحيل والهروب غير الماذون .ومرت الايام كالخيال احلام وتلك اياما سقاها الله من ماء الكوثر وتلك اياما لن اتذكرها ابدا لانني لن انساها. انا ياسادتي لست الطيب صالح الذي عاد الي اهله بعد غياب سبع سنوات علي وجه التحديد غاب عنه فيها الكثير وتعلم فيها الكثير واشارت اليه والدته ليذهب الي هؤلاء ليهنئ ويذهب الي اؤلئك ويعزي . انا ياسادتي لست علي المك الذي حكي له خاله علي سليمان عن تفاصيل الحياة في امدرمان يوم بيوم خلال فترة غيابه في بلاد الفرنجة طلبا للعلم والمعرفة . انا ياسادتي لست سيد احمد الحردلو الذي عاد الي ناوة عقب احداث يوليو الحزينة وقد تم طرده من السفارة والخدمة . جئت اليك ياناوة بلا جاه ولا سلطان جئت اليك ياناوة وليس معي سوى اشعار سوى احزان . انا ياسادتي لست قبريال قارسيا ماركيز عندما عاد الي قريته بعد غياب دام عشرون عاما والقى علي خرابها النظرة الاولي وقال لقد تحول كل شي فيك الي ادب. انا ياسادتي غبت مدة 47 يوما من المنبر علي وجه التحديد لم اتعلم فيها شيئا ولم انسى فيها شيئا حالي كحال اغنياء البوربون في فرنسا اللذين لم يتعلمو شيئا ولم ينسو شيئا. صحابي اهل المنبر عفوا ان حولت في هذه العجالة ان اخطف من كل بستان زهرة ومن كل محيط قطرة ومن كل وقد جمرة . والله مشتاقين..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
احمد حماد ادريس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست