اشتهرت هذه العبارة في السودان بعدما اتخذها الأستاذ محمود محمد طه عنوانا لمنشوره الشهير في ٢٥ ديسمبر ١٩٨٤ والذي حوكم واغتيل بسببه في صبيحة الجمعة ١٨ يناير ١٩٨٥ بسم الله الرحمن الرحيم هـــذا .. أو الطوفـــان !! (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .. واعلموا أن الله شديد العقاب) صــدق الله العظيم غايتان شريفتان وقفنا ، نحن الجمهوريين ، حياتنا ، حرصا عليهما ، وصونا لهما ، وهما الإسلام والسودان .. فقدمنا الإسلام في المستوى العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة ، وسعينا لنرعى ما حفظ الله تعالى على هذا الشعب ، من كرايم الأخلاق ، وأصايل الطباع ، ما يجعله وعاء صالحا يحمل الإسلام إلي كافة البشرية المعاصرة ، التي لا مفازة لها ، ولا عزة ، إلا في هذا الدين العظيم .. وجاءت قوانين سبتمبر 1983 ، فشوهت الإسلام في نظر الأذكياء من شعبنا ، وفي نظر العالم ، وأساءت إلى سمعة البلاد .. فهذه القوانين مخالفة للشريعة ، ومخالفة للدين ، ومن ذلك أنها أباحت قطع يد السارق من المال العام ، مع أنه في الشريعة ، يعزر ولا يحد لقيام شبهة مشاركته في هذا المال .. بل إن هذه القوانين الجائرة أضافت إلى الحد عقوبة السجن ، وعقوبة الغرامة ، مما يخالف حكمة هذه الشريعة ونصوصها .. هذه القوانين قد أذلت هذا الشعب ، وأهانته ، فلم يجد على يديها سوى السيف ، والسوط ، وهو شعب حقيق بكل صور الإكرام ، والإعزاز .. ثم إن تشاريع الحدود والقصاص لا تقوم إلا على أرضية من التربية الفردية ومن العدالة الاجتماعية ، وهي أرضية غير محققة اليوم .. إن هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد ، وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب و ذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب .. إن من خطل الرأي أن يزعم أحد أن المسيحي لا يضار بتطبيق الشريعة .. ذلك بأن المسلم في هذه الشريعة وصي على غير المسلم ، بموجب آية السيف ، وآية الجزية .. فحقوقهما غير متساوية .. أما المواطن ، اليوم ، فلا يكفي أن تكون له حرية العبادة وحدها ، وإنما من حقه أن يتمتع بسائر حقوق المواطنة ، وعلي قدم المساواة ، مع كافة المواطنين الآخرين .. إن للمواطنين في الجنوب حقا في بلادهم لا تكفله لهم الشريعة ، وإنما يكفله لهم الإسلام في مستوى أصول القرآن ( السنة ) .. لذلك فنحن نطالب بالآتي :- 1- نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ، لتشويهها الإسلام ، ولإذلالها الشعب ، ولتهديدها الوحدة الوطنية.. 2 - نطالب بحقن الدماء في الجنوب ، واللجوء إلى الحل السياسي والسلمي ، بدل الحل العسكري. ذلك واجب وطني يتوجب على السلطة ، كما يتوجب على الجنوبيين من حاملي السلاح. فلا بد من الاعتراف الشجاع بأن للجنوب مشكلة ، ثم لا بد من السعي الجاد لحلها .. 3 - نطالب بإتاحة كل فرص التوعية ، والتربية ، لهذا الشعب ، حتى ينبعث فيه الإسلام في مستوى السنة (أصول القرآن) فإن الوقت هو وقت السنة ، لا الشريعة (فروع القرآن) .. قال النبي الكريم صلي الله عليه وسلم : (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا ، كما بدأ ، فطوبى للغرباء قالوا: من الغرباء يا رسول الله ؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها). بهذا المستوى من البعث الإسلامى تتحقق لهذا الشعب عزته ، وكرامته ، ثم إن في هذا البعث يكمن الحل الحضاري لمشكلة الجنوب ، ولمشكلة الشمال ، معا … أما الهوسالديني ، والتفكير الديني المتخلف ، فهما لا يورثان هذا الشعب إلا الفتنة الدينية ، والحرب الأهلية .. هذه نصيحتنا خالصة ، مبرأة ، نسديها ، في عيد الميلاد ، وعيد الاستقلال ، ونرجو أن يوطئ لها الله تعالي أكناف القبول ، وأن يجنب البلاد الفتنة ، ويحفظ استقلالها ووحدتها وأمنها .. وعلي الله قصد السبيل. أم درمان 25 ديسمبر 1984م 2 ربيع الثاني 1405هـ الأخـــــوان الجمهوريين
12-06-2022, 03:12 PM
عبدالله عثمان عبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192
1- نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ، لتشويهها الإسلام ، ولإذلالها الشعب ، ولتهديدها الوحدة الوطنية.. 2 - نطالب بحقن الدماء في الجنوب ، واللجوء إلى الحل السياسي والسلمي ، بدل الحل العسكري. ذلك واجب وطني يتوجب على السلطة ، كما يتوجب على الجنوبيين من حاملي السلاح. فلا بد من الاعتراف الشجاع بأن للجنوب مشكلة ، ثم لا بد من السعي الجاد لحلها .. 3 - نطالب بإتاحة كل فرص التوعية ، والتربية ، لهذا الشعب ، حتى ينبعث فيه الإسلام في مستوى السنة (أصول القرآن) فإن الوقت هو وقت السنة ، لا الشريعة (فروع القرآن)
12-06-2022, 03:37 PM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11562
لك الشكر الأخ عبدالله وأظن أنها فرصة لإلقاء الضوء على هذه العبارة الذهبية التي تختصر كثير من المعاني والكلمات..
وجدت الآن مقالة لأنيس منصور بذات المعنى وجدتها في صحيفة الشرق الأوسط...بتاريخ الجمعـة اغسطس 2007
وهو الرجل الذي درس الفلسفة إلا أن اللغة الصحفية غالبة على أسلوبه...فهو بعيد في كتاباته عن التقعيد والتعقيد الفلسفي..
المقال:
أنيس منصور الطوفان يجيء بعدنا دائما
أنا وبعدي الطوفان ـ قالتها السيدة بومبادور، زوجة الملك لويس الخامس عشر. والمعنى الذي قصدته أنه لا شيء يهم. أنا فقط. أما الناس والدنيا فلتذهب إلى الجحيم.
ونفس العبارة قالها وزير خارجية النمسا الشهير مترنيخ: أنا وبعدي الطوفان.. أي إذا ذهبت فلا نظام ولا سلام. فأنا وحدي القادر على تحقيق الأمن والأمان لأوروبا كلها. ومترنيخ هو أستاذ مستشار الأمن القومي الأمريكي كيسنجر. فكانت رسالته للدكتوراه عن مترنيخ. ومترنيخ هو أول من استخدم النساء في التجسس على خصومه السياسيين. وكان عشيقاً لإحدى أخوات نابليون. وفي إحدى الليالي جاءته الجاسوسات الحسناوات واحدة وراء الأخرى يقلن: رأينا فلاناً يسكر.. رأينا فلاناً يهمس في أذن فلانة وقال لها وقالت، ووضع كأس الشمبانيا عند شفتيها وإحدى الجاسوسات على ركبته وقال من بعدي الطوفان يجتاح أوروبا.. وأنا وحدي السدود والقيود وأنا أعمدة الحكمة ووديان السلام. وسوف ترون. بل إنني الآن أرى أن كل شيء ينهدم ـ فقد أغمضت عيني وسددت أذني وسحبت يدي لينهار كل شيء!
وعندما كان نابليون في جزيرة سانت هيلانة في منفاه الأخير، جلس إليه الطبيب الإنجليزي الذي وضع له السم عاماً بعد عام حتى قضى عليه. وسأل نابليون كيف أقام الإمبراطورية وهو ما يزال شاباَ صغيراً.. وهل فكر في أن تنهار من بعده.. فإذا انهارت هل فكر في ما سوف يصيب الفرنسيين والأوربيين من بعده؟ قال نابليون: لا بد أن يجيء الطوفان من بعدي.. أنا الشمس التي تضيء فإذا غربت أظلمت الدنيا.. واليوم بدأت تغيب.. ألا ترى أنها كذلك. أليس حديثك معي، وأنت من أنت، دليلا على غروب الشمس وحلول الظلام والطوفان!
12-07-2022, 02:30 AM
osama elkhawad osama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20885
شكرا على الاستفسار..ولربما أنت أعلم مني بالإجابة...
ولكن سأدلي بتفسيري.
كما هو واضح الاستخدامين بالرغم من استخدامهما لمصطلح واحد(الطوفان) إلا أن المقصود مختلف..
"ومن بعدي الطوفان" : يُعلي من الحاضر.. أي الأولوية للحاضر على المستقبل الغائب...الذي يعقبه الطوفان إن أتى..
أما عبارة"هذا أو الطوفا" فهي عبارة تحذيرية، تُعلي من شأن المستقبل الخادم و تخوِّف منه.. الملاحظ أن الكلمة المشتركة هي الأساس الذي تستند عليه العبارتان..وهو تاريخيا مقتبس من قصة طوفان نوح..من الناحية الدينية ،
و الاساطير... وهو من حيث المعنى حادث له ما بعده ..من حيث أنه كاسح و مدمر و مُحدث لتغيير جذري..
فالطوفان إذن هو الأساس لما يحتمل أن يأتي ضمن أحداث أخرى محتملة (في عبارة عشيقة لويس) و هو تحذير شرطي..
هذا تفسيري على حد علمي..
والله أعلم
شكرا على المداخلة"اللماحة"
12-07-2022, 08:40 AM
osama elkhawad osama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20885
Quote: طبعا عبارة "أنا ومن بعدي الطوفان" هي الأصل في فرنسا ومن ثم في الغرب...
من كلامك أعلاه نعود مرة أخرى الى الإيحاء بان العبارتين لهما معان متماثلة او على الاقل متشابهة، وأنهما من نسل واحد.
وهذا كلام تنقصه الدقة.
ستجد -إذا بحثت عن شبيهات "هذا أو الطوفان"-في الانترنت مثلا: هذا أو الكارثة هذا أو الضياع هذا أو الجحيم
إلخ
ما من علاقة دلالية بين العبارتين سوى اشتراكهما في كلمة "الطوفان". وهذا لا يعني ان احداهما هي "الأصل".
والله أعلم.
أنا متفق معاك... أصلاح واضح انه هناك فرق بين دلالتة العبارتين... العبارة الأصلية لاتهتم بالمستقبل بل بالحاضر... والعبارة الثانية "هذا أو الطوفان" تحذر من المستقبل..
الفرق واضح.. فعلا "الطوفان" مشترك بين العبارتين...ولكن العبارة الثانية تخوِّف من الطوفان و الأصلية لا تكترث به.
شكرا ..مع ودي
12-08-2022, 08:43 AM
osama elkhawad osama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20885
أهلا استاذ محمد شكرا لاثارتك لموضوع اصل عبارة هذا أو الطوفان.
صحيح ان العبارتين تشتركان في كلمة "طوفان"، لكن الدلالة مختلفة تماما في كل منها.
مثلا لو قرأنا كلا من منشور الجمهوريين "هذا أو الطوفان"، وكتاب خالد محمد خالد "هذا أو الطوفان"، فهل يحيلان إلى عبارة "أنا ومن بعدي الطوفان" في دلالتهما الكلية؟
لا أعتقد ذلك ،
ومن ثم فإنك لا تستطيع ان تقول ان العبارتين مترادفتان. أو أن واحدة منهما "ابنة" الأخرى في سلالة الدلالة.
بمعنى أن الاستاذ محمود ما كان بإمكانه أن يغير عنوان المنشور ولا خالد محمد خالد إلى : "أنا ومن بعدي الطوفان"
ليه؟
لان عبارة المدام الفرنسية تمثّل التعبير عن قمة الأنانية، بينما أن "المنشور" و"الكتاب"، كل من منظوره يقدّم خطة لحل مشكلة أو مشاكل. مثلا في خاتمة كتابه يقول خالد محمد خالد عن "التغيير" التالي:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة