الحزب الشيوعي والتغيير الجذرى. مقال نشر أخير فى الصحافة

Quote: التغيير الجذري، وهل يخفى الحزب في سماهو؟ • لماذا يسمي الحزب الشيوعي برنامجه بالتغيير الجذري بدلاً عن الثورة الوطنية الديمقراطية؟ • هل يمكن تحقيق التغيير الجذري بوسائل سلمية ديمقراطية؟ محمد سليمان عبدالرحيم خرج لنا الحزب الشيوعي السوداني في مؤتمر صحفي قبل عدة أيام ليعلن تحالفه الجديد المسمى "تحالف قوى التغيير الجذري"، وهو ما ظل الحزب ينادي به منذ انسحابه من قوى الحرية والتغيير. التحالف الجديد لم يضم أي حزب سياسي سوى الحزب الشيوعي السوداني نفسه (المركز الواحد)، بل ضم بضع تنظيمات بعضها معروف بأنه واجهات صرفة لعمل الشيوعين وبعضها تحالفات معروفة بخضوعها لسيطرة الشيوعيين، ولكنها جميعاً، في مجموعها أو كلاً على حدة، لا تضيف أي وزن حقيقي للحزب الشيوعي، أي أن هذا التحالف هو، باختصار، تحالف للشيوعيين مع أنفسهم ليس إلا. حينما قرأت الدعوة لإعلان هذا التحالف تخيلت "تحالف الأقوياء" الذي بشرنا به قادة الحزب عقب عودتهم من كاودا، ولم أتخيل قط أن الأمر سيتمخض عن هذا العهن المنفوش. إذا كان القصد المباشر من أي تحالف هو بناء كتلة أكبر، فمن المؤكد أن الحزب الشيوعي خرج من ذلك المؤتمر الصحفي وهو أصغر حجماً وأخف وزناً مما كان عليه منفرداًقبل ذلك المؤتمر. هذا بالطبع غير أن عدداً كبيراً من مكونات ذلك التحالف أعلنت فيما بعد أنها لم توقع عليه أو أنه تم اختطاف اسمها إلخ، فما هو وجه العجلة ياترى الذي جعل الحزب الشيوعي يغامر ب(مجده) الذي صنعه في الشارع في الفترة الفائتة للاحتفال بجنين مات لحظة ميلاده؟!!! نعود الآن إلى بيت القصيد وهو موضوع التغيير الجذري في حد ذاته. لقد كتبت من قبل مقالين في هذا الموضوع محاولاً توضيح أن التغيير الجذري ما هو إلا اسم تمويهي لمشروع الحزب الشيوعي السوداني المسمى بمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية التي تفتح الباب نحو التحول الاشتراكي ثم المجتمع الشيوعي في نهاية الأمر و(نهاية التاريخ)، وموضحاً كذلك خطورة ذلك المشروع على ومنافاته لشروط الحياة الديمقراطية والتعددية السياسية . بعد ذلك كتب كثيرون إما في نفس الوجهة أو محاولين إعطاء تفسيرات أخرى في إطار سياسة الإخفاء والتمويه التي يمارسها الحزب الشيوعي. من أولئك الذين تناولوا هذا الموضوع الأستاذ تاج السر عثمان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي ومسؤوله الثقافي، والذي يكتب بمداد ماركسي لينيني (ما يخرش المية)، حيث قطع قول كل خطيب وأكد في مقال له بعنوان (التغيير الجذري – لمفارقة غياهب التخلف) نشره مؤخراً أن "من المهم الوضوح السياسي والنظري حول التغيير الجذري الذي يعني مفارقة غياهب التخلف بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية". السؤال الذي تفاداه الأستاذ تاج السر عثمان في مقاله هذا، ويتفاداه الشيوعيون في كتاباتهم باستمرار هو بالتحديد لماذا، وفجأة هكذا، بدلوا اسم مشروعهم الخالد منذ إنشاء الجبهة المعادية للاستعمار في منتصف القرن الماضي مروراً بمؤتمرات الحزب الأربعة الأخيرة من "الثورة الوطنية الديمقراطية" وهو الاسم المستند إلى (تحليل طبقي علمي متين) يشكل عصب الحزب ذاته، إلى اسم مبهم تماماً أو، على الأقل، محايد، مثل "التغيير الجذري" يمكن أن يشاركهم فيه حتى تيار الإسلام السياسي أو حتى دونالد ترمب وغيره من تيارات اليمين المتطرف؟ في اعتقادنا، أن الحزب الشيوعي لجأ لاستخدام مصطلح "التغيير الجذري" لسبيين اثنين. السبب الأول هو أن هناك مضامين معينة في مصطلح "الثورة الوطنية الديمقراطية" يرغب الحزب في إخفائها وعدم تسليط الضوء عليها، وهي: (1) أن برنامج التغيير الجذري ليس برنامجاً مكتفياً بذاته وإنما هو حلقة في برنامج واحد ينتقل بالبلاد إلى الاشتراكية ثم إلى الشيوعية في نهاية الأمر، و (2) أن البرنامج لا يستهدف مصلحة الشعب السوداني ككل وإنما مصلحة تحالف طبقات وفئات اجتماعية معينة ولهزيمة وإقصاء فئات وطبقات اجتماعية أخرى تمثلها قوى "الهبوط الناعم" المعبرة عن مصالحها والمرتبطة بالاستعمار الحديث والدوائر الإقليمية"، كما يذكر الأستاذ تاج السر، و (3) أن مركز القيادة في ذلك التحالف لا يكتسب بمقدار العطاء والجهد والتضحية، وإنما بالحق الطبقي ويقتصر على طبقة عاملة (لن تروها) وإنما يمثلها في ذلك حزبها الطليعي العتيد، الحزب الشيوعي السوداني. السبب الثاني هو، كما يذكر الكاتب المناضل اليساري السوري نبيل شعبو، أن "في المخطط الجذري بساطة ونقاء وقوة، وهذه تشكل عناصر جاذبة للجمهور الذي يعاني مرارة الواقع القائم، والذي يتوق في معاناته إلى أمرَين متلازمين: الأول هو تحميل مسؤولية بؤس الواقع إلى جهة مجسدة، لكي يجري تفريغ شحنة الرفض والمعاناة فيها؛ والثاني تقديم وعد بواقع جديد ممكن وفي المتناول." إن أصحاب المعارضة الجذرية، بلاءاتهم الثلاثة وبرفضهم القاطع للواقع القائم، واستعدادهم النبيل وغير المشروط للتضحية حتى الموت في سبيل هذا المشروع "المخلِّص" يبدون أقرب إلى الأنبياء وأكثر جاذبية لدى الجماهير من نشطاء الجبهة الوطنية الديمقراطية أو غيرهم من المعارضين السياسيين. يضاف إلى ذلك، كما يشير الأستاذ نبيل شعبو أن "المعارضة الجذرية، إذا ما قورنت بالمعارضة الإصلاحية، تبدو أكثرُ بساطة وسهولة، بسبب تخففها من تعقيدات الواقع، وترفّعها عن الخوض في تفاصيله المتعبة." وذلك "عبر الرفض الكلي، أي رمي الواقع القائم بكليته، بتفاصيله وتعقيداته، بالوعد بأن تُحلّ محله واقعًا تخاله نظيفًا وعادلًا وممكنًا في الواقع." وبالعودة إلى مقال الأستاذ تاج السر عثمان فهو يذكر، وبعد أن أكمل تعريفه للتغيير الجذري، أنه لا بديل من إنجاز مهام الفترة الانتقالية، ومن ثم يقوم بتعداد تلك المهام والتي لا خلاف حولها بين كل القوى السياسية إلا في بعض التفاصيل غير الجوهرية، ثم يفاجئنا في ختام مقاله بقوله " .... وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تفتح الطريق للتغيير الجذري." أي أن التغيير الجذري ليس برنامجاً للحزب للفترة الانتقالية وإنما هو برنامجه للفترة التي تلي إنجاز مهام الفترة الانتقالية." هنا تكمن المعضلة التي يتعذر على عقولنا البسيطة فهمها، إذا كان مشروع التغيير الجذري ليس مطروحاً لإنجاز مهام الفترة الإنتقالية، وهي الأزمة الأساسية الراهنة والمباشرة التي تهدد الثورة ووجود البلاد ككل اليوم وليس غداً، فلماذا ولمصلحة من يقوم الحزب الشيوعي بطرح ذلك البرنامج وفرض الاصطفاف السياسي على أساسه منذ الآن؟ إذا كانت مهام الفترة الانتقالية ما زالت تنتظر الإنجاز، بل ويواجه إنجازها تحديات عظيمة أهمها انقسام القوى السياسية المدنية، أوليس من الأولى أن يتم الاصطفاف على أساس مهام الفترة الإنتقالية وليس مهام التغيير الجذري؟ وإذا كان الحزب في عجلة لطرح برنامج التغيير الجذري، أولا يقتضي ذلك منه أن يسارع أولاً لبناء أوسع جبهة مدنية ديمقراطية بما يسمح بإنجاز مهام الفترة الانتقالية ومن ثم فتح الأبواب أمام برنامج التغيير الجذري؟ إذا كان "التغيير الجذري" هو برنامج الحزب الشيوعي لما بعد الفترة الانتقالية، أي للفترة الديمقراطية، فكيف سيتم تنفيذه في سياق ديمقراطي؟ هل سيتعامل، وهو في السلطة، مع "القوى المعادية لمصالح شعبنا وقوي الهبوط الناعم المعبرة عن مصالحها والمرتبطة بالاستعمار الحديث والدوائر الاقليمية التي تقف في تحالف معه ضد انجاز التغيير والجذري" كقوى سياسية منافسة لها نفس حقوقه وعليها نفس واجباته، أم سيتعامل معها كخونة وأعداء للوطن والشعب وعملاء للإمبريالية، وهي تهم ذات عقوبة معروفة في قانون العنف الثوري. هل سيسمح الحزب لتلك القوى بحقوق العمل السياسي والتعبير والتنظيم وغيره، أم سيقوم بإقصائها وقمعها ومصادرة حقوقها وتكميم أفواهها حماية لبرنامج التغيير الجذري؟ إن طرح "التغيير الجذري" سواء كبرنامج للفترة الانتقالية أو للفترة الديمقراطية أو لكليهما يستوجب توضيح وتحديد الوسائل التي سيتم بواسطتها تنفيذ هذا البرنامج على الأرض. إننا لا نعرف حتى الآن تطبيقاً يعتد به لبرنامج تغيير جذري سواء كان يمينياً أو يسارياً، إسلامياً أو علمانياً، تم دون ممارسة درجة ما من درجات العنف الجسدي أو غيره والافتئات على ومصادرة حقوق إقصاء مجموعات واسعة من السكان والفئات الاجتماعية. إن الحمولة التاريخية لمصطلح "التغيير الجذري" وإيحاءاته، خاصة فيما يتعلق بأنه "سيجتث الأعادي" وسيتم بضربة حاسمة وبسرعة خاطفة، تعني أن وسائل التغيير الجذري لا تستبعد العنف إطلاقاً، بل تجعله أمراً مرجّحاً. لقد ظلت ثورة ديسمبر حتى الآن ثورة سلمية ليس لشفرة جينية أو فضيلة اجتماعية فينا نحن السودانيين، فالعنف بكل أشكاله بما فيها الحرب لا يزال هو السمة العامة للعلاقات السائدة في بلادنا، ولكنها ظلت كذلك لأنها في الأساس ثورة ديمقراطية، ولأنها من الوعي بحيث أدركت مخاطر العنف عليها وعلى الوطن، أما حين تتحول الأمور، ويمتشق الثوار حسام التغيير الجذري، ويتم شحنهم بكل مفردات خطاب الكراهية .... فالله يستر!!!!. مقالي بصحيفة الجريدة اليوم

Quote: وبالعودة إلى مقال الأستاذ تاج السر عثمان فهو يذكر، وبعد أن أكمل تعريفه للتغيير الجذري، أنه لا بديل من إنجاز مهام الفترة الانتقالية، ومن ثم يقوم بتعداد تلك المهام والتي لا خلاف حولها بين كل القوى السياسية إلا في بعض التفاصيل غير الجوهرية، ثم يفاجئنا في ختام مقاله بقوله " .... وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تفتح الطريق للتغيير الجذري." أي أن التغيير الجذري ليس برنامجاً للحزب للفترة الانتقالية وإنما هو برنامجه للفترة التي تلي إنجاز مهام الفترة الانتقالية."

Quote: غايتو دي فهما صعيب خلاس ... من المفترض نهاية الفترة الانتقالية الإنتخابات ... السؤال هل سيسمح الحزب الشيوعي بإجراء انتخابات في ظل حالة التغيير الجذري ولا حا يجيب طوريتو ويقلع الناس قبل الإنتخابات؟ التغيير الجذري يعني سودان قديم بي جلابتو ونخبو واحزابو يختفي وسوداني جديد (يتألق) بقيادة الحزب الشيوعي السوداني وحلفائه من الشيوعيين ...

Quote: كدى فهمنى ياابو الريش