مأزقي النسويّ مع أب مُتخَلٍّ عن سلطته

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 09:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-12-2022, 10:10 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مأزقي النسويّ مع أب مُتخَلٍّ عن سلطته

    09:10 AM July, 12 2022

    سودانيز اون لاين
    محمد عبد الله الحسين-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    المقال بقلم الكاتبة اللبنانية يا را نحلة
    منشور في صحيفة المدن اللبنانية بتاريخ الإثنين 2022/07/11

    عند انجراري الى نقاشات محتدمة حول العلاقات الجندرية غير المتكافئة، وإتخاذي أحياناً مواقف هجومية ضد نموذج الذكورة بكل ما تجسده من فائض قوة، غالباً ما يفترض الحاضرون أنني أتحدث عن تجربةٍ شخصيةٍ مع أب سلطوي وقاسٍ. "هل قمعك أباك الى هذا الحدّ؟" يسألون بنبرة تجمع بين الشفقة والاستخفاف، في إشارة مبطنة إلى أن مواقفي ربما نابعة من عقدة أو نقص، وليست تفكيكاً موضوعياً لواقع أشمل. تربكهم اجابتي حين أعترف بأن أبي هو، في الواقع، من ألطف الأشخاص الذين أعرفهم، وأكثرهم تخلياً عن السلطة.

    في رأي أمي أيضاً، ليس هناك ما يبرّر خصومتي مع الذكور وإنعدام ثقتي فيهم. حين أستمع إلى قصص صديقاتي المريرة عن علاقاتهن بآباء طغاة وظالمين، أو في أحسن الأحوال آباء غائبين وغير مبالين، أحياناً -أنا نفسي- أشعر بالحرج، وبأني لا أملك الحق في الشعور بهذا الكمّ من الغضب النسوي؛ غضب مبني على أرضية نظرية، وليس أثر تجربة شخصية مروعة.

    أن يكون لي أب غير سلطوي لا يعني، بالطبع، أنني استطعت التملص من كل سلطة ووصاية، ولم يجنبني تجارب التمييز والقمع على يد مجتمع أبوي يندفع، بكل حماسة وإحساس بالواجب، لملء كرسي الأب الشاغر. فحين يتنازل أب واحد عن وصايته على حياة بناته وأجسادهن، يحلّ المجتمع كله مكانه، محاولاً ردم هذا الفراغ السلطوي الذي سيعيث الأرض فساداً وخراباً. لكن، بالرغم من ذلك، ظللت دائماً أبحث عن الجانب الشخصي لغضبي السياسي، عن "التروما" التي تكسبه الشرعية وتمنحني الحق في إشهار خطاب راديكالي غير مساوم.

    في أول مسيرة شاركت فيها بمناسبة يوم المرأة العالمي، حملتُ لافتة تدعو الى "إسقاط النظام الأبوي". رأى أبي الصورة في مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يعلّق، لكن أمي أخبرتني لاحقاً عن شعوره بالخذلان. كان ذلك في العام 2013، قبل غزو القاموس النسوي لمواقع التواصل وتوضيح معانيه لغير المطلعين. يومها، لم يفهم أبي الفرق المفاهيمي بين الأب، كفرد، وبين المجتمع الأبوي، كهيكلٍ سلطوي منيع. ظنّ أن شعاري هو هجوم على شخصه، ولم يفهم سبب هذا الهجوم.

    في بيتنا، الكلمة الحاسمة كانت دائماً لأمي. فذلك هو الخيار الأكثر عملانية حين يمضي الأب معظم أيام السنة في بلاد الاغتراب من أجل العمل. لكني أعتقد أن ذلك لم يكن سوى ذريعة، فأبي في واقع الأمر لم يرغب يوماً في ممارسة سلطته، وقد تنازل عنها بإرادته وليس عنوةً. كانت أمي تجسّد الـ"لا" في بيتنا، ولأبي ثقة عمياء في قراراتها وأسلوبها في الإدراة والقيادة. لذلك، كان جوابه كلما التجأنا إليه لكي يأذن لنا بفعل شيء ما: "فلتسألوا أمكم!". لم يكن سلوكه هذا بداعي الهروب من المسؤولية، كما قد يبدو للوهلة الأولى، فقد فهمت لاحقاً أنه ينبع من مكانٍ آخر، أعمق وأكثر ارتباطاً بطباعه. فمع مراقبتي له، ولسلوكه في التعامل مع محيطه، إكتشفت أن لكلمة "لا" وقعاً ثقيلاً على لسان أبي، ليس كأب ومربٍّ فحسب، بل كرجل وإنسان يمتنع عن فرض مشيئته على أيٍ كان.

    وحين كنا نحاول، أخي وأنا، استفزازه من أجل تحدّي سلطة أمي، متّهمينه بالخضوع لها، مثلنا تماماً، لم يكن ذلك يزعجه فعلاً. كان يتظاهر بالانزعاج طبعاً، كما هو متوقع من "رب" أسرة أن يتفاعل حين يتم تهديد موقعه. لكن، في سرّه، أعتقد أنه كان يبتسم، لأنه يعلم أن عدم ممارسته لسلطته الأبوية هو أفضل ما يمكنه تقديمه لنا، ولنفسه أيضاً.

    أبي يعرفنا تمام المعرفة، بالرغم من قضائه فترات طويلة بعيداً منا. وحين عاد للاستقرار معنا، كان مدركاً بأن ثمة فجوة بيننا يصعب ملؤها بين ليلة وضحاها. لكنه لم يحاول قط فرض نفسه بالقوة، خصوصاً أننا لم نكن نفهم ما هو دوره الفعلي. فدور الأب مبهم في العموم، فما بالك بأبٍ بعيد، لا تربطك به سوى مكالمة هاتفية في اليوم، فتحاول أن تبني عليها علاقة كاملة مع رجل تعرفه بالصوت أكثر من الصورة؟ كان تخيل وجه هذه السلطة الأبوية صعباً عليّ، وأظنّ عليه أيضاً.

    حتى اليوم، يدرك أبي الهوة التي بيني وبين هذه الصورة الأبوية، ويتقبلها بصدر رحب. يقبل أنني أفضل العزلة والابتعاد، فيحبّني من بعد. يعرف أنني لا أحب المكالمات الهاتفية لما تجسّده في ذاكرتي من نقصان وافتقاد، فلا يزعجني بمكالمات فجائية. ينتظر أحياناً ان تتصل أمي بي، لينسلّ بخفة على سماعة الهاتف مطمئناً عن أحوالي. يستمع الى بقية الحديث مع أمي، من دون أن يتطفل.

    يعرف أبي أيضاً أننا نجتمع كلانا على حبّ الصور، فصرنا نتواصل عبرها. كان التصوير الفوتوغرافي مهنة أبي الأولى، وما زالت تجمعه بها علاقة حميمة. في ما مضى، كان يجعلني أثبت في مكاني لدقائق من أجل التقاط الصورة المثالية، وكنت أتأفف وأتذمّر. لكني أدرك اليوم أنه، بتثبيت عدسته عليّ، دفعني أبي الى الاحتكاك بذاتيتي، الى الشعور بـ"أناي" وتكوين تصوّر عنها، منذ عمر مبكر. ليست لديّ صورة واضحة عن مفهوم الأبوة ودورها، لكن لي من أبي مئات الصور التي ساعدتني على رؤية ذاتي، بعينين أحبّتاني رغم البُعد والهوات.






                  

07-12-2022, 08:12 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مأزقي النسويّ مع أب مُتخَلٍّ عن سلطته (Re: محمد عبد الله الحسين)

    هو موضوع الساعة..أقصد موضوع النسوية المتصاعد في السودان والمطالبة بإنهاء أو هدم بنية السلطة المسيطرة على المرأة.. بالتالي هي دعوة تفكيكية.
    فإلى أي حد الدعوى تجد الفهم الصحيح و الإيجابي لدى المطالبين و لدى المعارضين؟
    الموضوع لم يجد حتى الآن التناول المفتوح في المجتمع.. حيث لازال حبيس صدور الشابات وبعض الشباب...
    وقد اغتنم دعاة النسوية في السودان فرصة المواكب و الخروج منذ بدايات ثورة سبتمبر للتعبير عن مطالبهن..
    أعتقد الموضوع يحتاج لمناقشات واسعة وجادة و يحتاج لتحليل من لدن المتخصصين خاصة في علم النفس وعلم الاجتماع والسياسة.

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 07-12-2022, 08:34 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de