برنامج أغاني وأغاني فرض نفسه في الفضاء الفني، لما يمتاز به من اسهامات قيمة في التوثيق لتاريخ الغناء السوداني، وإستدعاء روائع أعمال المبدعين وتقديمها بصورة حديثة من حيث الإخراج والإعداد والتكنيك الفني. بدأ البرنامج بداية متواضعة قبل أكثر من عقد من الزمان. في عامه الأول تمت الاستعانة بالأستاذ السر قدور كمصاحب لمقدمة البرنامج. حينها برزت مواهب قدور في السرد الفني والقدرات الذهنية والفكرية المتقدة والذاكرة التوثيقية التي تعج بالكثير من الحكاوي والقصص والتجارب والرحلات والأعمال الفنية، كما برزت مواهبه المسرحية والأدبية والشعرية والغنائية والإبداعية . عندها رأى الكثيرون بأن قدرات السر قدور الإعلامية تؤهله لإدارة البرنامج لوحده، لذا من العام الثاني أصبح السر قدور مقدمٱ للبرنامج . مما لا شك فيه أن السر قدور أضاف للبرنامج ألقٱ خاصٱ، حيث لديه سمات شخصية متميزة في الإلقاء والحوار، وأداء مسرحي حركي فيه الانفعالات والقفشات والضحكات والبصمات الفنية الخاصة به . ولا يخفى على أحد بأنه قامة فنية، وهبنا كبرياء تاريخ الغناء السودان، فقد بذل حياته وعاش بكل جوارحه و كلياته منقطعٱ لعالم الفن والإبداع، فهو شاعر مجيد ومسرحى مقتدر وفنان مطبوع وكاتب متعمق في قضايا التراث والفن السوداني. ( نترحم على روحه ونسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته وأن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ).
أطلت في هذه المقدمة لأبين صعوبة مهمة من يتولى أمر هذا البرنامج بعد السر قدور . البرنامج هذا العام كم أشفقنا على الأستاذ مصعب الصاوي بأن لا يجتاز هذه التجربة الصعبة، أي أن يخلف قامة فنية وكاريزما ساحرة، ولكن بحمد الله فقد استطاع الإعلامي مصعب الصاوي أن يجتاز الامتحان بجدارة، فقد وظف قدراته الفنية وذخيرته الثقافية وخبراته العملية ليعطينا نموذجاً باهراً وإبداعاً فنياً رصيناً لا يقل عن مستوى الأداء الإعلامي العالمي، إن لم يتفوق عليه. فقد أظهر الصاوي حنكة ودراية فنية وأداء ثابتا وثقة بالنفس و تلطفا متزنا وأريحية وحميمية في الحوار المتبادل مع ضيوفه، مما يجعل المشاهد ينسجم مع أجواء البرنامج ويتملكه إحساس غامر، كأنه حضور مع أشخاص يألفهم ويحبهم، حيث لا تكلف في الأداء بل اندياح عفوي وتلقائي.
إيجابيات البرنامج: • اهتمام البرنامج بالمضمون الفكري والثقافي أكسبه حيوية وجاذبية، تجعل المشاهد مشدودا للشاشة، لا يبرح مكانه إلا عند نهاية زمن البرنامج. • البرنامج لديه قاعدة جماهيرية عريضة من المشاهدين، وهو يمثل لهم جرعات روحية وتطريبية، لها فعل السحر في امتصاص مشاغل وضغوط الحياة، وبذا يصبح الفن داعماً قوياً للصحة النفسية. • البرنامج يتيح للأصوات الشابة مساحة من التجريب والتطريب واكتساب المهارات الصوتية والغناء بسلالم موسيقية متعددة وطبقات صوتية متنوعة، فهذه تعتبر تمارين مفيدة للمطرب تمكنه من القدرة على أداء إنتاجه الخاص بتكنيك صوتي محكم مرتكزاً على خامة صوته ليطوعها ويوظفها التوظيف الأمثل . • أظهر البرنامج القدرات والمهارات الفنية العالية للعازفين، هارموني بديع، حيث التكنيك المتقن المبهر للفرقة الموسيقية، منتهى الدقة والروعة في تطبيق الجمل واللزمات الموسيقية، بأنامل رشيقة وحس موسيقى مرهف. أما الصولات الموسيقية فتعطينا جرعات تطريبية غاية في المتعة والإدهاش .
ملاحظه : هنالك جانب يجب أخذه في الاعتبار، أرجو عدم إطالة الفواصل الإعلامية. وأقترح أن تصنف على ثلاثة درجات :أثناء البرنامج ، قبل بث البرنامج ، عند نهاية البرنامج .ذلك حتى لا يمل المشاهد من طول فترة الإنتظار . يتوجب علينا أن نزجي التحية والشكر لقناة النيل الأزرق (الإمكانات اللوجستية) و لكل القائمين على البرنامج والمتعاونين معهم. الشكر موصول للطاقم الفني والمطربين والمطربات وللفرقة الموسيقية الماسية، كما نرجو أن نشيد بالمايسترو مصعب الصاوي الذي كان خير خلف لخير سلف، فقد استطاع بقدراته وخبراته وذخيرته الثقافية الفنية وكاريزمته وموسوعيته أن يدخل تاريخ الفن الغنائي السوداني من أبوابه الأمامية .
وفقك الله يا مصعب، ونتوق للمزيد من العطاء والإبداع .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة