ثمة مقولة تنسب للزعيم الأفريقي الراحل، كوامي نكروما. تلكم هي قوله: (اصلحوا مملكة السياسة وسوف يتبع الباقي). في عجالة سريعة سوف نحاول تشخيص علل مملكة السياسة السودانية في نقاط مختصرة. 1 - الدولة السودانية لم تؤسس والتوصيف الصحيح لها هو أنها جمهورية إنتقالية حيث بدأت كذلك منذ خروج الدولتين المستعمرتين - مصر وبريطانيا – أواخر العام 1955. فقد ترك لنا المستعمرون وثيقة دستورية صغيت على عجل وأطلقوا عليها (دستور السودان المؤقت لعام 1956) لتحكم الفترة الانتقالية (فترة الحكم الذاتي)على أمل أن تجرى إنتخابات في نهاية الفترة الانتقالية التي قادتها حكومة الحزب الوطني الاتحادي بموجب انتخابات، ومن ثم يتكون برلمان يضع الدستور الدائم لجمهورية السودان. وهذا لم يحدث بسبب أن الحركة السياسية السودانية آنذاك قد قد سال لعاب قادتها للسلطة، فخرقوا نفس الوثيقة التي تركها الاستعمار والتي تحكم الفترة الانتقالية، فانحرفوا ببرلمان الفترة الانتقالية (فترة الحكم الذاتي) عن مهامه المحددة التي تنتهي بانتخاب جمعية تأسيسية مهمتها وضع الدستور الدائم. وطبييعي أن يفشل ذلك البرلمان في انجاز المهمة الإضافية التي فرضت عليه، وظل الأمر يخضع للتجازب السياسي حتى وقع انقلاب الفريق عبود في أواخر العام 1958، ولما تبارح الدولة السودانية مرحلة الفترة الانتقالية. 2 - هب الشعب السوداني في أكتوبر 1964 وأطاح بالحكم العسكري الدكتاتوري. حيتها لم يجد المجتمع السياسي السوداني قاعدة دستورية يعتمد عليها والسودان يدخل في الحفبة الانتقالية الثانية.، فلجاء للوثيقة التي تركها الاستعمار وأسمهاها ( دستور السودان المؤقت 1956، المعدل 1964) 3- ظلت البلاد في فترة إنتقالية وفشل المجتمع السياسي في التوافق على دستور حتى وقع إنقلاب جعفر نميري 1969. 4 - هب الشعب السوداني مرة ثانية وأسقط الحكم العسكري الدكتاتوري في عام 1985 ودخات البلاد في فترة إنتقالية ثالثة ومارست أحزابنا ركاكتها المعهودة حتى العام 1989 حيث وقع انقلاب الإخوان المسلمين المشئوم دون أن تتحرك البلاد قيد أنملة من وضع الجمهورية الانتقالية. 5 – نحن الآن نعيش الفترة لانتقالية الرابعة بكل تعثراتها وتعقيداتها. إذن النوصيف الصحيح لدولتنا هو: أنها جمهورية السودان الإنتقالية هذه الفذلكة التاريخية السريعة توضح ثلاث مسائل في غاية الأهمية: 1 - أن الشعب السوداني قادر على إسقاط أي جكم عسكري دكتاتوري 2 - أن أحزابنا غير قادرة على الحفاظ على الديموقراطية . 3 – أن لدينا جيش أدمن السياسة وانحرف تماماً عن وظيفة الجيوش في العالم المتحضر. هذا الفشل المتكرر من جانب الأحزاب وهذه الانقلابات المتكررة من طرف الجيش، هو ما يثبت ثلاثة حقائق مخيفة وهي: 1 - ليس لدينا أحزاب قادرة على بناء الدولة. 2 - لدينا جيش مسيس مدمن على الانقلابات. 3 - أن الدولة السودانية لم تؤسس بعد. إذن ما تحتاجه البلاد الآن هو تأسيس أحزب وطنية جديدة من رحم ثورة ديسمبر الفريدة، أحزاب بقيادة نوعية قوية وأمينة وصادقة تضع نصب عينيها هدف أوحد هو تأسيس وبناء الدولة السودانية القائمة على دستور دائم مقدس. بعد هذه المقدمة أطرح المقترح التالي: أن يتحمل نفر من المهتمبن بنستقبل البلاد على تأسيس حزب سياسي، يسجل نفسه رسمياً بهذه الصفة وتعمل لجانه المختلفة لتحقيق الهدق الأوحد (إخراج البلاج من وضع الدولة الانتقالية وتأسيس الجمهورية).
حامد بدوي
02-13-2022, 07:19 PM
حامد بدوي بشير
حامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة