الإعلان السياسي للجان مقاومة مدني: زغرودة داويه في سماء السياسة السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2025, 05:33 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-03-2022, 08:01 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإعلان السياسي للجان مقاومة مدني: زغرودة داويه في سماء السياسة السودانية

    07:01 PM February, 03 2022

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    حوار وتعليق حول الإعلان السياسي
    2 فبراير، 20225
    لجان مقاومة مدني لجان مقاومة مدني
    عادل عبد الماجد

    اثراء للنقاش، وددت الاسهام في الحوار الذي بادرت به لجان مقاومة مدني في النقاط التالية التي وضعتها على النسق نفسه الوارد في إعلانها السياسي.

    المقدمة

    إن نشاط لجان مقاومة مدني ولجان المقاومة في كل أنحاء البلاد، وخصوصا الخرطوم، أعاد للثورة السودانية، رغم التكلفة البشرية الباهظة من دماء الشهداء وآلام الجرحى ومصير المفقودين، زخمها ووضعها في المقدمة أمام كل القوى السياسية والنقابية والمكونات الأخرى في مسار صاعد متصل لتحقيق أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة. لم تكتفي لجان مقاومة مدني بالإسهام الكبير في إسقاط النظام البائد وحسب، فهي الآن في مقدمة القوي المقاومة للانقلاب. أكثر فأكثر، تأخذ زمام المبادرة بإطلاقها مشروعا فكريا على درجة عالية من التماسك والجسارة الفكرية ظلا غائبين لفترة طويلة عن أدبياتنا السياسية.


    يهدف ذلك المشروع الى بدء حوار بين القوى الداعية الى تغيير جذري و”بلورة رؤية سياسية وطنية موحدة حول طبيعة الدولة والحكم والاقتصاد وتداول السلطة” على أن يتخذ الإعلان السياسي شكله النهائي بعد نقاشه داخل لجان مقاومة مدني وفي تفاعله مع ما سيتم إصداره من لجان مقاومة على مستوى الوطن. تنبع أهمية الإعلان السياسي من القامة المديدة التي تتميز بها مدينة ود مدني في نضالات الشعب السوداني اذ يكفي أن كان لأسلافهم السبق في وضع فكرة أول تشكيل سياسي في السودان المعاصر.


    الدولة ضد المجتمع: على الرغم من الأهمية الكبيرة التي منحها الإعلان السياسي للتحليل التاريخي لتشكل الدولة في السودان الحديث، الا أن الصراع السياسي الذي انطوى عليه تطور الدولة السودانية المعاصرة، لا يمكن فهمه بمعزل عن دراسة وتحليل التاريخ الاجتماعي– الاقتصادي للمكونات الطبقية في السودان الحديث والمعاصر، وتحديدا منذ إلحاق السودان، أو السودان النيلي تحديدا، بالسوق الرأسمالي، بصورة غير مباشرة، عن طريق الغزو التركي – المصري بإدخال المحاصيل النقدية كالنيلة والقطن وقصب السكر. وبعد العام 1898، شده البريطانيون الى السوق الرأسمالي العالمي بوثاق من حديد، على نحو حاسم ونهائي، بالتوسع وتطوير زراعة القطن في مشروع الجزيرة وهو تطور شكل الارهاصات الأولى لتأسيس القطاع الحديث في السودان، وبدوره شكل ذلك التطور الأساس الذي قام عليه التطور الاجتماعي – الاقتصادي في السودان المعاصر مع ما انطوى عليه من تباين في النمو شكل، في وقت لاحق، عصب صراع السلطة والثروة. تبدو مفارقة مدهشة أن جدلية غياب الدولة وهشاشتها من ناحية، وسيطرتها وبطشها من ناحية أخرى، أهم قسمات الدولة السودانية في طورها الراهن. قوى اليمين السياسي، التقليدي والحديث، سواء جاءت عن طريق الانتخاب أم الدبابة، انصب اهتمامها على جهاز الدولة وآلته القمعية. تجاهلت حكومات اليمين منذ الاستقلال حتى اليوم التنمية حتى بالقدر الذي يضفي مشروعية على حكمها المديد. وفي المقابل، نادت قوى أخرى بصوت جهير لنموذج تنمية يقوم على استخراج الفائض الاقتصادي من الثروة الزراعية – الرعوية، والآن نضيف المعدنية، وتسخيره “لخلق مجتمع صناعي – زراعي متقدم” تعود منفعته على غالبية الشعب السوداني. شغلت الطبقات والفئات الاجتماعية التي حكمت، وما تزال، السودان في قضايا لا تمت بصلة بالتنمية وقضايا البناء الوطني لمجتمعات وتكوينات تتسم بالتنوع والتعقيد الشديدين. وبدلا عن ذلك، طفقت تلك القوى غير مبالية أنها لا تستطيع أن “تصوغ السودان وفق رؤاها وتنسخ رؤي بقية الأعراف والقوميات والسلالات” الأمر الذي أفضى الى الزلزال الكبير الذي أدى الى تمزق السودان بانفصال جنوبه. ليس أمرا غريبا اهتمام الفكر السياسي منذ وقت مبكر منذ توماس هوبز في كتابه الشهير اللوياثان Leviathan بسبر غور الدولة- “ذلك الكائن السياسي الاجتماعي الغامض، المشوب عبر التاريخ بغلالة من الطلاسم القدسية التي كاد يستعصي فضها وابطال سحرها على أرجح العقول– ألا وهو الدولة، السلطة السياسية”. ان مزيدا من اكتناه تشكل الدولة في سياق التطور السياسي في السودان من شأنه أن يعمق معرفتنا بذلك الكائن الغامض منذ بدايات تأسيسه في السودان الحديث، أي من العام 1821.


    يجادل الإعلان السياسي بحق أن استعادة السيادة الوطنية هي الخطوة الأولى في طريق التحول الديمقراطي والتنمية العادلة وان ثورة ديسمبر هي مشروع وطني لتحقيق دولة المواطنة والحقوق المتساوية دون أي تمييز. ان الحروب التي خاضتها الحكومات المتعاقبة باستخدام عنف الدولة افضى الى انفصال الجنوب والى مذابح دارفور والى الحروب المسعورة والعبثية في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق. تطل تلك الحروب اليوم برأسها في ثوب قديم – جديد في نزاعات تكالب على الأرض والموارد. لقد تحولت “حروب الموارد والهوية” في مناطق بعينها بالأمس عادت لتطوق كل أقاليم السودان تعدينا للذهب يُذكِر بالاندفاع الشهير بحثا عن الذهب في كلندايك Klondike Gold Rush. الأمر لا يقتصر على التكالب على معدن الذهب، فأراضي السودان الخصبة ومياهه الوفيرة تشكل اغراء للدول تستثمر او تسعي للاستثمار بشروط مجحفة ومهينة. ما يتردد الآن عن الصراع في جبل مون وما أوردته الصحف عن تخصيص أراضي للزارعة غرب شندي لصالح قوات الدعم السريع يؤكد المدى الذي ذهب، وسيذهب، اليه حكام الخرطوم الحاليين في فرض سيطرتهم وتحقيق مصالحهم في مواجهة جماهير الشعب السوداني: ان تساءلنا عن وسيلتهم لتحقيق ذلك؟ كانت الإجابة هي: عنف الدولة!


    بنود الإعلان السياسي

    توصلت القوى السياسية، حتى تلك الموصوفة بالتقليدية، الى استنتاج مفاده ان اسقاط نظام الجبهة القومية الإسلامية لا بد أن تعقبه فترة انتقالية مناسبة تسمح بوضع الاساس لحكم مدني ديمقراطي مستقر ضمن ترتيبات دستورية دائمة تعالج الخلل الذي ميز فترات الانتقال القصيرة السابقة بعد أكتوبر 1964 وابريل 1985. ذاك فهم يدركه كل منخرط أو مراقب للمشهد السياسي السوداني وقد تم تلخيصه في العبارة الموجزة الدالة: ليس المهم من يحكم السودان، ولكن كيف يُحكم السودان! ان دعوات قوى الثورة المضادة وحججها بالتعجيل بإجراء انتخابات سريعة تهدف الى إعادة انتاج تلك الدائرة الشريرة من انقلاب- حكم مدني– انقلاب! اقتراح الإعلان السياسي لفترة انتقالية تمتد من 3 الى 4 سنوات يجيء وفيا لذلك الفهم البسيط. ان اقتراح العودة الى دستور 1956، لفترة محدودة، يبدو أمرا ملائما لبدء عمل السلطة الانتقالية حتى يتمكن المجلس التشريعي القومي الانتقالي من وضع ترتيبات دستورية تحكم عمل الفترة الانتقالية. وفي هذا السياق، فان الإسراع بتكوين هياكل الحكم المحلي يبدو امرا ضروريا لتوطيد البعد الشعبي للحكم الانتقالي. لقد تلكأت الحكومات المدنية السابقة في وضع القوانين الخاصة بالحكم المحلي وبالتالي المضي في اجراء انتخاباتها- لقد آثرت تلك النخب حكما مركزيا متباعدا Remotely بعيدا عن المساءلة والديمقراطية المباشرة.


    ان المعاينة السريعة للستة عشر بندا التي نصت عليها المادة (8) من الفصل الثاني من الوثيقة الدستورية كمهام للفترة الانتقالية” – ابتداء من العمل على تحقيق السلام العادل والشامل وانتهاء بإجراء تحقيق شفاف ودقيق في الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو 2019 تُبين مدى ابتعاد السلطة الانتقالية عن تحقيق أي من تلك المهام! ليس مجانبة للواقع أن خمن المرء ان استمرار الحكومة الانتقالية بقيادة قوى الحرية والتغيير ما كان ليفضي لشيء غير إعادة انتاج الفشل الذي لازم عهود الحكم المدني السابقة! ان الاتفاق على ركائز واسس المشروع الوطني التنموي التثويري الجامع والمهام التي نص عليها ابتداء من تأسيس السلام على إرادة القواعد الشعبية والمصالحة الشعبية الواسعة وانتهاء بقيادة عملية التحول الديمقراطي عبر إرساء هياكل ومؤسسات النظام السياسي الجديد مرورا بالسيطرة على الموارد وإعادة هيكلة الأجهزة النظامية وجهاز الامن وحل وتسريح الميليشيات التي بشر بها الإعلان السياسي تبدأ ولا تنتهي بنهاية الفترة الانتقالية. في هذا المجال يجب التذكير أن الأمور التي تتصل بالديمقراطية والحريات (وثيقة الحقوق) هي مبادئ فوق دستورية يتوجب حمايتها من تغول أي سلطة تشريعية مستقبلا؛ عليه يتوجب تحصينها بوثيقة للحقوق bill of rights تنص على الحقوق الأساسية لكافة السودانيين كما تؤكد القيم الديمقراطية للكرامة الإنسانية والمساواة والحرية كما هو الحال حديثا في دستور دولة جنوب افريقيا. ان عمل المجلس التشريعي القومي الانتقالي يجب ان لا يقتصر على تفسير ضيق ومحدود لمهام الانتقال، بل يجب أن يتجاوز ذلك التفسير ليشمل وضع الأساس لبناء وطني مستدام يقوم على ترتيبات دستورية دائمة و”ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد”. لقد آن للساسة السودانيين، من كافة المشارب السياسية، النأي أكثر فأكثر عن السياسة بمعناها العملي المباشر Politics كممارسة أو كوظيفة لتصريف الشئون السياسية اليومية “رزق اليوم باليوم”، والاقتراب أكثر فأكثر من مفهوم السياسة Policy كعلم وشأن يتصل بوضع السياسات العامة والأهداف ووسائل تحقيقها في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والاعلام والسياسة الخارجية.


    تكوين المجالس المحلية والمجالس الإقليمية/ الولائية الانتقالية والمجلس التشريعي القومي الانتقالي: التصور العام لتكوين المجالس في المحليات وعلاقة ذلك بتكوين المجلس التشريعي القومي الانتقالي والمجالس الولائية ليس واضحا تماما! نقرأ التالي: تقوم لجان المقاومة مع القوى الثورية الأخرى المؤمنة بالتغيير الجذري وفقا للرؤية العامة للإعلان الموحد في المحلية بتكوين تلك المجالس. عليه نستنتج أمرين: أولا، أن الاعلان السياسي الموحد لكل لجان المقاومة ليس هدفا لذاته حيث سيكون لاي من اللجان رؤية عامة لإعلان سياسي خاص بها، علما أن هذا أمر استبعده الإعلان السياسي. ثانيا، ما القاعدة الانتخابية Constituency لانتخاب ممثلي المحلية؟ هل ستكون تلك القاعدة الانتخابية قاصرة على عضوية لجان المقاومة خصوصا أنه سيتم ترشيحهم بشكل مباشر وإعلان النتيجة بشكل فوري، كما اقترح الإعلان السياسي، على نحو يعيد للأذهان ممارسة الديمقراطية في أثينا القديمة حيث الحق في الترشح والترشيح كان لطبقة الأسياد! تنتظر القوى السياسية والنقابية (مهنية وغيرها) اعلان لجان المقاومة لتصوراتها فيما يتصل بإدارة الفترة الانتقالية وتكتيكاتها لإسقاط الانقلاب. أتصور أن اجراء حوار بين لجان المقاومة أولا ومع القوى السياسية والنقابية لاحقا للحصول على ثقل مُرجِح للجان المقاومة في تكوين المجلس التشريعي القومي الانتقالي سيكون أمرا ممكنا. يمكن دراسة مقترحات مثال:


    أن تتمتع لجان المقاومة بنسبة تتراوح بين 50% الى 55% من التمثيل في المجلس التشريعي القومي الانتقالي، على أن تتفق اللجان على طريقة تمثيلها سواء على مستوى المحلية او عن طريق أي ميكانزيم آخر. هذا التكوين يستدعيه توازن القوى وليس قناعة أو اقتناع القوى الأخرى به– من يتحمل التضحية اليومية جدير بحمل الأمانة؛
    قد لا يكون أمرا ملحا تكوين مجالس تشريعية على مستوى الأقاليم/ الولايات، ولكن يُعد أمرا هاما اجراء انتخابات المحليات في فترة لا تتجاوز 6 أشهر من عقد المجلس التشريعي القومي الانتقالي لأولى جلساته. تقوم المجالس المحلية بإدارة شئون محلياتها وان كان هناك ثمة حاجة لتكوين مجالس على مستوى الأقاليم/ الولايات فعلى المجلس التشريعي القومي الانتقالي ان يبت فيه؛
    حكام الولايات يختارهم مجلس الوزراء ويتم تثبيتهم من قبل المجلس التشريعي القومي الانتقالي على أن تعقد لهم جلسات تأكيد Confirmation يشهدها الناس؛
    يُحدد المجلس التشريعي القومي الانتقالي آلية مناسبة لاختيار أعضاء مجلس القضاء الأعلى؛
    حسنا استبعد الإعلان السياسي مجلس السيادة كإحدى مؤسسات الانتقال فهو كالزائدة الدودية في البدن. غالبا ما يُدخر الدور الرمزي لهذه المؤسسات للتدخل في حل الازمات التي تعصف بالاستقرار. ولكن بالنظر الى دور هذه المؤسسة في التاريخ السياسي السوداني، ابان فترات الحكم المدني، لن يجد لها تدخلا أفضى الى حل أزمة ما فالأزمات، في بلادي، غالبا ما انتهت بانقلاب! ان أي ترتيبات دستورية انتقالية تجعل للسلطة التشريعية اليد العليا في تعيين واقالة رئيس مجلس الوزراء ليست في حاجة الى مجلس سيادة.


    في الاقتصاد: التطور الاجتماعي– الاقتصادي غير المتوازن والاختلال الهيكلي في توزيع قطاعات الإنتاج بين مناطق السودان المختلفة أدى الى نشوء اختلالات وتشوهات عميقة في التطور الاقتصادي مما نجم عنه نشوء مركز وهوامش وانتشار واسع لمعدلات فقر مدقع وغياب للخدمات الأساسية. المطلوب تنمية متوازنة تهدف الى خلق مجتمع صناعي– زراعي متقدم تعود منفعته لغالبية جماهير الشعب وليس للاستئثار به من قبل قلة. ما جاء في الإعلان السياسي من ضرورة بدء إعادة هيكلة النظام الاقتصادي والسيطرة على الموارد وإعادة ترتيب اولويات الصرف لتشمل القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية وقطاعات الصحة والتعليم امر صائب تماما. على أن ذلك كله يجب عدم اغراقه في صراعات لا طائل منها. السودان بلد متخلف في كافة المجالات ومحتاج لمساعدة المجتمع الدولي لإعفاء ديونه في المقام الأول وتوفير الدعم والتمويل بشروط ميسرة مما يحتم على أي حكومة قادمة التعامل بإيجابية مع المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية. ان مؤسسات التمويل الدولية، كأي مؤسسة تمويل صغيرة كانت ام كبيرة، تمنح التمويل وعينها على ارجاع أصل مبلغ التمويل وأي فوائد مستحقة. شهدنا ذلك في تعامل تلك المؤسسات مع اليونان ابان الازمة الاقتصادية عام 2012 كما شهدناه من قبل في تعامل صندوق النقد الدولي مع الحكومة البريطانية بقيادة حزب العمال في سبعينات القرن الماضي. ما تعانيه البلدان النامية من التمويل التي تتلقاه من مؤسسات التمويل المذكورة هو فساد نخبها التي تنهب مبالغ التمويل بالسرقة وتبديدها في مشروعات فاشلة: ماذا ان تم استخدام التمويل في مشروعات البنية التحتية في الكهرباء والمياه والطرق والجسور وحتى في تثبيت سعر الصرف! حتى ينهض السودان ويكون قادرا على الاستدانة بشروطه، يبدو أمرا لا مناص منه، على الأقل في الوقت الراهن، التعامل مع تلك المؤسسات. جانب آخر يتسم بأهمية فائقة وهو موضوع خلق الثروة Wealth creation. لقد ظل مبدأ اقتسام الثروة موضوعا رئيسا في خطابنا السياسي وخصوصا بعد ظهور حركات الهامش، أعنى الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة د. جون قرنق. لا خلاف حول ضرورة إبقاء اقتسام الثروة مبدأ رئيسا في خطابنا السياسي، ولكن في المقابل لا بد ان يحتل خلق الثروة حيزا رئيسا من نظامنا الاقتصادي الجديد.


    السياسة الخارجية والعلاقات الدولية: تناول الإعلان السياسي في أجزاء متفرقة العلاقات الخارجية للسودان حيث دعا الى مراجعتها ورفض، على نحو جازم، التدخل في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي سواء كان ذلك دبلوماسيا أم عسكريا. على الرغم من أن مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للبلدان أحد المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها القانون الدولي العام والعلاقات الخارجية، فقد كشفت تطورات الثورة السودانية، منذ ديسمبر 2018 مرورا بالظروف والملابسات التي مكنت عناصر نافذة في اللجنة الأمنية للنظام البائد تسيد المشهد السياسي بمعاونة سياسيين ورجال أعمال تلقوا مساعدة بلدان بعينها، تدخلا فظا في شئوننا الداخلية. ويأتي الكشف مؤخرا عن حقائق تهريب/ تسرب سلع أساسية لبلد “شقيق” حقائق صادمة ترقى الى العبث والاستخفاف بالمقدرات الاقتصادية للبلد ولا تمت بصلة للتبادل التجاري المتعارف عليه بين الدول. لا نرغب، ان توطدت سلطة ثورتنا، في تصديرها للآخرين، غير أنه ليس بوسعنا ان نقف في طريق الهامها الآخرين في الحرية والسلام والعدالة. لقد رزئ السودان بطائفة من السياسيين تلاشت عندهم الحدود بين العمل العام (السياسي تحيدا) والأخلاق من جهة، والبيزنس والمصلحة الشخصية Self-interest من الجهة الأخرى. ليس سرا أن وفدا صدرت له الأوامر على عجل من جهة عليا في الدولة للسفر الى دولة عربية لنقاش أمر عاجل، ولشدة ما كانت دهشة الوفد عندما وجد رجل أعمال معروف جالسا ضمن وفد تلك الدولة العربية المضيفة! لا حصانة من المساءلة في العمل العام. ان نوازع النفس البشرية امارة بالسوء (الأنانية) مما يتوجب لجمها عن طريق المساءلة أولا فالمساءلة ثانيا ثم المساءلة Accountability ثالثا تحت حكم القانون والقضاء العادل النزيه مع وجود صحافة مستقلة حرة تُساءِل وتتقصى. الشفافية وتعارض المصالح والحوكمة أضحت مبادئ مستقرة تنظمها القوانين واللوائح ليس في ممارسة العمل السياسي وحسب، بل حتى في عالم الأعمال. لماذا لا يقترح الإعلان السياسي عقد مؤتمر لمراجعة علاقاتنا الخارجية ووضع سياسة خارجية واسس ثابتة لعلاقات دولية تخدم في المقام الأول مصالح السودان؟


    الرؤية السياسية والمفاهيمية لقضايا الفترة الانتقالية – خاتمة

    الانقلاب جاء تعبيرا عن مصالح طبقية ضيقة تتسم بالتخلف والظلامية. وهي تريد أن تُسخِر جهاز الدولة لمصالحها – احتكارا لتعدين الذهب ونهبا لموارد الدولة والارتزاق من الحروب الاقليمية. وهذه هي المصالح التي اندلعت ثورة ديسمبر لوضع نهاية لها. قوى الثورة المضادة رغم ضعفها الا أنها قادرة على البطش وهي، حتما، لن تذهب من تلقاء نفسها. على كل القوى المدنية، وفي القلب منها لجان المقاومة، تكوين أوسع جبهة لقيادة العمل من أجل اسقاط سلطة الانقلاب. لا تخلو الساحة من مبادرات تدعو الى الوحدة واسقاط الانقلاب غير أن هذه ليست مسألة أكاديمية تنتظرا حلها في نقاش عقيم! ما يجعل لمبادرة ما ثقلها ويمنحها زمام المبادرة هو الجهة التي تطلقها انطلاقا من توازن للقوى. لجان المقامة هي القوى المرجحة للميزان! بذلك عليها أن تُعجل بطرح رؤاها حتى تتوصل مجتمعة، على وجه السرعة، الى الصياغة النهائية لأفكارها ليس حول الإعلان السياسي/ ميثاقا للعمل وحسب، بل حول الخطوات العملية لتكوين جبهة عريضة لقيادة العمل من اجل اسقاط سلطة الانقلاب. الساحة الآن مهيئة لاستقبال ما تطرحه لجان المقاومة من استراتيجية وتكتيكات نضال لإسقاط سلطة الانقلاب. على لجان المقاومة ان تتصرف كبديل فوري لسلطة الانقلاب!


    ان لجان المقاومة، في مدني وغيرها من انحاء السودان، هي تتويج لنضالات المقاومة الشعبية منذ الاستقلال، مرورا بالمعالم البارزة، كما سطرتها ثورة أكتوبر1964 وانتفاضة مارس– ابريل 1985، في مسيرة الشعب السوداني للانعتاق من قبضة الأنظمة العسكرية الدكتاتورية التي اعتقلت تطور البلد وكبحت تقدمه. ان لجان المقاومة في مدني وغيرها من المدن لم تبدأ من لا شيء، فهي ليست مقطوعة الأصل بل كريمة المنبت لها آباء واسلاف مؤسسون معروفون صرف النظر عن اختلاف أو اتفاق رؤاهم ومناهجهم في العمل والفكر مع رؤي ومناهج لجان المقاومة. ان قدر لجان المقاومة ليس وضع نهاية للانقلابات العسكرية وحسب، بل العمل على استقرار السودان ومنع انهيار الدولة ووضع البلد اجتماعا واقتصادا وسياسة أمام سوية جديدة! تتضاءل، بل تتلاشى، قامة البرهان وحميدتي وجبريل ومناوي أمام قامات الشباب، فالأولين ليسوا رجال دولة دع عنك أن يكونوا آباء مؤسسين لوطن جديد، عليه فقد قُدِر لشباب الثورة وكنداكاتها أن يكونوا، وهم في حداثة أعمارهم، آباء مؤسسين لوطن خير ديمقراطي. يؤكد هذا شعارهم الاثير “قدرنا أننا الجيل الذي سيدفع تكلفة نهاية الانقلابات العسكرية ولن نؤجل هذه المعركة”.


    31 يناير 2022






                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de