الحزب لا يتنبأ او يتكهن بالمستقبل ولكنه يسترشد بنظرية تستند وتنطلق من أن التغيير المنشود يتشكل في خضم الصراع السياسي والطبقي الذي تحكمة عناصر ومعطيات محددة تقود بالضرورة الي نتائج محددة. الحزب توصل الي أن الديمقراطية قضية مركزية للثورة السودانية وعامل رئيسي في احداث التغيير وتحقيق مهام الثورة. فالتحالف تكتيك مرحلي وليس غاية في حد ذاته ولكنه وسيلة للتقدم نحو أنجاز مهام مرحلة في الطريق الي الوصول للهدف الاستراتيجي. التحالف بالنسبة للحزب الشيوعي قضية فكرية في المقام الأول، تنبع من رؤيتة النظرية لإحداث التغيير، لذا نجد إن التحالفات التي يعقدها تعتبر ضرورة تاريخية لتشكيل أوسع إئتلاف طبقي وسياسي لهزيمة الأعداء المشتركين للقوى المتحالفة. هناك تحالفات استراتيجية وأخري تكتيكية او مرحلية. نظرياً قد تم تناول ذلك في البيان الشيوعي وهناك تجربة طويلة خاضتها الاحزاب الشيوعية في العالم عبر التحالفات العريضة ويعمل الشيوعيّون على التحالف والتفاهم بين الأحزاب الديمقراطية في جميع البلدان. نظرياً وعملياً عبر التجربة يعتبر الحزب أن التحالفات المرحلية التي تتم حتي مع الأحزاب والحركات غير المبدئية في مواقفها ضروريّة لإختبار خط الحزب وتوعية الجماهير بمصالحها واستمرار نضاله من أجل الأهداف الأستراتيجية التي تعني بها التحالفات الاستراتيجية الاخري من أجل إنجاز مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وهزيمة تغوّل قوى رأس المال والحروب ونهب مقدرات الشعب. وانطلاقاً من أن الاتفاق السياسي يمثل التجسيد الواقعي لإلتقاء المصالح الطبقية عقد الحزب تحالفات علي الحد الادني في الفترات التاريخية المختلفة وكان المقياس في استمرارها تحقيق مهام المرحلة. هزيمة الدكتاتوريات العسكرية و المدنية هي البوابة الرئيسية والاساسية نحو وضع الصراع الطبقي والسياسي في إطاره الصحيح والتقدم نحو الحل. الصراع السياسي الاقتصادي والإجتماعي منذ الاستقلال لم يؤطر أحزاب تمثل المصالح الطبقية الواضحة للفئات الاجتماعية التي تنضم إليها للتشوه الذي إصاب التطور الطبيعي الاقتصاد والتغير المجتمعي، لذا كان هناك عوامل أخري تلعب أدواراً رئيسية في تكوين هذه الاحزاب مثل العامل القبلي والطائفة وغيره. التغييرات التي حدثت منذ ۱۹۷۷ ودخول نظام نميري في المصالحة الوطنية التي أتت بقاعدتها الاقتصادية من نشاط المال المالي وشركات توظيف الاموال الاسلامية التي ارست دعائم النشاط الطفيلي الذي توّج بأنقلاب الانقاذ في ۸۹. قاعدة الإنقاذ كانت ولا زالت طفيلية شرسة لم تتح المجال للمشاركة معها في إدارة نشاط الاقتصاد من الاحزاب الطائفية الاخري بالرغم من أنها تتوافق معها قياداتها. بل عملت الانقاذ علي الإنهاء القسري لنشاطاتها الإنتاجية التي كانت تعمل فيها من مشاريع زراعية وصناعية. قيادة هذه الاحزاب، تضرر مصالحها أجبرها علي معارضة الانقاذ ولكن ضعف قاعدتها الجماهيرية التي تتوائم مع وضعها الطبقي الذي ضعف مع تكسير الانقاذ لنشاطها الاقتصادي في الزراعة والصناعة أضعف موقف قيادتها في المعارضة. مما جعلها تتبني علي الدوام المواقف الاصلاحية وليس الجذري لأن الاصلاح يخص مصالحها ولا يتعارض كثيراً مع مصالح الطفيلية لقيادة الانقاذ. وبالطبع التغيير الجذري يهم مصالح قواعدها التي قد لا تتفق مع قيادتها مستقبلاً، خاصة اذا حدث تطور أقتصادي شكّل مصالحها الطبقية وقاد الي تأسيس احزاب او مؤسسات مدنية تعبر عن مصالحها وتقود الصراع في وجهة أخري. في خضم هذه الاوضاع عقد الحزب تحالفات مختلفة بالإتفاق حول القضايا المشتركة في العمل النقابي والمجتمعي والقضايا الوطنية. الصراع ضد الإنقاذ منذ اليوم الأول لإنقلابها شهد هذا التذبذب في المواقف الواضحة والقاطعة في قيادة معارضتها. الشاهد في المعارك السياسية التي قادتها المعارضة طوال عمر الانقاذ حدث فيها تراجع في الأوقات الحاسمة والعصيبة خاصة في ساعات المد الجماهيري التي توحي بإحداث تغيير قطعاً لا يمثل مصالحها. وهذا ما شهدناه في فترة تحالف التجمع الوطني الديمقراطي والمعارك السياسية التي تلت فترة إتفاقية السلام مع الحركة الشعبية. تراكم التجربة عبر هذا الصراع عندما توّج في ديسمبر ۲٠۱۸ أجبر أحزاب التسوية (نداء السودان) المنطلقة من المشاركة في انتخابات عشرين عشرين الي الرضوخ الي التصاعد الجماهيري وحركة الشارع بالرغم من أن بعضهم صرح بأنه استهبال سياسي وأن الحراك لا يسقط النظام ولكن تسارع الأحداث جعلهم يركضون للحاق بقطار الثورة والتسيد في قيادتها لاحقاً عبر التحالف ومعاونة المحور. تحالف الحرية والتغيير كان نتاج لنضوج الظرف الموضوعي في تلك المرحلة علي حسب قانون الثورة الذي قاد للإتفاق علي الميثاق كعامل ذاتي ضروري لإنجازها، رغم أن التحالف تشكّل علي رؤيتان مختلفتان سياسياً كما هو معلوم، خط الهبوط الناعم الذي تتبناه قوي نداء السودان المدعومة من الامريكان اصحاب المشروع وقوي المحور والاتحاد الافريقي وفي الجانب الآخر قوي الاجماع وتجمع المهنين والقوي المدنية التي كانت في ذلك الوقت تتبني رؤية التغيير الجذري والحل الكامل بتفكيك الدولة الشمولية لمصلحة الدولة الديمقراطية المدنية الكاملة ودولة المواطنة. إلا أن الصراع داخله حمل في طياته الرؤيتين والتي مالت كفته لصالح أبقاء النظام السابق والمصالح الطبقية الطفيلية التي ترتبط بدول المحور الأماراتي السعودي المصري الإسرائيلي ومن خلفهم الامريكان والمؤسسات المالية الدولية. فتجربة الحرية والتغيير لم تخرج من هذه الدائرة وأسست لدكتاتورية مدنية بتشرع ذلك في الوثيقة الدستورية وتحالفها الذي يؤكد انسجامها مع برنامج الهبوط الذي هو برنامج اللجنة الأمنية للنظام السابق المخطط له، أي يعني يتوافق مع المصالح الطبقية للنظام السابق وكما كان يحدث مع احزاب التوالي. فالحزب كان يصراع ضمن كتلة الاجماع الوطني لدفع التحالف في إتجاه تنفيذ الميثاق ومهام الثورة، حتي أقتنع بأن من الصعب إحداث التغيير بعد احكام السيطرة الكاملة لهذا التيار داخل الحرية والتغيير وقدم التنازلات الجوهرية التي قادت الي أن تنفرد اللجنة الامنية بقيادة الفترة الانتقالية وتنفيذ خطتها التي كانت امتداد لإنقلابها في ١١ ابريل ٢٠١٩. فإنقلاب ٢٥ أكتوبر اوضح أين كانت تكمن الأزمة وجذر الكتل والمواقف السياسية مما أحمي نار الثورة من جديد وتسيد الشارع للموقف بعد أن كان يحاول عبر المليونيات المطالبة بتنفيذ ميثاق الثورة وسط تجاهل وزراء الحرية التغيير والإختباء داخل مجلس الوزراء ولا يعيرون انتباه لإستلام المذكرات والعرائض التي تود جماهير الثورة تسليمها لهم. المشهد الاَن، موضوعياً، النظام السابق جاسم كما هو والوضع الاقتصادي والسياسي والأمني والإجتماعي تدهور واصبح أكثر سوءاً وموضوعياً أيضاً أنعكست التجربة السيئة لنداء السودان بشقيه المدني والجبهة الثورية في إدارة الفترة الانتقالية، مما قاد الي فقدان الثقة الكاملة من الثوار والقوي الحية من لجان المقاومة والنقابات بعد أن تم إبعادها بشكل ممنهج ومرتب له. وأن الوطن الآن بحاجة لأوسع تحالف ومركز موحد يلم شتاته أولاً ويعمل على عقد تحالفات مع كل القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية الصادقة من أجل إسقاط الانقلاب وكتابة ميثاق جديد يحفظ حقوق كل السودانيين والانتقال إلى رحاب الدولة المدنية الديمقراطية وفاءاً لدماء شهداء ثورتها وعذابات معتقليها من الأحرار والحرائر والذين مازالوا يقبعون في سجون نظام الخيانة والبطش والدم. الحزب الشيوعي لا يوزع سكوك الغفران او الإتهامات بالخيانه ولا ينبغي له ذلك ولكنة يناضل بإستقامة وفق مبادئه مع جموع جماهير الشعب السوداني. المطالبة بنقد التجربة، رؤيته فيها مخاطبة الأخطاء وليس من ارتكبها فقط ولكن الاعتراف بها يكمن في معرفة أين كان الخطأ وأثره في مسيرة تنفيذ مهام الثورة وكيفية تجاوزه وعدم تكراره وضمان تنفيذ المواثيق التي ضحي شهدائه من اجلها في رحلة البحث عن وطن اَمن يسع الجميع ويؤمن الكرامة والعيش الكريم للمواطن السوداني. التعامل مع هذا المطلب بالقفز فيه واختباء وراء الكلامات الرنانة هو الاستهبال السياسي بعينه الذي اشار اليه الذين لا علاقة لهم بالعمل الجماهيري والفهم الحقيقي لإرادة الشعوب وحتمية تحقيق شعاراتها والوقوق علي مكاسبها. محاولة القفز فوق النقد يؤكد عقلية الاستعلاء التي تنكر ارتكاب الأخطاء وتصر علي تكراره في جراحات شعب يدفع الثمن. الخلل الأساسي الذي قاد لفشل الحرية والتغيير وتماسك تحالفها الواسع العريض الممثل حول الكتل السياسية هو السعي الي احتكار القرار بهيكل رأسي وتجاهل التكوين الأفقي الذي يمثل الضلع الأساسي للقوي الثورية الحقيقية التي قادة الثورة ورفضت تمثيلها في الوعاء الجماهير المراقب لها (المجلس التشريعي) ورفضت حتي توسيع التحالف وإضافة المكونات الأخري التي برزت في خضم صراع الفترة الإنتقالية. فالحرية والتغيير نشأت وفق ظرف موضوعي تاريخي محدد لتلبية ظرف ذاتي محدد لم يعد متوفر الاَن، وتغيرت المعطيات بشكل أساسي وتكوينها فنجد نصفها في المجلس السيادي تحت مسمي التوافق وإتفاقية السلام التي نسجته مع العسكر ودول المحور لتأمين مصالح قيادات الكفاح المسلح. فالحرية والتغيير ككتلة سياسية لم تعد مؤهلة لقيادة المرحلة ولكن الأحزاب السياسية لها الحق في نقد تجربتها والمشاركة في كتابة ميثاق سياسي جديد يستفيد فيه من التجربة السابقة ويستلهم تجربة الجماهير الثورية الواعية بمصالحها التي تقود الحراك الاَن.
02-02-2022, 08:15 PM
Nasr Nasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11355
كاتب هذا المقال وبعد أن قدم تحليلا علميا وتأريخ لصراعات ثورة ديسمبر وما قبلها قام طبز عينه بأصبعة كيف؟؟؟ أليكم المقطع
Quote: وأن الوطن الآن بحاجة لأوسع تحالف ومركز موحد يلم شتاته أولاً ويعمل على عقد تحالفات مع كل القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية الصادقة من أجل إسقاط الانقلاب وكتابة ميثاق جديد يحفظ حقوق كل السودانيين والانتقال إلى رحاب الدولة المدنية الديمقراطية وفاءاً لدماء شهداء ثورتها وعذابات معتقليها من الأحرار والحرائر والذين مازالوا يقبعون في سجون نظام الخيانة والبطش والدم.
الطبزة كانت في كلمة " الصادقة " ما بتشبه كل الكلام الجميل دا لأنها غير علمية في السياسة لا تصنف الجهات والتنظيمات السياسية علي أنها صادق أو كاذبة وأيضا المشكلة في الكلام دا أنني وكثيرون نتفق معه في جل المقدمة : وأن الوطن الآن بحاجة لأوسع تحالف ومركز موحد يلم شتاته أولاً ويعمل على عقد تحالفات مع كل القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية الصادقة من أجل إسقاط الانقلاب والاختلاف هو أن كاتب المقال أولا يصنف القوي الوطنية والديمقراطية إلي (صادقة) وأخري (كاذبة) أو غير صادقة في لغة الدبلوماسية وواضح من باقي المقال أن القوي الصادقة والتي يستهدفها الحزب بالتحالف هي ( الثوار والقوي الحية من لجان المقاومة والنقابات ) مجمل المقال هو نقد لتجربة الحرية والتغيير والدعوة لتجاوزها ودي ما فيها جديد فهذا ما ظل يدعو له الحزب الشيوعي والذي درج علي تمسية هؤلاء بقوي الهبوط الناعم السؤال هل يمكن أن يكون هذا التحالف، تحالف الشيوعيين والثوار الصادقيين هل يمكن أن يكون تحالف واسعا لكل القوي الوطنية والديمقراطية ؟؟؟؟؟ (طبعا ممكن ينشب نقاش واسع في تعريف القوي الوطنية والديمقراطية) أنشر هنا مقاطع من مقال لصديق الزيلعي كتب في نفس الموضوع مخالفا لرأي الحزب الشيوعي تحت هذا العنوان من دروس الانتفاضة (3): لا لوحدة اليسار نعم لوحدة قوى الانتفاضة .. بقلم: صديق الزيلعي كتب صديق مقالا للمقارنة بين إنتفاضة أبريل وثورة ديسمبر جاء فيه ===ظهرت دعوة بعد انتصار انتفاضة ابريل 1985 تدعو لوحدة قوى اليسار. رفض الحزب الشيوعي نلك الدعوة بقوة ودعا لوحدة قوى الانتفاضة. وكان للاستاذ محمد ابراهيم نقد مواقف واضحة ضد هذه الدعوة، وكرر ، في كل احاديثه آنذاك، ان المرحلة هي مرحلة كل القوى المعادية لحكم الفرد المطلق، حتي تنجز المهام الجسيمة التي تنتظرها في تصفية آثار الدكتاتورية المايوية في كافة مجالات واوجه حياة شعبنا.
وجاء فيه أيضا ===خلال الفترة الماضية حدثت خلافات عميقة وكبيرة حول العديد من القضايا، وهذا شئ طبيعي في التحالفات الكبيرة والواسعة. ولكننا فشلنا تماما في خلق آلية للتوافق السياسي واحترام برنامج الحد الادني الذي يجمعنا. وهو البرنامج الملائم للمرحلة الحالية مرحلة انهاء دكتاتورية الحزب الواحد. هنا تأتي القضية الاساسية هل التحالف الواسع للقوى التي تؤمن بتلك الاهداف هو الأجدي أم البحث عن اصطفاف جديد برنامج جديد. أومن بان حشد قوى التغيير ، بكل خلافاتها ، حول برنامج الحد الادني الذي توافقت علية في يناير 2019 هو السبيل للامام. وأهم سبب ان تلك الاهداف لم تنجز بعد، كما ان التناقض الاساسي هو مع الدولة العميقة للاسلامويين وكوادرها في القوات النظامية وكتائب الظل. وهي قوة كبيرة ومنظمة وتملك امكانيات اقتصادية ضخمة. هذه المنظمومة الاسلاموية هي العدو الحقيقي لشعبنا وللتحول الديمقراطي وتعمل ، بكل السبل، للرجوع للسلطة.
أ لا أزيد علي ما قاله صديق سوي سوي إنها الدعوة القديمة المتجددة لوحدة قوي اليسار (الصادقة في ثوريتها) والخروج من التحالف العريض الذي جمع الشيوعيين مع قوي إسمها القديم قوي الرجعية والتخلف ومن أساميها الجديدة قوي الهبوط الناعم وهي يسارية ظظلنا نحاور حاملي لؤاها لفترة من الزمان ويتطور النقاش بإستصحاب مساهمة محمد حيدر المشرف القيمة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة