تستعد الحركة الثورية والديسمبريون لتسيير مواكب 21 اكتوبر 2021 م لاستلام زمام المبادرة وللمضي في طريق الثورة . وحماية للانتقال الديمقراطي ومدنية الفترة الانتقالية . فبعد انتصار الثورة والمضي في عملية الانتقال وبناء الدولة ، لم تعد الشعارات وحدها من ستقودنا فالشعار ( حمالة اوجه ) ، وايضا ( ان الشيطان في التفاصيل ) وهذه التفاصيل هي التي يجب مراجعتها فقد انتقلت قوى الثورة من النظري الي الممارسة وهنا يكون المحك ، وانتهي زمن ( رفع المصاحف علي اسن الرماح ) . في هذه المساهمة ، ساتتبع قضية واحدة رئيسية وهي الوثيقة الدستورية حيث تم تمزيق الوثيقة الدستورية وخرقها مرارا وتكرارا . وعن كيف تم تحويل مجلس السيادة من مهامه ذات الطبيعة المحدودة كمطلب للثوار في ساحات الاعتصام ( مجلس تشريفي ) الي مجلس تنفيذي اعتدي في عدد من المرات علي الوثيقة الدستورية وبمباركة المدنيين في مجلس السيادة وبمشاركة الحرية والتغيير واحزابها وتماهيها مع هذا الوضع المشوه . وعندما نطالب بتصحيح الاخطاء وهي عديدة وكارثية و في مختلف جوانب الممارسة ، فكانت هذه الاخطاء وهي الثغرات التي اتاحت تمدد وابتزاز المكون العسكري لمسيرة الثورة . وكان خرق الوثيقة الدستورية هو المنفذ الذي اوصلنا الي الوضع الشائه الحالي ، ورغم ان الوثيقة الدستورية جاءت غير مكتملة لكنها في كل الاحوال انتجت وضع توازن القوى فيه يميل لصالح المدنيين ولصالح مدنية الفترة الانتقالية ، الا ان الممارسة سارت في طريق خاطئ مكنت المكون العسكري من التمدد علي حساب المكون المدني مما جعلنا نشهد انقلابات دستورية مستمرة وسط صمت ومباركة ومشاركة من الحرية والتغيير والجبهة الثورية باستمرار . ساكتفي في نقاط سرد لاهم الخروقات في جسد الوثيقة وفي مقال قادم ساعدد الاخطاء السياسية الخاصة بممارسة العمليات السياسية في الملفات ( لجنة إزالة التمكين ، حكومة المحاصصة الحزبية ، السلام الجزئي ، التشريعي الغائب وغيرها ) . مزقت الوثيقة الدستورية بداية من 1 – التزوير الذي تم بتعديلها بعد يومين من التوقيع عليها 17 اغسطس 2019 م ( وهي ما عرفت بفضيحة تزوير الوثيقة الدستورية التي كتبت عنها واعترف خالد عمر وبابكر فيصل بتعديلها ( في لقاءات صحفية منشورة ) تم هذا التزوير بموافقة الاطراف ولم تكن الحرية والتغيير طرف بل تمت بعمل فردي ونصبوا انفسهم ( اوصياء علينا ) ، وقاموا بتغيير البند الخاص بالقضاء والنيابة العامة وإعطاء مجلس السيادة حق تعيينهم واعفائهم ( المادة 12 – 1 – و ) مما ادخلنا الي الان في ربكة تجعلنا في وضع لا وجود لمحكمة دستورية او رئيس / ة للقضاء او نيابة عامة . 2 – التدخل المستمر لمجلس السيادة في ملف السلام وهو اختصاص تنفيذي لرئيس الوزراء ، وما تبع هذا التدخل من التزامات كارثية اهمها الاتفاق مع الجبهة الثورية علي تعطيل هياكل الحكم الانتقالي تشريعي ، مفوضيات ، وولاة الولايات . ( هذا تم بمشاركة ومباركة المدنيين داخل مجلس السيادة وتصدي التعايشي وحميدتي ك ( دويتو ) بانفراد لقضية المفاوضات جوبا . 3 – بقرار من مجلس السيادة تم تكوين ما سمي بالمجلس الاعلي للسلام ففي 12 اكتوبر 2019 م وهو مخالف للوثيقة الدستورية وبمشاركة 9 اعضاء وعضوات من الحرية والتغيير ، ضاربين عرض الحائط يالوثيقة التي تنص علي تكوين مفوضية السلام المستقلة وتم تنصيب البرهان لرئاسة هذا المجلس . ( المجلس الأعلى للسلام يختص بالعمل على معالجة قضايا السلام الشامل الواردة في الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية ) ، في اعتداء واضح علي مهام رئيس الوزراء والجهاز التنفيذي . 4 – تكوين لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وهي واردة ضمن مهام الانتقال والتي التزمنا بها كمدنيين ضمن اعلان الحرية والتغيير ، ولكن ذهب اعضاء بانفسهم وهم من الحرية والتغيير للبرهان ليكون لهم هذه اللجنة وبقرار من البرهان ومباركة ومشاركة اعضاء من الحرية والتغيير دون حتي قرار من المجلس المركزي للحرية والتغيير ، واشرنا في وقتها ايضا الي انه مخالف للوثيقة الدستورية وانه يجب ان تتبع لجنة ازالة التمكين للجهاز التنفيذية مجلس الوزراء . وهي لجنة ذات طبيعة تنفيذية حتي النخاع لايمكن ان يكون ياسر العطا ومحمد الفكي السيادي اعضاء في لجنة تمارس النشاط التنفيذي . 5 . تدخل مجلس السيادة في تعطيل المجلس التشريعي باتفاق وفد التفاوض الذي يتبع للسيادي ( حميدتي والتعايشي ) مع الجبهة الثورية واتفقوا علي تعطيل المجلس التشريعي الي حين انتهاء عملية السلام . وللامانة اعترض المجلس المركزي في حينها علي هذا الاتفاق باعتبار انه يخرق الوثيقة الدستورية التي تنص علي ضرورة تشكيل المجلس التشريعي خلال 90 يوم من التوقيع علي الوثيقة ( واتضح لاحقا بان المجلس المركزي للحرية والتغيير غير حريص علي المجلس التشريعي ) وتمت مقابلة هذا الاحتجاج بهجوم كاسح من الجبهة الثورية باعتبار انها لن تسمح بتشكيل مؤسسات الانتقال التشريعي وولاة الولايات الا بعد توقيع اتفاق السلام . 6 . شرعت الحرية والتغيير بترشيحات لتعيين ولاة الولايات وهنا بدا الخرق بان اتفقوا الاحزاب الاربعة علي تقسيم الولايات فيما بينهم ، ممزقين الوثيقة والبند الدستوري الذي ينص علي حكومة كفاءات مستقلة ، وجاء ولاة الولايات حزبيين حتي النخاع . مما اثار اضطرابات في كل ولايات السودان . 7 . الخرق الذي زج بتكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية ( المادة 80 ) وما حدث انه بعد توقيع اتفاق السلام اغسطس 2020 م كان هنالك بند يلزم بادراج اتفاق السلام في داخل الوثيقة الدستورية ، هنا ظهرت عدة بنود غير موجود في اتفاق السلام ومنها ما عرف بمجلس شركاء الفترة الانتقالية وفيه تم ابتداع جسم في داخل الوثيقة غير مفهوم بصلاحيات واسعة ( الفكرة للجسم ده مستمدة من الانظمة الشمولية كمجلس قيادة الثورة او مجلس المرجعيات في انظمة الدكتاتوريات في الشرق الاوسط ) . 8 . اكد خبراء دستوريين ان ما تم حول تعديل الوثيقة نفسها الذي يتم كل مرة في الاجتماع المشترك بين مجلس الوزراء والمجلس السيادي . اكدوا انه غير دستوري وليس من اختصاص هذا المجلس ان يعدل الوثيقة الدستورية ، وليس له تفويض بتعديل الدستور ؟ . وقدمت عدة جهات مدنية طعن دستوري لدي المحكمة الدستورية استلمت الطعن سكرتارية المحكمة الي حين تكوين المحكمة الدستورية ( غير الموجودة بأمر مجلس السيادة ) وحتما في مرحل من مراحل التاريخ السوداني ستبت هذه المحكمة في الطعن وسيثبت للتاريخ مدي ما كان يتم من عبث دستوري . ! 9 . وفي زحمة تعديلات الدستور او تمزيق الوثيقة الدستورية وفي اطار اضافة اتفاق جوبا للوثيقة ، تم حذف نص حكومة كفاءات مستقلة واصبحت حكومة كفاءات فقط مما مهد وفتح الطريق لتكوين حكومة المحاصصة الحزبية الحالية . ( تعديل الفصل الخامس المادة 1 ) 10 . الممارسة المرتجلة والمستمرة من حانب المدنيين في السيادي وتدخلاتهم ( صديق تاور والتعايشي ومحمد الفكي ومعهم المكون العسكري وتحت اوامره ) تدخلاتهم في القضايا التنفيذية المستمرة في قضايا النزاعات الولائية وعقد مؤتمرات ورئاستهم لجان تنفيذية ( لجنة الكورونا نموزجا ) واصدارهم توصيات تنفيذية في هذه اللجان ثم يتولون تنفيذها . رغم انها من صميم الجهاز التنفيذي . 11 . اخيرا السكوت عن ممارسة نائب رئيس مجلس السيادة للتجارة والاقتصاد عبر شركاته فيه خرق لنصوص ان يبتعد اعضاء مجلس السيادة من ممارسة العمل الخاص طيلة فترة توليهم للمنصب . ( مخالف للفصل السادس المادة 19 بند 1 ، 2 ) . 12 . هنالك في الذاكرة ولكي لا ننسي انه تم تعيين النائب الاول رئيس للجنة الطوارئ الاقتصادية في تلك الفترة يونيو 2020 م ، رفضنا وعبر اللجنة الاقتصادية وضمن جهات عديدة ، انه لا يحق لاعضاء مجلس السيادة القيام بمهام تنفيذية ، وطرحت اللجنة الاقتصادية موقفها الرافض ، واكدنا علي هذا الموقف ضمن تجمع القوى المدنية ، وكللت هذه الحملة بنجاح بانسحاب نائب رئيس مجلس السيادة من رئاسة اللجنة ، لكن المؤسف ان عدد من اعضاء المجلس المركزي ذهبوا لحميدتي في القصر ليثنوه عن قرار الانسحاب من رئاسة اللجنة واستمر هؤلاء الاعضاء يترجونه بالعدول عن انسحابه ( تمزيق ما سبق الاصرار والترصد ) . هل كانوا يعلمون في تلك اللحظات داخل القصر انهم يمزقون الوثيقة الدستورية ؟ . وانهم يعطون دور تنفيذي لمجلس السيادة ؟ . واي فكر سياسي او اقتصادي كان في ادمغتهم واوهمهم انه منقذ الاقتصاد السوداني ، ممزقين الوثيقة وممزقين البرنامج الاقتصادي الاسعافي للحرية والتغيير . 13 . الاستحقاق لرئاسة المدنيين لمجلس السيادة التشريفي هو 17 مايو 2021 وليس 17 نوفمبر كما اثير هذه الايام . وسكتوا وصمتوا عنها طيلة هذه الشهور ، ولماذا ؟ فالحديث المتكرر من المتحدثين باسم احزاب الحكومة او احزاب الاختطاف الاربعة ومن لف حولهم بانهم لن يسمحوا بخرق الوثيقة الدستورية يصيبيني بحالة من الارتباك ، وسؤالي هو كيف سمحوا وشاركوا في كل هذا التمزيق المستمر . وهل ورغم استمرارهم بنفس المنهج المرتبك ، هل يمكن ان ينفع الثورة استلامهم لرئاسة المجلس السيادى لهذه الفترة ؟ . 14 . بالعودة لاستقالة استاذة عشة موسي ستجدون انها اشارت للخلل الداخلي في مؤسسة مجلس السيادة منذ وقت مبكر . وانها اختارت الاستقالة وانها ستستمر تقاتل من اجل الثورة عبر نشاطها في ساحات اخري خارج هذه المؤسسة المعطوبة . في بحثي عن خيار بديل بعد كل هذا المشهد لم اجد غير ان يكون المطلب الواضح هو ذهاب الجميع من السيادي واستقالتهم ( مدنيين وعسكريين ) . واثبت التجربة العملية والممارسة ان تصوراتنا عن ( شرفية ) او محدودية مجلس السيادة كانت احلام غير واقعية وكانت مساومة خاسرة . وان الحل الواضح والمباشر هو اختفاء مجلس السيادة من خارطة الانتقال والغائه كمؤسسة من مؤسسات الانتقال ، وتسليم السلطة كاملة لحكومة مدنية من كفاءات وطنية مستقلة . وهذا يعني بلغة اخري فض هذه الشراكة باعجل ما يمكن ( قبل ان يفضها العسكر بانقلاب فاشل بالتاكيد ) هذه الشراكة التي اعاقت مسيرة الثورة . وايضا ضمن الحلول تبرز عملية مراجعة وتصحيح الأخطاء السياسية التي ارتكبتها الحرية والتغيير والتي ساتناولها في مقالات اخري فمعالجتها وتصحيحها ضرورية لحماية الانتقال الديمقراطي .
واخيرا تظل معركة الثورة ضد اعدائها ، في مقدمة الأولويات ولن ننسي كذاك ان نعمل معا علي سد كل الثغرات التي يتسللون من خلالها ، وهي مسؤولية تقع علي عاتق كل الثوار والثائرات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة