|
Re: الفيلم الروماني بكالوريا...نقد سينمائي (Re: mohmmed said ahmed)
|
في كل عقد من عقود ما بعد اكتشاف السينما، تبرز وتتفوق السينما في بلد ما وتحصد الجوائز ويذيع صيتها.. في الأربعينيات توهجت سينما الواقعية الإيطالية الجديدة، ثم في الخمسينيات تسيدت السينما الفرنسية، بحيويتها الشبابية والموجة الجديدة، وتألقت السينما التشيكية بمخرجين جددوا شباب السينما، وفي السبعينيات تألقت السينما الألمانية، لتعرف السينما الإيرانية الازدهار في التسعينيات.
وفي بداية الألفية الثالثة، قفزت السينما الرومانية ولفتت الانتباه، وحصدت العديد من الجوائز في مهرجانات معروفة؛ فعلى سبيل المثال، فيلم (موت السيد لازاريسكو) للمخرج كريستي بيو، ترشح لـ( 34) جائزة عالمية في مهرجانات وجمعيات سينمائية فاز منها بـ(28) جائزة، من ضمنها السعفة الذهبية في مهرجان ترانسلفانيا السينمائي، وفاز فيلم (لا تلمسني) للمخرجة أدينا بينتيلي بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي الثامن والستين، وفاز فيلم (أريد الصافرة) في مهرجان ترانسلفانيا السينمائي، وفاز فيلم (حالة الطفل) للمخرجة كاتالين بيتر في مهرجان برلين السينمائي الدورة (63)، وفاز فيلم (4 أشهر 3 أسابيع ويومان) للمخرج كريستيان مونجيو، بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي (2007)، ومؤخراً حصل المخرج رادو جوده البالغ من العمر (43) عاماً على جائزة الدب الذهبي في الدورة الحادية والسبعين في مهرجان برلين السينمائي بفيلمه (باد لاك أو رلوني بورن).
السينما الرومانية في موجتها الجديدة، تنحو صوب البساطة الواقعية، حكايات من وسط مجتمع أفراد الطبقة الوسطى، في عهود حيرة الخروج من الديكتاتورية، والولوج إلى عالم مجتمعات الاستهلاك، شخصيات عادية تفتقد النجومية والسطوع، وحوارات رتيبة تقترب من الثرثرات اليومية عن الطعام والشراب والتدخين والرقص والعلاقات، شخصيات ليست نبيلة وليست وضيعة. سينما هزمت التمويل الحكومي، وصاحب الاشتراطات والتمويل الرأسمالي صاحب الإكراهات. اعتمد شباب المخرجين على تكاليف إنتاج بسيطة، وتقشفوا في نصب الديكورات الصناعية الضخمة ليصنعوا أفلاماً من مثل: (موت السيد لازاريسكو- شرق بوخارست- لا تلمسني- ما وراء التلال- الورقة ستصبح زرقاء- حالة الطفل- رحلة كاليفورنيا) وأخيراً الفيلم الذي نتناوله في هذا المقال بعنوان (سييرا نيفادا) من إخراج كريستي، صاحب الفيلم الآخر الجميل (موت السيد لازاريسكو). شارك في الأداء: ميمي برانسكو في دور الطبيب (لاري)، وآنا جيردو في دور الأم (نوشا)، ومارين جريجور، ورولندو أنجوس، وماريانا أندريه، وبيترا كورنيلا. الفيلم أيضاً من تأليف كريستي بيو، يحكي عن يجتمع أسرة الطبيب (لاري) في منزل الأسرة، والأم تحتفل بذكرى رحيل الوالد، يتجمع (لاري) وأمه وأخته وخالته وزوجها وأبناؤها وزوج الأخت. زمن أحداث الفيلم لا يتجاوز (4) ساعات من الظهيرة حتى بداية المساء، لنتذكر فيلم كريستي الآخر (موت السيد لازاريسكو) الذي لم تتجاوز أحداثه ساعات منذ بداية الليل حتى الفجر.
تدور أحداث الفيلم داخل شقة من شقق الطبقة الوسطى الرومانية الضيقة، تتحرك الشخصيات من غرفة إلى أخرى وإلى المطبخ والحمام. تفتح الأبواب وتغلق بطريقة متوترة تتصاعد مع نمو الأحداث. الأسرة تعد المائدة حتى يأتي الكاهن ويبارك ذكرى الميت، بتلاوة بعض الأدعية والطواف على حجرات الشقة، وهو يحمل البخور، في مشهد لا يختلف عما يحدث في بيوت حارة مصرية من شيخ متدين، أو في قرية سودانية من متصوف.
تبدأ الحوارات الطويلة في بساطتها الواقعية، حديث يومي عن الأكل والكعك والتدخين، يتأخر الكاهن لنستمع لحوار حاد بين العمة العجوز، المدافعة عن فترة الشيوعية، في مواجهة الابنة ألكاساندرا، الناقمة على عهد الديكتاتورية. يبرع المؤلف في صياغة حوار عميق، فكل طرف لديه الحجج والأدلة على وجهة نظره.
هذا الحوار لا يعكس فقط صراع أجيال، بل هو تعبير عن حيرة الانتقال التي يمر بها المجتمع الروماني، من الديكتاتورية إلى الحرية، من نظام الحزب الواحد إلى التعدد السياسي من اقتصاد سيطرة الدولة، إلى اقتصاد الانفتاح والاستهلاك. فهم أصبحوا يتحدثون عن التسوق من (كارفور) أكبر المولات العالمية، وأن تشتري الزوجة أحمر شفاه بثمانين دولاراً، وعندما يحضر الطبيب لاري لوالدته دراجة للرياضة المنزلية بمبلغ كبير من العملات الحرة، تستنكر والدته ذلك، ومظاهر حياة الاستهلاك الجديدة على المجتمع الروماني.. تقول زوجة الطبيب إنها ملّت السفر إلى اليونان وتريد السفر إلى بانكوك. ومن مشاهد الصراع بين الجديد والقديم؛ تستنكر الأم رغبة أبنائها الطعام قبل حضور الكاهن ومباركته للطعام.
من مظاهر التناقض أيضاً، مواقف العمة الشيوعية، ورفضها للطقوس الدينية للكاهن، في مقابلة مع الابن المدمن، المنشغل في محركات البحث الإسفيرية، ومناقشته لفكرة المؤامرة في تفجير أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وملاحقته لكل ما يبث، وإصراره على مناقشة قضايا وأحداث لا تجد أدنى تجاوب من الحضور، بل تقابل بالسخرية. يتخلل الأحداث حضور صديقة في حالة صحية سيئة. تتوتر الأحداث بدخول شخصية زوج الخالة المستهتر والذي يحلف بالمقدسات كاذباً.
نجح المخرج في إدارة اللقطات داخل حيز مكاني لا يتجاوز الأمتار، التي هي مساحة الشقة الضيقة، فيما عدا مشهد لدقائق في السيارة خارجاً، ومشهد آخر لا يتجاوز (5) دقائق في الشارع في ختام الفيلم، دون اللجوء لديكورات ضخمة. كل الموجودات من أسرّة وكراسي وطاولات ومعدات المطبخ والحمام، هي الأدوات الطبيعية، لا توجد إكسسوارات إضافية، والملابس نفس الملابس لكل الشخصيات، ملابس منزلية بسيطة وأليفة. الموسيقا التصويرية هي الأصوات الطبيعية لرنين الهاتف أو جرس الباب أو صوت المياه والإضاءة، أدت وظيفتها فقط دون أي بهرجة أو زخرفة إضافية. كما غاب المكياج كلياً من على وجه طاقم الأداء.
وهنا يبرز السؤال: كيف لفيلم في مكان ضيق ودون ديكورات ودون إضاءة جمالية ودون موسيقا.. أن ينجح في جذب المشاهد للاستماع طوال العرض. بلا شك هذه التلقائية الواقعية في الأداء المدهش، البعيد عن روح الأداء المسرحي وحرفية المخرج في اختيار اللقطات الطويلة والاعتماد على تكوين صورة جميلة داخل الكادر، وهو يثبت حركة الكاميرا، ويجعل الشخصيات تتحرك دخولاً وخروجاً من الكادر.
ينجح المخرج أيضاً في طرح الأسئلة بطريقة غير مباشرة، يتناول القضايا السياسية، وسط طيات الحكايات اليومية، ويقدم شخصيات في ضعفها الإنساني وخيباتها ولا يدينها أو يصمها بلحام الأخلاقية، فالجميع يخطئ وأبواب التسامح مشرعة للجميع. نجاح الفيلم يستمد قوته من تلك الحكايات الصغيرة اليومية، فمن المحلية تنطلق العالمية. اخر مقال نقد سينمائي نشر فى العدد الجديد من مجلة الشارقة الثقافية مايو ٢٠٢١
قراءة نقدية لفيلم سيرنيفادا الروماني نشرت في مجلة الشارقة الثقافية مايو 2021
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الفيلم الروماني بكالوريا...نقد سينمائي (Re: mohmmed said ahmed)
|
واقعية اللّمسات الخافتة فـي فيلم "4 أشهر و3 أسابيع ويومان" محمد سيد أحمد مصطفى DEC 22 2020
لفتت السّينما الرومانية الجديدة الأنظار بعد فوز فيلم قصير في مهرجان كان السينمائي 2004، ثم توالت أفلامٌ شكلتْ موجةً جديدةً لسينما ما بعد سقوط نظام تشاوشيسكو الديكتاتوري، مثل أفلام: "شرق بوخارست East of Bucharest"، و"موت السيد لازاريسكو The Death of Mister Lazarescu"، و"4 أشهر و3 أسابيع ويومان"، وفيلم "الخريج Graduation"، وفيلم "الورقة الزرقاء The Paper Will Be Blue"، وبرزت أسماء (رادو مونتين Radu Muntean) مخرج فيلم الورقة الزرقاء، و(كريستيان مونجيو Cristian Mungiu) مخرج "أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان"، و(كريستيان بيبو Cristi Puiu) مخرج فيلم موت السيد لازاريسكو. والقاسم المشترك لهذه الأفلام هو أن أحداثها تدور في أربع وعشرين ساعةً، وتعتمد واقعية اجتماعية تصور الأحداث في بيئتها الطبيعية وسط حوارات تشابه الأحداث اليومية، كما في مسرحيات تشيكوف، وتقترب من القضايا السياسية برفق وبطريقة غير مباشرة، بالرغم من مواقف المخرجين السياسية المناهضة للنظام الشيوعي، وببصمة خاصة لأسلوب العمل الفني نجد حركة الكاميرا بطيئة مرتكزة على اللقطات المتوسطة، وهي محمولة وسط كادرات طبيعية وديكورات واقعية نادراً ما تلجأ لبناء مواقع تصوير اصطناعية ضخمة.
فيلـم "أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان" للمخرج كريستيان مونجيو، وبطولة آناماريا مارينكا ولورا فاسيلو حاز على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان 2007 Cannes، وعلى جائزة الفيلم الأوروبي وعلى جائزة النقّاد الأمريكيين كأفضل فيلم أجنبي، وصنفه بعض النقاد من ضمن أفضل 10 أفلام في عام 2007.
تدور أحداث الفيلم في عام 1987، أي قبل عامين فقط من سقوط النظام الشيوعي.
حكاية بسيطة يتناولها الفيلم عن فتاة جامعية تبحث عن الإجهاض الممنوع قانونياً.. تقف معها صديقتها في غرفة السكن الجامعي.. تبدأ مشاهد الفيلم بغابيتا وهي تقوم بتحضير حقيبتها تساعدها صديقتها أوتيليا، وفي انتقالات قصيرة يرسل المخرج إشارته عن حياة المجمع السكني الطلابي، ازدحام غرفة السكن.. تُحوّل بعض الغرف إلى متاجر لبضائع مستوردة من البيرة والسجائر ومستحضرات التجميل من المنتجات الغربية، ومن ثم تبدأ رحلة أوتيليا المبادرة والقائدة لعملية التخلص من الجنين، بالذهاب إلى الفندق لتتفاجأ بعدم وجود حجز، وتضطر للذهاب إلى فندق آخر وتقدم رشوة علبة من سجائر أجنبية للحصول على غرفة بمبلغ أكبر.. تلتقي صديقها آدي وتأخذ منه مبلغاً لإجراء العملية لصديقتها، ثم تعرج على من سيقوم بعملية الإجهاض. ومنذ البداية تجده شخصية عدوانية تعامل معها بجفاء ووبخها على تغيير الفندق، وعلى حضورها بديلاً عن صديقتها.. ينتقل معها إلى غرفة الفندق، وفي حضور غابيتا تبدأ حوارات طويلة بعد أن اكتشف أن حمل الفتاة في الشهر الرابع، ويبدأ المساومة برفع سعر المبلغ.. بإيقاع بطيء وبعقلية السمسار يمارس حوار التوبيخ والسخرية والإهانة للفتاتين، ثم يطلق صرخات عالية مهدداً.. يستغل نقص أموالهما. وفي لحظة فارقة وحاسمة تقرر أوتيليا أن تمنحه جسدها في مشهدٍ صُوّر بحساسية عالية، وبعد المساومة تبدأ في خلع حذائها.. ثم لحظات صمت قاسية تقضيها أوتيليا معبرة عن اشمئزازها لما حدث.
يقوم بإجراء العملية ثم يخرج.. وتخرج أوتيليا لحضور عيد ميلاد والدة حبيبها آدي، ونشهد جلسة مجموعة من أصدقاء والد آدي وزوجاتهم يتفاخرون بوضعهم الاجتماعي ووظائفهم كأطباء، حوار يمتد لأكثر من خمس دقائق يتحدثون عن غلاء في أسعار اللحم، ومعاناة الأبناء في التجنيد الإجباري، ويسخرون من الفتاة عندما تحدثت عن والداها الجندي، أما والداتها ربة المنزل فلم تشارك ولم يشارك صديقها في الحوار واكتفيا بالصمت الاحتجاجي.
تعود إلى الفندق لتجد صديقتها قد تخلصت من الجنين، تأخذه منها وتخرج لترميه في مكب نفايات عمارة.. وعند سؤال الصديقة أين ألقيتي الجنين؟ تقول لها: من الأفضل أن لا نتحدث عن هذا.
موضوع الفيلم وإن كان عن عملية الإجهاض إلا أن بؤرة الأحداث انتقلت إلى تماس خفيف مع نقد الأوضاع السياسية، ولم يعبر المخرج عن آراء سياسية مباشرة عن النظام الشيوعي، فلم يذكره ولم يذكر اسم تشاوشيسكو ولا اسم جهاز السيكورتاتي الرهيب، ولكنه همس بمشكلات المجتمع .. في التجارة غير المشروعة للبضائع الغربية .. في سطوة الشرطة عند تواجدهم في مدخل الفندق .. في أحاديث أصدقاء والد آدي عن الغلاء وقسوة فترة التجنيد الإجباري.
أوتيليا كانت بطلة الفيلم بشخصيتها القوية المبادرة، فقد حملت على كاهلها عبء نجدة صديقتها، وضحت بجسدها ودفعت المال الذي استدانته. في سلوكها استقامة أخلاقية صارمة.. غضبت من صديقتها لكذبها، وقالت إن كنت ستكذبين احذريني .. واجهت صديقها عندما فزع من فكرة وقوفها مع صديقتها في محنة الإجهاض، وذكرته بأنها يمكن أن تتعرض لما تعرضت له صديقتها لأنها تقيم معه علاقة جنسية، ويمكن أن يتخلَّى عنها إذا ما حملت بمولود، كما احتجت على حديث أصدقاء والده وسخريتهم من وضعها الاجتماعي.
في المقابل تبدو شخصية الرجل الذي قام بعملية الإجهاض نموذجاً للانتهازي الأناني.. وشخصية غابيتا كفتاة مسكينة غير قادرة على التصرف؛ لذا تلجأ للكذب للخروج من محنتها.
الأسلوب الفني للمخرج اعتمد البساطة، فالديكور هو المكان الطبيعي، وأغلب مشاهد الفيلم جاءت في غرف مغلقة داخل السكن، أو داخل غرفة الفندق حيثُ أجريت العملية، وفي منزل أدى لم تخرج الكاميرا كثيراً إلى الشارع، ولم تستعرض معالم المدينة التي شهدت الأحداث بحركة كاميرا ثابتة وصلت إلى سبع دقائق كاملة في مشهد حوار الرجل الطبي مع الفتاتين، بدأت بعض المشاهد أقرب إلى الكادر المسرحي الثابت. الكاميرا ثابتة والشخصيات تتحرك، وفي مشهد العشاء ظلت الكاميرا ثابتة على صمت أوتيليا وصديقها، والحوارات مستمرة من أصدقاء والد أدى.. وفي مشهد المساومة بين الرجل الطبي ظهرت صورته وصورة أوتيليا مع غياب صورة غابيتا، مع أن مضمون الحوار كان ينصب على محنة إجهاضها.
قراءة في الفيلم الروماني 4 اشهر 3 اسابيع يومان نشرت في مجلة الرافد عدد مارس 2021
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الفيلم الروماني بكالوريا...نقد سينمائي (Re: mohmmed said ahmed)
|
فيلم 4 اشهر 3 اسابيع ويومان واقعية اللمسات الخافتة لفتت السينما الرومانية الجديدة الانظار بعد فوز فيلم قصير في مهرجان كان السينمائي 2004 ثم توالت افلام شكلت موجة جديدة لسينما ما بعد سقوط نظام تشاو سيكو الديكتاتوري افلام شرق بوخارست وموت السيد لازرايسكو و4 اشهر و3 اسابيع ويومان وفيلم الخريج وفيلم الورقة الزرقاء وبرزت اسماء رادو مونتين مخرج فيلم الورقة الزرقاء وكريستيان مونجيو مخرج الخريج و4 اشهر 3 اسابيع ويومان وكريستيان بيبو مخرج فيلم موت السيد لاازارسكو القاسم المشترك لهذه الافلام ان احداثها تدور في 24 ساعة وتعتمد واقعية اجتماعية تصور الاحداث في بيئتها الطبيعية وسط حوارات تشابه الاحداث اليومية كما فى مسرحيات تشيكوف وتقترب من القضايا السياسية برفق وبطريقة غير مباشرة بالرغم من مواقف المخرجين السياسية المناهضة للنظام الشيوعي وببصمة خاصة لأسلوب العمل القنى نجد حركة الكاميرا بطيئة مرتكزة على اللقطات المتوسطة وهى محمولة وسط كادرات طبيعية وديكورات واقعية نادرا ما تلجا لبناء مواقع تصوير اصطناعية ضخمة فيلم 4 اشهر 3 اسابيع ويومان للمخرج كريستيان مونجيو ومن بطولة نا ماريا مارينكا ولورا فاسيلو حاز علي جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان 2007 وعلي جائزة الفيلم الاوربي وعلي جائزة النقاد الأمريكيين كأفضل فيلم اجنبي وصنفه بعض النقاد من ضمن افضل 10 افلام في عام 2007 تدور احداث الفيلم في عام 1987 اى قبل عامين فقط من سقوط النظام الشيوعي حكاية بسيطة يتناولها الفيلم عن فتاة جامعية تبحث عن الاجهاض الممنوع قانونيا..تقف معها صديقتها في غرفة السكن الجامعي…تبدا مشاهد الفيلم بغابيتا وهى تقوم بتحضير حقيبتها تساعدها صديقتها اوتيليا وفي انتقالات قصيرة يرسل المخرج اشارته عن حياة المجمع السكني الطلابي ازدحام غرفة السكن تحول بعض الغرف الى متاجر لبضائع مستورة من البيرة للسجاير لمستحضرات التجميل من المنتجات الغربية. ومن ثم تبدا رحلة اوتيليا المبادرة والقائدة لعملية التخلص من الجنين بالذهاب الى الفندق لتفاجأ بعد وجود حجز لغرفة تضطر للذهاب الى فندق اخر وتقدم رشوة علبة من سجاير اجنبية للحصول على غرفة بمبلغ اكبر تلتقي صديقها ادى وتأخذ منه مبلغ اجراء العملية لصديقتها تعرج على من سيقوم بعملية الاجهاض ومنذ البداية تجده شخصية عدوانية تعامل معها بجفاء ووبخها على تغير الفندق وعلى حضورها بديلا عن صديقتها…ينتقل معها الى غرفة الفندق وفى حضور غابيتا تبدا حوارات طويلة بعد ان يكتشف ان حمل الفتاة في الشهر الرابع يبدا المساومة برفع سعر المبلغ…بإيقاع بطئ وبعقلية السمسار يمارس حوار التوبيخ والسخرية والاهانة للفتاتين ثم يطلق صرخات عالية مهددا …يستغل نقص اموالهما وفي لحظة فارقة وحاسمة تقرر اوتيليا ان تمنحه جسدها مقابلا في مشهد صور بحساسية عالية بعد المساومة تبدا في خلع حذائها وهو كذلك ثم تلجا غابيتا الى الحمام لتحبس نفسها حتى انتهاء الممارسة. ثم لحظات صمت قاسية تقضيها اوتيليا معبرة عن اشمئزازها لما حدث يقوم بأجراء العملية ثم يخرج. تخرج اوتيليا لحضور عيد ميلاد والدة حبيبها ادى ونشهد جلسة مجموعة من اصدقاء والد ادى وزوجاتهم يتفاخرون بوضعهم الاجتماعي ووظائفهم كأطباء حوار يمتد الى اكثر من 5 دقائق يتحدثون عن معاناة فى صفوف اللحم ومعاناة الابناء في التجنيد الإجباري ويسخرون من الفتاة عندما تحدث عن والداها الجندي بالمعاش ووالداتها ربة المنزل لم تشارك ولم يشارك صديقها في الحوار واكتفيا بالصمت الاحتجاجي تعود الى الفندق لتجد صديقتها قد تخلصت من الجنين تأخذه منها وتخرج لترميه في مكب نفايات عمارة…وعند سؤال الصديقة اين القيتي الجنين تقول لها من الافضل ان لا نتحدث عن هذا موضوع الفيلم وان كان عن عملية الاجهاض الا ان بؤرة الاحداث انتقلت الى تماس خفيف مع نقد الاوضاع السياسية ولم يعبر المخرج عن اراء سياسية مباشرة عن النظام الشيوعي لم يذكره ولم يذكر اسم الديكتاتور تشاو سيسكو ولم يذكر اسم جهاز السيكورتاتى الرهيب ولكنه همس بمشكلات المجتمع في التجارة غير المشروعة للبضائع الغربية في سطوة الشرطة عند تواجدهم في مدخل الفندق في احاديث اصدقاء والد ادى عن الغلاء والصفوف وقسوة فترة التجنيد الإجباري اوتيليا كانت بطلة الفيلم بشخصيتها القوية المبادرة حملت على كاهلها عبء نجدة صديقتها وضحت بجسدها ودفعت المال الذى استدانته. في سلوكها استقامة اخلاقية صارمة…غضبت من صديقتها لكذبها وقالت ان كنت ستكذبين احذرينى…واجهت صديقها عندما فزع من فكرة وقفها مع صديقتها في محنة الاجهاض وذكرته بانها يمكن ان تتعرض لما تعرضت له صديقتها لأنها تقيم معه علاقة جنسية ويمكن ان يتخلى عنها اذا ما حملت بمولود كما احتجت على حديث اصدقاء والده وسخريتهم من وضعها الاجتماعي في المقابل تبدو شخصه الرجل الذى قام بعملية الاجهاض نموذجا للشخص الانتهازي الاناني..وشخصه غابيتا فتاة مسكينة غير قادرة على التصرف لذا تلجا للكذب للخروج من محنتها الاسلوب القنى للمخرج اعتمد البساطة فالديكور هو المكان الطبيعي واغلب مشاهد الفيلم جاءت في غرف مغلقة داخل السكن او في داخل غرفة الفندق حيث اجريت العملية وفي منزل ادى لم تخرج الكاميرا كثيرا على الشارع ولم تستعرض معالم المدينة التى شهدت الاحداث بحركة كاميرا ثابتة وصلت الى 7 دقائق كاملة في مشهد حوار الرجل الطبي مع الفتاتين بدأت بعض المشاهد اقرب الى الكادر المسرحي الثابت الكاميرا ثابتة والشخصيات تتحرك في مشهد العشاء ظلت الكاميرا ثابتة على صمت اوتيليا وصديقها والحوارات مستمرة من اصدقاء والد ادى..وفى مشهد المساومة بين الرجل الطبي ظهرت صورته وصورة اوتيليا مع غياب صورة غابيتا مع ان مضمون الحوار كان ينصب علي محنة اجهاضها… الاحداث التي دارات في 24 ساعة فرضت البقاء بأزياء واحدة لكل الشخصيات طوال الفيلم اوتيليا بقيت بالقميص الاخضر وبنطلون الجينز…اختفت الزخارف من مشاهد الفيلم فلا مكياج على اوجه الممثلات ولا ازياء ولا ديكورات اصطناعية بل ان المؤثرات الصوتية اعتمدت على الاصوات الطبيعية مثل مشهد اوتيليا في الليل وهى تحاول التخلص من لفافة الجنين وحولها اصوات سيارات وكلاب تنبح الاضاءة ظهرت بدورها الاستخدامي فقط ولم تظهر كمحسنات جمالية…الاداء جاء هادئا وطبيعيا وبعيدا عن الانفعال وتفوقت الممثلة انا ماريا مارينكا فى دور اوتيليا بجمالها الهادي وانفعالها المتزن ولحظات صمتها العميق المعبر في مشهد ما بعد خروج الرجل الطبي وفي مشهد الحوار مع صديقتها بعد التخلص من الجنين يبدو السؤال وجيها اذا ما قلنا كيف لفيلم ابتعد عن الزخارف وابتعد عن استخدام تكنولوجيا اضافية واعتمد الاداء الطبيعي الواقعي وارتكز على حوارات بكلمات في غاية البساطة والتلقائية؟ كيف لفيلم كهذا ان يقدم متعة فنية وجمالية باذجة تشد المشاهد طوال ساعتا العرض انها شاعرية وسحر الفن ورؤية الفنان وموهبته في صياغة جمالية فكرية عميقة بمساعدة اداء مدهش لممثلين بارعين هذا الفيلم يمكن وصفه بفيلم اللمسات الخافتة في الطرح السياسي وتناول القضايا الاجتماعية برفق وفي شاعرية وواقعية البساطة وفي جماليات المؤثرات الطبيعية الصوتية والضوئية وعبقرية الاداء المبسط المقارب لايقاع وحركة الحياة اليومية للشخصيات وفي اقتصاد وتقشف حركة الكاميرا وكف يد المونتاج عن التقطيع وحركة الانتقالات العشوائية محمد سيد احمد مصطفي ناقد مسرحي
قراءة نقدية عن فيلم موت السيد لازاريسطو الروماني نشرت فى مجلة الشارقة الثقافية يناير 2021 وفي موقع سودانايل
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الفيلم الروماني بكالوريا...نقد سينمائي (Re: mohmmed said ahmed)
|
موت السيد لازاريسكو سينما الواقع والتفاصيل الصغيرة برز سينما الموجة الجديدة الرومانية منذ العام 2005 لتحصد ست جوائز في مهرجان كان السينمائى وتلفت أنظار النقاد بأفلام موت السيد لازاريسكو وفيلم 4 أشهر و3 أسابيع ويومان وفيلم باكالوريا للمخرجين كريستيان بيو و كريستيان مونجيوكريستان نيمنسكو وأفلام أخرى لمخرجين شباب هم تودور جورجيو وماريان كريستيان وكاتلين ميتوليسكو وفلورين سيريان موجة السينما الجديدة الرومانية جاءت بعد دحر ديكتاتورية نظام تشارك والشيوعى القمعي...تميزت بالواقعية الاجتماعية والبساطة والاقتراب من حياة الناس المعتادة ولم تقع فى رد فعل ايديولوجي بل اهتمت بفنيات وجماليات الفيلم السينمائى واعتمدت على التمويل الذاتي عبر شركات انتاج صغيرة ومن أهم أفلامها فيلم موت السيد لازاريسكو لكريستيان مونجو وفيلم باكالوريا و4 أشهر و3 أسابيع وأربعة أيام لكر فيلم موت السيد لازاريسكو من إخراج كريستيان بيبو انتج في عام 2005 يحكى عن لازاريسكو رجل فى السبعين من عمره من الطبقة المتوسطة يعيش وحيدا وسط مجموعة من القطط وسط قذارة وغبار بعد موت زوجته ورحيل ابنته الى كندا ووجود اخته فى مدينة تيميشوارا البعيدة عن إقامته في بخارست يدمن على شرب الخمر فيصاب بقيء وتقرحات في معدته ويسقطه يلجأ إلى جاره وزوجته يهبان الى نجدته واعطائه الادوية ويتم الاتصال بالاسعاف الذى يحضر بعد ثلاثة محاولات اتصال لتبدأ رحلة الى مستشفى اول تجرى له بعض الإسعافات والنقص معدات المستشفى تنقله الممرضة الى مستشفى اخرى تجرى له بعض الفحوصات ويكتشف جدية المرض وإصابته بالسرطان ليحول الى مستشفى اخر وتنهى حياته فى نهاية ليلة طويلة صاحبته ممرضة مخلصة فى عملها. التحدى الاول للمخرج كريستيان فى الفيلم كان طول فترة الفيلم الزمنتية والتى لا تتعدى ليلة واحدة ,وبعنوان يفقد المتفرج دهشة التوقع فالسيد لازاريسكو سوف يموت فى نهاية الاحداث كما يشى العنوان وفي أماكن تصوير مغلقة ومحدودة وهى شقة لازاريسكو وداخل عربية الاسعاف وثلاثة مستشفيات اعتقد المخرج على البساطة وكما قال احاول ان اطرح افكار بابسط الطرق الفنية لم يستعرض المخرج حيل اخراجية او تكنولوجية ولم يشيد ديكورات ضخمة وارتدى الممثلون ملابسهم الاعتيادية السيد بملابسه المنزلية والأطباء والممرضات بأزياء العمل مع اختفاء المكياج ..سحر الفيلم يكمن في تناول قصة واقعية ببساطة وشفافية بحورات يومية اعتيادية تقترب من الثرثرة تذكرنا بحوارات مسرحيات أنطون تشيكوف ...الحياة الاجتماعية فى الفيلم تقارب حياة الأسر في المجتمعات الشرقية والعربية حيث التواصل والأحاديث الحميمية والاهتمام الإنساني فالجار حريص على الوقوف مع جاره المريض والزوجة تحضر له الطعام وتتعاطف معه وتحدثه عن ابنته البعيدة والتى يغفل المخرج الاشارة على ابتعداها وان جاءت بعض ظلال بعدها هذا فى حياة السيد لازاريسكو وحيدا مع معاناة المرض والاخت تحرص على الحضور والوقوف مع شقيقها فى المرض والمرضى لا تكتفي بأداء واجباتها المهنية بل تستنفر عاطفتها الانسانية وتحرص على الانتقال طوال الليل الى ثلاثة مستشفيات وتتحمل سخرية ممرضات فى عمر ابنتها اطباء فى حالات من التذمر والوقاحة والانانية والملل ومرضى بالامهم واناتهم وشكواهم...الشخصيات الرومانية فى الفيلم كما فى الحياة يتبادلون الأحاديث بسرعة مع الغرباء عن زوجاتهم وابنائهم وهمومهم العائلية. وجاء اداء الممثل فى دور السيد لازاريسكو والممثلة فى دور الممرضة تلقائيا سلسا بملابسهمه اليومية ودون اى مكياج او اكسسوارات.منح المخرج الفيلم بعض لحظات الكوميديا بالرغم من قتامة المواقف فى اصرار السيد لازاريسكو على نفى المرض والسخرية من الطبيب الذى نصحه بالتوقف عن شرب الخمر مرددا انا اشرب الخمر من حر مالى ولا ادخل يدى فى جيب احد ..وعندما قال له الجار يجب ان تتخلص من القطط؟ رد عليه ولماذا لاتتخلص انت من ميكى ...اتقصد زوجتى..؟. نعم زوجتك وهل يتساوى الامر ..فى فنيات الاخراج السينمائى اعتمد المخرج على التقطيع الناعم والانتقال السلس بحركة كاميرا هادئة مفضلا اللقطات المتوسطة فى غالب مشاهد الفيلم والكاميرا لا تتبع حركة الممثلين فقط تتيح لهم الحركة داخل اطارها بحرية يدخلون ويخرجون وهم يرددون الحوارات والكلمات العابرة وسط اضاءبسيطة من مصادر ضوء غير معقدة تنحصر وظيفتها فى طابع الاستخدام وان انتجت جماليتها الخاصة ودون الاستعانة بمؤثرات صوتية وموسيقية كثيرة وباداء طبيعى تلقائى لم تخرج الكاميرا على معالم مدينة بخارست الجميلة...يشابه الفيلم اساليب وموضوعات السينما الرومانية بعد مرحلة الشيوعية والتى يدينها برفق وبحرفية فنية عالية..يدين اليبروقراطية الادارية والتعقيدات والاجراءات الكتابية المعقدة والتى اهدرت وقتا طويلا عطل العلاج ويدين الاحوال الصحية وتقاعس الاطباء ونقص المعدات وكسل الممرضات محمد سيد احمد مصطفى ناقد مسرحى ا قراءة نقدية في الفيلم الروماني موت السيد لازاريسكو نشرت في مجلة الشارقة الثقافية نوفمبر 2020
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: الفيلم الروماني بكالوريا...نقد سينمائي (Re: mohmmed said ahmed)
|
انت تملك مفاتيح الجنة. مفاتيح الارتقاء بالذاقة الفنية ، دراسة وشغفا وثقافة وانتماء ، فلا تبخل علينا. افتح لنا ابواب جنان السينما المظلومة والغير معروفة على الاقل بالنسبة لى. ويا ريت لو توافرت هذه الافلام ، بحيث نشاهد الفيلم ، ونقراء الرؤية النقدية فنرتقى ونتخلص من سموم الافلام التجارية الرخصية. واصل فى هذا الجانب المفقود فى المنبر وفى الكثير من المنابر. واكشف كنوز حسنك .. ورينا ، فيك كم لون ؟. لك طول العافية ، والعمر ، واللياقة الذهنية.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: الفيلم الروماني بكالوريا...نقد سينمائي (Re: shaheen shaheen)
|
شاهين الزمن الجميل
اسمتعت باسلوبك الادبي الموشح بالسخرية العميقة فى كتاباتك صامولة التكتيكات المحلوجة و الود البقا ابن كلب في السياسة
يا صديقي السينما الرومانية كنز من كنوز المتعة السينمائية المفقودة سينما تعتمد البساطة والواقعية المدهشة باقل الامكانيات يصنعون فن ممتع الافلام متوفرة في موقع نيتفليكس ادعو الجميع للتحاور حولها كنت في اجازة فى السودان كان مفترض اقدم ورقة عن السينما الرومانية الجديدة في جمعية الصداقة الرومانية السودانية في الخرطوم لم انجزها
| |
 
|
|
|
|
|
|
|