القونة او القون تسمية تطلق على مغنيات ومغنيين ، لنوع معين من الغناء يسمى الزنق،لا يحتوى على الشعر الغنائى الذى عرفت به الاغنية السودانية قديمها وحديثها بما فيها اغانى البنات، فهو فى الاساس يعتمد على ترديد كلمات غالبا ماتصنف نابية فى المجتمع السودانى ومضوع الاغانى هو التنافس بين المغنيات و الحسد و التفاخر بالقدره على انتزاع رجال النسوة الاخريات ،واطلاق الاوصاف البشعة على المغنية او المرأة المنافسة، وغالبا ما تؤلف القونة نفسها الكلام الركيك الذى يسمونه غناء،و تعتمد القونة غالبا على الرقص المثير فى جزب الانتباه والاعجاب،وتهدف القونات للشهرة و كسب المال السريع بغض النظر عن الزوق والاخلاق، بنفس ثقافة ومنهج المؤتمر الوطنى القائم على عقلية الربح السريع دون اكتراث للقيم ( راس المال الطفيلى)، و الشئ الملاحظ هو ان اغلب القونات من الأميات أو ذوات التعليم المحدود. اما القون الرجل فهو تقريبا يردد نفس الكلام الذى تردده القونة المرأة، وغالبا ما يتم التعاقد مع القونة لاحياء حفلات الجناء ، واحيانا حفىت الزواج ، ومعظم جمهور هذا النوع من الغناء هم من المراهقين من الجنسين.وصارت بعض القونات يروجن للمخدرات ، و صارت حفلاتهن مكانا لترويجها واستخدامها.فى الواقع لم تخضع ظاهرة القونات ونوع الغناء الذى يمارسونه حتى الآن و الذى ساد فى الفترة الاخيرة لدراسة اجتماعية تسبر اغواره ، وتبين اسباب انتشاره الكبير . يقال ان تعبير قون كان مستخدما منذ فترة طويلة فى اوساط الموسيقيين السودانيين ، حيث كانوا يطلقونه على اى مغنى يعمل معهم فى احياء الحفلات ، لكنه خرج اخيرا كى يستخدمه الجميع والتصق بمغنيات هذا النوع من الاغانى ، اما كلمة (زنق ) التى تطلق لتوصيف توع هذا الغناء فيقال انها اتت من تعبير ( كتمة) المرادف لكلمة زنقة ، حيث يعتمد هذا النوع من الغناء على الصولات الطويلة من الة موسيقة غالبا ماتكون ( الكى بورت) ، يرافقا تركيز على اللايقاع الساخن حيث تستعرض المغنية فيها هى ومرافيقيها اجسادهم وقدرتهم على الرقص ، فيهب الجميع للرقص مما يجعل الوضع ياخذ صفة (الزنق). أن الإمعان والتدقيق في الكلمات التى ترددها القونات لا يخلوان من علامات اجتماعية تكشف عن طريقة تفكير الناس، فكلمة (شلب) مثلا المستخدمة فى كثير من اغنيات القونات ،صارت كلمة معروفة فى المجتمع السودانى فى الاونة الاخيرة ومعناها ان تسلب امرأة زوج امراة اخرى ، وهذا السلوك ظهر نتاج احجام الشباب عن الزواج نتيجة للظروف الاقتصادية وانعدام فرص العمل ، فصارت فرص الشابات غير المتزوجات فى الحصول على زوج ضئيلة مما تسبب فى ظاهرة الشلب. ان ظاهرة القونات ليست بظاهرة جديدة فى المجتمع السودانى ، لكنها كانت قبل عشرين عاما تعبر عن ثقافة قاع المجتمع ،ثقافة المستبعدين، حيث توجد الدعاره كمهنة ، وحيث يوجد المثليين ، كانت الظاهرة توجد فى الخفاء. وكانت اغانى الزنق تعكس حياة و ثقافة هذه الفئة من المجتمع السودانى . ولكنها اتخذت أبعاد جديدة تماما فى السنوات العشرين الأخيرة. ذلك ان الدمار الاقتصادى الذى حدث نتاج سياسات حكومة البشير ،وسيادة ثقافة السلطة المتمثلة فى التدين الشكلى و تزييف الوعلى باسم الدين، و الخداع الاجتماعى ، و الحروب العبثية التى اشعلتها السلطة اولا فى الجنوب ثم فى دارفور وجنوب كردفان، وإنهيار الطبقة الوسطى التى كانت تحمل مشعل التنوير، والفساد وتفشى سرقة المال العام و تفشى ظاهرة الطلاق ، نتاج الضائقة المعيشية، ادى كل ذلك الى خلل اجتماعى كبير، تسبب فى انهيار منظومة القيم الاجتماعية. هذه الظروف هيئة الوضع لصعود صاروخى للقونات من قاع المجتمع الى أعلى الطبقات الإجتماعية ، حيث صارت أغانيهم هى السائدة تعبيرا عن خلل كبير فى القيم والذائقة الفنية و الثقافة الاجتماعية ، فصارت القونات هن من يحين الكثير من المناسبات فى البيوت السودانية على اختلاف مستوياتها التعليمية اوالمادية . وعلى الرغم من ان القونات نتاج لثقافة النظام السابق السائدة ونتاج سياساته الاقتصادية ، فلقد واجههن النظام بحملات العنف عبر شرطة النظام العام التى فرضت عليهن الاتاوات وعرضتهن للسجن والاهانة فى اوقات كثيرة خاصة فى نهاية التسعينيات وبداية الالفية الثانية. إن ظاهرة القونات هى إحدى أشكال التحولات التى شهدها ويشهدها المجتمع السودانى نتاج التطور النكوصى الرث ، نتاج سيادة ثقافة الطفيليين خاصة وان أجهزة الإعلام الرسمية بدلا عن القيام بدورها فى محاولة ترقية الذوق العام تصالحت مع الظاهرة ، مما يدل إلى ان القائمين على امر الاعلا م لا ينفصلون عن الثقافة السائدة كما يدل ذلك على عدم وجود تخطيط إعلامى فى السودان قبل وبعد الثورة. لماذا استمرت الظاهرة بعد ثورة ديسمبر 2018 ؟ ان الثورات تحدث تغييرا جذريا في بنية المجتمع وتصوراته ومفاهيمه بما يعني ازالة نظام قديم لصالح نظام يعبر عن طموحات وأهداف الثوار والثورة ، لذلك يحدث صراع قيمي في سياق الثقافة الاجتماعية الموجودة. ولكن الذى حدث فى السودان هو انه تم فرملة الثورة ، وتمت مجزرة الاعتصام ثم مجزرة الابيض ، وظلت جهالت داخلنظام مابعد الثورة تستهدف الناشطين فى لجان المقاومة وتقتلهم، كما لم يتم تحقيق اى من اهداف الثورة الامر الذى زاد من احباط الشباب ، وشعورهم بانه تمت خيانتهم من قبل الذين اتو بهم ، وساد شعور الياس وانعدام الجدوى خاصة فى اوسط المراهقين . تتلخص اسباب انهيار منظومة القيم فى الاتى: 1 – الانهيارالاقتصادى الذى حدث نتاج سياسات حكومة البشير والذى استمر عقب ثورة ديسمبر ، 2018. وادى الى ارتفاع نسبة الطلاق وتفكك الاسر. ولقد كشفت الحكومة الانتقالية عن حجم الفساد والتخريب الاقتصادي الكبير و المريع الذي تركته الحكومة السابقة. 2 – الحروب العبثية التى اشعلها النظام السابق فى الاريف السودانى، وكان نتيجتها انفصال الجنوب وموت اكثر من 300 الف فى درافور ، الإغتصابات وحرق القرى و النزوح و التشرد. 3 – تفشى ظاهرة المليشيات ، وخاصة ظاهرة الجنجويد ، و التى مارست القتل و الاغتصاب فى دارفور ثم الثقتل و الاغتصاب فى الخرطوم ، دون ان تنال اى عقاب او ردع ، فصارت مثالا للقوى المسلحة من جيش وشرطة ، وصارت ممارسة السرقة والخطف و النهب والقتل و حلق الشعر و الضرب والتعذيب ظاهر تمارس داخل الخرطوم ، مما جعل من الجرائم قيم يفتخر بها، الامر الذى ساعد فى انهيار القيم السودانية 4 - غياب العدالة بكل أنواعها، طوال فترة حكم البشير، وبعد ثورة ديسمبر 2018 . 5 - التراجع الحاد فى الكثير من القيم مثل قيمة العلم وقيمة العمل وقيمة الجمال وقيمة الأمانة. 6 - سيادة الاقتصاد الطفيلى و الفساد فى الشركات والبنوك التى تمول من المال العام ، وكالات التصدير والاستيراد التى تعمل فى مصلحة اعضاء المؤتمر الوطنى. 7 - غياب دور الأسرة خاصة فى الاهتمام بالقيم السودانية التى تمجد الامانة و الاستقامة ونصرة الضعيف، إنشغال الوالدين بالكسب المادى من أجل تلبية حاجات أفراد الاسرة، وكذلك غياب التخطيط الحكومى فى التنمية البشرية. 8 - غياب الرقابة والشفافية والتخطيط والتعليم والإعلام والقدوة والمشروعات القومية ، غياب كل ما من شأنه ان يسهم فى إعادة بناء وجدان الناس وتنمية أذواقهم ومشاعرهم وإحساسهم بأنفسهم وبواقعهم. 9 – العطالة التى يعانى منها الشباب وإنغلاق الافق امامهم. 10 – الاحباط الذى اصاب الشباب بعد مجزرة القيادة العامة وعدم استجابة حكومة الفترة الانتقالية لمطالب الثورة واولها القصاص من قتلة الشهداء. تسببت سلطة المؤتمر الوطنى عن طريق الكثير من الممارسات هدم الاسس التى قامت عليها القيم السودانية وسعت لتقسم الشعب الى قبائل وو الى عزل شرائح المجتمع السودانى وجعل كل شريحة منها وكأنها عالم فى ذاتها. نشرت جريدة الاندبندنت اللندنية بتاريخ الجمعة 26 مارس 2021 عن إحصائيات صدرت من السلطة القضائية في السودان كشفت أرقاماً صادمة عن الطلاق في السودان ، حيث كشفت الاحصائية عن وقوع 7 حالات طلاق في الساعة الواحدة، ليرتفع بذلك عدد الحالات في عام واحد إلى أكثر من 60 ألف حالة، وسجلت ولاية الخرطوم وحدها بحسب الإحصائية 22 ألف حالة في 2020، ولم يقتصر ارتفاع الحالات على العاصمة فقط بل سجل عدد من الولايات أعداداً هائلة تفوق كل واحدة على حدة الخمسة آلاف حالة. المصيبة الأكبر أن المدرسة الأولى والحاضن الأول للفرد (الاسرة) ، عانت نسبيا من التحطيم و التفكيك ، فقد أصبحت في وقتنا الحالي وبدرجة كبيرة فاقدة للأهلية الرمزية . النتيجة صورة سيئة الإخراج للأسرة داخل المجتمع، تفكك مادي ومعنوي، كما شهدنا تحطم لصورة الأب التاريخية، فلم يعد الأب الشخص القوي والملهم لصغاره، بل قل احترامهم له وأصبح الأبناء خارج السيطرة الأبوية ليكون الشارع هو الحاضن والمربي وتكون دروس الرذيلة، الغش والانتهازية أولى الدروس التي يتلقاها الفرد لنحصل على نتيجة وخيمة وكارثية ويتحول قانون الغابة هو السائد، البقاء للأقوى وأي قوة، قوة تحطيم الأفضل، قوة تمجيد السارق والفاسد على حساب المتفوق والمثقف الذي أصبح بلا قيمة ولم يعد يحمل صفة النبوة. إنما الأمم أخلاق، إن ذهبت ذهبوا، يوم بعد يوم يزداد الوضع قتامة وبشاعة، وأصبحنا نعرف انقلاب قيمي وأخلاقي ساهم تدهور التعليم مساهمة فعالة للحالة الاجتماعية، بالإضافة لابتعاد الفرد عن المصادر التي تدعوه إلى الاستقامة وتحدد له سبل الرقي الفكري والأخلاقي. لكن للأسف كان للعولمة دور بارز في تحطيم الدين والفكر الفلسفي لصالح مناهج جديدة أصبحت تخاطب غريزة الفرد. الحل: 1 - وضع الحلول لمشكلة الضائقه المعيشية 2 - اصلاح التعليم 3 – الاعلاء من قيم الديمقراطية ، الشفافية 4 – نبذ الفساد و العنصرية و الجهوية. 5 - اقامة صروح الاقتصاد المنتج وتوفيرؤ فرص العمل للشباب 6 - أن يعمل الإعلام الحكومى وفق تخطيط من اجل رفع الوعى العام و رفع الذوق العام عن طريق تسليط الضوء على الغناء و الموسيقى زات المحتوى الجمالى. 8 – المكتبة المدرسية والاعلاء من شأن الثقافة و الاطلاع. 9 - ادخال الفنون ضمن المنهج التربوية و التعليمى من كتابة فنية ،موسيقى و مسرح و تشكيل وتلوين و نحت . 10 - ادخال الرياضة ضمن مناهج التعليم. 11 – إهتمام الدولة بالشباب وتفجير طاقاتهم الابداعية.و بناء الاندية الرياضة و الميادين ، إنشاء القاعات و المسارح لممارسة الموسيقى و المسرح. 12 - تكوين منظمات المجتمع المدنى التى تحض على العمل الطوعى والرفع من شأنه.
08-23-2021, 06:46 PM
نعمات عماد نعمات عماد
تاريخ التسجيل: 03-08-2014
مجموع المشاركات: 11404
سلام أستاذ عبد الغفار ملخص أو مقدمة الدراسة ممتازة. في العهد البائد النظام أغرق البلد بالمخدرات و أستهدف طلاب المدارس و الجامعات. أيضاً الفجوة المعرفية بين الشباب و ذويهم جعلت من الصعب مراقبة نشاطهم في الإنترنت، فظهرت المقاطع و الأفلام الخلية و انتشرت بكثرة كلمات يندي لها الجبين.
08-23-2021, 07:56 PM
عبدالغفار محمد سعيد عبدالغفار محمد سعيد
تاريخ التسجيل: 04-17-2006
مجموع المشاركات: 10077
Quote: أيضاً الفجوة المعرفية بين الشباب و ذويهم جعلت من الصعب مراقبة نشاطهم في الإنترنت، فظهرت المقاطع و الأفلام الخلية و انتشرت بكثرة كلمات يندي لها الجبين.
حا استفيد من ملاحظاتك دى فى اكمال الدراسة. انا فعلا عرضت الكلام هنا بغرض الحصول على ملاحظات يمكن استفيد منها فى اكمال الدراسة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة