|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: لحظات الأعدام: لواء (Re: عبدالله عثمان)
|
لحظات اعدام محمود محمد طه """"""""""""""""""""""""""" اللواء الركن عزالدين حسن قرشي
المرجع : شهادة عيان سجلها قلم الكاتبة والصحفية الأمريكية " جوديث ميلر " , المراسلة السابقة لصحيفة نيو يورك تايمز في الشرق الأوسط , في كتابها الذي سمته , God Has Ninety Nine Names " لله تسعة وتسعون اسماً " , وورد وصف لحادثة تنفيذ الاعدام جاء فيه :
*** " كان صباحاً مثالياً , بعد سويعات , تصبح الخرطوم خانقة , ولكن عند السادسة من صباح 18 يناير من عام 1985 كان الهواء صافياً , وكانت السماء قد لبست بالفعل زرقة حمام السباحة .
** في غرفتي بفندق الهيلتون كان الصوت هو صوت مكيف الهواء , ذي العشرين سنة , وهو يضخ هواء محتمل السخونة , شربتي قهوتي , وقرأت جريدة الصباح , محاولة الا أفكلر في ما سيحدث .
** بعد ساعة خرجت في طريقي الي سجن كوبر .. ساحة سجن كوبر مستطيلة الشكل , وبحجم ميدان لكرة القدم ... كانت المشنقة في الجانب البعيد من الساحة , مرتفعة نوعاً ما , غير انها أقل في الارتفاع من حوائط السجن المبنية من الحجر الرملي , كان المشهد في كوبر مرحاً .
** يبدو انني كنت المرأة الوحيدة في الساحة .. وبدأ أن كثيراً من الحاضرين الذين يقدرون ببضع مئات , يعرفون بعضهم البعض , ظلوا يحيون بعضهم البعض , بتحية الاسلام التقليدية "السلام عليكم" , هؤلاء الرجال ذوو البشرة الداكنة , في عمائمهم التي يبلغ ارتفاعها القدم , وجلاليبهم البيضاء الفضفاضة , يتضاحكون ويتجاذبون اطراف الحديث حول حالة الطقس , والحروب التي لا تنتهي في جنوب السودان , جلس كل واحد في الرمل , تحت وهج الشمس التي بدأت حرارتها تزداد قسوة مع كل دقيقة تمر .. كان الموعد المعلن لتنفيذ الحكم هو الساعة العاشرة .
** قبل الزمن المحدد بقليل , قيد محمود محمد طه الي الساحة .. الرجل المحكوم عليه والذي كانت يداه مربوطتان خلف ظهره , بدأ لي أقل حجماً مما كنت أتوقع , ومن المكان الذي كنت اجلس فيه , وبينما كان الحراس يسرعون به الي الساحة , بدأ لي اصغر من عمره البالغ ستة وسبعين عاماً .. سار مرفوع الرأس , والقي نظرة سريعة علي الحشد , عندما رآه الحاضرون, انتصب كثيرون منهم واقفين علي اقدامهم , وطفقوا يومئون بقبضات ايديهم نحوه .
** تمكنت فقط من التقاط لمحة خاطفة من وجه طه , قبل ان يضع الحارس الذي قام بالتنفيذ , كيساً ملوناً علي رأسه وجسده .. ولن أنسي ما حييت , التعبير المرتسم علي وجهه .. كانت عيونه متحدية , وفمه صارماً , ولم تبدو عليه مطلقاً أية علامة من علامات الخوف , بدأ الحشد في الهتاف ... فجأة تراجع الحراس للوراء , ثم سحبت أرضية المنصة , فاشتد الحبل , واهتز الغطاء الموضوع علي جسد طه في الهواء ... اشتعل الهدير في الساحة "الله اكبر" , وتكثف الهتاف عندما بدأ الحشد في تكرار الهتاف بشكل جماعي "الاسلام هو الحل" , الرجال الذين امتلأوا حماسة , عانقوا وقبلوا بعضهم البعض , أحد الرجال الذين كانوا بجانبي صرخ : "أخذت العدالة مجراها" .. الحالة الاحتفالية التي جرت من حولي صعقتني وأصابتني بالغثيان ... عند وصولي الي المدخل , لويت عنقي لألقي نظرة أخيرة علي المشنقة , كان الكيس , وجسد طه لا يزالان متدليين علي الحبل , فتساءلت في نفسي, متي سينزلونه ؟ .
** لدي كثير من السودانيين الذين هللوا لاعدامه في ذلك اليوم , فان طه قد اقترف اسوأ جريمة يمكن ان ترتكب , لقد ادين بتهمة الردة عن الاسلام , وهي تهمة نفاها طه , الذي أصر حتي النهاية أنه ليس مهرطقاً , أو مرتداً من الاسلام , وانما مصلح ديني , ومؤمن وقف في وجه التطبيق الوحشي للشريعة الاسلامية , والطريقة التي نفذها بها الرئيس جعفر نميري .
** من وحي الموقف , أحسست أنا أيضاً , أن طه لم يقتل بسبب يتعلق بنقص في قناعته الدينية , وانما بسبب من نقصهم هم . "
... هذا مع سلامي وحبي ,
| |
 
|
|
|
|