♧ المريسة،الخندريس، الخمر «بنت الحان» £

● نتقدم أولن بشكرنا للأخ / الرشيد العطا من مسقط معتذرين
لإعمالنا يد النبش في ما نقل حول المريسي وگنيتها« بنت الحان» :
● سألتني يوماً بت الشيوخ ( سارة ) ، إن كان في جعبتي شيئٌ يساعدها ،
في التوثيق للشيخ العارف الجليل ( إدريس ود عامر ) ، رحمه الله بقدر ما
عمر المجالس بذكر الله. إعتذرت لها. قدمت بين يدَي اعتذاري انعدام ثقافة
التدوين عندنا ذلك الزمن. وطيش الصبا الذي كان يشغلني باللهو عن
الشيوخ ، قلت لها ( في فترة شيخنا إدريس ، كان العلماء مهملين ،
لا يلتفت إليهم سوى القلة القليلة بينما نحن شريحة الشباب كنا
(مطاميسَ) إلا من رحم الله. والغلبة الغالبة من المجتمع
كانوا سُكارى أغلب الأحيان . لا ينتبهون للشيوخ الا
عند (خت الحبل) فوق إحداهن. وهو عقدة النكاح.
و تلك حقيقةٌ . فاعذريني يا بت الشيوخ.)

● و منذ زمن ليس بالقصير كنت في تساءلٍ ملحاحٍ
بيني و بين نفسي : ما الذي جعل ( المريسي ) والعرقي
مقبولين جداً في ذلك المجتمع الصغير؟ لست أدري ما
عليه الحال الآن ، و لكن ما سمعت في صباي إمرأة قيل
إنها (قنجرت) لأن زوجها يحتسي ، و لا بمخطوبة
قيل: تمنعت لأن خطيبها يتعاطى . بل إن
الذين يُعاقرون الخمر كانوا مستلطفين
و محبوبين و مقربين في الغالب.

حيَّ الله النورس الحبيب. و رب ضارةٍ
نافعةٌ . فاو لم بكن لرداءة خطنا و تعاسة
حظنا من فائدةٍ واحدة فحسبها أنها أتتنا بك.
إذ إننا لحضرة جنابك نسافرِ من فرح لي شوق
ونازِل في حنان ليهاَ أغنّي مع مراكب جات وراها
بلاد حتمْشيهَا .. و نحزَن لي سُفُن جايات.. و ما بْتلقَى
البِلاقيها و طبول بتدق و ساحات لي فرح نور و جمل
لحزن ممشى. و لبهاء إطلالتك الأنيقة ترفرف البيارق
و تزقزق العصافير و يصدح الكروان بأطرب لحون الخلود
و ترحل النوارس تمخر عباب بحارٍ بلا شطآن .. و يزهر
البنفسج و يتوج الياسمين بقبعاتٍ بيضاءَ .. و يدندن
قرين الشعر بأجمل باقةٍ من بيوت القصيد و يطلق
المساء نداءه الأخير أن《يا مرحبن بك》

●تصوروا معي أن الخمر في عقيدتنا هي أم الكبائر !!،
فما هو السر؟ُ وراء جعلها تتبوأ تلك المنزلة العالية الرفيعة
من القبول في مجتمع القرية؟ وماهي الخلفية التي جعلت
تعاطيها إذا لم يزدك قبولاُ فسوف لن ينقصك شيئاً؟
أنا محتار. و لولا أن بيني و بين ( التاريخ ) جفوةٌ جعلتني
أجهل من جهلول في حواري إسطنبول بتفاصيل تلك المنطقة،
إذن لكان لي معها شأنٌ آخرُ . فهل وصل إليها الإسلام بطريقةٍ
منقوصةٍ ، أم أنهم من الأعراب الذين خاطبهم عز من قائلٍ حين
قال لهم: (لا تقولوا أمنا بل قولوا أسلمنا )؟أم تُراها مسألة موروثٍ
متواترٍ اظيهم أباً عن جدٍّ و كابراً عن كابرٍ بحيثُ يصعب الفكاك
منه عليهم؟ ذلك مع إقراري التام بأن أفراد ذلك المجتمع هم
قومٌ في منتهى الطيبة و الأمانة و الشفقة والتراحم!!

● أذكر أننا ونحن النشىء الذي ، كان يجب أن يربى على الفضيلة ،
كنا أثناء ( الباشي ) نقوم بخدمة الشاربين ، نتحرك بينهم ، نناولهم
شواء اللحم الملفوف في فطائر ( القشاط ) ، و أثناء مرورنا بين مجالس
الندماء و هم يحتسون ، قد يناولك أحدهم ( قرعة ) يتطاير منها الزبد
(جُفاءٌ) من قوة ( المريسي ) التي فيها . أذكر أنني في م٨رات كثيرة، كنت
(أطشم) ، أروح أطاقش الحيَط ( بفتح الياء ) . و في مرة طفح بي ابكيل
و بلغت بي النشوة( الزُّبى) و بقى همي الانبساط إلى أن خلفت كراعي
و رفضت خدمتهم . في الحقيقة أنا ما أبيت عن قصدٍ أو عنوةً واقتداراً.
بس كرعي ما شالني!! فانزجرت واتنهرت (يا ولد يا قليل الحيا ، قووم ،
ولاد آخر الزمن أقول لكم آآآجماعه القيامي قربت ..قوم قمقم جلدك
شوك أملا القرعة دي وناولني" القيامة قربت، وأملأ له ليشرب!

● ياخي ديل عندنا بجاي أهل العوض كانو يصابحو اللنادي
من دغشاً بدري يمشولا زرافاتٍ و وحداناً رجالاً و ركباناً على كل
ضامرٍ ياتونها من كل فجّ عميقٍ.باا يفضلوا مصاقرين ليك خدم
الجن دبلك و بالذات لامن يخرتن لبهم فيها عرق(صُنان) أباطاطن
عاد دي بقى طشمتا بتكون صاموطي تخليك ماشي تخيت في
الدرب 7×8. " أرقُد آعيش أنا جرابك.. و يترنم:" يا الزارعنك
في الشمش ومسورجنك من أمس ما تدفرني براي بمش".

♧ عمنا البلال ود الخِدِر من جيهة الكراتيب جنوبي
جزيرتنا واغ الواغ و جايباتنو المعايش حدانا في كمل
نومك عاى ترعة زد المنسي ريفب حشرو عباس محلية
أم كرقن عوراض. مرة معانا في جلسة صفاء صباخية
في سلخانة الحلة قام ختفلو حلقوم سخيل مضبوح لتوه
يلا عطنا في أتي أم بوالة(عصارة الحويصلة الصفراء) و راح
مديها ليك خشمو و بدأ يمدغ بنشوة عارمةٍ يبدو أنها عادت به
القهقرى سنينَ ضوئيةً غابرةً إلى عهود الجاهلية الأولى و هي
بطبيعة الحال ليست سوى لسان حال " زمان جيلهم الجميل".
● فانتهزناها سانحةً نادرةً لكي نستنطقه بشيء من عبق ذاك الماضي.
قال لينا : كنا لامن الشمش ترفع تبقى عود حربة الواحد(حين ترمض
الفصال) يكون كطع لو عبارين تلاتة مسح بهن شنبو و يقولك مفاخراً:
"أها مو توفيق من الله ، إت قايل شِنو !!" و كمان لامن خلاس النهار
يعقب و تبقى سكة عِمَي الواحد يجي ينط يركب حمارو يقع بغلبو
يقع بهناك و يلا برفع أكف الضراعة و يقعد ينهم" يا شيخي عوض
الجيد يا تور عفينة الشين هوووي ، تلحقني و تفزعني تقدرني
أركب أشيل أهلي". و في النهاية وفد باءت كل المجاسفات
بفشلٍ ذربعٍ، إذا بهم يرفعون زواملهم نظام (ترحال) فوق
ضهر لوري(تيمس) نكريهو عليهن بريال أب عشرة !!

● كانت مجموعات المعازيم توزع إلى (تاياتٍ) متفرقةٍ
و التاية هي مجموعة الرجال الذين يجلسون لإدارة الكأس
و مجراها الشمال. كانت كل تايةٍ تحمل اسم رجل حوض( رملة)
زعيمٍ شِرِّيب كل ما تكب ليه يكرع يشرب . ولا يهتز له (شاربٌ) !
و كان الندامى لا يفترقون أبداً في أية مناسبةٍ. يعني تاية فلان
تجدها في كل مناسبة تتكون من نفس النفير،و كان رجال التايات
يتبارَون فيما بينهم : (والله الليلي دردقنا لنا خمسة نوابير ، مانا
متل تاية فلان نصهم "قضفوامن التيبار التاني" طبعن نأسف
لحموضة العبارة و اللغة الخشبية بين ( ظفرين) و عزائنا
في أن الجلاكين وحدهم هم من سينقشون معناها " .

الخندريس ، المريسي(بنت الحان)
● أذكر أن عيد الأضحى كان موسماً مشهوداً من مواسم المريسي ،
عيد الأضحى تصوروا! ولا تبرح خيالي صورة الرجال أثناء صلاة العيد،
و عندما يصل الخطيب والخطبة مكررة في كل عام.و من كتابٍ أصفرَ)،
و عندما يصل إلى المشهد الدرامي إلى سيدنا إسماعيل – عليه السلام –
و هو يسلم عنقه لأبيه لكي يذبحه – تسمع الجماعه يجعروا ويتنخجوا :
" إيه..إيه...إيه لا حول ولا غوة إلا بالله". و مجرد أن (يفرنقعوا) يُهرَعون
كلٌّ منهم إلى عباره أو تيباره ليجغم. ومنهم من يخشى الله أو يستحي
ينتظر اليوم التالي بفارغ لواكة الصبر. لأن الحديث حذرهم بأنه
من عصى الله يوم العيد ، فكأنما عصاه يوم الوعيد ) ،
متناسين ما قاله الله في ذم أم الكبائر أصلاً !

● و من الذكريات المحزنة ، في قرية السعيداب ،
كانت أسرة مقبلة على عرس إبنها ، واستعداداً لتلك
المناسبة ، شدوا المريسي ، كانوا عادة يفرغونها من
المراجل الضخمة أو البراميل في (طشوت) نحاسية
ضخمة ، لتبرد ثم تصفى وتأخذ طريقها إلى التيبار .
والطشت يغلي ، سقطت فيه بنت الثمانية أعوام و
ماتت لتوها. (آسفين جرحنا مشاعركم ، أعرف لأنني
رغماً عن معرفتي المسبقة نزف إحساسي بقوة،لمجرد
اجترار الذكرى) لكنها واقعةٌ عز عليّ القفز فوقها .
و هي مبنيةٌ على الخبر الذي سمعته حينئذٍ..
وما كنت حاضراً.

● حكت لي حبوبتي لأبي (ست النفر بت طه الحنكابية )
رحمها الله . أن الأنصار وهم في طريقهم إلى فتح مصر ،
أظن في عهد خليفة المهدي عبد الله ود تورشين ، حرموا
على أهل المنطقة التمباك ، والسجاير ، والمريسي . فما كان
من شاعرهم إلا أن صدح ساجعاً : تطير يا أب جبه تسكن
في الضهاري يجينا اب دره مار فوق اللهالي..نشيل السوق
نجيب ورق السجاري يجض شرموطنا بوسط الجراري.

● وقطعاً تلك الجراري لن تكون مملوءة
من بئر زمزم !! تأملوا كم يعشق شاعرنا
المريسي ،فأب جبه هو السوداني الذي طرد
الإنجليز ، وأب درة هو الخواجه الذي كان
دائماً يحمل درة أي عصا .

● ومن نوادر ما يتحكَّون به عن الشايقية في ذات السياق
أنهحل(قحطٌ) وجفاف بالبلاد (ذهب الشايقي للانداية ، دخل
أصبعوا في المريسي ومصاهو ، ما عجبتو . كرر الحكاية إلى أن
لم تبق إنداية لم يدخلها . أخيراً جر بمبرو و قعد : ( الخدم ديل
جنن و الله شِنو ؟ طالقات المريسي مويي ، ودايرات المطر ينزل؟
تراهو نزل ) . ثم ذاك الذي عاد من الحج تائباً من المريسي توبتةً لدا
و كأنها لم تكن توبةً نصوحاً . مرت الشهور و هو يعاني الأمرين من فرط
حنينه إليها. ثم حدث أن كانت هناك باشي بالحي . وفي طريقه إلى الصلاة
بالجامع الكبير... مر على توابيرَ فارغةٍ أمام بيت المناسبة. هبت عليه من ناحيتها
(ريح الصبابة و لىاطع الصبا عنفوان الشباب !! ). توقف قسراً. توجه إلى أقرب تيبار
كانت به دعكة (رغوة ) ملتصقة. . فما كان من حاج ( أم قلة) إلا أن حنف سبابته و
(خرت ) من (الرغوة) واطبق لسانه عليها لاحساً . ثم ألقى نظرةً حسرةٍ متيمةً
على الدُّلُّق مناجياً ما كان فيه : " انتي آخرابي لا أسع في حلاتك دييييكي؟
تقول عاصرنك من بلحة بت دمودي وكت النسيم هبَّالا..جابت ليا شيتن
مُطقو ما بتحالا) .ثم مضى الحاج إلى الجامع ليلحق صلاته.

● لو جينا نعمل ورقةَ عملٍ و لا دراسةً تحليليةً
حول ثقافة و تاريخ تعاطي الخمور البلدية لدى كثيرٍ
من أهالي بلدي يا الحبوب ، بوصفها مصدراً غذائياً هاماً
بقدر ما هي مسكراتٌ موبقاتٌ من أمهات الكبائر "السبعة و
زمتا" ما ظنيت بنلقى لينا مرجع له قصب السبق في تناولها
بصفةٍ علميةٍ أعمق و لا أشمل من عمنا التراثي المَخضرَم
الراحل الأستاذ / الطيب محمد الطيب، طيب الله ثراه
و قدَّس سرَّه عبر صفَحات كتابه الشهير (الإنداية) .
● هو أفضل من تحدث عن صناعة (المرايس)
و طقوس تعاطيها و تقفَّى أثر صانعاتها و صانعيها
و معاقريها و كذا نُدمائها و ظُرفاء مجالسها ، ممن
صُنعت لهم و حُملت إليهم . و لقد فصَّل الكاتب
في أبواب بحثه و دعمه بمصادرَ حيةٍ و برواياتٍ
شفهيةٍ و مشاهداتٍ مع مشاهير أهل الكار.

● عمنا البروف عبد اللطيف البوني جابا لينا من بعيد
إذ يقول: للسودان ميزةٌ تفضيليةٌ مثاليةٌ في إنتاج الذرة
بكافة أصنافها و أشكالها، خاصة الرفيعةُ؛ إذ إن المائتي مليون
فداناً الصالحة للزراعة فيه كلها قابلةٌ لإنتاج الذرة ، و الذي يُزرَع
فيه الآن قد يبلغ في المتوسط خمسين مليون فداناً ، أما من حيث
الإنتاجية فالسودان الأسوأ في العالم ؛ إذ إن متوسط إنتاج الفدان
جوالين فقط بينما المتوسط العالمي يصل إلى اثنين طناً أي عشرين
جوالاً و ذلك لغياب التقانة.(شماعة منطقية لتعليق الفشل ).ونحن
معاشر شعب الله المحتار تقول فينا قنابير و ريالتنا سائلةٌ.

●لكل الذي تقدم و غيره الكثير المثير بلغت أسعار
(العيش) أرقاماً فلكيةً و هذا يفسر بدوره طيران أسعار
اللحوم والبيض و الدواجن والألبان؛ لأن الذرة هي المكون
الأساسي للأعلاف ؛ ناهيك بطبيعة الحال عن كسرة الخبز.

● ظل العيش مِنذُ عهودٍ غابرةٍ و حتى حينه يُهرَّب مع رفيقه
الصمغ العربي و على عينك يا تاجر إلى دول الجوار سواء أكان
طعاماً أو (شراب)أي: كمادة خام أساسية تدخل في صناعة بنت
الحان الحديثة ليد أن عاصمة الاءات التلاتة اكبر مستهلك لشراب
الذرة وقد وصل سعر الباقة منه أسعارا تفوق (الويتلابل) ان صدق
الذي حدثني. مما تقدم يتضح لنا ان الذرة محصول استراتيجي أكثر
من القمح الذي نلهث به صباحا ومساء ومع ذلك لقد كرسنا له مقال اليوم
لنثبت ان السياسة عندما تدخل في الزراعة بتلحقها أمات طه ، فالمطلوب
الفصل الراشد بينهما كما ذكرنا بالأمس. وكل عام وأنتم بخير والحمد لله
ان الذرة لا يدخل في صناعة الشربوت أما العنوان فهو مأخوذ من دوباية
كان يرددها خالاً لنا عندما يكون مبسوطا (يا السروجوك من أمس \
وصفوك مع عين الشمس\ ياعيش ما تدفرني براي بمش).

▪قبال نمش بعيد من حكاية الدِّفَّير دي
نذكر من مضحكات ناس ساس يسوس البغال و
الحمير "لتركبوها و زينةً "فهو راجلٌ مسوِّسٌ بامتيازٍ.
▪فا داعمنا حاج البلة قام بي طشمة كدا رامي الطلاق
فوق مرتو البِخَينة و بسبب تافه جدن : إنو لقاها مسوية
المنجرية في غداها لًقمة بريدة بموية زرقاء ؛ و هي لأنها
عكليتة وما من النوع الأحمق اللي أول تسمع: إنتي طلقانة
تحمبك تختف توبا و تلحس راحاتا و فللي على بيت أبوها.
▪بالعكس خالتو البِخَيتة سوت شُغل تناحة الدولة العميكة ،
فبعدما مرقت ضربت حماسيها في سداسيها و جاتو قالبة
تتاوق بالشباك و ناغمتو : هييي آالبلة ود عمي خلاس ما
تزعل بفقع ليك فوقا بانضورة ، أها بترجعني في مسماي؟
و يلا فضلت تناور يوماتي بتجي تتنصت برقراق الباب،
فعسى و لعلو ربنا يفرج الحال و الصنارة تغمز تاني، وهو
زاتو مشتهيها و حاسي بحركتا و عايز يجس نبضها ، رفع
يدينو وقعد ينهم: يابوي الشيخ فرح ود تكتوك هيي تلحقني
و تفزعني ترجع لي مرتي هسي دي، يلا زولتك ما صدقت
طوالي جات دافرة الباب بي قرونا و تزغرت، يابا الشيخ
يا (تكتكة)بشويشك عليا و ما تدفرني براي بمش.
تخريمة سريعة :
♧ أها قالك: حزب المنصورة بجاي دفن رفاة
أبوها المنصور، قدس الله سِرَّه و طيَّب ثراه و [دفرا]
بجاي ترجع "تبرطع" مع قحاحيط الحرية والتغيير.

▪على أيام مملكة سنار ،أبونا الشيخ فرح ود تكتوك
و في رواية أخرى بل هو الشيخ أحمد ود عيسى ، أفتى
لقومه بتحريم الخمر أم الكبار فغضبوا من جرأته على الفتيا
فاقتادته عصبةٌ منهم إلى عرش الكنداكة تيرا، والتي انكرت
عليه شناعة فعلته لاعتبار أنه جاء شيئاً فريَّا، ذلك نظراً
لكون الخندريس هي الوسيلة الأنجع لغاية تبررها ألا
وهي تخدير الشعوب لكي يبقى الملوك أزلاماً
على سُدة عروشهم خالدين فيها مسامير.
▪فأصدرت الملكة فرمانها فوراً بضرب الدنقر(دق النحاس)
ليحشد الناسرضُحًى كي يشهدوا إعزهاق روح ذلك الشيخ تعيس
الحظ سيء الطالع لطماً بالكفوف و ركلاً بحوافر الخيل حتى الموت.
▪ لكن بما أن فكينا المفترس كان مؤمناً فطِنا و ليس كيس قطنٍ
لما علم أنه كان داقساً فواقعاً لا محالةَ في شر مآذقه ضرب أخماساً
في سظاسٍ بجزءٍ من لمح البصر لكي ينفد بعنقه من حبل المقصلة!
فلما مثُل أمام الجلاد طلب أن يؤذن له بالقاء خطبة وداعه على
و بين يدي صاحبة الجلالة . ثم بعدما حمد الله و أثنى عليه تنحنح
وقال: يا قوم: نحن أمةٌ تدين بشرع الله الحنيف و الذي لما حرم
الخمر لم يفعل ذلك إلا على فتراتِ و أربع مراحلَ ، بدأها بمجرد
المفاضلة ، حين قال في سورة النحل [وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ
تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ]؛
ثم لجأ إلى الذم حين قال:۞ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا
إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ } ، قبل أن يبت
في شأنها بأمر فصلٍ و ما هو بالهزل ولا رجعةَ فيه قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}.
▪و لعل كل ذلك التدرج ما كان إلا لعلم الخالق بطباع
خلقه. و إن واقع حالكم يقول إنكم لا تزالون في طور الذم
حتى يمن الله علينا و عليكم بنعمة اجتناب نهيه عن الخمر.

▪ فلما سمعت الملكة تيرا منه ذلك أثنت عليه لحسن
صنيعه و بديع لباقته و أصدرت عفوها عن دمه الذي أهدرت
بل و أجزلت له العطاء وعاد الناس يعصرون و يشربون.

♧ قريبن لينا من قرية اللعوتة الحُجَّاج
نقل إليَّ عن عمنا البروف/ عبد اللطيف البوني،
إنو كذا مرة بِيمشي يشارك ناس كنابي شُركيلة
المنتشرة عندنا هنا في ربوع أرض المحنة في
قلب الجزيرة، أثناء أعياد حصادهم للعيوش.
▪طبعن في كل موسم تجدهم يستنفرون نفيراً لكي
يحصدوا لبعضهم البعض، بحيث إن القوي يسند الضعيف.
ولامن ينتهى حصاد السنابل تراهم يقيمون احتفالاتهم صاخبةً
بحلول المناسبة. على أن أغرب ما تسمعه منهم و هم يتقالدون
بالإحضان ، يتبادلون التهانئ و التبريكات بما قسم آلله، رافعين
أكف الضراعة إلى السماء داعين أن:"تشربوه بالصحة والعافية"
على أن ذلك {عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ }، خلافاً
لقوله تعالى{فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا
تَأْكُلُونَ} و ليس مما "تشربون". فشايف كييف؟!!
ود ال ح ي شان ال ت ل ا ت ة
مؤمنٌ ملدوغ من جُحرٍ مرتين ومؤذنٌ
محجورٌ منزلياً بجزيرة مالطا

∆ لا يجوز گلا ، بل قد يحرم الخوض في مثل هذه التراثيات و الصور الفوگلور
النادرة و نضرب الذكر صفحا عن صاحبها عمنا العلامة الراحل الطيب محمد الطيب.
∆ يقول محمد المهدي بشرى :لم يكن أحد ليصدق أن هذا الشاب القروي البسيط
والذي يدعى الطيب محمد الطيب (1937-2007) يمكن أن يفجر ثورة في دراسات
الفولكلور السوداني، إذ لم يكن يحمل أي مؤهل أكاديمي يساعده في هذا المجال، لكن
هذا الشاب ظل يتجول- منذ أن كان في العشرين من العمر- في الحقل جامعاً للجنس
الفولكلوري، و ظل في الحقل قرابة نصف قرن، وعندما لفظ آخر أنفاسه كان قد ترك لنا
رصيداً ضخماً من أدبيات الفولكلور من الكتب والمقالات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية،
من أهم هذه المساهمات كتبه المسيد (1998) الدوباي (2002) والإنداية (2004)
ومئات الحلقات من برنامجه ذائع الصيت صور شعبية الذي ظل يقدمه عبر شاشة
التلفزيون القومي لما يقارب الثلاثين
∆ والشيء نفسه نجده في دراسته عن الأنداية التي تولدت من خواطر عامة ترسمت
في ذهنه منذ الطفولة، ونجده يصف كل هذا في مدخل كتاب الأنداية (الطيب: 2004).
يذكر أنه أثناء بحثه عن أحد رواته قيل له أنه “ذهب للأنداية” وذهبت جهة الأندايات في
تردد وحياء شديدين وكانت تدور في ذهني مشاعر شتى وأنا مقبل على هذا المكان الذي
لم الفه (هكذا) ولي فيه رأى أو يجب أن يكون ليه فيه رأي مسبق بحكم نشأتي في
بيت أشبه بالبيوت البيت نطلق عليها البيوتات الدينية” (نفسه: أ).

∆ لسة جاية مسميات النبيذ و مصطاحاته و هى إذا قمنا نعدها لا نحصيها
صنفيه الخمور البلدية مسلن زي( عرقي بقنية حسوة تمبارة، شربوت ) بگلا
و الأفرنجية و أشهرها (الشري ، ويسكي الحصان الأبيض White Horse،
گونياك ، جن و براندي). و تگاوين صنعها و لوازمها مثل تمر زريع، سورج
مشك كلونيا و ما إلى ءدذلك من مشافات الكحوليات بصفة عامة.
∆ و هناك أيضا أدوات صنعها و تحضيرها و شربها من(خمارة، تيبار،
كنتوش، گبق، دلق، صفاية، بوصة عبار ، قرعة) وتوابعها و متعلقاتها من
المزمزات و القزقوات والنقبلات و أفضلها شواء اللحم.
∆ هذا ناهيك عما حوته بطون المعاجم من جوانب في وصف
أحوال الخموأسمائهاو مجالسها گطبائع الخمر، طبائع الندماء، طبائع
السقاة، الكؤوس و الأدنان ؛ فضلا عن مواخيرها و حاناتها و ساقيها
و شاربيها و معاقربها و صانعيها و حامليها و من حملت إليهم
فگهلم في جو البهجة سواء كما في الوز ىسواء بسواء.
يقول: ترى الإنسان الضيق الصدر البخيل الحريص مهينا لماله،
فيها أي في شربها إذا أمرت الخمر عليه، أي إذا أديرت عليه(5)
« صبنت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا»الصبن:
الصرف، والفعل صبن يصبن . يقول : صرفت الكأس عنا أم عمرو،
وكان مجرى الكأس على اليمين فأجريتها على اليسار.

هاكم دي رمية من عمنا جقود دافنشي
فيها مراشقات إخوانية ناعمة ولا أطعم مع
حبيبنا وشيخ عروبنا بريمة بلل الشيب

Quote: وليد بقارة حلاتو بي النضارة كويس جيت هنا **** توقيع جقود الجديد ارض سلاح في ديوان ود الاصيل كان منعوني من الريد. قلنالو يا عمو والجدي البحلمبو بر جع تاني للعرقي ومبيت الكمبو

قلنالو:شغلك نجيض يا عمو جقود و بركة
البقينا (تاية) ولا حتى (إنداية) لي لمة الحبان.
و كان لينا مراد نفتح دكان ود البصير هنا.

+ليس بعيداً عن الكنابي و هي منتشرة عندنا في
ربوع جزيرة واغ الواغ تقطنها قبائل شُركيلة و تامة
وبرقو جاء بهم إلينا جني القطن حتى استوطنو في قرى
اساميها تقطع الوضوء و الخميرة من بيت النمل، ناس كجنة
و حشرات و فج الحلا والوالي دقس بأرض المحنة و في قلب
الجزيرة على ضفتيها بالهوج والرهد و قد ظهرت لهم الآن طبعن
أصوات تنادي بحق المواطنة و لهم منا كامل الدعم في ذلك.
+الشاهد عمنا بلة ود حامد ود عوض الكريم قدس الله سره و طيب
اثرة و أندى ثراه من قرية أم شانق حاج إبراهيم شعال أخصائي لياس
لجدران بيوت بزبالة روث البهائم و أحياناص بعر البني آديمين و سوقنا
هناك يومين في بحرالأسبوع هما بالنسبة له عطلة رسمة سواء مدفوعة
أو منزوعة الاجر ما فارقة ، ففي يومه ذاك وكعادته ،خلع ثياب المهنة
وتوجه إلى حيث الأنداية في سوق أم شانق ود سعد المجاورة ،
و قد سلك إليها ديداباً يمر ششاقاً جبانة التُّرَب( المقابر).
+ هناك لقى ليه كرتونة أو قُفة مكفيةً وهي تتموج و تضطرب كأنها
جانٌّ ف"ولى مدبراً ولم يُعقب "، متوجساً مها خيفة ً بادي الرأي، و يلا
راح ينده و ينهم في أهل أب حراز أسيادي و جميع ليهم بنادي ؛ما خلا دفع
الله أبو صويان الدفق الوبان ، الشريف نسبو.. الجر الشمش مع ا لملايكة
ماغلبولا يوسف أبو شراء سابق "يا"، ولا أبو عشة التور،لا جدي العليش
القلب القطنعيش ـ لا عبد الباقبي أرزق طيبة غرار العبوس دار الكمال
ونقاص دوبة حليل أبوي اللي للعلوم درَّاس ، و لا حتى تور عفينة الشين
الشيخ عوض الجيد البجيب البعيد ، إلى أن تبين له أن بداخلها كان عتوداً
(سخل ماعز) حي يُرزق فتأبطه رزقاً ساقة الله إليه مستأنفاً طريقه إلى
الإندية و هناك استل سكينه و بادربذبحه على الفور من الأضان
+ لللضان وباشر سلخه و تقططيعه و سلمه لتام زينو لتشويه
الشاهد، في الأثناء كان هناك نديم آخر يسترق السمع و يطيل
النظر إلى عمنا بلة ، إلى أن حملة الفضول على سؤاله : يا بلة إت
العمبلوق دا هولك ول سارقو؟!عمنا بلة رد على سؤاله صاعاً بصاعين:
أها و أن يا ود أبو الزين مالك بتسعل ، نعلك مودر لك بهيمةً من مراحك؟
داك أكلا في الللباد وقاللو ما ني مودر ،علا دا عتودي و إت لقيتو أنا ملبدو
في المقابر قلت بعد تخف كراع الغاشي و الماشي للسوق . لكن عمنا بلة
ناقشو من البداية، قاللو ياخوي سراق سرق سراق، تحين جر بنبرك
و أدن جاي بي عبار مريستك و تعال نمزمز ونشرب سوا

و قبل أن نخوض ونتحر عميقاً لنسبرأغوارالخمر المعتق
بمعانيها العضوية و الحسية فكذلك لا بد أن لها ما لها من معانٍ
سحرية وأبعادٌ خماسيةٌ روحانية لا تقل ، كلا ، بل تزيد في مدى
مخامرتها للعقول ودغدغتها لأذينات و بطينات الأفئدة وكسرها
لأرنبة أنوف النوفس تدجين عنفوان الصبا و برطعة الشباب.

فخمرالعشق ليست كمثلها أنثى الحمدُ الله الذى حرم علينا الخمِر
واِستثنىأم كبائره الحُبّ فجُعلهُ لِعُبّادِه حلال زُلالِ سخاءً رخاءً لذَّاً
سائغاً يُسكِرُ الشّارِبيْنِ..والشّكر لِلموْلًى الذى لجم حُدودِ الشّهوَةِ
وعقلها بِالزّواجِ وأطلق جماح العِشق فى كُلّ وادٍ بِهِ نهيم..

يا فؤادي لا تسل أين الهوى .. كان صرحاً من خيالٍ فهوى
إسقني وأشرب على أطلاله .. وأروِ عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً .. وحديثاً من أحاديث الجوى
أين مني مجلس أنت به .. فتنةٌ تمت سناء وسنى أ
وأنا حبٌ وقلبٌ هائمُ .. وخيالٌ حائرٌ منك دنا
ومن الشوق رسولٌ بيننا .. ونديمُ قدم الكأس لنا
هل رأى الحب سكارى مثلنا .. كم بنينا من خيالٍ حولنا
ومشينا فى طريق مقمرٍ .. تثب الفرحة فيه قبلنا
وضحكنا ضحك طفلين معاً .. وعدوّنا فسبقنا ظلنا
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق .. وأفقنا ليت أنّا لا نفيق
يقظة طاحت بأحلام الكرى .. وتولى الليل والليل صديق
وإذا النور نذيرٌ طالعٌ .. وإذا الفجر مطلٌ كالحريق
وإذا الدنيا كما نعرفها .. وإذا الأحباب كلٌّ في طريق

َيُّها الساقي إِلَيكَ المُشتَكى
قَد دَعَوناكَ وَإِن لَم تَسمَع
وَنَديمٌ هِمتُ في غُرّتِه
وَشَرِبت الراحَ مِن راحَتِه
كُلَّما اِستَيقَظَ مِن سَكرَتِه
جَذَبَ الزِقَّ إِلَيهِ وَاِتَّكا
وَسَقاني أَربَعاً في أَربَع
غُصنَ بانٍ مالَ مِن حَيثُ اِستَوى
باتَ مَن يَهواهُ مِن فَرطِ النَوى
خافِقُ الأَحشاءِ موهونُ القُوى
كُلَّما فَكَّرَ في البَينِ بَكى
ما لَهُ يَبكي لِما لَم يَقَع
ما لِعَيني عَشيت بِالنَظَرِ
أَنكَرَت بَعدَكَ ضوءَ القَمَرِ
عَشِيَت عَينايَ مِن طولِ البُكا
وَبَكى بَعضي عَلى بَعضي مَعي
لَيسَ لي صَبرٌ وَلا لي جَلَد
يا لَقَومي عَذَلوا وَاِجتَهَدوا
أَنكَروا شَكوايَ مِمّا أَجِدُ
مِثلُ حالي حَقُّها أَن تَشتَكي
كَمَد اليَأس وَذُلَّ الطَمَعِ
كَبدٌ حَرّى وَدَمعٌ يَكِفُ
يَعرِفُ الذَنبَ وَلا يَعتَرِفُ
أَيُّها المُعرِضُ عَمّا أَصِفُ
قَد نَما حُبُّكَ عِندي وَزَكا
لا تَقُل إِنّي في حُبِّكَ مُدّع
كان حفيد ابن زهر الأندلسي طبيبًا ممتازًا، ولكنه في الواقع كان
فيما يبدو طبيبًا للإنسان نفسًا وجسدًا؛ فيقال إن له كتابًا في الطب النفسي،
إلى جانبالموشحات المختلفة التي من بينها موشح "أيها الساقي" الذي أثار
سماعهالخواطر التي تجلت في هذا المقال. و لابن زهر قصة غريبة بعض
الشيء،ولكن على غرابتها فهي تتشابه مع غيرها من قصص المبدعين
الذين تعرضوا للوشاية بسبب إبداعهم وكفاءتهم؛ حيث تعرض للوشاية
لدى الخليفة المنصور حاكم الأندلس بأن الحفيد أبا بكر بن زهر "يحوز
كتبًا عن المنطق والفلسفة"، وهي التهمة التي تمت التبرئة منها.

هذه نبذة بسيطة مخلة عن حياته، ولكن الجانب الأبرز فيها هو أن ابن زهر كان
من أعلم أهل عصره باللغة إلى جانب علمه الشرعي، وهو العلم الذي شهد به معاصروه.
وهنا قد يتساءل البعض: كيف له أن يؤلف موشحًا صوفيًا بهذه الحرارة؟! في واقع الأمر،
السؤال في ذاته يعبر عن قصور في التفكير يتمثل في القول بالتناقض بين الزهد والشرع؛
فالزهد في جزء منه هو محاولة للوصول إلى مستويات أعلى من العبادة، والارتقاء في
العلاقة مع الله تعالى، الأمر الذي قد يتعارض مع أصل الشريعة الإسلامية.
وهذا الموشح جري على عادة التصوف في العشق الإلهي بالحديث عن الذات الإلهية بأسلوب
الحديث عن المحبوب المتبتَّل في حبه، وكذلك باستخدام بعض التعبيرات بمعاني تختلف عن المعاني
المتعارف عليها؛ فالساقي هو رب العزة (المتولى الأكبر للمصطفَين الاخيار من عباده, وهو الله العالم
بالمقادير ومصالح أحبائه، وفق تعبيرات القطب الصوفي أبي الحسن الشاذلي) االذي يسقي المقربين منه
الشراب الممثل في (النور الساطع عن جمال المحبوب، كما عرفه الشاذلي) بينما الكأس هو (اللطف
الموصل ذلك إلى أفواه القلوب وفق تعبيرات القطب نفسه). أما تعبير "وإن لم تسمع" فهولا يعني
قدحًا في الذات الإلهية كما فهم البعض، وإنما يعني عدم الاستجابة للدعوة في الدنيا.

و أما قول الشاعر ابن زهر (الحفيد)
"وسقاني أربَعا في أربَع" فهو جدير بأنيشكل لذاته ، مثاراً
لمطارحة أدبية أثارتها قارئة حصيفة يقال لها أملوهي يهودية
عراقية ما زالت تحافظ على تعشقها للعربية ، والمسألة هي:
ما معنى "أربعًا في أربع" في موشح ابن المعتز الذي مطلعه:
قيل لها: إنه يقول إن النديم سقاه أربع كؤوس في أربع مرات متتالية
(والمتعارف أن تقديم الكأس كان ثلاثا كقول الشاعر أبي نواس:

حتى تغنّى وما تم الثلاث له
حلو الشمائل محمود الثـنيّـات

فهو يريد أن يؤكد على سَوْرة شرابه وشدة سكرته.
وهذا الموشح نسب خطأ إلى ابن المعتز (861-908م)
وسآتي على ذلك بعد أن استوفي مسألة "أربعًا في أربع".
قال لي الدكتور عباسي: سأدعك تحادثها هاتفيًا لأن لها
رأيًا آخر أحب أن تسمعه.
قالت: هذا الموشح كان عندنا في العراق، وكنت أسمعه، وأسمع المغنين يلفظون
"أربَعًا في أربَع" – بفتح الباء في المرتين – والصحيح في رأيي أن حركة الباء
هي الضم" أربُعا في أربُع" ، فالأربُع هي جمع رُبْع - بمعنى القدح أو المكيال
الذي كانوا يشربون به عندنا في العراق – بلد ابن المعتز – وأما الأربُع
الثانية- فهي الأحياء او الأنحاء جمع (رَبْع).
قيل لها: إن الباحث إذا كان جادًا لا يرفض رأيًا إلا بعد
أن يتيقّن. وبعد تقليب المسألة ودراستها تبين لي:

أولا: أن جمع الرُّبْع – المكيال – هو أرباعٌ ، وليس أربُعًـا (بالضم).

ثانيًا: لماذا نكلف هذا النديم المعشوق الذي هام الشاعر بغرّته،
ويريد أن يشرب الخمرة من راحته، إلى أن يتجول معه في ك
ربع وناحية، وما ضرورة هذا التنقل في أبيات الموشح؟!

طبائع الخمر
تعددت أسماء الخمر، وهي إما بحسب ألوانها أو تأثيرها أو صفاتها، أو طرق تحضيرها.
وتعداد أسمائها والشواهد المرتبطة بها كلهاعصيٌة على الحصر. وقد حاول الفيروز آبادي في
معجمه ذلك، إذ تحضر شواهد الأسماء من الشعر المتأخر أو المتقدم، ومن أسمائها حسب اللون
"الصهباء" ( اللون الأَصفر الضارب إلى شيءٍ من الحمرة والبياض)، و"الكميت" (لما فيها من
سوادٍ وحمرة)، و"المشعشعة" (ما خالطها الضوء إثر مزجها بالماء)، و"الصافية" (غير المخلوطة).
أما حسب طعمها فـ"أرقها الصهبا، وأعذبها الحميّا، وألطفها السلاف، وأخفها المٌدام، وأظرفها
القهوة، تُقهِي أي تُكْرِه الطعام أو تُقْعِدْ عنه، وأقبحها القرقف وأفضلها الراح و عبقري الرباب".
وهذه الأسماء تتغير معانيها لتحيل للأحوال أو أسماء الأشياء، فكل اسم مشتق إما من السياق
أو الصفة التي تعطيها الخمر. إذ إن مفهوم التسميّة، مرتبط بالتجربة الشعريّة، بموازاة الآلية
الطبيعية للتسمية والمرتبطة بمراحل التحضير أو اللون. فالشعر أغنى معجم الخمر في اللغة
العربيّة، لنقف أمام ألفاظ انحرفت معانيها عن المعاني الأصلية، فتكون التجربة الشخصية
للشاعر هي ما يشكل أساس المعجم ومادته الخام قبل تدوين المعجم، بوصف قول الشاعر
مرجعية وجود هذا اللفظ. ونورد قول البحتري هنا:
شرب على زهر الرياض يشوبه... زهر الخدود وزهرة الصهباء
من قهوة تنسى الهموم وتبعث الـ... شوق الذي قد ضل في الأحشاء
يخفى الزجاجة لونها فكأنها... في الكف قائمة بغير إناء
ولها نسيم كالرياض تنفست... في أوجه الأرواح والأنداء

"عبقري الرباب"
قدم د. عبداللطيف سعيد كلية اللغة العربية- جامعة إفريقيا العالمية شرحاً ضافياً لقصيدة
(أنشودة الجن) للشاعر التجاني يوسف بشير والتي تغني بها الفنان السوداني الكبير سيد خليفة.
ووفقاً لرصد ومتابعة محررموقع النيلين فقد قال د. عبد اللطيف في كتاباته: ماهي” انشودة الجن”
التي جن بها الناس جنوناً؟ لا تجد في السودان من له ” ادني مسكة من أدب ” إلا وهو يحفظ قصيدة
” أنشودة الجن” للشاعر الكبير التجاني يوسفبشير أو إن لم يحفظها كلها يحفظ جزءا أو أجزاء منها
وهي دائرة على الألسن بسبب اللحن الراقص الجميل الذي وضعه ويغنيها به الفنان سيد خليفة
ومما ثبت هذه القصيدة في الأذهان هو أنها مقررة في منهج الأدب في المدارس ولذلك
صارت متداولة بين أجيال المتعلمين من السودانيين . كلنا إذن نحفظ ونغني ونرقص
مع” أشودة الجن ” للتجاني يوسف بشير ..

ولكني لما تفحصت القصيدة فوجئت بأننا نفعل كل ذلك مع أنه لا أحد منا يعرف : ماهي :
أنشودة الجن” ! فالشاعر يبدأ قصيدته قائلاً
: قم ياطرير الشباب غنّ لنا غنّ
ياحلو يا مستطاب انشودة الجن
إذن ـ من هو : طرير الشباب هذا ؟ الذي يطلب إليه الشاعر أن يغني لهم أنشودة الجن؟!
فلا نحن نعرف طرير الشباب ولا نعرف أنشودة الجن بل إن كل ما نعرفه عن طرير الشباب
هذا هو أنه حلو ومستطاب ! كما وصفه الشاعر ، ثم يأمر الشاعر طرير الشباب هذا بالقيام لكي
يقطفله الأعناب ( وان يعصرها طبعاً ) ليملأ له بها دنه لكن العجيب في الأمر أن تلك الأعناب
ليست من بستان كسائر الأعناب ولكنها من عبقري الرباب ومن حرم الفن .. إذ يقول الشاعر :
وأقطف لي الأعناب وأملأ بها دني من عبقري الرباب أو حرم الفن.
أعناب من عبقري الرباب ؟ كيف ؟ أو من حرم الفن .. ماهو عبقري الرباب
وماهو حرم الفن ؟! والناس لايسألون وكلهم يعجبون ويغنون ويتمايلون طرباً!

ثم يقول الشاعر :
صح في الربىّ والوهاد واسترقص البيدا
واسكب على كل ناد ما يسحرا الغيدا
وفجرّ الأعواد رجعا وترديدا .
حتى ترى في البلاد من فرحة عيدا
إذن ، مطلوب من طرير الشباب أن يصيح في الربى والوهاد كأذان سيدنا إبراهيم عليه السلام
في الناس بالحج ليأتيه الحجيج زرافاتٍ و وحداناً رجالا و على كل ضامر يايتن من كل فج عميق
من و هذا يريد أن يجعل البيداء ترقص وان يسكب على كل ناد ما يسحر الغيدا ، يسكب عليها من
أعناب عبقري الرباب وحرم الفن المبهمين اللذين لم ندر بعد ماهما ؟
كذلك مطلوب من طرير الشباب أن يفجرّ الأعواد رجعا وترديدا إلى أن يرى البلاد
كلها في حالة فرح وعيد! ما مدى صوت ” طرير الشباب ” ذا حتى تبلغ صيحته الربى والوهاد
ثم يسترقص البيدا وكيف له أن يفجر الأعواد رجعا وترديدا إلى درجة أن يملأ الفرح أرجاء البلاد
وتكون كلها في حالة عيد؟ أيكون التجاني قد أخذ ذلك من نداء ابراهيم للبشرية للحج ” لما قال لهربه
:” وأذن في الناس ” فلما قال إبراهيم لربه : ” وهل يبلغنهم صوتي ؟ قال له الله تعالي : عليك النداء
وعلينا البلاغ ” . ونحن لا نسأل ولكننا نطرب ثم نغني وقد نرقص !
يقول التجاني :
وأمسح على زرياب وأطمس على معبد
وامشي على الأحقاب وطف على المربد
واغشى كنار الغاب في هدأة المرقد
وحدث الأعراب عن روعة المشهد
أيكون التجاني هذا المثقف الراسخ يشير بطرف خفي إلى رحلة الإسراء والمعراج
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون أنه صلى الله عليه وسلم قد مسح وطمس على
الرسالات السابقة ونسخها ومع أنّ زرياب ومعبد مغنيان معروفان في تاريخ الغناء العربي
لكنه يرمز بهما هنا إلى الأنبياء السابقين وخاصة إلى ” المزامير” مزامير داؤد وغيره من
أنبياء الله التالية للصحف الأولي بأصوات آسرة ، فهو بتلاوة القرآن قد مسح على سابقيه من
( زرياب )(ومعبد) الأنبياء الأوائل .. ثم إنه في معراجه قد ( مشى على الأحقاب) إذ جمع
له الأنبياء مع اختلاف أزمانهم وصلي بهم مطوفا على المربد وهو هنا رمز لبيت المقدس)
حيث ربط البراق بالحلقة التي يربط بها الأنبياء دوابهم ثم إنه عليه السلام يغشي كنار الغاب
والكنار طائر فالأرواح في حواصل طيور خضر (رمز لأرواح المؤمنين) والغاب هناك هو
(سدرة المنتهي) ( وهدأة المرقد) هو مرقد هذه الارواح الطيبة التي هي هادئة في مرقدها النهائي
الذي ليس بعده نجعة ، ثم إذا هو رجع حدث (أعراب) مكة عن روعة المشهد!
ثم يطلب من طرير الشباب أن يصوّر على أعصابه وان يرسم على حسه فيقول :
صور على الأعصاب وارسم على حسي
جمالك الهياب من روعة الجرس
إذ أن جمال طرير الشباب منقدح من ( روعة الجرس ) وروعة الجرس هي مهابته وخشيته
التي تفعم شعور من يستمع إلى رنينه وذلك كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الوحي يأتي
إليه في هيئة قرع الجرس وهي أشد انواع الوحي عليه شدة وعناء .. أم هو رنين ( جرس الكنيسة )
التي آوت الشاعر بعد أن طرده المعهد العلمي ، وبقي في جوارها إلى أن مات في مستشفي إرساليتها
بداء الصدر إلى أن قال مشيدا بها: آمنت بالحسن بردا وبالصبابة نارا وبالكنيسة عقدا منضدا من عذاري
وبالمسيح ومن طا ف حوله واستجارا إيمان من يعبد الحسـ ن في عيون النصاري فهل التجاني في قراءته
المتعمقة للتصوف قد آمن بفكرة وحدة الأديان وصار عنده ( جرس الوحي المحمدي) متحد مع ( جرس
صلاة ابن مريم) كما قال الصوفي القديم : لقد صار قلبي قابلا كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأصنام وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن.
ويختم قصيدته المعضلة المفخخة بأن يطلب من طرير الشباب أن يستدن بابا باب إذ يقول :
فاستدن بابا باب واقعد على نفسي
حتى يجف الشراب في حافة الكأس
هذه إذن أبواب ( من أبواب السماء ؟) ويكون في ذلك رجوع ما إلى قصة معراج النبي وإسرائه
أم أنه يستدن بابا باب من أبواب الرقي الصوفي مرتقيا من درجة إلى درجة حتى ( يقعد على نفسه )
بمعنى يقهرها ويعود بها إلى جادة الأمر وصادق الرجعي إلى الله بعد أن ( يجف الشراب) شراب حان
خمر الأرواح الآيبة إلى ربها ولا يجف الشراب حتى تنتهي الحياة ويكون قد عبد ربه إلى أن أتاه (اليقين )؟
هذه قصيدة شاقة ومخيفة .. يكفى أني أحصيت فيها تسعة عشر فعل أمر: قم غنِّ ، غنِّ ، واقطف ، واملأ ، صح ،
واسترقص ، وأسكب ، وفجر! ، وأمسح ، وأطمس ، وأمشي ، وطف ، وأغشى ، وحدث، صور ، وأرسم واستدن،
وأقعد.. ومن عجيب ما اتفق في وهمي هو أن فعل الأمر (قم) موجود في سورتي “المدثر” و”المزمل” وأمررتهما
على قلبي فوجدت ذلك كذلك ثم إني وجدت في السورتين أفعال أمر متتالية يحاكيها تتالى أفعال الأمر عند التجاني
كقوله تعالى : ” يا أيها المدثر قم فأنذر وثيابك فطهر والرجز فأهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فأصبر ” وكقوله
تعالى في سورة ” المزمل ” “قم الليل إلا قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا وأذكر اسم ربك وأصبرعلى
ما يقولون وذرني والمكذبين ” بل إن في سورة المدثر ما هو أعجب وهو ذكر العدد ” تسعة عشر ” في قوله
تعالى ” عليها تسعة عشر ” ثم يقول تعالى ” وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا
الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم
مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي ما يشاء وما يعلم جنود
ربك إلا هو وماهي إلا ذكرى للبشر ” مما لا يدع مجالا للشك أن الشاعر أشار إلى العدد
تسعة عشر إشارات مقصودة … فما هي هذه الإشارات؟ ! ليت شعري ماذا سيقول
هذا المثقف الضخم وهذا الصوفي المعذب حينما يطل علينا من برزخه ونحن
نرقص ونغني على أنغام طلاسمه التي عذبته وعنته أتراه سيقول
مبتسما في حيرة : “اللهم أغفر لقومي فأنهم لا يعلمون” ؟.

طبائع الندماء
شرب الخمر، يتجاوز كونه متعة ذاتية، ليكون متعة أشد احتفاليةً بوجود الآخرين،
أو الندماء. وقد كثرت المؤلفات في آداب المنادمة وشرب الخمر، فالنديم تأتي من "الندامة،
أو من الندم إما لأنه يندم على مفارقته لوجود الراحة والأنس، أو لأنه يندم على ما يتكلم به في
حال سكره". وقد تفنن العرب بالمنادمة وآدابها، وقيل فيها حسب ابن المعتز الحق: "قلة الخلاف،
والمعاملة بالإنصاف، والمجاملة في الشراب، والتغافل عن رد الجواب، وإدمان الرضا، وإطراح
ما مضى، واستعمال ما حضر، و إحضار ما تيسّر، وستر العيب وترك العتب والطرب بلا هرج
ولا صياح، و ترك الافتخار بالحب و النسب..."
الإحاطة بهذه الآداب تستدعي الممارسة، والتأليف في هذا المجال يؤكد على أهميتها، وأهمية النديم،
رفيق الكأس وحضوره في المجلس، بوصف الخمر لا تحلو إلا بحضور الآخر، لأنها تفتح القلب
على الحديث، وهنا نذكر بعض ما قيل في الندماء:
قلت والراح في أكف الندامى... كنجوم تلوح في أبراج
أمداماً خرطتم لمدام... أم زجاجاً سبكتم لزجاج
كذلك قول ديك الجن الحمصي:
فقام تكاد الكأس تخضب كفه... وتحسبه من وجنتيه استعارها
مشعشعة من كف ظبي كأنما... تناولها من خده فأدارها
فظلنا بأيدينا نتعتع روحها... وتأخذ من أقدامنا الراح ثأرها

طبائع السقاة
يعتبر دور الساقي على أهمية مشابهة لتلك التي يمتلكها النديم، بوصفه "بديع الجمال،
زائد في الصرف والدلال، يفوق ببديع محاسنه الأتراب، ويدهش بلطف شمائله عقول
أولي الألباب". ومن آدابه "أن يستأذن جلساءه وندماءه في المزج أو عدمه، فمنهم من
لا تناسبه الراح إلا صرفاً..." وغيرها من الصفات. لتكون مكانة الساقي محفوظة، ولطالما
كان محطّ قول الشعراء والندماء، ويفرد له في القلب مكانة تقارب مكانة المعشوق أحياناً
كقول أبي نواس:
جنان حصلت قلبي... فما أن فيه من باق ِ
لها الثلثان من قلبي... وثلثا ثلثه الباقي
وثلثا ثلث ما يبقى... وثلث الثلث للساقي
فتبقى أْسهم ٌ ست ٌ... تُجزأ بين عشاق ِ
أو كقول العسكري:
ذاب في الكأس عقيق فجرى... وطفا الدر عليه فسبح
نصب الساقي على أقداحها... شبك الفضة تصطاد الفرح

طبائع الأدنان (الكؤوس)
تفنن العرب في أسماء الكؤوس والأباريق والأدنان، وأنواعها وصفاتها، وأيها أكثر جمالاً وتأثيراً على الشراب.
فقيل: "إذا كان ملآنَ يسمّى كأساً، وإذا كان فارغاً يسمّى قدحاً، ويسمّى الجام أيضاً"، "كما عرف تفضيل الزجاج
على الذهب والفضة، لأن الزجاج شفاف، وبالإمكان أن ترى الشراب فيه، وهنا اشتهر قول الصاحب بن عباد:
رقت الكاس ورقت الخمر... وتشابها وتشاكل الأمر
فكأنما الخمر في كأسٌ... وكأنما الكأسُ خمرُ
كذلك قول التنوخي:
وراح من الشمس مخلوقة... بدت في قدح من نهار
هواء ولكنه ساكن... وماء ولكنه غير جاري
إذا ما تأملته وهي فيه... تأملت ماء محيطاً بنار
إن الإحاطة بطقوس الخمر وتحولاته تحتاج إلى دراسات هائلة، فالأمر
يمتد ليشمل الأغاني والأهازيج والأشعار، ووصف المجالس وزينتها وحليّها،
لنرى أنفسنا أمام ظاهرة في التراث العربي تستحق منالنعطف على دراستها،
لتراوحها بين ماهو شرعي مقدس وماهو حياتي محرّم.

∆من حكاوي شراب الگرستال∆
® بالعودة إلى مجالس التعايشي ود تورشين ، مع تأسفنا
سلفا لورود ذگره سهوا لا عمدا،هنا في بوستنا المهبب بامتياز.
فمن أطرف طرا ف الخليفة عبد الله التعايشي قدس الله سره و
طيب قراع و غفر ذنبه و أعظم تجره و جبر گسره،ذات لحظة صفاء
كان في حضرة مجلسه العامر الوجهاء و أهل الذكر و الذاكرين في قاع
مدينة أمبدة گرور طبعن .. فقال لهم مستأنساً لحديث: في واحد بخاف
من الله و ما بخاف مني أنا .. و واحد ما بخاف من الله لكن بخاف مني ؛
و واحد تالت دا كمان كعب دُتْ ، لا بخاف من الله و لا من ود تورشين زاته
فتعجب القوم (دايرين يتعجبوا ساي) واستغربوا و تناظروا لبعضهم البعض.
ثم يمموا وجوههم شطر گگر الخليفة مستوضحين و مستفسرين عن الأمر.
فتبسم خليفة المهدي الكان منتظر (لامن جاء و فات). المهم نادى تاخليفة أحد
ملازميه و اتنهره قائلاً : امش لي الشيخ أمحمد ود البدوي ..و قول ليه سيدي
خليفة المهدي قالك: انفض إيدك من الفيها وتعااني جري دايرك هسع ..و شوف
بقول ليك شنو و بسوي شنو؛و تعال بسرعة كلمني ..و لا تزيد و لا تنقص..أمش.

♤ خف الملازم مسرعا الى الشيخ ود البدوي (جد الكوزة الحديدية سعاد الفاتح)
لقاه في حلقته يدرس طلاباً للعلم ..فوقف منشحطاً أمامه و بنفس النهرة قايللو:
يا الشيخ ود البدوي قوم معاي سيدي خليفة المهدي دايرك هسع. و لكن الشيخ لم
يوقف حماره في العقبة و لم يغير البدوي من هيئته أو يعدل جلسته إلا ان قال له:
قول لخليفتك ود البدوي عندو درس هسي في حضرة جناب من هو أعظم منك شأنا
ثم واصل في درسه غير عابئ باندهاش الملازم و الذي قفل عائداً إلى الخليفة و أداه
الشمار بما كان من رد الشيخ ود البدوي وهيئته اثناء الحديث فالتفت الأخير الخليفة
إلى جلسائه و قال بنبرة العارف برعيته؛ جنس دا لا يخشى في الله لومة لائم.

♤ ثم ان الخليفة أرسل ملازمه إلى شخصية أم درمانية معروفة من غير ذكر اسامي..
لينقل إليه نفس ما قيل لود البدوي .. فه‍رع الملازم اليه ..ليجده يتوضأ على (تبروقة)
بريد الصلاة و قد غسل قدمه اليمنى و تبقت له اليسرى فرفع إبريقه ليغسلها..فانتصب
أمامه الملازم قائلا: يا فلان الخليفة قال بدورك هسع..فانتفض الـــ(فلان) قاطعاً وضوءه
و جدع الركوة (إبريق مز الفخار ) لامن انكسرت و دخل ليلبس قفطانه على عجل استجابة
لنداء الخليفة هنا سبقه الملازم لا يلوي على شيء ناقلاً خبره إلى الخليفة الذي لما رآه
مقبلاً قال لجلسائه و هو يشير الى القادم مسرعا : تراهو دا النوع المو نافع ، لأنو
بخاف من الخليفة و لا بخاف من ربو .

♤ هنا ازداد شغف الحضور لمعرفة ثالثة الأثافي .. فهمس الخليفة للملازم أن اذهب
إلى النـــــــور عنقرة ..و قول ليهو سيدي دايرك هسع ..فانطلق الملازم إلى دار عنقرة
و وجده جالساً يعاقر أم الكبائر و بين يديه برمة مريسة عسلية ناصحة رافعاً (العبَّار )
الى شلاضيمه داير يكرع فوقف أمامه و قال له : سيدي الخليفة قال دايرك هسع. فقال
له النور ناهرا و ناعلن سلسبيله :أبيت ماني جايي.. ثم سحبه إليه أجلسه و أجبره على
الشُرب معه وكانت المريسة في عهد الخليفة حىتم سُخُتْ في وخصوصا لقادة الجيوش
مما يعدإثماً گبيرا . المهم الملازم كتحاو عبار عبارين لقاها طاعمة و فضل يگرع و يتجشأ
و يقش في خشمو و يقول: "أرقد آعيش أنا جرابك" لامن سِكر وقف لمبة و راجع يتتعتع
(سبعة تمانية) الهوا كمانن ضربو و ريحتو ضاربة..وصل الخليفة و وقف مبرو بعيد هنوك
عشان ما يشموا فيهو الريحة..قال ليهو:{ هاي، النور عنقرة قال ليك "ظط فيگ ماني جاي"
الخليفة قاللو: {خاو، النور عنقرة: كدي إتا قرب تعال و ما تبتعد..أشمك بكرة في الموعد!!
قاللو أقوا ليك قولة ؛ {و أنا زاتي ماني جاي} و لم يلبث إلا قليلا حتى ظهر النور عنقرة
راكباً فرسه و لابساً دروعه ..فقال له الخليفة ضاحكاً اقيف آالنور ماف كعَّة ارجع كمل
مريستك. و التفت إلى جلسائه قائلا : هذا لا يخاف من الله ولا من الخليفة.

                   

قصه قصيرة :
《 الجتقو مسامير الأرض 》

📖 جمع (الفكي آدم) ألواحه المصنوعة من خشب اللالوب ،
وحرص على وضع لوحه النحاسي أسفل مخلاته، تحسّر علي
سنينه الخُضر التي قضاها بين أهل القرية الذين أعلنوا له صراحة
بعدم رغبتهم في خدماته كفكي مقيم وجالب للمطربعد فشله في
كل ما قام به من إستسقاء وأدعية و قد تأخر هطول المطر تلك
السنة العجفاء..!!

●لبس فروتة النمرية كمحارب، إحتقب مخلاته التي خلت إلا
من ألواحه ودواية وعدة أقلام من قصب الذرة وبعض الكسرة اليابسة،
ولم ينس وضع قرن الكبش المملؤ بالشطة المتبلة علي أمل تغير الحال
وإستعادة هيبته المسلوبة في دار صباح حيث غادر ولم يودع أحد..

●و بعد مسيرة عدة أيام وبعد أن نال منه التعب ما ناله،
وصل لإحدى القرى وصادف يوم سوق القرية .. إختار أن يستريح
جوار طاحونة القرية .. بادله حجّار الطاحونة السلام بفتور، تجاذب
معه أطراف الحديث و علم منه أنه فكي مهاجر في طريقه لدار صباح..

●مع استمرار الجفاف في تلك الأنحاء، قام الحجّار بإخطار كلتوم الفدادية
التي تصادَف أنها في ذلك اليوم قامت بجلب بعض الزريعه لطحنها تمهيداً
لإعداد مريستها يوم غدٍ بحسب جدول الأعمال المتفق عليه بين الفداديات..

●أبدت كلتوم رغبتها في إستضافة الفكي وذلك لخلو خلوة
بيتها لنجوع زوجها طلباً لىقمة العيش ..أرسلت الحجّار لإبلاغ أعيان
القرية للإستعانة بالفكي في جلب المطر ، ورفض ذلك أغلب الموجودين
تحت شدرة الحراز التي تتوسط سوق القرية بزعم أنهم إكتفوا من إدعاءات
أم بتارا الذين لا يستطيعون جلب نسمة هواء ناهيك عن مطرة عدييل كدا،
و قالوا أن هؤلاء الفكوة العابرين يكلفون أهل القرية فوق طاقتهم وبوجودهم
تتناقص أعداد التيوس و الديوك التي تذبح لضيافتهم على الفاضي..

●أصرت كلتوم الفدادية علي إستضافة الفكي و تكفّلت بكل واجبات
ضيافة الفكي و هي تصر علي ذلك بغنج الغواني..وقَبِل الفكي آدم ضيافتها
على مضض .. قادته إلي خلوتها شبه المهجورة لغياب بعلها، و التي دبت فيها
الحياة بعدما كانت تشكو قلة فئرانها.
● وبمجرد دخوله تولى صبي عابر مهمة ذبح ديك إختارته كلتوم بعناية
وشرعت هي في إعداده ، و قدمت للفكي قرعة مليئة بالعسلية عين الديك
عب منها عباً و شرب شراب مودعٍ؛ مردفاً الصلاة على النبي .. سرعان ما إكتمل
إعداد الديك مرجخيساً طاعماً قدمته الفداديه للفكي مع بعض عصيدة الرز ، و في
نفسه إغتبط لعدم نسيانه قرن الكبش المملوء بالشطة القبانيت .. أكل كما لم يأكل من
قبل وغسل يده من إبريقه النحاسي وأحس ببعض النعاس .. تحامَل على نفسه و فرش
فروته النمرية و أخرج ألواحهُ و الدواية ، و عندما أحضرت له كلتوم دُلَنق العسلية قبلهُ
بإبتسامة عريضة بين نائم و يقظان و دلّها أن تتكيه في طرف العنقريب .. أعلن لها عن
رغبته في الدخول في نومة (بالخيرة) غير معلومة الأمد ، و قد تستمر عدة أيام لحين
قيامه بجلب المطرة.. أردفت بحنق: خلاس خليتك أبونا الشيخ..كمن تقول بلسان خالها :
شيفي الراجل ..الغديتو و عبيتلو قرنو سكَّرتو و أول ما شبع قبِّل مني أداني عنقرتو"

● انتكأ عمنا فكي آدم بعد خروج كلتوماية ليغط في نوم عميق قائلا ً في سره:
يحلها الله (الحل بلة من القيد و المذلة) .و بعد قليل و أثناء رجوع كلتوم بعد إبلاغها
للأعيان الرافضين لوجود فكي آدم في القرية بدخوله في خلوة للتضرع والدعاء لجلب
المطر بدأت السحب تتكاثف بسرعة وشالت أم رويق وقالت وررر .. مطراً لم تشهد
القرية مثيلا ً له في السنين الماضية ..

●أسرعت كلتوم للفكي وهي تصرخ فرحاً بهطو المطر وطلباً للمزيد من البركة.. نهض
مغاضباً من سباته العميق .. وخرج متلفحاً فروته من جلد النمر وحمل عصاتة أم شعقات
متوجهاً للسوق الذي صار رواده يتجارون طلباً للإحتماء من المطر الغزير الذي تواصل
إنهماره قصد الفكي حرازة الأعيان الذين وقفوا مشدوهين نادمين علي مجانبتهم
للصواب القائل باحتفائهم بمقدم الشيخ الذي رفع عصاته من أسفلها مشيراً بها
للسماء في زهو خالتطه سكرته النهارية صائحاً فيهم بتشفي : هيييي
أولا أم زقدة ، عيال النجس ، كفاكم ألمي و لا نزيديكم

《 إخفاء معالم جريمة الشربوت》

{أرقد آ بلح أنا جرابك !!!؟}
=====
●في ذات عيد من أعياد الأضحى .. بالسعودية قامت سودانية بمنطقة
الإحساء شرقي مملكة بنيسعود ، بعمل خلطة شربوت سخرية كاربة من نوع
(شراب الفقراء)..و كانت تكاوينه بالطبع : عبارة عن بلح بركاوي ولا بت تمودو
والنسين هبالا و جابت لينا ششتن مطقو ما بتحالا، ، مسمار قرتفل، هبهان، جنزبيل،
عرديب، عِرق أحمر (غرنجال) و قرفة و، لالول ، حرجل دواء الجضمارة
و أخيرن الشيه زراقد الريح (دواء كرونة جاهز).

● ثم وضعتْ الخلطه في دُلُّق (خمارة) أوبر أو بالعدم ميل صغير سعة 2 جردل كبير ..لأن
ضيوفهم كتااار،إذ يأتون زرافاتٍ و وحداناً ، كسيل العرم غير المنقطع .و أوْدعتْ البرميل
جخوناً صغيراً في مخبئٍ بركنٍ قصيٍّ بالشقة التي تبدو أضيق من كستبانةٍ .

● أما زوجها و لأنه من مرتكبي جريمة أكل الكبدة (النية) من الخروف عندما لا يزال هذا الأخير تحت
تأثير السلخ ..فقد أضاف خلسة و في غياب زوجته الهميمة ، قدح ثلاث ملاعق خميرة بيرة .. مما جعل
المشروب يصيبه الجنون و يثور و يفور في غضون يومين حتى تململ غطاء البرميل و تأبط شراً فأصدر
فحيحاً و هسيساً كهسيس الأفاعي الوشاشة تحت كومة تبن من القش. و ظنتْ الزوجة أن ثورة البرميل ربما
كانت بسبب الكتمة التي يرقد فيها البرميل في المخزن المليان كراكيب. و رغم أن ابنها (السغيروني) ظل يردد
عدة أيام :يمة في ريحة غريبة في شقتنا..إلا أن الأم كانت متأكدة من نظافة بيتها فقام الأب بلكز إبنه بجنبة كدا ،
و قال له :مناخيرك عاوزات نضافة.. يلا قوم با شافع أمرق ألْعب مع الشفع بعيد .

●ثم جانا العيد و إنتا بعيد..كانت أول زائرة لهذه الأسرة الكريمة جارتهم السعودية.. زوجة راجل بدوي متزمت ثقيل الدم ..
فناولتها الجارة السودانية (كباية) شوب كاربة من المشروب بركاني اللون ..و هي تذكر لها المكونات مع التركيزفقط على
الهبهان الذي يحبه العربان مع القهوة(نظام تشويق وتسويق)... فلحستْ السعودية المشروب جغمة فرد واحدة ..ثم
مصمصتْ شفتيها.. و تمطّقتْ ثم و زاغت عيناها قليلاً..و لأن الشربوت الغتيت من النوع الذي يمد لك لسانه لكي تقول:
هل من مزيدٍ ، فقد طلبت السعودية كوباً آخر و كرطعتو بجرة نَفَس واحد..! و هي تقول : فيهو شيتن زين ..و
شيتن موب زين ( كأنما تقول: حلو مر)!! ..ثم تلتْه بثالثةٍ فرابعة الأثافي..لامن رقدت بالجك كلو و خلت بس الحتروب
..فصارت تنجم كقارئة الفنجان! حتى ثقل منها اللسان و بقت صاحية كالنعسان.ابتسمتْ..ثم قهقهتْ بضحكة رخيمة..حتى
دمعتْ عيناها..ثم انتصبتْ "تطرباً تميل زاد وجدي ونزم عيني أصبح قليل"..و خرجت مترنحةً سبعة تمانية خطوة لقدام
و تلات شبحات (لورا ورا) و هي تقول : " أرقد آ بلح أنا جرابك" " ترا يا زين عصايركم يا السوادنة!!
و يقال إن لها جارة مصرية شماشرة سمعتْها و رأتها منتشيةً و هي تبعبع (تتجشأ) بأعلى صوتها عبر الكوريدور و قد بدا لها
كنفقٍ مظلمٍ .. و هي تقوم بالتمليس على بطنها و ابتسامة (وردية) بلون الأماني السندسية ترقد ناعسةً على شفتيها..

♡ ثم دخلت السعودية شقتها ..و رزعتْ الباب خلفها ..ثم ران صمتً رهيبٌ ..و هدوء كالذي عادة ما يسبق
العاصفة ..ثم شق السكون صوت السعودي زوج هذه المنتشية و هو يزبد و يرغي : تشربين المنكر يا بنت الـ(....)
و كمان في يوم العيد ؟!!! ثم خبط على باب شقة السوداني مهدداً و متوعداً : أنا الحين بجيب لكم الشرطة يا اللي
ماتستحون.. تسوون المنكر في بيوتكم في أيام العيد و كمان تسقوها لضيوفكم ؟ ثم إنطلق لا يلوي على شي ..

♡ فأخذت السودانية مع أبنائها خمارة الشربوت اللعين تحت جنح ظلام الليل ليودعوه أقرب برميل
زبالة ، و تنفسوا الصعداء بعد أن تم التخلص من جسم الجريمة ..و العهدة على الرواة ، يقولون:
إن الزوجة السعودية كانت ضاربة الهم بالبهجة و الطرب تغني طوال الليل و هي تضحك بين
الفينة و الفينة الأخرى ثم تقول :آآآآآآآآآآآآآآي.. والله عاد يا زين عصايركم يا الزيلان!

∆ يعافيكم بت الشيخ و لا فر الله لكم بسمة
و لا أشبع لم بطنا إلا بحلال طيب، في زمان بريء
نظل نلعن سلسبيله وَالعَيبُ فينا وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنب وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا.
∆ و لكنَّ يبقى حسن عــــــــزائنا في أن أجد أخيراً،
ضالة إيماني في كلماتٍ شافياتٍ..و شاحذة لكل همةٍ و
باعثة لكل رجاء يصبو إلى علياء القمة. يظل كل عزائينا في:
أن لا ننسى أن الزبد جاءٌ ، و أن الباطل لا محالة زاهقٌ.. و أن
الحق فنارٌ شاهقٌ..إذاً، أبشر، و لتتحسس ملياً حولك، فلا تغرس
مسماراً في الحائط.فغداً أنت العائد. ولا داعيَ لنتعلم لغة أخرىً
..وماذا نصنع باللغةالأخرى؟! فلن نبقىأبداً في المهجر.وغداً
أو بعد غد سوف نعود إلى أرض المحشر!!
∆ أعزائي أن سوف يظل قلَمـي بيرق حُكْمـي ..و بِلادي
(خرطة دربي) في جيبي. و جماهيري حشود حروفٌ مارقـةٌ
عن طوعي.. وحُـدودي مُنقطةٌ وسطى فيجوف عنان الأفقِ!
لكن قيودي محكمة الطوق!عزائي أن ها أنا ذا أسْتَنشق گل
الكَوْنَ دعاشاً. وتوسدْتُ الأرضَ فراشاًوالتحفتُ سّمائي الدنيا
إزراً ورداءً.ووضعْتُ الشّمسَ في عُروةِ ثوبيزَنْبَقَـة سوداء!
عزائي أَنَي أنا السُلْطانُ على نفسي وهم الخداملمملكتي ؛
فهلموا لتستجدوا خطبة ودي؛

∆ فلسوف لن تجدوا صفحاًسمحاً من عندي و لتلثموا
أصغر أنملة في قدمييا كم من عرش قد سقطت في
حفرة وأدي و تحطمت جحافلها على صخرة
جَلَدي..و لا نامت أعين الجبناء.

//..ود ال ح ي ش ان الت لا تة.//
مؤذنٌ محجور منزلياً بجزيرة مالطا

+ اتنين فِرَد سنسنة و احد متوفي ليه عزيزٌ لديه
والتاني كان طانشو رغم إنو كان حاضر جية الخبرية
الفاجعة و الجماعة ركبو الزوامل من خشم بيتو و مشو اداء
فروض العزاء وكان الصاحب بالجنب دا هو بس الغائب
الحاضر على لسنات الخشامة .وحتىلامن لاقي صاحبو وعااتبو
قعد يفتش للأعذار ما لقى حاجة يكب بيها زوغبير فاضطر يرفع
كثافتو زيادة قاللو :والله عاد بعدا ما فضل لي عذر علا غايتو
بس أقول ليك عدم عنية ساكت وقشها لينا في وشنا.
+ فعشان يصلح غلتتو بقى مراقب زولو لامن رفعا لفراش
وجاتوالقريفة و هفت ليو مشى الأنداية، فبقى مباريه بالطوالة
لامن دخلوقعد و جاء داخل وراه قرص الخادم الفدادية قالليها تدنكلي
لينا صحن مزة ومعاه قزازة كرستال من عبقري الرباب نصيح من النوع
داك البعد ما يقطرنو بالبوصة يخترن فوقو صُنان اباطاطن لزوم التعتيقة ،
يا زول ، دا يرمي القرنتية و يدور البابور و أول ما المرة ختت لعمك
المجعول قدامو ظهر ليومعاها صاحبو و وداير يشيل ليه الفاتحة ،
لكن زولو نقش الهدية منزولو ، فطوالي عمك طفر قايم و قلدو
وقعد يبكي قاللو: يازول أت بتعزي و لا بعزوك ياخي
الفقد واحدـ و علا الله الفُراش هنا ولابلاش.

دفع الله ود الأصيل
✅هدية مني لمن لايعرف قيمة الفتريته؛؛ أرسلها له كما وصلتني
{الفيتريتة هى طعام أهل السودان منذ قديم الزمان ، فهم يزرعونها و
يستخدمونها على أحوال كثيرة شراباً سائغاً وطعاماً لذَّاً و علفا لدوابهم
وعطراً ومساجاً مُدلِّكاً بلدياً ومنظفاً لأجساد نسائهم و أجسادهم بل تعدى
الأمر أبعد من ذلك حتى دخلت فى أمور أخرى أحدثكم عنها إن شاء الله
+ والفيتريتة هى الذرة الرفيعة المعروفة تزرع فى أنحاء كثيرة من البلاد
وتؤكل بليلة وهى طبخ الحبوب كاملة تطهى مثل الأرز وإذا طحنت دقيقا فتصنع
منها الكسرة وتكون رقيقة مثل الورق وأهل البوادى يسمونها رهيفة أو طرقة أو حرف
وتصنع منها أيضا عصيدة وهى اللقمة وإذا مكثت يوما أو اثنين فهى دبليبة أو بريدة يأكلها
الرعاة والزراع وغالبا ما يكون ادامها لبن رايب لذلك قالوا : بريدة بى روب ، و من الذرة
تصنع المديدة وهى دقيق يضرب على ماء فى النار يقدم للمريض والمتعجل الذى لا يستطيع
انتظار الطعام وفى مجال الشراب فإن الحلو مر وهو الآبرى الأحمر والعكارة ( الموص)
والبوقنية والحسوة كلها مشروبات تصنع من الذرة تشرب لقطع العطش وكسر حدة الجوع
وزيادة النشاط والوزن فى بعض الأحيان ، وبعضهم يتخذ منها خمرا مسكرا كالمريسة
والذرة تقدم هى وسيقانها علفا للمواشى والدواب وتتخذ منها النساء زينة وعطرا
كالدلكة وعروكة الجسم وهى منظف ممتاز تعرف ب ( أم لخوخة ) .
+ لكنك ستعجب إذا علمت أننا نستخدم حتى رماد قصب الفيترية
فى صنع ملاح الويكاب فبالله عليكم أرونى أمة استفادت من
محصول واحد كما فعلنا نحن أهل السودان مع الفيتريتة .
+وعندما يرد لفظ الفتريتة فالمراد به الذرة بجميع أنواعها
اما إذا أردنا التخصيص فالفيتريتة نوع من الذرة مثلها مثل
الدبر وود عكر وقدم الحمام وطابت وود احمد والصفراء .
+ وتمجيدا لهذه المادة فقد تغنى لها الشعراء والعامة عندنا وشبهوا
بها المحبوبة فاسمع الى شاعر البطانة المعروف أحمد عوض
الكريم أبو سن( الحاردلو ) وهو يشبه محبوبته بقصبة مدالق
السيل أى أنها فى مجرى الماء واخذت نصيبها منه
فلذلك هى ريانة لينة فارعة القوام فقال فى ذلك :
البارح أنا وقصبة مدالق السيل
فى ونسة وبسط لامن قسمنا الليل
وقال أيضا :
البارح كلام الناس بدور إفرُقنا
كلو مرق كضب عقبان صفينا ورقنا
الدرعة أم خدودا نايرة مالكة عشقنا
تتمايح متل قصبة مناصح الحقنة
وقال :
لخلوخةً تقوم مسايسة ومفروقة
بين التقنتين دفق البصير ماروقا
ان جلست معاك وان سمع منطوقا
على المشببات بلحيل بعيد معلوقة

+لكن أهلنا فى غرب السودان لهم رأى آخر فهم لا يأكلونها فى أوقات الرخاء؛
أذكر كان يعمل معنا أحدهم وحين يجئ وقت الطعام يرفضه ويقول أنِى ما بناكل
الماريق ولعلهم يقصدون به الفيتريتة ، فنحضر له دقيقا من الدخن . والذرة معروفة
منذ القدم روى أن أبي بن خلف كان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول :
يا محمد إن عندي فرساً اسمه العوذ، أعلفه كل يوم فرقاً من ذرة
أقتلك عليه ...
+والذرة المقصودة عندهم وحتى زمان الناس هذا هى الذرة
الشامية ونحن فى السودان نسميها ( عيش الريف) ولما كانت الكسرة
هى طعام أهل البلد فلا شئ أعظم من إطعام الجوعى و إغاثة الملهوف
وقد أثنى الله فى القرآن الكريم على أهل هذا الصنيع فقال سبحانه وتعالى :
( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا . إلخ الآيات فكان جزاؤهم
أن ادخلهم الجنة يتنعمون فيها واحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم فى ذلك كثيرة
تحث على إطعام الطعام ونحمد الله أن هذه الخصال والعادات لا تزال موجودة عن
أهلنا ونحن نقرأ سيرة الكرماء منهم أمثال النعيم ود حمد وغيره من أهل الجود
عادةً ما سمى أحدهم بعوج الدرب وعشا الضيفان وعشا البايتات وهلكذا.
+ وهناك أمثال وأقوال كثيرة مرتبطة بالفيرتيتة وتوابعها فقد نسبوا للشيخ ود
بدر أنه قال : ( كان مو عجينى منو البجينى ) وقالوا فى ذلك ( العيش البودر
الكرميش ) و ( أرقد آعيش أنا جرابك ) ونسبوا للقرادة وهى حشرة طفيلية
أنها أحضرت العيش مع الجمل من القضارف : يضرب هذا المثل لمن
يتصدى لأمر وهو ليس له فيه شيئ ، وقد يفضل بعضهم صنفا
على صنف فاستمع لشاعر المرغماب الكاهلى شيخ
عبد الله ود حمد ود شورانى وهو يقول :
ضهر الجمعة صليتو وقلب فوق تيسى
كان مربوط يعلق فيتريت مو حميسى
فى تقديرى ومناى ومظنتى وقييسى
اهجمبو المسمح صورتو رب النيسى

+ وتغنينا حتى للذرة التى اتت لاغاثتنا من وراء البحار
فقالوا فى ذلك (ريغان ود الهنا المرقنا من السنة ) و (مدقاقنا رطن
وملاحنا لبن قول لى ريغانخلاص شكرن) وذلك ردا للجميل لمن احسن
إليهم حتى وان لم يكن على دينهم ولا من أمتهم هذا كان فى زمن القحط
والمجاعة فى ثمانينيات القرن الماضى وقالو: يومن تبيكي منو لامن
يجيك البوم الي تبكي لفاقه. نسأل الله أن يرفع عنا ثالوث القحط
والجوع والمرض و إن كانت بوادره تلوح فى الأفق .

+ عليه فهذه دعوة للعودة للفيتريتة والكسرة فهى مغذية وصحية أكثر
إذاً، لا تدخل فى صناعتها مواد ضارة كما يحدث فى الخبز بإضافة بروميد
البوتاسيوم المسبب للأمراض عافانا الله وإياكم والذين تخلوا عن أكل الكسرة
يتحججون بتكاليف تحضيرها وأنها غير مستساغة وترفع مستوى السكر فى
الدم وهى ضارة لمصابى مرضى السكرى على حد زعمهم وهذه كلها حجج
مردود عليها إذا أحسن الناس كيفية صنعها وخلط أنواع من الدقيق على بعض
وصنع الادام (الملاح) بصورة جيدة حسب ما يتوفر ، وقد ذكر أستاذنا بروف/
إبراهيم القرشى فى مقال له أنه لا يفرغ الانسان من وصف الكسرة حتى يقفز
إلى ذهنه الإدام (الملاح) وإدام الكسرة الاول هو اللايوق ويكة ناشفة او المفروك
بأنواعه . واللايوق عربي قديم وهو فاعول من ليق وأصله تليين الطعام وفى حديث
عبادة بن الصامت (لا آكل الا ما لُوِّق لي) يعني ما لُيِّن لي .واللين والالتصاق هما
صفة الويكة واللايوق حتى اننا حين نصف الإنسان (اللزقة) نقول له (يا ويكة
او: يا لايوق) وقطعا فان ملاح أم رقيقة هو سيد إدامات الكسرة وأطيب
أصناف أم رقيقة ما دخلت فيه لحمة الضان السمينة ، إنتهى كلامه.
+ لكن دعونى أتحفكم بطرفة هى لإحدى بناتنا ممن تأثرن ببرامج الطبخ
على التلفزيون وحدث أن تزوجت فسألها زوجها ماذا أعدت للفطور فقالت
له رقائق الذرة الشهية المحمصة مع حبات البندورة مقطعة على شكل
مكعبات مع زبدة الفول السودانى اللذيذ فلما قدمتها له فإذا هى كسرة
بطماطم ودكوة وقد صدقت فى وصفها بأنها شهية ، وقديما قال
أسلافنا : كسرة بى موية لا تغلت عليك ولا توسخ ايديك .
وختاماً من فوق أسوار حيطة التُّكل :
سلام حروم سايطات عقود و عصيدة
عايسات الكسار من ايدا دي لي ايدا
من زمنا بعيد ليهن فيها براعة أكيدة
في الويكة الكبار سمحة وقرونا غليدة}

الانادي في الابيض (ابقبه فحل الديوم)
مريسة الحجاج

هههههه حلا وحمار

كانت انادي الابيض من أرقي وأميز الانادي بالسودان. هذا من حيث التنظيم والنظام وحتي النظم.
كانت علي الطرف الشمالي الشرقي من المدينه، بجوارها مباشرة غابه فلاته.
نظمت هذه الانادي علي شارع بعرض خمس وعشرون مترا تقريبا ممتده علي ميمنة وميسرة المآشي.
لم تكن هناك شوارع فرعية علي طول شارع الأنادي هذا. والسبب هو أن تسهل ضبطية الامن "لبوليص"
السواري!حيث الأنادي تفتح صباحا، وهناك مجموعة بوليس سواري يجوبون الشارع.. وقوفا علي
طرفيه أو داخله.. وذلك لضبطه ووقف التفلتات.
وتحت شجرة ظليلة وواسعة كانت جزارات لحوم واماكن خضار فيها بصل وطماطم
و شطه وليمون و"دفلي" وفحم وحتي التوم و"الشمآر" بيع وأشتري هناك وبثمن في
مجمله"ملينات". وعلي مقربة، موقف تآكسي وبص.
+ كل اندايه سميت باسم ستها. وقد تبارت ستات الأنادي ببناء رواكيب
بالداخل وجدعت بداخلها عشرات بنابر جلدت بالسعف أو القد.

المدهش هو ان الأنادي كانت مقسمة "لإسكيلات". فكانت هناك انادي للتجار و انادي للموظفين
وانادي لناس الاعمال الحره وانادي (دسوسية) وهذه ربما كانت لعسلية "الحجاج"!

فهؤلاء قد جآهدوا "نفيساتم" وأمتنعوا عن البقو - من بعد زيارتهم لبيت الله ورسولنا (ص)!
لذا فقد صارت لهم أنادي خاصة يحتسون عندها فقط "عسلية" الدخن الحمرا. يعني بفهم أنها غير
مسكرة بل حلوة وحلال..!شوفتوا كيفن كان فقه الضرورة وقتها عند أهلنا الطيبين!

ولضخامة حجم الاستهلاك اليومي هناك احواض موصلة بمواسير فخارية بين حوض
التخمير وحوض الترويق و حوض التصفية النهائي.. يعني فلترة عالية التقنية!

كما كان لكل فدادية مجموعة من الجوآري الخلص يقمن بتصفية المريسة للمستهلكين علي مصافي كالسراويل
صنعت من الدمورية. لعل الشاهد أيضا أن بعض تلاميذ المدارس يمتهنون بيع "الصفايات" في أيام الإجازة.

ولضمان مريسة نقية، يقوم المفتشون الصحيون - لمجلس المدينة- بالإشراف صباحا ومساء علي هذه الاحواض او "البرام
والبوش" الكبيرة والقوف علي نظافتها!من بعد صلاة العصر، تضرب صفافير السواري لتعلن نهاية اليوم "المريسي" هذا.
فيخرج الناس من الأنادي - وكل وقد علم أو لم يعلم كم إحتسي وكم كم ثم كم قد دفع سرا أو علنا لغرض ما في نفسه..
"غريض" تم أو ربما يتم في مقبلات الأيام!

بعد هذه الصفافير، اي زائر يعتبر مخالفا - بنص اللوائح - وعلي الموجودين الانصراف خلال ثلث ساعة
لكن يمكنهم التجمع أمام هذه الأنادي لوقت وجيز يحتسون ما بأيدهم أو يجرجرون حكاوي اليوم ويبرمون ميقاتا للغد!

بعدها يفرنقع "المراسة" شذرا ، متخذين من حمر مستنفرة وضوامر منهكة وسائلا لإصالهم للديآر والأهل..
وفي طريق العودة، نجد من وضع إصبعه في أذنه وتغني..
أنا لو بسرق ما بسرق ليا حمارة
بسرق بت الملوك المن الهواء بتضآري.

بعدها يأتي بعض المحتاجون والصغار لاستلام وأكل المتبقي من الشواءات وام فتفت -
بسرعة قضم العتاب - وذلك لان البلديه إن وجدت هذه الأشياء بداخل الأنادي تعتبرها
مخالفة صحية ،فصحة الشارب من أهم هموم السلطات!

كانت بعض ستات الانادي لا تفوتهن صلاة جامعة!
وحتي بعضهن عرفن بأسم "الحاجة"!
وذلك لأن فهمهن: ان المريسه ما هي الا عيش ومويه.. ومغذيه وتجارة.. وهي بالتالي ليست مثل الخمرة
"العرقي" تحريما!سيدات الأنادي لديهن أعين فآحصة. فبمجرد ما ان ياتي أحد، إلا وإختبر بعين فاحصة. فان
عرفن عنه أنه آت جديد أو في بدآيات عهده بمعاقرة المريسة، فإنه يعطي مريسة درجة ثانية تأخذ من "المشآك"!

وحتي مريسة المشآك هذه تفعل الأفاعيل في مستجديها. فتتركهم يمشون مشية عرفت بأسم " حمار شاقي فولة !"

عموما وقتها كان جنيهنا قد سكرت من عبقه الدولارات ورأس السكر بخمسة قروش
والدكاكين فيها الكرز والاناناس والخوخ والكمثري المعلب وبارد وبفريني "قرشين" فقط.

كما كان التعليم مجانا والداخليات فيها ما لذ وطاب والمستشفيات فيها كل شئ ومن دون مقابل وتعب.

وكنا نحتسي ألباننا و"ألمانا" ومريستنا بالقرع.. يعني مافي.....

وكان كرومة وكان سرور وما بين زمن هؤلاء ودون، أصابتنا
مصيبة "الدروشة" فوضعنا أيادي الدهشة علي "كضامينا"!

والآن منا من "عاط" ومشي "أملط" من دون ان يرتوي من مريسة ماضينا أو لوكتين
قد "متخ" مشكا أو حتي كورية من مشروب "فكي نط الشوك"! لكنه ربما بلع ما قد
بلع من "عرق" ناسنا.. هنآآآك فأصابته لعنة الحيآري!