|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: الشيخ سيد أحمد)
|
Quote: أخبار السودان مقالات منوعات رياضة منتديات راسلنا بحث عن بحث عن تسجيل الدخول مقالات وآراء سياسية رواية عيسى الحلو الجديدة نسيان مالم يحدث.. التنقيب من منطلق التجريب صديق الحلو 9 يناير، 20211 فيسبوك تويتر صديق الحلو صديق الحلو
رواية عيسى الحلو الجديدة نسيان مالم يحدث. رواية فارقة كأنها عصارة ماتوصل إليه في الكتابة الإبداعية. تجريب منقطع النظير. كما عند كونديرا وبورخيس. تكنيك متقدم. مدهش ومذهل. وولوج سراديب سرديه غير مطروقة كأنما هي شاشة كبيرة تعرض ملايين الصور في ذاكرة صلبة لاتنسى وقرص مرن تتوالى الأحداث منذ بدء الخليقة. والكشف عن أزمنة موغلة في القدم منذ بعانخي والكنداكات والسلطنة الزرقاء. المهدية والعهود الحديثة. كتابة منسابه سلسة تلج لب الواقع وتنفض الغبار من الممكن واللاممكن وذاك المحتمل الذي يخاطب الراهن في جرأة غير معهوده. تناول الحلو المسكوت عنه في رؤية جديدة. بذاك البهاء الذي يمتاز به عيسى الحلو والنضارة. وهذا العمق والتميز الذي نحسه في نسيان مالم يحدث. إذا كانت نيسان مالم يحدث خرجت في بلاد العالم الأول لاقيمت لها الاحتفالات والليالي النقدية. ورفعت لها القبعات لما تمتاز به من كشوف في عالم الرواية الحديثة ومابعد الحداثة وعالم اللارواية ومابعد الرواية. غامر عيسى الحلو ففاز. وانتصر بنجاح باهر أسس لمدرسة جديدة. قريبة صعبة المنال في آن. عرك الحياة وعرف خباياها. غاص كثيرا وأخرج نسيان مالم يحدث درة تتوج عالم السرد الروائي في السودان. وجوهرة عصية التناول في عالم الحكي المحلي. الإقليمي والكوني. بوعي كامل أحدث التغيير وتوج تجربته في الكتابة إلى رواية مدهشة ناجحة رغم اختلافها عن السائد والمألوف. جازف عيسى الحلو فنال مااراد. رواية جعلته في القمة بما امتاز به من جرأة وتجريب. وهو قامة لاتخفي على احد.
وبوعي يضع وشائج لا تمنع الذاكرة من ملامسة الأزمنة البعيدة. هذا التيه الأصفر الممتد. لا وقائع يمكن رصدها بدقة ووضوح. نسيان مالم يحدث تنتفي فيها قواعد وأصول السرد الحكائي. الأب والابن يحبان الحلبية روجينا رزق. لا أحد يستطيع أن يثبت أو ينفي وكأننا واقعين في سحر تسير الحكاية من خيال إلى واقع إلى توهم. هي أرواح تحلق في سماء الذاكرة التي بلا حدود. من حصار الخرطوم وكرري حتى الراهن.. وتحتضنها الصالة المستديرة في قصر المرايا بإحدى الضواحي الجنوبية لريف ام درمان.
رواية نسيان مالم يحدث البطل فيها المكان بجدارة. الفيلا التي بالمنطقة الجنوبية لريف امدرمان الغربي. قصر المرايا حيث تدور الأحداث إذا أن كل جوانبها مغطاة بالمرايا والزجاج المصقول.
وللزمان دور فاعل. وبها صراع الارادات. في كل العهود الوطنية. كأنما هي سيناريو جاهز لفلم كبير كالملحمة.
وهنا يطل ميلان كونديرا وعوالمه ويوسف زيدان في عمارة يعقوبيان. لابد للمتلقي أن يكون ملما بالأحداث ومكمل لها ومشاركا فيها عارفا بديار الشنخاب. قلي والفشاشوية والحمراية.وعلي ودحلو. كرري ومايو. والإنقاذ وكل ذلك الرفش وزبد البحر والقمم.. وبذلك يكون مشارك في الأحداث وعارف بأدق الحيثيات ولو بعضها.
الرواية فانتازيا من الخيال الدسم والحلم الجميل.
كأنها أحاديث خرافة تبدو مثل سحابة ضخمة تلتمع فوق المكان وتنشر ظلها الذي يتسلل للوعي الجمعي والفردي على حد سواء. وكأنما هي حلم قابل للتصديق. رواية حاذقة تربك المتلقي الذكي حتى يبدو الزيف اصلا والاصل زيفا. وهنا الروائيين الكبار كلهم حاضرين من كافكا وفيرجل. هوميروس. همنجواي وبورخيس. والفيلا معلقة على خيط الذاكرات التي لاتنضب وتنسى مالم يحدث. رواية مجنونة تتعرض لكل الهم الإنساني من داعش وحتى كوفيد 19.
والسودان يتحول من براءة الريف إلى التجربة والخبرة والمحتمل. والذي لم يحدث بعد.
النوراني يتربص بروجينا وكذلك ابنه آمين. حقق ذاته فيها لما يمتاز به من الأنا العميقة. جاءت روجينا من بلاد الصقيع إلى هنا حيث الدماء تغلى بالعنف والشهوه. الرواية تعمل في المسافة بين ماحدث ومالم يحدث. وصوت الراوي السارد يأتي من الصحو والمنام. حب الحياة من جانب وتدميرها من الجانب الآخر. والرواية تعمل منذ بدء الخليقة في الانفجار العظيم الذي تشكلت بعده السموات والأرض. وكان النوراني وابنه صورتان متغيرتان لا زمنة سحيقة ماضية ولازمنة أكثر حداثة لم تأت بعد. اخترق امين ظلمات البنت روجينا الحلبية وولج اغانيم اللذة التي لاتنطفيء مثل نيران ابدية.
رواية نسيان مالم يحدث تجمع كل الزمان السوداني. الزمان القومي. الوطني.و العمومي. في سماء الصالة المستديرة. سيدي المهيب ود تورشين هاجر إلى غرب البلاد. ولم يكن طعم الهزيمة يسمح لمذاقات الحياة بالمرور..
لقد امتلأت الأفواه والصور بالحزن والأسف واليأس وهو نفس الشعور الذي خرب عقل ووجدان الضمير السوداني كله واصبح سيمة لازمة له جيلا بعد جيل…
كانت الهزيمة جارحة تنغرس في جلودهم حتى العظم. حزن عميق متسامي بارد وكئيب توغل في الجينات واصبح لعنة لافكاك منها…
الرواية لاتستطيع التفسير لأصل الأقدار التي تظهر نفسها… ويطل السؤال هل التاريخ يعيد نفسه. الرواية تدور من الفتيحاب مرورا بابي روف حتى القماير.
تداخل الأزمنة بسبب الوهم أو الخيال المفرط. ويوالي آمين النوراني سرد الحكاية عبر الأزمنة المشربة بالغبار والنسيان وتلف الذاكرة التي تحاول أن لاتنسى. دون النوراني ماحدث اصلا ثم نسي فيما بعد. اقترن الحزن والكآبة معا واصبحا حالة واحدة تلازم الناس أجمعين.
ورغم ذلك الناس لاينفكون من التساؤل “من نكون؟ وكيف نكون؟ ولماذا نحن مانكون عليه الآن؟”
ماتقوم عليه نواة الحكاية هل هي امدرمان المهدي؟ ام امدرمان الأربعينات. والخمسينات. والستينات. أم هي امدرمان الراهن الان في السابعة عشر من الألفية الثالثة؟
أين هو الراوي الحقيقي… إنها ذاكرات متعددة.
وهنا تراجيديا السرد الكبرى حيث يتصادم التاريخ والأدب والجغرافيا. لقد قتلت شفاهية الرؤى والسرد حقيقة الحكايات في البلاد الكبيرة. تفادي عيسى الحلو الشفاهه. في رواية تأسر اللب والفؤاد والخاطر
9يناير 2021م
صديق الحلو < |
https://top4top.io/
| |

|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: ابو جهينة)
|
تقاسيم الوعي المعاش..سيرة المختلف عيسي الحلو كتب: صديق الحلو تعابير عيسي الحلو وقصصه جعلته في قمة كتاب القصة في السودان خمسين عاما وهو يكتب القصة المكثفة العبارة بشعرية عالية لايبالي وهو يمتلك ادواته يخاطب الاحاسيس مستوعبا لتقنيات القصة الحديثة في العالم حيث خلق عالمة. قال عنه الياس فتح الرحمن انه كاتب الحب المجنون أو كاتب جنون الحب النبيل احيانا والعنيف الجارح المبلل بالدم احيانا اخري غير انه في كل الحالات جميعها حالم دائم. ضالته الرحابة وفضاءات الحرية. ولد عيسي الحلو 1945م بمدينة قلي شمال كوستي علي النيل الابيض حيث خلدها في كثير من قصصه. سماه والده الذي هو احد أمراء المهدية عيسي علي جده لامه الذي كان ناظرا لقبيلة الشنخاب التي فرع منها دغيم قبيلة عيسي الحلو حيث كانت لها مجاهدات بارزة في صدر الثورة التي بهرت العالم. عيسي ودجفون الذي صار لاحقا عمدة في الفساشوية بعد تأييده للثورة المهدية. والدة عيسي آمنة بنت العمدة من بيت عز وجاه. شديدة الذكاء الاناقة والكرم والحكمة. وكان يحبه ابواه. درس الاولية حينها بقلي والاوسط بكوستي الاهلية حيث زامله استاذنا الشاعر الكبير عبد الله شابو والمبدع خالد المبارك. درس الثانوية بحلوان في مصر. ثم التحق بمعهد بخت الرضا بالدويم وصار معلما في المدارس الوسطي.
نشأ في أسرة علم ودين. استقال من التدريس بعد أن نقل الي دنقلا. وعمل بصحيفة الايام رئيسا للقسم الثقافي ثم جريدة السياسة فرئيسا لتحرير مجلة الخرطوم والتي في عهده صارت اكثر تميزا. اصدر اول مجموعة قصصية له عام 1967م من دار الحياة البيروتية باسم ريش الببغاء والتي نالت اعجاب النقاد. وجد كثير من الفرص ان يسافر خارج السودان للعمل ولكنه لم يفعل. تعرفه الدوائر الثقافية العربية في لبنان والعراق ومصر والسعودية ولندن وله صداقات معهم. عمل عدة برنامج في الاذاعة والتلفزيون السوداني كما اتصل به كتاب امريكا اللاتينية مشيدين بملفه الثقافي المتميز. القصة القصيرة عند عيسي الحلو تنهض علي الموضوع وتهتم بابراز المعاني الكليةللاحداث وهي ليست معاني معلقة في سماء التجريد بل هي مثقلة بالانفعالات محملة باريج العاطفة لان التجريد عنده مقترن بحب عميق للحياة فيه رائحة التراب والبذور والخصب. لاتستطيع بلوغ المدينة البهية التي ستهبنا الكرامة والنور الابالصبر الملتهب وهكذا لايذهب الفن الجميل سدي. والابداع الاصيل هو الصيحة المباركة المناهضة للياس والمعبرة عن الأشواق المكبوتة والاحلام الخفية وهة ما يجعل الناس اكثر استجابة للخير والحق والامل في الغد الافضل. لم تحظ اعمال عيسي الحلو الغزيرة بالدراسة والتحليل. لقد كتب عنه الشاعر محجوب كبلو دراسة بعنوان المختلف وقدمت عشرات الاوراق النقدية عن قصصة كما قدمت رسالة الماجستير والدكتوراه عن رواياته. وعندما سئل الروائي العالمي الطيب صالح في بيروت ذات مره عن من هو خليفته في السودان قال عيسي الحلو. لقد ظل الاستاذ عيسي الحلو وفيا للقصة القصيرة ظل يكتبها لمدة اربعين عاما ولازال. كتب عن النهر والقرية والمدينة والمضمون الوجودي والقصة النفسية التشكيلية في عذوبة سلاسة وجمال. تزوج فاطمة بنت بشير عيسي وانجبت له اربعة ابناء:هشام وحسام. نون وامل. وتوفيت في وقت مبكر مما اثر فيه كثيرا وتالم أفقدها ولم يتزوج بعدها.
لم تعرف لـ عيسي الحلو اي ميول سياسية واضحة. كتب عنه الناقد مجذوب عيدروس عن روايته صباح الخير ايها الوجه اللامرئي الجميل من الصور التي استهوت الروائيين العرب شخصية العربي المهاجر الي اوروبا كتب عنها توفيق الحكيم عصفور من الشرق وسهيل ادريس الحي اللاتيني ويحي حقي قنديل ام هاشم والطيب صالح موسم الهجرة إلى الشمال. وسليمان في رواية عيسي الحلو مر بذات التجربة. رواية صباح الخير ايها الوجه اللامرئي الجميل متعددة الاصوات تضمنت رواية داخل الرواية كما تضمنت تداخل الازمنة رواية متوقع لها ان تثير النقاش والجدال وتستقطب الاهتمام والانتباه والرواية تقوم علي الذاكرة التي تتراجع وتحيا وتنتقل عبر المكان والزمان تفتح الرواية كوة امامنا نطل منها علي عالم من المرئيات واللامرئيات وننتقل عبر الازمنة والامكنة ونتامل فيها الكوني والحياتي واليومي. كان عيسي الحلو ميالا للسينما شغوفا بها دخل العديد من الافلام الممتازة في دور السينما بالقاهرة وكوستي والخرطوم وام درمان ولامدرمان في نفسه حب خاص. كما كان يحب اعمال التشكيلي ابراهيم الصلحي واحمد عبدالعال وشبرين وكان أن عمل سيناريو فيلم عن دكتور احمد عبدالعال نال استحسان النقاد والجمهور علي حد سواء. وعيسي الحلو صديق للفنان الذري ابراهيم عوض ويحب اغانيه كما يحب الاستماع لـ عثمان حسين وزيدان والكابلي ومحمود عبد العزيز. ويحب الشعر ولايكتبه من أصدقائه الشعراء شابو ومحمد عبدالحي. صلاح احمد ابراهيم.عمر الدوش ومحجوب كبلو. قدم كتب للشباب أسامة شيخ ادريس وعبدالمنعم حسن الحاج ومحمد سالم واشاد بروايات عمر فضل الله. وقصص الطيب عبدالسلام. كتب عيسي الحلو النقد الادبي في عموده قوة الاشياء وديالتيك كما عمل مشرفا للقسم الثقافي لجريدة الرأي العام. وملفه المتجاوز ينتظره القراء والمهتمين في يوم الاربعاء من كل اسبوع. المعروف عن عيسي الحلو ان اي قصة اوقصيدة تنشر في ملفه فذلك اجازة لها لانه لايجامل ابدا ولاينشر عملا ضعيفا فهو مدرسة بذاته. بعد ريش الببغاء اصدر مجموعة قصصية وردة حمراء من أجل مريم.قيامة الجسد. اختبيء لابحث عنك. وله ست روايات مداخل العصافير للحدائق.رحلة الملاك اليومية. الجنة باعلي التل. السماء والبرتقالة. الوهم.صباح الخير ايها الوجه اللامرئي الجميل. عجوز فوق الارجوحة. الورد وكوابيس الليل. من عوالمه: مشطت الشمس شعرها.عقدته خلف عنقها وسارت كفتاة مراهقه بين النهر والحقول. وعند الظهر نالها الاعياء. اتجهت غربا قبل الغروب يئست الشمس من اعلي المكان . فوق اعلي المآذن اخذت الشمس في البكاء. حتي احمر وجهها. شهقت. وكان عليها أن تكف عن البكاء اخيرا أرخت رأسها. اتكات علي صدر السماء وتناومت مفتوحة العينين. وعلي الأرض علي مسافة ما .عند جانب النهر الذي ينصف المدينة استكانت الأجنحة علي قمم الأشجار. كانت تلك اللحظة الوحشية الوجه ترسم وجهها المتغضن علي سطح النهر. وفي ذات اللحظة كانت الين تري وجهها علي مراتها. العمر يتقدم ولايجدي النسيان ولا الكذب. عيسي الحلو يعرف كيف يختار عناوين قصصه بعناية فائقة تدل علي ذائقة معرفية وابداع: من عناوين قصصه الجاذبة: معجزة الايكون الانسان وردة. الصيف اضاع الحديقة. كانوا جميلين جدا كالافكار وإنتاج البحر. توترات شجرة ورد الجهنمي.عينا القطة تلتقطان الصور. الحديقة التي احبت البستاني العجوز. انتظري حيثما يذهب العابرون. دوران الامكنة في زمنها الخاص. رجل بلا ملامح. الملاحظ ان العنوان فيه موسيقي شعرية كما أن العنوان طويل نسبيا. معروف ان العنوان له دلالاته ويمثل توضيح للنص كاشفا وجاذبا. من مقولات عيسي الحلو المشهورة أن الطيب صالح سقف للرواية السودانية رغم ان الطيب نفسه كسر سقف نجيب محفوظ حيث اثار حديثه هذا كثير من الجدل الفانتازيا والخيال منطقة عيسي الاثيرة. قريبا ستنشر دار مدارك للطباعة والنشر والتوزيع الاعمال الكاملة ل عيسي الحلو.قصص عيسي الحلو اشبه بقصيدة تترنم بها. قرا عيسي الحلو الكثير من الكتب واطلع علي كافة المدارس العالمية وبتجاربه العديدة كون له مادة فكرية وفنيه بين منها قصصه العديدة. ومن مناطقه الاثيرة الانسان الكوني واسئلة الوجود والعدم واشكالية الموت والحياة. يغوص في مكونات النفس بوجد عميق. يحب عيسي الحلو رواية المريض الانجليزي ل اوندتيجي ورواية العطر لزوسكند. وروايات ميلان كونديرا وامبيرتوايكو وشكسبير.قال سليمان بطل رواية صباح الخير ايها الوجه اللامرئي الجميل كل منا يختار صورته فنكون مانحن كائنون عليه دائما ماينهي عيسي الحلو قصصه بانتهت اوتمت مما يدل علي الدقة ووضع اللمسات الاخيرة. من اسماء أبطال قصصه: ابراهيم عطية. مريم. مامون. عائشة.يوسف. ريم .زينب.الرضية. سميرة رزق.حليم وبهيجة. آمنة. بثينة. معتصم. احمد.سليمان سلوي.حامد. سكينة. آدم. احمد جلي.موسي سليمان. وعن الاماكن في قصصه قلي. كوستي. ام درمان. الخرطوم. ابو ادم.الرياض حدائق عبود. باريس. لندن. جامعة الخرطوم. بورسودان كافتيريا النيل الأزرق . الابيض. بابنوسة. اسماء سودانية وأماكن واقعية وذلك ربما يكون نفيا لما يقوله البعض أن قصص عيسي تجنح للخيال ولا تلامس الحياة الشعبية السودانية. ورقة قدمت في مؤتمر الرواية العلمي بمناسبة تكريم ا/عيسي الحلو بمركز عبدالكريم ميرغني الثقافي في ام درمان 2006.
0
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: عبد الحميد البرنس)
|
منقول الكاتب صديق الحلو.
أختبئ لابحث عنك .. 1 مايو، 2018 0 فيسبوك تويتر
نقاط عبور اختبيء لابحث عنك عنوان مجموعة قصصية للأستاذ عيسي الحلو . الطابع دارعزة للنشر والتوزيع في 220 صفحة من القطع المتوسط صمم الغلاف عصام عبدالحفيظ. تحتوي المجموعة 26 قصة. كتبت علي مدي 15 عاما. مع الكاتب المثابر الأستاذ عيسي الحلو نجد أنفسنا فجأة أمام عوالم شديدة البهاء كثيرة الجاذبية مما يدفعنا للتساؤل عن الكم والكيف. لقد ارفد عيسي الحلو دنيانا بجمالية في قصة رجل يحول نفسه الي سؤال. وواصل دون تراجع حين كشف لنا في قصة رجل بلاملامح حالنا التي تحتاج لمعجزة ووعينا المتشظي الي وعيين. وهكذا بدقة متناهية سرنا معه في مجموعته شديدة البهاء. الإبداع والامتاع. وهو الحداثوي المتمكن والقاريء النهم المتخم بالخبرة المليء بالمعلومات والذي أحدث رسوخا في كتابة القصة القصيرة في السودان. وفي قصة هل يستعيد العشب خضرته نكتشف معه مناطق مجهولة في الإنسانية بكل توهجهها ورغباتها وجموحها. في توترات شجرة ورد الجهنمي. يجعل حلمنا يتبدد ونواجه الذاكرة التي تحاول الإجابة عن الأسئلة المطروحة. ونظل نقرأ ونتامل بقية القصص. وفي قصته رحلة الملاك اليومية نجد الحاضر والمستقبل ونحاول امتلاك لحظة الفعل وينبهنا عيسي الحلو للوسائل التي يجب علينا اتباعها. مستحيل الإلمام بكل عوالم عيسي الحلو فهل يمكن اكتشاف الأشياء في العتمة. لقد اجتاحنا كاعصار والمجموعة نموذج للقصة السودانية الحديثة. اجتهاد المؤلف ومواكبته لفنون القص علي مستوي العالم تحسب لغة عيسي الحلو ذات الإشارات المدروسة فهي تخاطب ماضينا وحاضرنا وتلامس أفق المستقبل الآتي. ليس هناك كلمة تكتب حشوا وليس هناك لغو كلام. الكلمات وظفت بعناية لتخدم أغراضها وهي تصحي النائمين وتخاطب الغائبين بمفردات جمالية وتعابير شديدة الإشراق. تداعب اشواقنا وتجعلنا نفكر في المصير الإنساني ووحدة الوجود. وفي قصته كانوا جميلين جدا كالافكار وامواج البحر. هي أقوال وأفعال وحبكة لاتحتاج لزريعة أو تبريرات. ملأي بالأسئلة المنفتحة وبمسؤولية عرض لنا فداحة الواقع ووحشته وانسداد الأبواب فهل مكانة للتسويق. الصيف أضاع الحديقة معطياتها تجعلنا منتبهين وان نصر علي نشر الجمالي والاسيكون مصيرنا الضياع حين تفقد الأشياء صلات التجاور وتتوه عقولنا في السهو. وفي قصته الطوابق العالية. حيث يبدو عيسي هنا متحكم بالتناقضات ودون أقنعة أو حجب تسير الاحلام تنضم لقافلة الاحلام الموؤودة وتغرق في السراب. وتابي الأشياء إلا أن تأتي متخفيه حينما لانستطيع أن نفعل شيئا. فإننا نبكي أو نغني. ويقول الراوي علي لسان بطلته أن الذاكرة تنسي ماتريد أن تنساه وتذكر ماتريد أن تذكره. وفي قصة الجرح القديم يضع النقاط علي الحروف بابداع حر وكبرياء. مشطت الين شعرها عقدته خلف عنقها وسارت كفتاة مراهقه.بين النهر والحقول اذا أردنا أن ناول كل القصص. الدخان :العصافير تدخل فضاءاتها. زينب تدخل في صورتها كما يدخل الحزن القلب. الحديقة التي أحبت البستاني العجوز الذي يرعاها. يبدو فيها عيسي الحلو أشد تحيزا للإنسان في كافة أحواله وهو صعب المراس جعلنا نتماهي بقدرته علي اقتحام دهاليز النفس مع تكنيك للقصة باهر ومتميز وتحكم في النص .اراؤه عبر شخوص القصص كأنها تغني اناشيد الحياة في ليلة لم يغب عنها القمر.هنا تجد الخبرة والمعرفة وغزارةالمعلومات ومعرفة المفردات التي تساعد في تكوين الشخصية. هنا فنيات عالية وخيال جامح. مع رصد للراهن بكل احباطاته ومعاناته وفوضاه. وأحلام أبطالها المتعبين الذين يكابدون العشق والاشواق التي لم تكتمل. الراوي يشير لحقائق كثيرة في واقعنا وظرفنا القاسي والمتازم. المكان عنده مدينة كبيرة تتجسد فيها الاحلام الاستثنائية وحظر التجول وواقع اقتصادي مزري. وهنا يظل الحلو وحده يرفد أيامنا بهذه الخضرة الزاهية في اختبيء لابحث عنك فهو متوازن في شخوصه والمجموعة تضج بالاشارات الجمالية وبروح الثقة ولم تتوقف عند حدود الجمال بل خاطبت الكوني والوجود من الفرديه. فهي تقدم برؤية واضحة أن نتعامل مع الحاضر بموضوعية حتي نكسب المستقبل في سرد يكشف تراتيبية مركبة توضح في جلاء بنية مجتمعنا وشخوص القصص التي هي منا ونعرفها اجتماعيا وسياسيا. علينا إذن مزيدا من قراءة المجموعة وبجدية وفاعلية حتي نعرف كثيرا من الأشياء المختبئة فيها والتي تسعدنا في إبداع الحلو الذي يمدنا بجماليات لاتنضب.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: الشيخ سيد أحمد)
|
من الواضح أن الراحل كان ضد النخبوية في الطرح الأدبي- ويعتقد أن الأدب هو كتلة واحدة تتمدد بإمتداد الأزمنة ولا يمكن تجزئتها لأن ذلك يعمل على إنفصالها من تسلسلها التاريخي المرتبط ببعضه البعض.
طالع اللقاء عبر المقتبس التالي:
Quote: الروائي السوداني عيسى الحلو: أعمال نجيب محفوظ روح جديدة تغذي مسار الرواية العالمية الروائي السوداني عيسى الحلو: أعمال نجيب محفوظ روح جديدة تغذي مسار الرواية العالمية منشور 10 تمّوز / يوليو 2000 - 02:00FacebookTwitterLinkedInPinterestShare قال الكاتب السوداني عيسى الحلو:"إن التغيير لا يأتي من فراغ، ولكنه يستند على التاريخ" وأضاف بأن الموقف الذي يبحث عن رؤى جديدة وأفكار جديدة ومعالجات جديدة لا لأنها كفاية لكنها كوسيلة لتأكيد الموقف أي الموقف الحضاري الراهن وتأكيد فعالية التراث المبدعة أمام هذا الموقف ، مشيرا إلى أن الموضوع هو موضوع التأصيل والتحديث لأن من العناصر السلبية للحداثة الموضة و الفوضى، بوصفها عناصر متعالية على الماضي ومراهنة على الحاضر والراهن، مؤكدا أن هذا بعيد عن نجاح التجربة أو فشلها لأن الجمالية المحدثة هي الفعل في الراهن، إذ لا نستطيع أن تنفي الماضي إلا إذا اعتبرنا الجدلية التي قال بها هيجل "نفى النفي إثبات". ومضيفا:"إن الحساسية الجمالية الجديدة أصبحت تعتمد على التجريب ،وأن يثبت كل أدب ذاته، ومن هنا كان مدخل الروائي السوداني الطيب صالح على سبيل المثال للعالمية بأدبه المدهش". وتحدث الحلو عن أزمة الرواية في حوار أجرته معه صحيفة "الاتحاد" الإماراتية ونشرته أمس فقال:"في مؤتمر هافانا للأدب، الذي عقد في أواخر الستينات، وحضره أدباء من أوروبا وآسيا وأفريقيا، قال الكاتب الإيطالي البرتو مورافيا بأن الرواية الأوروبية " رواية القرن التاسع عشر" قد دخلت عنق الزجاجة" و علل مورافيا أزمة الرواية الأوروبية آنذاك بأنها كانت تعتمد على البرجوازية، كطبقة اجتماعية مسيطرة على المجتمع، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والرواية كفن درامي تجد مرتعا خصبا داخل تناقضات الطبقة الوسطى، وأشار مورافيا إلى أن الطبقة الوسطى ودورها العالمي قد انتهى". يقول الحلو:" في رأيي الخاص هذا الكلام سليم إلى حد بعيد، بدليل أنه في مطلع الستينات، وتزامنا مع هذه الملاحظة النقدية لمسار الرواية، ظهر تيار الرواية الجديدة، أو اللارواية، أو مدرسة النظرة، وكلها تسميات لتيار واحد، يحاول البحث للخروج من هذه الأزمة". الرواية للعالم الثالث ويؤكد الحلو أن الروايات التي ظهرت في ذلك الوقت أمثال روايات ناتالي ساروت سرعان ما انحسرت، وأن هذا يثبت ما قاله مورافيا من أن الرواية تجد نفسها عند كتاب العالم الثالث حيث التجربة البكر، والموضوعات الجديدة، التي توفرت في روايات أميركا اللاتينية . وعن الأدب اللاتيني قال الحلو :" إن أدب أميركا اللاتينية هو جزء ورافد من روافد الثقافة الانجلوسكسونية، ولهذا اهتمت جائزة نوبل على الخصوص بهذا الأدب، فمنحت ماركيز ، وبورخيس، وكتابا من البرتغال ويوغوسلافيا جائزتها، لتنفح الروح في أصول الرواية الأوروبية. مثلما منح نجيب محفوظ جائزة نوبل لأن في أعماله روحا جديدة يمكن ان تغذي مسار الرواية العالمية، ومن هنا أتى الاهتمام عالميا وعربيا بأدب أميركا اللاتينية". وأشار الحلو إلى أنه ضد تقسيم التاريخ الأدبي الى أجيال أو مراحل، لأننا بذلك نقوم بتقسيم الدراسة كما لو كنا نقتطع قطعة حية من جسم كامل لندرسها تحت الميكرسكوب، إذ أن اقتطاعها لا يعني عزلتها عن باقي الجسم، ولكننا فقط نركز لندرس خصائصها الخاصة في علاقتها مع العامة. ويرى الحلو أن الضعف الملحوظ في صناعة الكتاب في السودان يصيب التوثيق بمقتل، ويسجل موقفه ضد حصر إبداع الكاتب في رواية دون غيرها، لأن طريقة التلقي الجمالي تتنوع عند القراء، فهذا قد تعجبه هذه الرواية دون تلك، ولا يعتبر الحلو ذلك قياسا "حتى النقاد المتخصصون قد يذهبون في تقويمهم لأعمال كاتب ما بمقياس المفاضلة" ويشير إلى أن ذلك يجب أن لا يؤثر على الكاتب، لأن قيمة الكاتب ليست في كثرة ما ينتجه، إنما في جودة هذا الإنتاج. ويقول الحلو حول توفيقه بين الصحافة والكتابة الروائية:"الكاتب الحصيف يحافظ على قدراته وعلى مخزونه الإبداعي ويعطي كل شيء حسابه، واحسب ان الصحافة أعطتني الاستمرارية ووفرت لي لقمة العيش، ودربت يدي على الكتابة، لأن الكتابة تحتاج الى مران وممارسة حتى ليكاد الكاتب يصبح صاحب لياقة فكرية ووجدانية، تماما كلاعب كرة القدم، فأنت لا تستطيع أن تبدع دون أن تجد ملعبا تمارس فيه هذا اللعب الجميل، لأن النص المكتوب يحيا ويتنفس بفعل القراءة، والكاتب يتجاوز نفسه عندما يجد قارئا يقف الى جانبه". يذكر أن الروائي والصحافي السوداني عيسى الحلو هو من كتاب القصة القصيرة، والروائيين السودانيين المعروفين ، بدأ مشروعه الروائي والقصصي عام 1967م وهو في الثامنة عشرة من عمره• عمل يعد تخرجه من معهد التربية جامعة "بخت الرضا" معلما بالمدارس المتوسطة، أول إصدارته كان المجموعة القصصية "ريش الببغاء" عام 1969م، وله عدة إصدارات من أهمها رواية "صباح الخير أيها الوجه اللامرئي الجميل" والمجموعة القصصية "وردة حمراء من أجل مريم" وبعد تركه مهنة التدريس عمل رئيسا للقسم الثقافي بجريدة "الأيام" السودانية، ويعمل حاليا رئيسا للقسم الثقافي بجريدة "الرأي العام"- -(البوابة)
|
| |

|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: بدر الدين الأمير)
|
تأبين الأديب السوداني عيسى الحلو في رحاب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح
باريس – خاص: أقام المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح من باريس، أمسية تأبين افتراضية ناجحة للأديب السوداني الراحل عيسى الحلو، بمشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين السودانيين، وتم التوصية بعمل جائزة للرواية والصحافة الثقافية باسم الحلو، وذلك مساء يوم السبت 10 يوليو 2021م. الأمسية جاءت بعنوان "تأبين قديس الثقافة، آخر الأعمدة الصلبة للحداثة الأدبية في السودان، عيسى الحلو.. 50 عاماً في خدمة الأدب"، وكانت الندوة بإدارة الكاتب الروائي والناقد الأستاذ عماد البليك ومدير المنتدى المخرج السينمائي الأستاذ حميد عقبي. أما قائمة المشاركين فضمت كل من: الدكتور أحمد الصادق، أستاذ اللسانيات وناقد. الأستاذ صديق الحلو، قاص. الأستاذ محمد نجيب محمد علي – شاعر وصحافي. الأستاذ عيسى جديد – صحافي ثقافي. الأستاذ محمد جميل – شاعر ومفكر. الدكتور عبد الماجد الحبوب الماجد، أستاذ جامعي وناقد. الأستاذ أسامة رقيعة، روائي. الأستاذة هاجر مكاوي، كاتبة. وشارك في المداخلات الشاعر يوسف الحبوب، والشاعر عصام عيسى رجب، ومن العراق الدكتور جبار خماط وآخرون.
متابعة الندوة: https://www.youtube.com/watch؟v=dJ_wapf-RGIhttps://www.youtube.com/watch؟v=dJ_wapf-RGI ناقشت الندوة باستفاضة تجربة الأديب الراحل الذي ودع عالما يوم الاثنين 5 يوليو، وتوصلت إلى عدد من التوصيات هي: - تنظيم جائرة للرواية والصحافة الثقافية وقد تتضمن مسار ثالث للمقال الأدبي والحوارات الأدبية، باسم عيسى الحلو. - العمل على نشر الأعمال الأدبية غير المنشورة وهي حوالي أربع روايات، بالإضافة إلى إعادة نشر انتاجه الإبداعي في القصة والرواية. - العمل على نشر مقالات الراحل الأدبية على مدار نصف قرن، كذلك حواراته الثقافية مع عدد من رموز الأدب والثقافة. - نشر كتاب يتضمن الأوراق المقدمة في الندوة ومخرجاتها يصدره المنتدى العربي الأوروبي، ونشر الأوراق كذلك في مجلة المنتدى "ايفكت". وُلد عيسى الحلو بمدينة كوستي بولاية النيل الأبيض في العام 1944 ونال دبلوم التربية ببخت الرضا 1961، وعمل لفترة في التعليم قبل أن يتجه للعمل بالصحافة التي ظل وفياً لها طوال حياته، حيث أشرف على الملاحق الثقافية بالعديد من الصحف السودانية ومارس النقد الأدبي عبرها، مكتشفا الكثير من المواهب الشابة في السودان، وقد رأس تحرير مجلة الخرطوم التي كان يصدرها المجلس القومي للثقافة والفنون بالسودان. أصدر العديد من الروايات والمجموعات القصصية، كان آخرها "شدو الصمت الصدّاح"، منذ أن أصدر عام 1963 أول مجموعة قصصية له باسم "ريش الببغاء" وصدرت في بيروت. من أعماله: الوهم، حمى الفوضى والتماسك، الورد وكوابيس الليل، صباح الخير أيها الوجه اللامرئي الجميل، نسيان ما لم يحدث، ريش الببغاء. اتفق النقاد والمشاركون على انفتاح المشروع الإبداعي للحلو على الفضاء الإنساني وأنه حرر المكان من صيغته الكلاسيكية وكان متجاوزا للجغرافية والموروث، باحثاً عن الجديد من المدارس الأدبية، كما كان شجاعاً في التعبير عن رأيه النقدي.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: عبد الحميد البرنس)
|
حياك الله برنس
شكرآ لإشركنا عبر هذه المساحة في تأبين أديبنا الجميل (عيسى الحلو).
وشكرآ لكل من شارك وساهم في ذلك:
Quote: الأستاذ أسامة رقيعة، روائي. |
وكالعاده الأخ والصديق (اسامه رقيعة) حاضرآ في مثل هذه التظاهرات.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: Osman Musa)
|
إليك عزيزي القارئ هذه القراءة النقدية المهنية والممتعة في آن واحد. رؤية نقدية تجعلك تتنقل بين اسطر الراحل (عيسى الحلو) وتعايش مع الناقد فصول الرواية بمنظور مهني بعبارات منتقاة من أرفف اللغة العليا. (عيسى الحلو) أحد الذين وهبوا حياتهم لللإبداع - نسال الله أن يرحمه برحمته الواسعه.
## منقول##
قراءة في رواية (الورد وكوابيس الليل) للكاتب (عيسي الحلو) صلاح الدين سر الختم علي الحوار المتمدن-العدد: 4606 - 2014 / 10 / 17 - 13:30 المحور: الادب والفن
تعتبررواية الكاتب السودانى الأبرز (عيسى الحلو) الجديدة الموسومة( الورد وكوابيس الليل) الصادرة عن دار مدارك في العام 2013 حدثاً أدبياً مهماً يستحق الوقوف عنده. تقع الرواية في مائة وأربعة صفحة من القطع الصغير،وتقع أحداثها في تسعة فصول.السرد يقوم به راوٍ عليم يقدم نفسه في عتبة الرواية على أنه باحث في أدائية النص المكتوب، وخلال سير الأحداث تتداخل أصوات رواة متعددين لتتناوب السرد برهة ثم تغيب مخلية المسرح للراوي الأصلي تارة، ولراوٍ آخر تارة أخرى،وجميع الرواة هم من شخوص الرواية المحيطين بالشخصية المحورية للرواية ( عبد المنعم الياقوت،) بل يبدو في بعض أجزاء الرواية أن الأخير يتناوب السرد هو الآخر مع شخوص الرواية.وليس هناك ارتباك أو إرباك للسرد رغم تعدد الرواة، فالانتقال بين راوٍ وآخر يتم بسلاسة مدهشة ويسر، والسرد يمضي متهملا تارة، ولاهثاً تارة أخرى في عمود صاعد نحو النهاية التي نكتشف فيما بعد أنها هي عتبة النص نفسها، فالنص دائري مثل موضوع الرواية نفسه، وبذلك بتماهي الشكل والمضمون في نص محكم تظهر فيه ثقافة الكاتب النقدية وعصارة تجاربه مع الكتابة الإبداعية بشكل لافت ومبهر وممتع وغني بالدلالات التي جعلت النص متوهجاً كقطعة ذهب تحت وهج أضاف إلى وهجها أبعاداً جديدة رائعة. وإن كانت شخصية الناقد وثقافته الواسعة تزاحمان السارد في الرواية أحياناً بشكل واضح يؤثر على إيقاع السرد بدرجة كبيرةمحسوسة، فحين ينطلق السارد حراً من الناقد يتدفق السرد كنهر رقراق، وحين يمسك الناقد بخناق السرد يتقعر السرد ويبدو مشتتاً بين إرادتين تصطرعان.ظهر ذلك جلياً في عتبة الرواية وفي بعض المواقع، وتلاشى في معظم أجزاء الرواية.ثم عاد مرة أخرى في الخاتمة. ومن تجليات الصراع بين شخصية الناقد الذي يمارس الكتابة الصحفية بشكل راتب و كاتب الرواية كثرة العناوين الفرعية في رواية الورد وكوابيس الليل، ففي الكتابة الصحفية تمثل العناوين الجانبية ومايعرف بالخطوط مسألة مهمة في عرض الآراء وجذب الانتباه ، ولكنها في الرواية تشتت انتباه القارئ وتضر بوحدة النص وغير مستحبة، وقد درج معظم كتاب الرواية على الاكتفاء بتقسيم الرواية إلى أجزاء مرقمة ، أوفصول فقط لتسهيل السرد في شكل وحدات قص وتسهيل الانتقال من مكان إلى مكان، ومن شخصية إلى شخصية، وواقعة إلى واقعة دون حاجة إلى العناوين الفرعية. وثمة ملاحظة هي أن عيسى الحلو في كتاباته القصصية يبدو متحرراً أكثر من أثر الكتابة الصحفية الراتبة ودور الناقد، وتبدو قصصه منسابة بلا قيود ولا أثر للكتابة الصحفية عليها إلا إيجاباً، حيث نجد الاقتصاد في السرد والقدرة على عرض الأفكار الكبيرة بكلمات قليلة. يظهر ذلك في كتاباته القصصية وبوجه خاص قصة قصيرة نشرها بمجلة الخرطوم بعنوان (نهر بلاعودة)، وهي رواية قصيرة إن جاز التعبير، ويظهر في مجموعة (ريش الببغاء) التي تعتبر من بواكيره، وهي مجموعة متقنة فنياً خلافا لرأي البعض ورأي الكاتب نفسه، حيث قال عنها في حوار معه في مجلة أوراق جديدة الإلكترونية في 13ديسمبر 2010 ( المجموعة هي أصداء لتجارب حياتية مستخلصة من مشاهدات وحكايات مسموعة، ولم تكن تجربة وجودية عميقة، لأنها كتبت في سن مبكّرة تعوزها وفرة المادة وعمقها والفكر المتأمّل، وتنقصها المهنية والتمكن من الأدوات، لهذا كنت مندهشاً جداً لما أثارته من ردود فعل في الساحة آنذاك (1967)). لكني أرى خلافاً لتقييم الكاتب أن المجموعة كانت محكمة وجيدة من حيث المهنية والتمكن، ولكن يظهر ذلك الأثر في كتابته الروائية، وهو واضح جداً في روايتيه (عجوز فوق الأرجوحة)،التي ورد بها واحد وأربعون عنواناً فرعياً. والرواية موضوع الدراسة التي حفلت هي الأخرى بعناوين فرعية بلغت أربعة وأربعين عنواناً فرعياً بالرغم من وجود فصول، عوداً إلى روايتنا يبدو بطل الرواية عبد المنعم الياقوت راغباً في الهيمنة على السرد مثل طائر أسطوري له ظل عملاق يغطي سماء المدينة كلها، ولكنه في تقدم السرد يتراجع ويقف متفرجاً على هامش المشهد ومغيباً تماماً في بعض مواضع السرد، ولم يكن مدهشاً أن يسجل عبد المنعم ياقوت حضوره في مفتتح الرواية عبر شائعة خبر موته وظهور جثته ملقاة في وسط ميدان جاكسون في قلب العاصمة الخرطوم حيث ملتقى خطوط المواصلات القادمة من جميع انحاء العاصمة، ولم يكن غريباً أن تنتهي الرواية بمشهد الجثة نفسها في المكان نفسه ولكنها هذه المرة ترتفع عن الأرض ببطء( ترتفع الجثة إلى أعلى .. فأعلى وتفرد الجناحين مثل طائر الرخ الخرافي.) ص 103 هذا الحضور الفانتازي الأسطوري، وهذا الرحيل المماثل له كانا أمرين مقصودين ومتعمدين ولهما دلالاتهما التي لاتخفى. فلننظر لهذا الوصف للجثة(في الميدان تقف الحافلات والبصات والعربات الخاصة والركشات والجمال والجياد والدراجات الهوائية، وفى وسط الساحة ترقد جثة عبد المنعم الياقوت.. وهي كائن عملاق ضخم.ضخامة لاتصدق..هي أقرب للفكرة الأسطورية..فالرجل يشع نوراً وجمالاً وبهاءً.فهو موكب من الإشراق والنبل_عينان زرقاوان وحينما تلمعان تصبحان بنفسجيتين.. وفم مبتسم..على الرأس شعر أسود ناعم ينسدل حتى الكتفين كأغصان الشجر. صدره العالي مثل جسر نهري يمتد حتى الحدود الجنوبية،أما الفخذان والرجلان والقدمان فهي تستقر هناك عند مدن السودان الجنوبية، والذراعان مشدودتان يصل الذراع الأيمن إلى مدن الغرب القصي حتى الجنينة. والذراع الأيسر يصل شرقاً إلى سواكن وبورتسودان. إنه رجل ضخم بحجم الوطن. تحول إلى جثة تصل شمال وجنوب الوطن.) ص 101 و102 الرواية. الواضح هنا أن الجثة رمز وليست جسداً مادياً له وجود موضوعي خارج المخيلة والذهن.وهناك جنوح واضح نحو أسطرة شخصية عبد المنعم ياقوت، ويحيل المشهد مخيلة القارئ إلى نصوص أخرى جاءت بمشاهد تجنح نحو الأسطرة في تناص مع هذا النص، من ذلك روايات ماركيز وأجواؤها الفانتازىة، وعلى وجه الخصوص قصة(أجمل غريق في العالم)التى كان بطلها جثة طافية ارتطمت بالشاطئ وتجمع حولها الأطفال ثم النساء وجعلوا منها أسطورة(وقد لاحظ الرجال الذين حملوه إلى أقرب بيت أن وزنه أكثر من وزن أي رجل ميت عرفوه،إذ يكاد يقرب من وزن حصان ، وعندما مددوه أرضاً قالوا إنه أطول من كل الرجال)لا أحد يكاتب الكولونيل / غابريل غارسيا ماركيز ص 113. وبلغ افتتان النساء به ميتاً أن الرجال غضبوا وصاحوا بهن(منذ متى كانت هذه الضجة من أجل جثة طافية؟! وغريق تافه مغمور؟!..وقطعة من اللحم البارد؟!) لاأحد يكاتب الكولونيل/ غابريل غارسيا ماركيز/ص 115. ومن صور الأسطورة في الأدب مشهد ضو البيت في رائعة الطيب صالح (ضو البيت ) حين خرج خروجاً أسطورياً من النهرعلى طوف ويصفه حسب الرسول الذي كان أول من شاهده بصورة تجنح نحو الأسطرة(أنزل حسب الرسول النير عن رقبة الثور، قبيل طلوع الفجر،كان الوقت شتاءً،بغتة سمع حركة في الماء كأن تمساحاً طفا، ونظر فإذا الضوء المنعكس من النار الموقدة، يتأرجح فوق حفافي الموج، ونظر ثانية فإذا دهمة تتجه نحوه) يحكي حسب الرسول المشهد بصورة مشوقة (رأيت الدهمة تتشوبح بين النهر والسماء كأنها ممدة بين النار على الشاطئ، وقبس الفجر الباهت تحت خط الأفق.وأحسست بنفسي أضيع.رأيت الدهمة صارت شيطاناً واحداً بدل جمع شياطين .تشجعت وتماسكت وبلعت ريقي وقلت للمارد الواقف في الماء بين الأرض والسماء"السلام على من اتبع الهدى".لم يرد على سلامي ومضى يخوض الماء قاصدا مكانى، فاكثرت من التهليل والتكبير،سألته وأنا على تلك الحالة، وما بى حاجة إلى سؤال:"انت شيطان أم انسان؟ فأجابنى وهو واقف أمامى، قال بلغة عربية ولكنة أعجمية: "شيطان" الطيب صالح/ ضو البيت /الأعمال الكاملة ص226 ثم يصف حسب الرسول الرجل(الوجه مثل الصخر، الأنف مثل الصقر، الأسنان زى أسنان الحصان، والعيون خضر تلمع مثل الفيروز.جلت صنعة الله)المرجع نفسه ص 227 وحتى تكتمل الأسطورة يختفي ضو البيت في النيل بذات الطريقة التي جاء بها. في يوم هاج النهر فيه وماج، اختفى ضو البيت بطريقة فانتازية بعد أن عاش بين الناس ردحاً من الزمن. يصف الطيب صالح ذلك بقوله(هاج الناس وماجوا، بعضنا نزل الماء وبعضنا جرى على امتداد الشاطئ وضوت المشاعل على الضفتين، ونادى الناس من مكان إلى مكان، ومن شاطئ إلى شاطئ إلى أن صارت الدنيا كلها تنادي في جوف الظلام" ضو البيت" ولكن ضو البيت اختفى لاخبر ولا أثر، ذهب من حيث أتى من الماء إلى الماء، ومن الظلام إلى الظلام) المرجع نفسه ص 234 هكذا نجد أن الأسطورة هي ملح الرواية عند الطيب صالح وعند عيسي الحلو وعند كتاب آخرين بقامة ماركيز، وهي تقنية يتم توظيفها في السرد توظيفاً محكماً، والتناص هنا لايعني النقل ، بقدر ما يعني وجود منهج مشترك وشيئ متشابه في نصوص مبدعة بواسطة ذوات مبدعة مختلفة، ويعرف النقاد الميثولوجيا بأنها" الأساطير والكرامات والخرافات وكل فكر مناقض للتفكير العقلاني" د .محمود إسماعيل / الاسطغرافيا والميثو لوجيا.ص 12.ويعرف الدكتور صلاح فضل الأسطورة بأنها(أحد طرفي التصميم الأدبي والطرف الآخر هو الطبيعة كما نعهدها، والرواية تقع في المنطقة الوسطى بين هذين الطرفين. إن الأسطورة هي محاكاة الأفعال التي تقع في نطاق الرغبة، وإذا كانت الأسطورة تجسد المستوى الأعلى للرغبة الإنسانية، فإن هذا لايعني أنها تقدم عالمها كما تعيشه الكائنات البشرية بالضرورة، بل إن التخيل الأسطوري يقع في عالم رؤيوي، يتكون من الاستعارة الشاملة التي يتوحد فيها كل شئ بكل شئ آخر.) وقد استخدم الناقد صلاح فضل مصطلح الأسطورة لوصف جنوح الكاتب نحو إيراد القصص الأسطورىة فى معرض دراسته لتجربة جمال الغيطاني. وتنطوي الميثولوجيا على بعد ديني، خصوصاً مايتعلق بالكرامات التي هي وثيقة الارتباط بالأسطورة، من حيث نشأتهما معاً في مناخ مجتمعي واحد، تبادلا من خلاله التأثير والتأثر.هذا فضلاً عن تمحور كل منهماحول (بطل)ذي قدرات خارقة تتجاوز منطق الواقع وقوانين الزمان والمكان، ليحقق الحلم الجمعي وفق إرادته المطلقة. كما تشتركان في الطابع الخيالي واللغة الرامزة المقنعة والموحية . ويأخذ الميل إلى الأسطرة طابعاً شعبياً عاماً، فنجد ظلاله في كثير من القصص الشعبي السائد وخاصة مايعرف ب ( الحجي أو الحجوات) حيث تكثر فيها القصص الخرافية عن أبطال خارقين وحيوانات وكائنات لاوجود لها سوى في المخيلة الشعبية، وتعكس تلك الأساطير في مجملها جانباً من الصراع بين الخير والشر الدائر في المجتمع، وتعكس أشواق وأمنيات العامة، فنجد ميلاً إلى تأليه الرموز الاجتماعية عند الموت وبعده، وإسقاط كل ماهو خير وإيجابي عليها ونسبته إليها، حتى لايعود الشخص هو الشخص نفسه، بل يمسي رمزاً ومخزناً لكل الأماني والرغبات الدفينة، فيكتسب هالة نورانية تسمو به إلى مراتب أعلى، ويبدو ملاكاً طاهراً من فرط مانسب إليه من محاسن حقيقية ومشتهاة،. إن الاسطورة في جانب منها هي تعبيرعن الأشواق المؤودة للشعب، وهي واقع بديل لواقع مظلم، وقوة خارقة بديلة للعجز السائد في الواقع.إنها الأحلام حين تحلق بأجنحة الخيال فتثأر لنفسها من ضيق الواقع، وتكنس كل مايعيق تحققها،وتمنح النائمين دافعاً لليقظة والعمل وأفقاً ملهماً. الوطن المتخفي في رواية عيسى الحلو بين الكوابيس: في رواية (الورد وكوابيس الليل) يكتب عيسى الحلو للوطن المتشظي المثخن بالجراح بشاعرية حالمة ودموع تجري بلاتوقف من أول الرواية حتى خاتمتها، هي دموع جيل شهد نهضة آمال السودانيين وارتفاع سقوف أحلامهم إلى عنان السماء، ثم شهد الكسوف والانحسار ومقتل الأحلام وتمزق الخريطة ومأسأة الانفصال وتقزم الأحلام وموت الورود المتفتحة في البستان.الرواية في الحقيقة مرثية طويلة للوطن، وأنة مجروح لاتخفي دموعها ولاتخجل منها،وعيسى الحلو يصور حالة المثقف السوداني في هذا الزمان في مفتتح الرواية تصويراً بليغاً(هكذا يضيع عبد المنعم ياقوت ويفلت من تحت سن القلم الذي يريد الإمساك به وبحقائقه. ونمارس كلنا الكلام فى وقت واحد..وداخل هذه الفقاعة المليئة بالهواء والفراغ والثرثرة تصبح الوقائع محض أوهام. وأتشبث بالورق والضوء والمنضدة..أحاول أن أتحرر من هذا العبء بالكتابة ولكنني أجد نفسي ملتصقاً بجدار الفقاعة. .سجين كما لو كنت كلباً مقيداً من قدميه الأماميتين.) الرواية ص 6. نلاحظ هنا أن عبد المنعم الياقوت في الحقيقة هو الوطن نفسه، فهو يضيع ويفلت من سن القلم، أما مثقفو السودان فقد وقفوا عاجزين عن حماية الوطن وعاجزين عن بنائه وعاجزين عن الفعل، واكتفوا بالثرثرة التافهة التي لاتصنع سوى الوهم والهزيمة، فباتوا سجناء لعجزهم مثل كلب مقيد الأطراف كما وصف الكاتب نفسه.إنه جلد الذات وتعذيبها في أقسى وأبشع صوره. عبد المنعم الياقوت هو الوطن نفسه وليس شخصاً، ظل الراوئي يؤكد ذلك على امتداد الرواية، فالياقوت تعرض لاكثر من محاولة قتل ، لكنه ينجو في كل مرة، وحتى عندما عرضت جثته في ميدان عام لتأكيد موته ، لم يمت، بل ارتفعت الجثة نحو السماء وهطلت أمطار خير على المكان، فهو لايموت، هو باق ما بقيت الحياة، حتى وصفه لم يكن وصفاً لشخص، فعيناه الزرقاوان هما أنهار وفيرة المياه، وضخامته هي مساحته الجغرافية الواسعة، وتنوع ملامحه هو إشارة لتعدد الأعراق فيه، وكونه تبنى وأوى أطفالاً من جهات مختلفة هي إشارة أخرى إلى كونه رمزاً للوطن وليس إنساناً من لحم ودم،وتعدد الاتهامات الموجهة إليه والملاحقات التي تعرض لها فيها إشارة إلى كون المقصود هو الوطن وليس شخصاً،فلنستمع إلى هذا الوصف لعبد المنعم ياقوت:(هو ذلك الذي أثر في حيوات كل الذين كانوا حوله، بل أن أثره تجاوز كل الحدود، وإن كان الناس لايعرفون هذا التأثير بشكل واضح. وهم أيضاً لايستطيعون أن يحددوا شكل هذا التأثير. فالرجل له حضور شديد وسطوة، كما لو كان فكرة، أو هاجساً عصابياً، يجعل الكيان يهتز، فأجسادهم تتوتر ويسري فيها الخوف نافذاً كالمخدر، وتصيبهم صدمة الألم المفاجئة بنوع من اللذة الجسدية. ويمتزج كل ذلك بانطباعاتهم اليومية. كانوا لايتحدثون عنه بشكل واضح ومباشر. فقد حولت هذه العلاقة الغامضة والسرية الرجل إلى سر.كما حول الصمت المتكتم الرجل إلى شفرة ورمز وأسطورة.يحيا عبد المنعم ياقوت في الضمير السري لهؤلاء الناس.) ص 8 هل يمكن لرجل أن يشبه وطناً كل هذا الشبه؟! والياقوت حجر كريم كما نعلم فمن هو الأحق بالصفة( رجل هلامي أم وطن عزيز أرادوا له أن يكون هلاماً فاستعصى عليهم وأبى؟) ثم يصور الحلو حالة الناس حين يسمعون بإشاعة موت الرجل الوطن، وأظن أن الإشاعة هنا هي إشارة إلى ( انفصال الجنوب) وصدمته على السودانيين جميعاً، أنصتوا إلى هذا الوصف ومارسوا الإسقاط :(تأسست أسطورة (عبد المنعم ياقوت) طوال هذه الحقب المتعاقبة.حتى مساء أمس، حينما شاع خبر موته المفاجئ، تسرب الخبر من المقاهي إلى الشوارع و الميادين العامة، ومؤسسات الدولة..وامتلأت الشوارع والساحات بالناس الذين تدفقوا من كل حدب وصوب، وجوههم شاحبة وعيونهم جاحظة وأفواههم جافة ...يهمسون همساً ويتكلمون بالإشارة!! لاتعرف أن كانوا يشعرون بالحزن..أم يشعرون بالرعب والخوف؟كانت أقدامهم تلامس الأرض وتطأها في خفة فتكاد تحسبهم يحلقون كالحمائم والعصافير.)الرواية ص8. كلمتا( الحقب المتعاقبة) فيهما إشارة واضحة إلى كون الياقوت هو وطن وليس شخصاً، فالشخص لايشهد حقباً متعاقبة عادة. ثم يصف الراوي الجثة قيزيد الأمر وضوحاً: (كان عبد المنعم ياقوت ممدداً، جسده متصلب، كما لو كان مصنوعاً من الرخام النقي.كان تمثالاً منحوتاً باتقان عالٍ.كما لو نحته مايكل أنجلو مشكل الأساطير على سقف بهو كنسي.وكان الوجه وقوراً جداً.ووسيماً في جلال كما الحسين في كربلاء.وفي بساطة ود حلو في أم دبيكرات، وعنف خليفة المهدي ود تورشين.كان رجلاً جميلاً عيناه مفتوحتان تتوهجان بالبريق.ومابين الابتسامة وبريق الأسنان ينزل خيط دم رهيف. وكان الوجه في صمته الساحر يفضح الأسرارويبوح. كانت الجثة تتمدد في كل الاتجاهات،وتنتشر في كل الساحات في المدن الثلاث والناس يراقبونها وهم فوق هامات الأشجار معلقين كالطيور في الأعالي، والجثة ترتفع من على الأرض وتهم بالطيران إلى الأعلى.) ص10 هذا الوصف لعبد المنعم ياقوت وجمعه بين ملامح كل مكونات السودان التاريخية والإثنية تجعل المطابقة بينه وبين السودان الوطن استنتاجاً تؤيده الشواهد والوقائع والمعطيات وليس مجرد إسقاط خارجي على النص، أو تفسير متعسف له. ويزداد الأمر وضوحاً عند قراءة وصف منزل عبد المنعم ياقوت فهو بيت السودان حقاً، فهو دولة حديثة( بيت مبني على الطراز الحديث) الرواية ص 11 واللوحات المعلقة على صالته هي لوحات لفناني السودان التشكيليين (على جدران الصالة لوحات سيرالية، كتلك التي يرسمها كبار التشكيليين في الخرطوم.على الباب الرئيسي لوحة حروفية لحمد محمد شبرين)ص 11 ( على الجوانب والأركان نباتات الظل فوق الأواني الفخارية) الرواية ص 11 ( الفناء الخارجي حديقة تنمو فيها أشجار استوائية أوراقها عريضة، وعلى شجرة المهوجني علق قفص الببغاء الذي يردد أغنية (لاقيتو باسم، زهر المواسم).) ص 12. كل هذه المحتويات هي محتويات سودانية بحتة ، مما يؤكد أن الياقوت هو السودان نفسه. وحين يستعرض الراوي مكتبة الياقوت نجد أن محتوياتها هي فصول تاريخ السودان: موقعة كرري. سقوط الخرطوم ومقتل غردون ، قصف الطائرات للجزيرة أبا في عهد النميري، تشييع شهيد انتفاضة أكتوبر 1964، إعدام محمود محمد طه زعيم الحزب الجمهوري، إعدام عبد الخالق محجوب زعيم الحزب الشيوعي، مقتل الإمام الهادي المهدي زعيم الأنصار في الكرمك، انشقاق الجبهة الإسلامية الحاكمة، موت الزعيم جون قرنق، انفصال الجنوب ، أحداث هجليج. وهكذا نجد أن ذكرة الياقوت هي ذاكرة وطن وليس شخص ، مما يؤكد الرمزية. ثم يرصد الراوي واقعة هجوم حركة العدل والمساواة على أمدرمان في سياق السرد، ثم يرصد حالة أخرى داهم فيها وباء الكوليرا المدينة وفي جميع الحالات كان الناس ينظرون ويبحثون عن الياقوت باعتباره المنقذ المنتظر. ثم يترك السارد عبد المنعم الياقوت وشأنه ويقدم شخوص الرواية الآخرين وهم عائلة سودانية مهاجرة من جبال النوبة حيث جذورها إلى وسط السودان كعادة أهل السودان، حيث تتوفر الخدمات وفرص العمل في الوسط. العائلة تتكون من الأب (لوسيان) الذي أبدل اسمه إلى عبد الجليل عند قدومه إلى الوسط،وتلك علامة من علامات القهر الثقافي الذي تتعرض له بعض الثقافات المحلية، وزوجته انجلينابولاك وبنتاه رقية وجورجينا، وقد وضعت الصدفة الرجل الثري سعيد كمال في طريق عبد الجليل فبات صديقاً له. أسرة عبد الجليل تبدو غامضة نوعاً ما، وفي إشارة ذكية لأجواء عنصرية ربما عانوا منها يقول الراوي(كانوا يتعاملون على اعتبار أنهم أناس يعيشون داخل فقاعة...على أساس أنهم محض أكذوبة، فكانوا يتعاملون مع أنفسهم ومع بعضهم البعض ..ولايتعاملون مع الآخرين مطلقاً.)وهنا يلامس القاص بعض مواضع المسكوت عنه في الثقافة السودانية وهو وجه عنصري بغيض كامن في القاع وبارز على السطح. لهذا السبب نفسه ركز الراوي على دفاع القادمين من الهامش إلى المركز عن ثقافتهم المحلية عبر ممارسة الرقص بشكل دفاعي هيستيري (هكذا يرقصون كطيور تحلق في اللامكان واللازمان، وهى مذبوحة تنزف وهي تحلق في البعيد.صدورهم تلهث وعيونهم جاحظة وقلوبهم تنبض بقوة وعنف) ص 25 .الرقص هنا أداة تحرر ومقاومة للسحق تحت الأقدام، هو هنا فعل مقاومة باسلة. لأن هؤلاء كانوا خلية مقاومة فكان لابد من حدوث رد فعل من قوة مجهولة، لذلك حدث حريق هائل مجهول السبب يصفه الراوي: ( لم يكن أحد منا ليعرف كيف شب الحريق في الطابق العلوي.أهو بفعل فاعل ؟ أم مصادفة؟ وفيما بعد لم يصل التحقيق الجنائي لشئ. وإن كان قد رجح أن السبب هو حدوث ماس كهربائي..حيث سرت النار في بداياتها ببطء..والضحايا في قلب ليل كوابيسهم وجنونهم يمتطون أمواج الرغبات المهووسة التي كانت تقذف بهم نحو هذا المصير.ولم تجد الشرطة إلا جثة انجلينا وعبد الجليل وجثة أخرى لم تستطع الشرطة تحديد هويتها، ورجحت الشرطة أن يكون من يلقب بعبد المنعم ياقوت هو سعيد كمال.) ص 29 ثم يعود الراوي ليقدم تفسيراً آخر للحريق:(لم يكن انفجار الطابق الثاني بسبب ماس كهربائي كما سبق أن جاء في التقرير. فقد كشفت التحقيقات اللاحقة أن هناك مخبأً للأسلحة في الجزء الجنوبي من الطابق العلوي، وهو معد لجمع الأسلحة المهربة من أماكن عديدة خارج البلد،وأن هذه الجهات ضالعة مع منظمات صهيونية عالمية ، ومن مجريات التحقيق وضح احتمال أن عبد المنعم ياقوت ربما هو شخص غير حقيقي. ربما هو اسم حركي تنظيمى داخل الجسم الأرهابي المتمرد، وحامت شكوك أنه سعيد كمال) ص32 والتفسيران يشكلان تجسيداً للحقيقة الغائبة في الوطن وجزءاً من المشهد العام، حيث يصبح فعل بريئ مثل الرقص الجماعي أساساً لتهم خطيرة كالعمالة للصهيونية العالمية والضلوع في الإرهاب والجريمة المنظمة، ووجه الفداحة والغرابة أن الضحايا باتوا مجرمين بعد أن احرقوا بنيران مجهولة ولاسباب مجهولة، ثم قتلوا ثانية معنوياً بإلصاق تهم قبيحة بهم لتبرير الجرائم بحقهم. هذا المشهد يعيد إلى الذاكرة كل من قتلوا وبرر قتلتهم القتل بتهم أوهى من خيط العنكبوت تلصق بمن لايستطيع الرد عليها. كوابيس الحرب والسلام: ثم يعود الراوي إلى جثة عبد المنعم الياقوت المسجاة في ميدان عام بقلب الخرطوم(كان الرجل في نومته تلك كما لو كان في استراحة محارب_ محارب قاتل قتالاً شرساً في حرب طويلة.حرب تتوقف لحين..ثم تعاود الاشتعال مجدداً) ص 37 ثم يورد تصويراً مفزعاً لواقع الحرب الأهلية في السودان:(الناس يموتون كيفما أتوا، يسقطون تحت وابل الرصاص المنطلق في الشوارع والميادين العامة والأسواق، والناجون من الموت يجرون هنا وهناك ، ولايعرفون ملاذاً ينجيهم من هذا الموت المفاجئ والمجاني. فهم لايعرفون لماذا قامت هذه الحرب أصلاً.وما هي الجهات التي تقوم بها، لايعرفون هذا العدو السري الذي يشعل هذه النيران.) ص37 ثم يرد في السياق نفسه اسم عبد المنعم ياقوت وينسب إليه هذه المرة اتهام جديد، وهو كونه يتاجر في السلاح ويدير تنظيماً سرياً مسؤولاً عن تهريب الأسلحة إلى غزة، وهو في نفس الوقت قائد للمعارضة السرية ضد النظام القائم في السودان. ونلاحظ هنا استحالة الجمع بين التهمتين تهمة تهريب سلاح خارج السودان لخدمة القضية الفلسطينية، وتهمة معارضة السلطة القائمة بالقوة، لذلك يغلب على الظن أن الياقوت هو السودان نفسه الذي يجمع المعارضة والحكومة، وكل منهما يواجه قائمة اتهامات مختلفة. ويتعرض عبد المنعم الياقوت لمحاولة اغتيال فاشلة بصاروخ إسرائيلي في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، وهذا توثيق لحادثة حقيقية تعرض لها السودان ولم تكن المحاولة فاشلة، بل كان لها ضحاياها ولكنها فشلت كون السودان لازال على قيد الحياة. ويقدم الحلو مشاهد مصاغة بدقة تصور حال الوطن المغيب بكوابيس الليل (لقد أصاب الناس فزع عظيم..وأخذوا يخرجون إلى الطرقات والساحات في جماعات يضربون على دفوف الموت، وينشدون أناشيد الأمل في حياة قادمة.. ويطردون ويطاردون..يجرون.. ويلاحقهم العسس..يملأ الدخان والغازات الطرقات والساحات..يسقط من يسقط.. وقل أن ينجو أحد.) الرواية ص 47 ثم يسهب في البيان(ويضطرب اضطراباً عظيماً هذا الجسد المبتور والمشوه والذي فقد ذاكرته وهويته وصلته الحميمة بالحياة. فكل شئ يموت- يموت في بطء، وفي غيبوبة الموت والحمى يندفع جنود يقودون آليات حديدية مجنزرة تطلق مدافعها النيران فتدك البيوت والأشجار والناس والخيول. وهناك مقاتلون يمتطون صهوات الجياد ويرفعون السيوف والرماح، ويفرون بعد أن تكون المدن قد دكت دكاً ، ومسحت بالأرض.) ص 48 وتمضي الرواية مرثية طويلة حزينة وصادمة لوطن النجوم الذي بات جسداً مبتوراً مشوهاً حين فصل منه جنوبه وبات مهدداً بمزيد من البتر والتشويه، إنها رواية عظيمة مكتوبة على بحر الوطن ونهر الحزن وبمداد الصدق والشجن والحنين إلى الماضي والحلم بالمستقبل رغم الكوابيس. والرواية بهذا الفهم هي شهادة هذا المبدع الجميل على عصره. شهادة مكتوبة بالدم والشرايين والأرق والدموع، وموشاة بخلاصة تجارب طويلة في الكتابة الإبداعية وصناعة الجمال وسط القبح الزاحف. إنها شهادة رجل لم يصمت ولم يتوار عن الأنظار، بل ظل في طليعة المدافعين عن الجمال. صلاح الدين سر الختم علي مروي الثاني من فبراير 2014 المراجع: 1/الورد وكوابيس الليل/ رواية/ عيسى الحلو. دار مدارك للنشر الطبعة الأولى2013 2/لا أحد يكاتب الكولونيل/جابريل غارسيا ماركيز/ دار العودة بيروت/ 1988 ترجمة فضل الأمين. 3/ الأسطغرافيا والميثولوجيا/ د .محمود إسماعيل/ رؤية للنشر/ القاهرة2009. 4/ الطيب صالح/ الأعمال الكاملة/دار العودة. 5/أساليب السرد في الرواية العربية / د. صلاح فضل/دار سعاد الصباح.الطبعة الأولى 1992 6/ ريش الببغاء/ عيسى الحلو/ مجموعة قصصية/دار هايل للطباعة والنشر. 7/ عجوز فوق الأرجوحة/ رواية / عيسى الحلو/ مدارك للنشر2010 الطبعة الأولى. 8/ اختبئ..لأبحث عنك./ مجموعة قصصية/ عيسى الحلو/ دار عزة للنشر 2003 الطبعة الأولى. 9/ نهر بلا عودة/ قصة قصيرة/ عيسى الحلو/ مجلة الخرطوم/ أكتوبر نوفمبر ديسمبر 1994 ص 160. 10/ مجلة أوراق جديدة الإلكترونية.حوار مع عيسى الحلو/2010
| |

|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: الشيخ سيد أحمد)
|
== منقول ==
نبض الوطن تحقيقات اتجاهات ثقافية اذاعة وتلفزيون كتاب وأراء عربي ودولي
تقارير صفحات متخصصة الأعداد السابقة الصفحة الرئيسية / الوطن / بين عباءة القضاء ومعطف الأدب
الوطن الوطن الاقتصادي الوطن الرياضي بين عباءة القضاء ومعطف الأدب JUN 03, 2017 5 4 3 2 1 بين عباءة القضاء ومعطف الأدب
رغم أن الدكتور صلاح سر الختم يعمل قاضيا بمحكمة الاستئناف بالخرطوم إلا أن الكتابة في الرواية والقصة والنقد تشكل مشروعه الإنساني للحياة. بدأ بكتابة الشعر وانتقل للسرد، يقول «بدأت الكتابة باكرا منذ الرابعة عشرة من عمري وصرت حكاءً متأثرا بقصص وحكاوي جدتيّ اللتين كانتا مجيدتين لفن السرد بشكل مدهش وممتع».. صدرت له روايتان «الرمال يا فاطمة» و»عيون التماسيح» و«عروس النيل»، وفي مجال النقد أصدر «الينابيع السحرية ومسرات الخيال في اعمال أمير تاج السر» و»صهيل الأوراق سياحة في اعمال عيسى الحلو» و«فن الرسم بالكلمات» في فن القصة القصيرة جدا.. التقته الوطن في حوار حول تجربته وقضايا الراهن الثقافي. لماذا تكتب ولماذا التعدد في أجناس الكتابة؟ - هذا سؤال صعب جدا طالما سألته لنفسي، وتوقفت كثيرا عند الإجابة، فكل مرة تكون هناك إجابة وكل مرة تبدو الإجابة مخاتلة وناقصة، أشعر كثيرا بالحاجة إلى الكتابة فأكتب مثل طفل صغير يعيد تشكيل الأشياء بقلمه، أو بكوم من الرمال أو قطعة طين أو صلصال أو حتى علبة ألوان وورق أبيض، الكتابة هي تعبير مكثف عن الرغبة في البوح والخشية منه في آن واحد، هي تعبير مكثف عن رغبتنا في التواصل وفي فهم العالم، لكنها رغبة غير قابلة للإشباع مطلقاً. التعدد في أجناس الكتابة خيار نقدي للكاتب أكثر من أي شيء آخر، يستهوينى النقد كثيرا فأنا أدرك جيدا جوع الكاتب حين يكتب ويفرغ من الكتابة ويدفع بمنجزه السردي إلى قارئ مجهول، إلى ملامسة أثر ما كتبه على الآخرين. أنت تكتب نقدا في الرواية، وتقدم عملا تطبيقيا في الرواية كما حدث في روايتك «عيون التماسيح» هل كتبت الرواية من باب التطبيق النقدي أم لأنك أصلا مهتم بكتابة الرواية؟! -لا.. بالتأكيد كتابة الرواية عمل مختلف عن التطبيق النقدى، بالرغم من أنها تتضمن بالضرورة تطبيقا نقديا واختيارات نقدية، لكنها شيء مختلف تماما، عندما أكتب الرواية أستسلم تماما لعالمها، أحاول بقدر الإمكان ان أخلع ثوب الناقد وعقليته المسيطرة وأسلم قيادي للشخوص والوقائع وذلك الثراء اللامحدود الذي لا يحتاج أجنحة للتحليق في سمائه، أو معرفة بالسباحة والغوص للتنقل في بحاره، الروائي والشاعر طائران طليقان بينما الناقد مثقل بكثير من القيود، يشبه الناقد طائرة والروائي والشاعر طائرين ولن أعدد الفوارق، هنا.. صراحة اهتمامي بالنقد يرجع إلى تأثري كثيرا بتجربة القاص والمفكر والناقد السوداني جمال عبد الملك ابن خلدون والقاص والناقد عيسى الحلو، كلاهما عانى من غياب النقد في الساحة الادبية في زمانهما، فانبريا ليمارسا النقد جنبا إلى جنب مع كتابة القصة ليكونا شمعتين تحترقان لاضاءة طريق المبدعين في مجال السرد، بالطبع كان ذلك خصما على منتوجهما القصصي والسردي ولكنهما قدما خدمات جليلة للأدب السوداني. في رأيك لماذا انحسرت كتابة الشعر الآن؟ - الشعر ذلك المصباح المنير لا أظنه منحسراً، غياب أصوات شعرية عظيمة مثل محمود درويش، امل دنقل، نزار قباني، الفيتوري، صلاح عبد الصبور، البياتي، بدر شاكر السياب، وغيرهم كان مؤثرا جدا على سطوة الشعر وعلى تسيده الساحة الثقافية خلال حقب ماضية منذ الستينيات، هذا اعطى انطباعا بتراجع سطوة الشعر، ولكنه انطباع مخادع، ما زال الشعر هو المهيمن في تقديري والدليل على ذلك الشعرية الطاغية في الرواية المعاصرة في نماذج كثيرة. هنالك نقد حاد للرواية السودانية التي تكتب الآن وتشارك في المسابقات؟ - هو نقد انطباعي كسول، لا يتعدى الطنطنة في المنابر شفاهة، لكن المنتوج النقدي المكتوب الجاد قليل جدا، ومعدوم وغير مواكب للمنتوج الإبداعى لكتاب الرواية في السودان، يتحدثون سخرية عن انفجار روائي في إشارة إلى كثرة الروايات، لكنهم لا يتفضلون بقراءة رواية من تلك المتفجرات القابعة في الأرفف والأرصفة، ولا يكتبون عن تلك المتفجرات سلبا أو إيجابا، للأسف في السودان لا يتم الاحتفاء بكاتب إلا إذا تم الاحتفاء به خارجياً. ما رأيك في المنصات الروائية العربية (كتارا، جائزة نجيب محفوظ، البوكر، جائزتي الطيب صالح)؟ - في تقديري حتى الآن أفضل هذه المنصات هي كتارا والبوكر جائزة كتارا للرواية العربية، قدمت في دورتها الأولى (2015) خمسة أصوات روائية متميزة، على رأسهم أمير تاج السر برواية «366» والمصري ابراهيم عبد المجيد برواية «اداجيو» ومنيرة سوار برواية «جارية» وناصرة السعدون برواية «دوامة الرحيل» وواسيني الاعرج برواية «مملكة الفراشة». وقدمت خمسة اصوات أخرى في فئة الروايات غير المنشورة. وفي الدورة الثانية قدمت الجائزة أصواتا أخرى. وأعتقد انها إضافة ثرة للمشهد الروائي العربي. وجائزة البوكر يتجلى إنجازها في الأصوات التي أبرزتها سواء فائزين أو منافسين برغم أنها لا تزال غير قادرة على متابعة كل المنتوج الإبداعي ولا تزال تشكو مما تشكو منه الجوائز الأدبية العربية. جائزتا الطيب صالح في تقديري لهما إيجابيات كثيرة أقلها هذا الحراك السنوي المستقر ممارسة، ولكن لم تحقق أي منهما الإضافة المطلوبة ولم تبرزا تقاليد مقبولة للوسط الأدبي، ولم تفتحا حوارا حول التجربتين وتقييمهما، بل ظل الباب موصدا في وجه التطوير والتقييم.. جائزة نجيب محفوظ تقدم وجها آخر تظهر فيه سيطرة الناشرين على الجائزة، علما بان تزكية العمل وترشيحه من جهة خلاف الكاتب نفسه شيء محمود ولكن للناشر دوما أهداف أخرى. لماذا وقعت خياراتك النقدية للروائيين أمير تاج السر وعيسى الحلو لكتابة مؤلفين عنهما؟ - الحقيقة أن مشروعي النقدي هو مشروع يحاول تغطية معظم إن لم يكن كل المنتوج الإبداعي السردي السوداني، لكن اخترت البداية بالكتابة عن مشروعى أمير تاج السر وعيسى الحلو لأسباب كثيرة، بالنسبة لعيسى الحلو من الصعب على كاتب أن يكتب عن فنون السرد في السودان دون أن يتحدث عن بصمة هذا المفكر والكاتب الضخم الذي خرج من جبته كثير من كتاب القصة والنقاد، هي تجربة ممتدة اكثر من خمسين عاما كتب فيها الحلو القصة والرواية ومارس النقد والكتابة الصحفية الراتبة بلا انقطاع، تاركا بصمة شخصية في كل المنتوج الإبداعي السردي خلال نصف قرن. ولم يجد الرجل حظه من الكتابة عن أدبه وعن دوره وعن تجربته الخلاقة، فكان الاختيار محاولة خجولة لمقاربة هذه التجربة، أمير تاج السر حكاية سودانية لجيل آخر جيل الثمانينيات (نقصد أدبيا حيث كانت أول رواية له «كرمكول» في نهاية الثمانينيات) ثم واصل عقد إبداعه التدفق حتى بات على قمة كتاب الرواية في السودان من حيث الإنتاج وهو إنتاج نوعي متميز جعله يتربع على عرش الرواية ليس سودانيا فحسب بل هو واحد من أهم كتاب الرواية العرب حاليا، أمير تاج السر تجربة غنية وثرية وهو قصة إرادة إبداعية قوية شقت طريقها بسرعة الصاروخ نحو القمة. تجربة أمير تاج السر تستحق التوقف عندها. في الطريق كتابان عن تجربتي عبد العزيز بركة ساكن ومنصور الصويم فهما صوتان مهمان في عالم السرد السوداني. هل كتابك عن القاصة الرائدة فاطمة السنوسي بسبب ريادتها، أم لاهتمامك الخاص بكتابة القصة القصيرة جدا إذ أنت أحد كتابها؟ - فاطمة السنوسي رائدة من رواد القصة القصيرة جدا عربياً، وهي رائدة هذا الجنس الأدبي الحديث في السودان منفردة في مطلع الثمانينيات علما أن القصة القصيرة جدا يؤرخ لها بكتاب ناتالي ساروت في السبعينيات الذي ترجم في السبعينيات.. اهتمامى بها جاء بسبب هذه الريادة وكونها لم تلق حظها من الكتابة عن نصوصها فكانت البداية بجمع تلك النصوص وهي مهمة انبري لها المهتمون بالقصة القصيرة جدا في السودان، وكان لي نصيب في ذلك، ولا أدعي لنفسي سبقا ولا انفرادا، لكنني قمت لأول مرة بمقاربة تلك النصوص نقديا وتحليلها بغرض التأكيد على أنها قصص قصيرة جدا، وتثبيت ريادة فاطمة السنوسي في هذا المجال، وهذا الجهد نشرته الآن ضمن كتابي عن فن القصة القصيرة جدا.. وهذا واجب النقاد في التعريف بالأدب السوداني ورموزه.
ألا رحم الله الجميل (عيسى الحلو).
| |

|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الأديب (عيسى الحلو) (Re: الشيخ سيد أحمد)
|
التحية للاحباب البرنس وود الشيخ طول الاغتراب والانشغال بمعينات الحياة كل هذه شغلتنا عن المتابعة والقراءة بانتظام ومن هذا البوست الرائع عن الاديب ( عيسى الحلو) سوف أبدا قراءة كتاباته
لكم الشكر والتقدير الاحباب الكرام كنت اسمع لهذا الاديب الرائع ولكني لم أقرا له
أولويات الحياة .. شكرا البرنس شكرا ود الشيخ
| |

|
|
|
|
|
|
|