سيظل الأمير عبد الرحمن نقد الله (رحمه الله ) أحد أقوى وأجسر وأنبل وأشرف المناضلين السودانيين .. فقد كان سياسياً من طراز فريد، وصاحب قيم ومبادي وخلق وصلابة، عجز الكيزان على كسره، فلم يقهره تعذيب، أو تلين من عزمه المعتقلات والسجون. كان الأمير نقد الله، أحد أبرز قيادات حزب الأمة، له حضور و هيبة لا تخطئها العين، تسبقه خصاله النبيلة، وتواضعه وكرمه الذي يفوق الوصف، كان بشوشاً ودوداً، له إبتسامة سحرية تدخل القلوب، وجدية مهيبة .. كان ينصت لمحدثه بأدب جم، لا يقاطعه مهما طال حديثه، وعندما يتحدث له لغةًُ جزلة سلسة. وقد ظل نقد الله عليه الرحمة، طيلة السنوات التي عرفته فيها، صاحب شكيمة لا تلين، مستمسكاً بمبادئه لا يجامل ولا ينافق، واضح في معاداته وبشراسة للأخوان المجرمين الكيزان، لم يتزحزح في ذلك قيد أنمله .. ما سبب له العداوة مع كل قيادات الإنقاذ، فكانوا يتحاشون التواصل معه في أي من حواراتهم المزعومة منذ بداية ما أسموه بالحوار الوطني، مروراً بما يعرف بالوفاق . أثناء عملي مراسلا لصحيفة الحياة اللندنية من الخرطوم، ثم صحيفة البيان الاماراتية، عرفت الأمير نقد الله رحمه الله عن قرب وقد توطدت علاقتي به بحكم أنه آثر المكوث في السودان وفضل عدم خروجه منه، مختارا إلى جانب عدد من قيادات حزب الأمة، النضال ومواجهة النظام من الداخل، وقد كنت كثير التردد عليه في منزلهم المفتوح على مصرعيه. كانت تصريحات الأمير نقد الله التي يخصني بها حصرياً قوية وحاضرة على الصفحات الأولى ، كما كانت حواراته في قلب تلك الصحافة الدولية والصحف الإقليمية، مما بدأ يسبب إرباكاً وصداعاً مستمراً لنظام الانقاذ، وقد كان ذلك واضحا من خلال تقارير وبرقيات السفارات والملحقيات السودانية بالخارج المأخوذة من تلك الصحف . والتي كنا نقف عليها كصحفيين في المكتب الإعلامي للناطق الرسمي بإسم الخارجية. أذكر أنه وعقب إطلاق صراح الشهيد الأمير نقد الله، بدأت معاناته الشديدة مع المرض واصبح من مرض إلى أمراض، ورويدا رويدا وصل نقد الله إلى مرحلة متأخرة لم يستطع فيها الخروج من المنزل.. وفي إحدى لقاءاتنا حدثني الأمير الشهيد عن بيوت الأشباح، و عن كيف كان يتم تعذيبه في تلك البيوت مع عدد من المعتقلين الشرفاء، ذاكراً لي قصص عن تعذيبهم يشيب لها الولدان .. ولا أزال أذكر عبارته تلك :" ما يجري داخل بيوت الأشباح يفوق كل وصف .. هؤلاء الكيزان لا يمكن أن يكونوا سودانيين ولدوا وتربوا وعاشوا بيننا .. لا إنهم حتى لا ينتمون لكوكب هذه الأرض، لقد جاءوا من كوكب آخر ". وقبل أن أغادر السودان، لاحظت عليه التعب والمرض، وقد أصبح صوته منخفضاً ليس ذاك صوت الأمير نقد الله الجهور، وعلمت بعدها أن صحته تدهورت رويدا رويدا، إلى أن لزم نقد الله السرير، وعجز تماما عن الحركة. وأذكر أنه عندما حضرت للخرطوم لتغطية إحدى المؤتمرات الدولية، زرته في منزلهم، ووجدت أن المرض قد تمكن منه تماما، وقد عجز الأطباء عن علاجه،وأصبح في حالة موت سريري . وبالأمس تحدث شقيقه الأمير ابراهيم نقد الله، عقب مراسم دفنه، كاشفاً للحاضرين عن ما حدثه للشهيد الأمير نقد الله الذي ظل لمدة ثمانية عشر عاما في موت سريري ،وقال أن الشهيد أبلغه أن المجرم السفاح نافع علي نافع كان يشرف بنفسه على تعذيبه، وهو وراء كل ما جرى له وأضاف: " قال لي في إحدى المرات أخذوني بعد أن غطوا عيناي بقطعة قماش وأدخلوني في السيارة، و اضحوا لي بأنهم سيذهبون بي إلى خارج العاصمة، ولكني شعرت بأنهم داروا بي في شوارع العاصمة وقبل أن ينزلوني في إحدى الأماكن، حقنوني بإبرة .. وأضاف شقيقة : "علمنا بعدها من أحد الضباط أن هذا النوع من الحُقن لا تظهر آثارها إلا بعد خمس سنوات وقد كان .. تدهورت صحة الأمير إلى أن وصل مرحلة الموت السريري " . هذا هو الإجرام في أبشع صوره، ولكن تلك الجرائم لن تنتهي بالتقادم، وقريبا سيأتي اليوم الذي يقتص فيه الشعب السوداني لدماء الشهداء من كل المجرمين القتلة. هل شاهد علي هذه الجريمة يحدثنا ويقدم افادة للتاريخ
06-13-2021, 06:38 PM
Nasr
Nasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10841
المجد للفقيد البطل نقد الله هذه سانحة لإستعجال التحقيقات في تعذيب الأبطال من مقاومي الديكتاتورية في بيوت الأشباح تحقيقا يشمل كل من ساهم في ذلك ويركز بالتأكيد علي المجرم نافع تلك خدمة للوطن والديمقراطية ولحقوق الإنسان في بلادي بدون ذلك تاني بجو ناس إنقلاب ويعذبوا الإنسان الذي كرمه الله (مع تام يقيني إنه أوغاد ووحوش وعدمانيين ضمير وإنسانية زي الكيزان ديل تاني ما بيحصل)
06-13-2021, 08:05 PM
Abdullah Idrees
Abdullah Idrees
تاريخ التسجيل: 12-05-2010
مجموع المشاركات: 3692
مؤسف انو قضايا التعذيب الي الان ما شفنا اي تحرك فيها .. ليه السودانيين ديل بستكينوا كده في حاجات زي دي ؟ الاف من الناس تعرضوا لتعذيب بشع وبعضهم توفي اثناء التعذيب ولم نري اي قضايا مرفوعة منهم او من اسرهم ، الغريب انو بعضهم عارف الناس العذبوهو بالاسم ، غايتو لو ده انا ما برضى باقل من اخد تاري بيدي الاكثر غرابة انو حزب الامة القومي ما بذل مجهود كبير ولا ضغط كفاية عشان يحمي كبارو ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة