يبدو أننا شديدو الغباء والبلاهة – وآسف لهذا التعبير الاضطراري غير المُنضبط؛ لجهة عموميته، لكن لولا نحن كذلك لما حكمنا الإخوان المسلمين المساخيط لثلاثين عاماً، سرقوا ونهبوا وأشعلوا الحروب ورقصوا على أرواح الموتى وأطربوا ذويهم المكلومين في حفلات أعراس الشهداء، فكانت بعض الأمهات يطلقن الزغاريد وزخات العطر ويرقصن في مراسم تشييع أبنائهن، ويظهر الآباء من الجلد والتماسك ما تشيب له الولدان، بحيثُ يتقبلون التهاني والتبريكات على تزويج (الترابي) لأبنائهم الشهداء وعقد قرانهم بسبعين من الحور العين في الفراديس العُلى. لقد تمكّن الكيزان – وإيم بالله – من السيطرة على أدمغة الكثير من السوادنة، رجالاً ونساء وأطفال وغسلوها بماء خطرفاتهم وصابون شعوذاتهم ومعقمات خزعبلاتهم؛ حتى فقدت قدرتها على انتاج (باكتريتها) الخاصة في التفكير والتأمل والتدبر وأصبحت فريسة سهلة لتسكين أكاذيبهم وتمرير شائعاتهم وجائحاتهم الفكرِّية والدينية البلهاء، إلى أن اختلفوا فيما بينهم على السلطة فأصدر المخلوع البشير 1999 قرارات، أعلن بموجبها حالة الطوارئ في البلاد، وأزاح الترابي عن السلطة، ومن لحظتها بدأ العقل الجمعي السوداني، (العقل الشعبي) – إن جاز التعبير – في التحرر من أسر أكاذيب الكيزان، خاصَّةً بعد أن صريح التُرابي بأنّ من ماتوا في حربِ الجنوب (الجِهادِّية) محض (فطائس) لا أكثر ولا أقل، ثم لاحقاً، ومع تفاقم عمليات نهب وهمبتة المال العام والشراهة والنهم غير المسبوقين ولا (الملحوقين) في السرقة، علم جميع السوادنة إنهم تعرضوا لأكبر عملية غسيل أدمغة باسم الدين في التاريخ، فثاروا اقتصاصاً لأنفسهم وانتقاماً لكبريائهم فأطاحوا بهؤلاء اللصوص في عمائم التقوى. الآن، وبعد إزاحتهم عن السُلطة، والتسامح الشديد معهم من قبل حكومة التسوية السياسية بمجلسيها، فإنّ الكيزان عادوا إلى غيِّهم وضلالهم القديم، لكن هذه المرّة بنسخٍ شديدة الغباء والتهافت، فبعد أن كسدت تجارتهم بالدين وباسم الله، اتجهوا إلى ما يُسمى باغتيال الشخصية (Character assassination)، وهو نهج سياسي معروف باعتماده لممارسات هجومية؛ بهدف تشويه الخصم وإضعافه معنوياً وتأليب الرأي عليه من أجل إنهاء مستقبله السياسي. والحال هذه، وفي ظل الحراك السياسي والاجتماعي (الثوري) نحو محاربة الفساد باعتباره أولويّة وطنيّة لتعزيز مسيرة الشفافية والنزاهة والموضوعية فإن (الفلول) الفاسدة، تجد نفسها وجهاً لوجه أمام الحقيقة، حقيقة إنهم فاسدون ولصوص وقتلة، طال الوقت أم قصر، فإنهم سيلاقون مصيرهم الحتمي. بناءًـ على ذلك، أطلقوا منذ أيام حملة جديدة ضد عمر القراي مدير المركز القومي للمناهج، بعد أن باءت الأولى بفشلٍ ذريع، إلاّ أنّ الحملة الأخيرة اتسمت بالخفةِ والبلاهة، بل والفكاهة السخيفة، حيثُ نشرت الفلول الفاسدة غلاف لكتاب (منهج مدرسي) قالوا إنه مقرر للصف الثالث الثانوي، مكتوب على غلافه (الثقافة العامة) (شذرات من فكر الشهيد محمود محمد طه) (تأليف عمر القراى). عندما رأيت هذا الغلاف متداولاً بين الفلول، تأكدت أكثر، مدى جهلهم وقلة حليتهم وسوء أخلاقهم، وعدم احترامهم لعقول السودانيين، ولو فكروا قليلاً لما اخترعوا هذا الغلاف الغبي، كتاب مدرسي يكتب عليه اسم مؤلفه! يا للعجب، هذا تزوير سخيف، وغباء مستفحل، فبالله عليكم؛ كيف حكم هؤلاء الأغبياء الرعاع هذه البلاد العظيمة وهذا الشعب العظيم لثلاثة عقود؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة