صديق حسين إقالة وزير الصحة الاتحادية و انسياق السودان وراء توجّه دول اقتصاديات السوق نحو عودة الحياة لطبيعتها قد يعطي انطباعا زائفا للكثيرين بأن وباء الكرونا في انحسار. و بالنظر لشوارع الخرطوم اليوم ببهرجها و هرجها و مرجها تبدو كما لو أنها تسجيل سينمائي سابق على نزول الكرونا إلى كوكب الأرض. السلطات الطبية الوطنية و العالمية تحذر هذا اليوم التاسع عشر من يوليو أنه في أعقاب الرفع الجزئي للحظر و العودة الحذرةً لمجاري الحياة عاودت الكرونا الانتشار بمعدلات لم يسبق لها مثيل. فقد بلغ معدل الإصابة اليومي في العالم ٢٦٠ الف و هو وفقا لمنظمة الصحة العالمية الأعلى منذ ديسمبر ٢٠١٩. كما ظلت بعض الولايات الأمريكية لليوم الخامس على التوالي تسجل عشرة الف حالة يومية جديدة و من بين المصابين في مقاطعة واحدة من مقاطعات ولاية تكساس 85 طفلا دون عمر السنتين. و عاودت بعض دول المتوسط الأوربية إغلاق مناطق شهدت نمو بؤر جديدة للانتشار . قرار الحظر الذي لم تتخلف عنه معظم دول العالم كان وراءه اعتقاد مبدئي بأنه إجراء مؤقت و كاف للوقاية المطلقة على افتراض أن كوفيد ١٩ مثلها مثل موديلاتها السابقة سوف تنتشر لفترة زمنية ثم تختفي أو أن سرعة انتشارها ستساهم في سرعة اكتساب المناعة البشرية ضدها و تقلل من خطورتها. الآن تحذر منظمة الصحة العالمية و السلطات الصحية في بلدان من بينها الولايات المتحدة بأن الكرونا ستبقى جاثمة فوق كوكب الأرض و أنها تنتشر بصورة مخيفة رغم حلول الصيف على شواطىء المتوسط الأوربية ، و أن المناعة التي يكتسبها المصاب تتلاشى في بعض الحالات و يكون الإنسان عرضة للإصابة مرة أخرى بعد ثلاثة أشهر من شفائه منها. كما يحذر مركز المكافحة الأمريكي CDC و المعهد الوطني للأمراض و الأوبئة أن القادم في معدل الإصابات و خطورتها أسوأ و أن هنالك احتمال أن يبقى المصابون بالكرونا من غير ذوي الأعراض ضحايا لتعقيدات صحية مزمنة ستلازمهم لمدة لا يعرف مداها الباحثون في الوقت الراهن. هنا في السودان فإن أنباء الموت حرقا و قتلا من فوهات الرشاشات و مذابح الأصحاء من السودانيين عادت لتحتل الصدارةً على شاشات الأخبار العالمية وبأكثر مما نالته على قنوات الأخبار المحلية. هذا القتل و الترويع الوحشي إضافة لكونه جريمة ضد الإنسانية و إزهاق لأرواح الأبرياء العزّل يقدح أيضا في مصداقية الحرص و القدرةً على حماية المواطنين بصفة عامة . فالدولة التي لا تؤتمن على حماية مواطنيها من المذابح قمينة بألا تحميهم من الجوائح. جنبا إلى جنب تلك الأحداث المروعة فقد أدى تفشي حالات الكرونا في ركن آخر من الهامش إلى إغلاق عاصمة الولاية الشمالية دنقلا . و قد تلاحظ منذ التعديل الوزاري ضمور حملات التوعية و التراخي في تطبيق التباعد و الالتزام بطرق الوقاية و بما يوحي و كأن البعض يظن أن الكرونا كانت تهويلا من العهد الوزاري السابق وأنه قد آن لنا العودةً لسابق العهد قبل بدء انتشار الكرونا .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة