مؤتمر المانحين بكل الأحوال لم ينعقد لأجل السودان للمرة الأولى حتى نعتبره إنجازا في حد ذاته ففضلا عن المسائل الفنية و التقنية المصاحبة لمقررات المؤتمر و تأثيرها غير المباشر على الحالة الاقتصادية الراهنة للسودان، هناك خلل كبير في معالجة الاولويات و مواجهة الأزمات بشتى أنواعها و التي تشكل خطرا و تحديا حقيقيا لم و لن تستطيع الحكومة الإنتقالية ببرنامجها و استراتيجيتها و مكوناتها الحالية مواجهتها، فبدلا من بث الآمال الفارغة و الخيالات الحالمة للشعب كان من المفترض البحث عن حل للتحديات و المشاكل الداخلية، فليس من شأن مخرجات مؤتمر المانحين و لا رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب و لا العودة إلى منظومة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي أن تسهم في حل الازمات و الضائقة المالية و التدهور الإقتصادي في السودان، فملفات الداخل لم تحسم بل و أصبحت تشكل خطر كبير على استقرار البلاد خصوصا في هذه الظروف الاستثنائية داخل السودان، فهذه الإنجازات الهلامية لم ولن تسهم في ملف العدالة و الحرية و السلام، و هذه هي القاعدة التي يجب أن ينطلق منها اي تحرك خارجي بعد إنجازها بنجاح، بل يمكنني القول أن الإتجاه نحو المنح و القروض في هذا الوقت بل و في وقت مبكر من عمر الثورة لها انعكاسات سالبة و هنا استعير مفردة من مفردات الشيوعيين إذ تعتبر هذه (حلول فوقية) بمعنى الكلمة، فلازلنا ننتظر تأثير نتائج لجنة إزالة التمكين و محاربة الفساد بين الشك و اليقين، رغم ضحالة إدارتها و فرقعاتها إلا إنها كانت بشكل ما تعتبر خطوة في الطريق الصحيح من ناحية أخرى اتسأل و باستغراب شديد عن ملف السلام الذي من المفترض أن يكون أطرافه شركاء في التغيير إلا انه لا زال يتعثر بين المحاصصة و الاولويات، و أكثر ما يحزن و يخزي في ذات الوقت أن إزالة أثار النظام البائد بدت أيسر من إزالة الخلاف بين الشركاء سواء في ملف السلام أو العدالة أو الإقتصاد بشكل عام، و في ظل تمدد هذه الحالة من التشويش يصبح الشعب هو الضحية لعراك لا ناقة له فيه و لا جمل، ما ينقصنا إرادة سياسية متحدة شجاعة من كل مكونات العمل السياسي و النقابي و الكفاح المسلح و أن تراهن على وطنيتها بدلا من المحاصصة لتعضيد ارضيتها في المشهد السياسي، عليه أتمنى تناول قضايا الوطن الراهنة بموضوعية بعيدا عن المجاملة و الانبهار
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة