آه أنا آه .. هل سأرحل قبل أن أذوق طعم الحب، وقبل أن أرتشف من كأسه قطرة تبل الصدى. فرصة العمر إن فاتت لا عوض لها، وعمري ضاع منه الكثير بينما أتسلى بقرب هؤلاء الطيبين. تذرعت في المستهل بعون أهلي وبذلت ما أملك وما جئت بفتح جديد بل سرت على عين الطريق واقتفيت ذات الأثر فوقع حافري على حافر من سبق. كلما قبضت قبضة من أجري خرجت تجري فجريت خلفها وفقدتها ونسيت. لم أهتم بالخطر والعملة تخسر قيمتها سراعًا، الأسعار في انهيار حتى الانهيار في انهيار. ومن عجائبي ثرثرتي المتلاحقة عن التوقعات الرشيدة وجانب العرض والطلب. هل كنت جاهلا ؟ أم مثلي تقتله النوايا الحسنة؟. سئمت من تجارب لا طائل منها، فما رأيت شيئًا ذا جدوى ولا سمعت شيئًا ذا جدوى ولا فعلت شيئًا يستحق الوقوف عليه .. مفقود بين الوجود والعدم. تسكعت سادرًا في طرق مدينة لا حقيقة لها إلا على شط الخيال .. أوهام أوهام. وما هذا الندم الذي يراودني على أنني لم أكن سارقًا فخنت العهد. فالسرقة دستور. دستور تام لا شاردة ولا واردة إلا كتبت بين سطوره. يحميه الإرهاب، والقتل لمن يفوه بكلمة. القتل حكم ينفذه المجهول حتى يفترش ويلتحف القانون صفحات كتابه ويخلد إلى الراحة. أنا واحد من ضحايا أحاديث السياسة التي بلغت صفاقتها حد الرقص، وولغت في المحظور بشهوة لا تشبع ولا يمنعها مانع. شغلتني ونالت مني وأغرقتني في اصطلاحات بلا كون وصراعات ترج بها الأرض فاهتزت في مثولها قدمي. وحيلتي فيها ذبذبات صوتية لا أثير لها ولا تردد، غوغاء في ضوضاء، أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا. أدور في الفراغ العظيم وأتساءل عن الانفجار العظيم وأنا من كراته الملتهبة ذائعة الدخان الكثيف. لم يغرني اعتلاء الطائرات ولا وجهات القطارات وليتني أبحرت ولو على عود حملني إلى الدنيا الجديدة دون عودة. فإن عدت عدت كمن عاد لمصيرنا المحتوم ليبدأ من جديد فإذا بدأ انتهى. هنا سر البدء والفناء؛ تعلق السر بنا بأرضنا مهبطنا. من أراد أن يبقى حيًّا فلا يقربن وادينا، ومن أراد أن تثكله أمه فليلحقني بهذا الوادي، ولن أطلق عليه رصاصة واحدة إلا رصاصة الرحمة إن رغب بذلك فليفعلها بنفسه فلا وصاية لي عليه وهو حر فيما رأى. نعم، لن أدخل في شأن لا يعنيني كهذا المجتمع الذي نشأت معظِّمًا ثقافته مقدِّمًا محبته فارتد عليَّ يلمزني في تأخري بالزواج .. يفتي بأمري كأنما سبر غوري وكشف صدري، حقًّا؛ اتقِ شر من أحسنت إليه. غيبتني غيبة الحب وهذا قدري، فلو بدت لي صاحبتي لأبصرت بها دروبًا وتبدلت الأشياء .. وربما لا، قلبي لا يحيا بجوفين. وفي سورتي قررت حاسرًا أن أقوم بانقلاب أبيض ضد حكم الفرد فعم الفرح وأخذتني صورة شيخ يحف به صوت منادٍ « مبروك ، مبروك يا عريس». ولكن كل اللائي طفنا بخاطري طفنا متعجلات في وداع، فمن مقصورة الغيب؟. هل أختار التي من أتراب بنتي إن تزوجت باكرًا؟ فهي درة وجميلة تحلو معها الدعابة وكم تنقصني الدعابة، لقد أسرني الجد وما عف عند مغنمي. وأخرى بقدها المائس وثغرها الهامس يتلألأ فيها جمال أغاني الحقيبة، وهذه عصامية وحاجتي إلى التنوع من ديار العلوم الرياضية لا تخفى، وتلك من وعت عجلى حينما ذكرت بلا ريثٍ بيت أبي العلاء. لا أعرف إن كانت إحداهن ستقبل بي على نحو جاذب بعد أن طردتني الرهبانية. مزقتني الحيرة .. سأطلب المساعدة ولا ألوم غير نفسي، أفضفض عن نفسي لنفسي. آه أنا آه ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة