مؤامرة تنفذ بهدوء ........... أصدر مدير شؤون مياه النيل والخزانات بوزارة الري والموارد المائية توجيها بتفريغ بحيرة خزان جبل اولياء اعتبارا من يوم 15-03-2020 م . ولفت مدير شؤون النيل والخزانات المهندس بله أحمد عبد الرحمن انتباه الاجهزة الاعلامية المختلفة بنشر هذا التوجيه لمن يهمهم الامر لاخذ التحوطات اللازمة حفاظا على ارواحهم وممتلكاتهم . ............. تم نشر هذا البيان بنصه عبر وكالة السودان للأنباء أكثر من مرة فالأولي كانت في عام 2017 و الثانية كانت في مارس الماضي.
ويعد الأمر غريبا ومريبا أن يتخذ مثل هذا القرار بهذا الهدوء بلا أي تسليط إعلامي للقضية .
باختصار لمن ليس لديهم معلومات عن فكره الاستغناء عن خزان جبل أولياء .
طرحت الفكرة من فترة ليست بالقصيرة في إطار فني بضرورة الاستغناء عن خزان جبل أولياء وتفريغه كليا ولاقت الفكرة اهتماما رسميا من أعلي المستويات بعد اجتياح قوات خليل إبراهيم لغرب أم درمان وكانت بنود الفكرة تقوم علي :
١- الاستغناء عن الخزان وتفريغه كليا من الماء وهدمه بالكامل وذلك بهدف توفير أراضي زراعية ضخمة يغمرها ماء الخزان تقدر تقريبا بحوالي ١٥٠ الف فدان .
٢- توفير قدر من الماء قدرة ٢.٥ مليار متر مكعب سنويا يضاف لنصيب السودان في ماء النيل تضيع في بحيرة الخزان نتيجة التبخر والاستفادة منها في الزراعة .
٣- الاستفادة من بحيرة الخزان الحالية المقدرة ب ٣.٥ مليار متر مكعب إضافة للجزء المتبقي من الماء الذي يضيع في التبخر في شق قناة من موقع الخزان وحتي شمال أم درمان تنتهي عند الجزيرة اسلانج لتأمين المدينة من اي هجوم محتمل من القوات المتمردة والنظر في إنشاء مشاريع وانشطة زراعية علي طول القناة .
وفي رواية أخرى " وهو الراجح في ظني" قيل ان الجهة التي دبرت واخرجت الفكرة هي جهات نافذه في مؤسسات الأراضي " وربما بإيعاز من جهة أجنبيه " وكان الغرض الاساسي منها هو الاستيلاء علي أراضي ضخمة تغمرها بحيرة الخزان وبيعها باثمان باظهة خاصة ان الحدود الإدارية لولاية الخرطوم أصبحت متوغلة في ولايتي النيل الأبيض وشمال كرفان وولاية الجزيرة وربما ولاية نهر النيل شمالا .
ولاحظ أن هذه الرواية لا تشمل علي أي منافع تعود علي البلاد من تنفيذ الفكرة فقط مصالح شخصية لجهات نافذة وترك ال ٣.٥ مليار متر مكعب" سعة بحيرة الخزان " تتجه شمالا للجار المصري وبالمجان بصورة مؤقته اضافة ل ٢.٥ مليار متر مكعب وبصورة دائمة " تضيع حاليا نتيجة التبخر"وهو ما يرجح فرضية الايعاز والتدخل الأجنبي في الفكرة .
تم إرجاء الفكرة وتأجيلها للأسباب التالية :
عدد مقدر من أهالي جبل أولياء عندما علموا بالفكرة قابلوا حكومة الولاية حينها وذكروا أن هذه الأرض المغمورة هي أرضهم نزعت منهم لصالح الخزان من قبل الحكومة البريطانية الاستعمارية آنذاك وبحوزتهم جميع الصكوك التي تثبت دعواهم وفي حال هدم الخزان يجب أن تعود لهم .
هذه الخطوة أربكت خطة الجهات النافذة وأفسدت مسعاهم وتم السكوت عن الفكرة لتجنب اي نزاع قانوني مع الأهالي قد يطول مداه .
أيضا تدخل عدد من الخبراء بوزارة الثروة الحيوانية محذرين من الفكرة بسبب فقدان ثروة سمكية ضخمة نشأت خلف الخزان وتعد مصدر رزق لعدد مقدر من الأهالي وتفي حاجة ولاية الخرطوم من الأسماك .
أيضا يؤدي هدم الخزان لخسارة ٣٠ ميقا وات من الطاقة الكهربائية تولد من الخزان وهو رقم ضئيل جدا ولكن رغم ذلك فإنه يسد حاجة جنوب الخرطوم من الطاقة الكهربائية وفي ظل عدم وجود بدائل للتوليد يعني زيادة العجز في التيار الكهربائي .
أيضا تردد المخلوع البشير في تنفيذ الفكرة حتي لا يدخل في خلاف مع نظام حسني مبارك بسبب تغيير مجري النيل خاصة أن تلك الفترة تزامنت مع مذكرة التوقيف الصادرة بحق المخلوع من محكمة الجنايات الدولية وكان في موقف لا يحتمل اي صدامات خارجية .
ختاما : فكرة التفريغ يجب أن تناقش في إطار فني وبناء علي المصلحة العامة وبعد تنوير الرأي العام بمكاسب الخطوة وضرورة الاستفادة من كل قطرة ماء في المشاريع الزراعية وعليه يتخذ قرار بشأنها ولكن طرح الفكرة في هذا التوقيت مريب جدا ونرجو الا يكون تواطؤ ضد مصلحة البلاد لصالح تعويض الجار المصري عن خسائر سد النهضة ..
فمن يكون هذا "البله" وما هي حيثيات هذا القرار في هذا التوقيت وما هي دوافعه ومن يقف خلفه و ان لم تكن هناك إجابات واضحة لهذه الأسئلة هذا يعني أن قطار "البل" الثوري قد تجاوز محطة هذا " البله" و عليه ان يعود حتما قبل فوات الاوان وقطعا نقصد المعني الثوري الحميد لا المعني المبتذل الذميم.
.............................
لمحة تاريخية سريعة عن خزان جبل أولياء :
يعد مشروع خزان جبل أولياء بعد من أغرب المشاريع في تاريخ البشرية .
حين أنشأت الحكومة البريطانية الاستعمارية مشروع الجزيرة لزراعة القطن و لري المشروع انسيابيا كان لابد من تشييد خزان سنار لتوفير ماء الري وهنا كان اعتراض الخديوية بمصر عنيفا ومتشنجا لفكرتي المشروع والخزان معا والسبب مدهش وهو :
زراعة القطن بالسودان سينافس القطن المصري بالأسواق العالمية وهو ما لا يجب أن يتم بحسب وجهة النظر المصرية ! هذا بجانب ان خزان سنار سوف يعيق تدفق الماء لمصر .
ولتدارك الخلاف منحت الحكومة البريطانية الاستعمارية لمصر حق بناء خزان داخل الأراضي السودانية لصالح مصر وحدها وادارته مصريا دون تدخل من الحكومة البريطانية فكان خزان جبل أولياء اغرب خزان في التاريخ البشري حيث شيد في بلد لصالح بلد أخري أجنبية وكان ذلك في العام ١٩٣٧.
وهذا يعني أن فكرة الخزان كانت عطاء من لا يملك" مستعمر" لمن لا يستحق .
وظل الوضع علي ما هو عليه حتي العام ١٩٧١ حين شيدت مصر السد العالي وزالت أهمية الخزان بالنسبة لهم حتي تم تسليمه لحكومة النميري في العام ١٩٧٧ .
06-14-2020, 04:17 AM
اخلاص عبدالرحمن المشرف اخلاص عبدالرحمن المشرف
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 10314
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Abureesh
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست