أشفق على من يسمح لآلة التواصل الاجتماعي أن تقود وعيه.
وضعُ أسس رقابية صارمة وقوانين رادعة "للحد" من الفساد أولى عندي من استعراضات لجنة "إزالة التمكين" الإعلامية، التي يستغلها حكام "قحت" لستر سوءات حكمهم المترنح. هذا بالتأكيد لا ينفي ضرورة استرداد الممتلكات المنهوبة ومحاسبة الفاسدين؛ لكن استعادة ما اكتنزه الكيزان من أموال السحت فحسب لن يردع عديمي الضمير من الحكام الجدد أو من يأتي بعدهم من التعدي على الأموال العامة؛ فالمال السائب يعلّم السرقة.
عشتُ فترة ما بعد سقوط حكم نميري وتابعت محاكمات "سدنة مايو". صوَّروا لنا أن كل المايويين فسدة يُنضح على أثرهم الماء، وأن كل مسؤولي ما بعد مايو من طينة الأنبياء؛ ولكن سرعان ما أدركنا أن زمن الأنبياء قد ولَّى إلى غير رجعة، وأن إعلام الثورة على ضعفه ومحدوديته آنذاك قد أذاب شخصياتنا وأطَّر أفكارنا فأصبحنا كالقطيع؛ فما بالك بآلة إعلامية حديثة هائلة قادرة على أن تجعل من أوسعنا ثقافة وأغزرنا علمًا مجرد أبواق وببغاوات تردد ما تُلقَّن.
الفساد المالي جزءٌ يسير من تركة الإنقاذ الثقيلة. الكيزان أفسدوا منظومة مجتمعية برمتها؛ فلماذا نسلّم بأن غير الكيزان كانوا في بروج مشيّدة حصّنتهم من عدوى تفشّت واجتاحت كل مشارب الحياة على مدى ثلاثة عقود ولم يسلْم منها إلا من رحم ربي؟
فلنفترض أن الدول قد سيطرت بإجراءاتها على تفشي فيروس كورونا في كل بقاع العالم؛ فهل يعني ذلك أن الخطر قد زال؟ أليس من الحكمة التركيز على إنتاج لقاح تحسبًا لظهور موجة جديدة من تفشي المرض لا تبقي ولا تذر؟ على "قحت" أن تهتم بإنتاج لقاح لفيروس الفساد المستشري في المجتمع الآن، بدلاً من استعراضاتهم الإعلامية الجوفاء هذه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة