الاحداث والكوارث المتلاحقة فى مواسم الحج جعلت الكثيرين يتساءلون عن مسؤولية المملكة السعودية، هل من الممكن و الأجدر بها تعطيل الفريضة لهذا العام،
وجهة النظر الأخرى، وهى الأكثر تشددا، وظهرت فى فتاوى كثير من الفقهاء، أنه لا يجوز تعطيل الفريضة إلا لأسباب كبرى تحول دون إتمامها كانتشار وباء فى الحرم.
لكن التاريخ الإسلامى يؤكد أنه منذ العام التاسع للهجرة (وهو العام الذى فرض فيه الحج على الناس)، تم تعطيل الفريضة لنحو 40 مرة.
الأولى، كان السبب فيها القرامطة، فيقول الذهبى فى كتابه "تاريخ الإسلام"، وتحديدا فى مجلد (23)، صفحة (374)، إنه فى أحداث سنة 316 هجرية "لم يحج أحد فى هذه السنة خوفا من القرامطة"، لأن القرامطة كانوا يعتقدون بأن شعائر الحج، من شعائر الجاهلية ومن قبيل عبادة الأصنام.
فى هذا التوقيت، وقف أبو طاهر القرمطى، منشدًا على باب الكعبة يوم الثامن من ذى الحجة سنة 317 هجرية، داعيًا سيوف أتباعه أن تحصد حجاج بيت الله قتلاً ونهبًا وسفكًا، فى الوقت الذى كان يشرف هو بنفسه على هذه المجزرة المروِّعة وينادى أصحابه "أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة، واقلعوا الحجر الأسود".
ويومها تعلق الحجاج بأستار الكعبة واستغاثوا بالله، فاختطفتهم سيوف هذا الطاغية من كل جانب، واختلطت دماؤهم الطاهرة وأجسادهم المحرمة، بأستار الكعبة، حتى زاد عدد من قتل فى هذه المجزرة عن 30 ألفا، دفنوا فى مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة.
كما قام القرامطة بجمع 3 آلاف جثة حاج وطمروا بها بئر زمزم وردموه بالكلية، ثم قاموا بعد ذلك بقلع الحجر الأسود من مكانه وحملوه معهم إلى مدينة "هجر" بالبحرين، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وكان أبو طاهر قد بنى بها دارا سماها دار الهجرة، فوضع فيها الحجر الأسود ليتعطل الحج إلى الكعبة ويرتحل الناس إلى مدينة "هجر"، وقد تعطل الحج فى هذه الأعوام (يقال إنها 10 أعوام)، حيث لم يقف أحد بعرفة ولم تؤد المناسك، وذلك لأول مرة، منذ أن فرضت الشعيرة.
الحادث الثانى، يذكره ابن كثير فى "البداية والنهاية"، ويرجعه لسنة 357 هجرية، ويقول إن داء الماشرى انتشر فى مكة، فمات به خلق كثير، وفيها ماتت جمال الحجيج فى الطريق من العطش ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج.
وفى سنة 390 هجرية انقطع الحاج المصرى فى عهد العزيز بالله الفاطمى لشدة الغلاء، وفى سنة 419 هجرية لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل مصر، وفى سنة 421 هجرية تعطل الحج أيضا سوى شرذمة من أهل العراق ركبوا من جمال البادية من الأعراب ففازوا بالحج، وفى سنة 430 لم يحج أحد من العراق وخراسان، ولا من أهل الشام ولا مصر.
وفى أحداث سنة 492 هجرية حل بالمسلمين ارتباك وفقدان للأمن فى أنحاء دولتهم الكبيرة بسبب النزاع المستشرى بين ملوكهم، وقبل سقوط القدس فى يد الصليبيين بخمس سنوات فقط لم يحج أحد لاختلاف السلاطين.
أما فى أحداث سنة 563 هجرية، فلم يحج المصريون لما فيه ملكهم من الويل والاشتغال بحرب أسد الدين، وبعد ذلك لم يحج أحد من سائر الأقطار ما عدا الحجاز من سنة 654 إلى سنة 658 هجرية. وفى 1213 هجرية توقفت رحلات الحج فى أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق، وفى سنة 1344 هجرية، حدث ما سمى بحادث المحمل المصرى وتسبب عنه انقطاع الحج تماما من مصر، إذ تقاتل بعض الحجاج النجديين المنتمين للوهابيين، مع عساكر المحمل المصرى بالقرب من منى، فلما رأى الوهابيون المحمل وما يرافقه من طقوس وموسيقى، صاحوا عليه بقولهم "الصنم الصنم"، وهجموا عليه، فبادر العسكر المصرى بإطلاق نار بنادقهم على المهاجمين وقتلوا بعضهم ردا على هجومهم، وكان هذا بحضور الملك عبد العزيز الذى بادر مسرعا لتهدئة المصريين، وأمر جيشه بحماية المحمل وحجبه عن الأنظار حرصا على سلامته والعسكر المرافقين له من انتقامهم. وفي هذه المرةالحادية والابعون جاءالتعطيل للعمرة من قبل السلطات السعودية وسوف نري ماهوالقرارفي الايام القادمة أذاحل موعد الحج
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة