◇الجنقو مسامير الأرض€

《نبشٌ بتَصرُّفٍ في خرث بركة ساكن》
مع كامل اعتذارنا وعميق اعتزازنا لولغنا في إنائه.
《1》
📖 جمع (الفكي(شعيبو) ألواحه المنتجة محلياً من خشب
اللالوب، وحرص على وضع لوحه النحاسي 8 مِخلاته و قد
تحسّر علي سنينه الخُضر التي قضاها بين أهل القرية الذين أعلنوا
له صراحةً بعدم رغبتهم في خدماته كفكيٍّ مقيمٍ و جالبٍ للغيث بعد
فشله في كل ما قام به من صلوات إستسقاءٍ وأدعيةٍ و قد تأخر
هطول المطر تلكم السنة العجفاء..!!

《2》
♤لبس فروتة النمرية كمحاربٍ قديمٍ، احتقب مِخلاته التي خلت
إلا من ألواحه و محايةٍ و دوايةٍ وعدة أقلام من قصب الذرة و بعض
الكسرة اليابسة (أم كشك)، ولم ينس وضع قرن الكبش المملؤ بالشطة
المتبلة علي أمل أن يتبدل الحال إلى حالٍ لاستعادة ماء وجهه الذي
أريق و هيبته التي سُلبت في دار صباح حيث غادر نغاضباً
و لم يُعقِّب، بل و لم يودع أحداً كما لم بودع أحدٌ اللهَ
دينه و أمانته و خواتيم عمله..

《3》
♤ بعد مسيرة أيام وضحاويهاحاسر الرأس حافي القدمين
و قد نال منه العنت و وعثاء السفر ما ناله، وصل إلى إحدى
القرى النائية وصادف يوم سوق القرية .. أول إلى جوار حائط
طاحونة القرية كي يستظل بظلها و يستريح .. بادله حجّار
الطاحونة السلام بفتور تلقائيٍّ ، ثم ما لبث أن تجاذب معه
أطراف الحديث و البوح المستباح ؛ إذ علم منه أنه
فكيٌّ مهاجرٌ على باب كريمٍ ، و هو في طريقه
من دار صباح إلى غير وجهةٍ غير معلومةٍ..

《4》
♤ مع استمرار الجفاف في تلك الأنحاء،
قام الحجّار بإخطار كلتوماية الفدادية التي
تصادَف أنها في ذلك اليوم قامت بجلب بعض
(الزريعة) لطحنها تمهيداً لتخمير (السورج) لإجل
إعداد مريستها يوم غدٍ الجمعة بحسب جدول أعمالٍ
ملرمٍ و متواطئٍ عليه مل بين نظيراتهة الفداديات..
و هي تدندن بسجعاتٍ مأثوراتٍ من قبيل قول مرتادي
الأنادي: يا الزارعنك في الشمش و يا (مسورجنك) من
أمس ما تدفرني براي بمش.."أرقد آعيش أنة جرابك"

《5》
♤ أبدت (العزبة) كلتوماية رغبتها في إستضافة الفكي
(الضيف) وذلك لخلو خلوة بيتها نظراً لنجوع زوجها طلباً
للقمة العيش (الشريفة). أرسلت الحجّار لإبلاغ أعيان القرية
للإستعانة بالفكي في استحلاب السماء و جلب الغيث، و رفض
ذلك غالبية المؤتمرين تحت شدرة منتهى الحراز تلمم التي جافاها
المطر و هي تتوسط سوق القرية بزعم أنهم إكتفوا من إدعاءات أم
بتارا الذين لا يستطيعون جلب نسمة هواء باردةٍ ناهيك عن مطرة
عدييل كدا،وقالوا أن هؤلاء الفُكية العابرين يكلفون أهل القرية
فوق طاقتهم و بوجودهم تتناقص أعداد التيوس و الديوك
التي تذبح لإكرام ضيافتهم و لإحسان وفادتهم
و رفاظتهم هدرا و بدون طائلٍ يُنتظر..

《6》
♤ أصرت كلتوماية الفدادية علي إستضافة
الفكي تكفّلت بكل نفقات و{ مراسيم} ضيافته
في عقر دارهاو هي تصر علي ذلك بغنج الغواني
و رضخ الفكي آدم لأمر طقوص ضيافتها على
مضضٍ.قادته إلي خلوتها شبه المهجورة طوال
غيبة بعلها، و التي دبت فيها الحياة بومذاك
بعدما كانت تشكو قلة فئرانها.

《7》
♤ و بمجرد دخوله تولى صبيٌّ عابر سبيلٍ
مهمة ذبح ديك إختارته كلتومة بعناية وشرعت
هي في إعداده ، و قدمت للفكي تصبيرة (مسحت شنبٍ)
كاربةٍ، عبارةً قرعة مليئة بحساء الحُسُوة العسلية يقال لها:
عين الديك، حيث عبٍَ منها المفترس(أو هكذا يُفترض)!!
عباً و شرب شراب مودعٍ ؛ مردفاً الصلاة على النبي .

《8》
♤ و ريثما ما يستوى إعداد الديك مرجخيساً طازجاً
شهياً راحت الفداديه تهيء نفسها لتقديمه للفكي بكل أريحيةٍ
مع بعض عصيدة الدخن ، و في نفسه اغتباط لعدم نسيانه قرن
الكبش المملوء بالشطة الكافرة (قبانيت) مع دكوة و عتيحيث أكل
كما لم يأكل من قبل وغسل يده من إبريقه النحاسي وأحس ببعض
النعاس يدب في أوصاله لطبق أجفانه .. تحامَل على نفسه و فرش
فروته النمرية و أخرج ألواحهُ و الدواية ، و عندما أحضرت له ستي
كلتوماية دُلَنق العسلية قبلهُ بإبتسامة عريضة بين نائم و يقظان و دلّها
أن تتكيه في طرف العنقريب.و لكن ، سرعان ما أعلن لها استسلامه
للدخول في سراتٍ عميقٍ عبارة عن نومة (بالخيرة) غير معلومة
الأمد، و قد تستمر لأيامٍ معدوداتٍ لحين قيامه بجلب المطرة.

《9》
♤ هنالك أردفت هي بحنق وخيبة ظنٍّ: خلاس خليتك
أبونا الشيخ..و كأنما تقول بلسان حالها: شيفي يا بنات
أمي (الجلابي) دا الغديته و عبيتله قرنه سكَّرته و
مسَّحته و دلَّكته و لامن شبع رقد نام مقبِّل مني
على الحيطة علا كان حندد لي أداني عنقرته"

《10》
♤ انتكأ عمنا فكي شعيبو بعد خروج كلتوماية ليغط في نومٍ عميقٍ
قائلا ً في سره: يحلها الله (الحلَّ بلة من القيد و المذلة) .و بعد قليلٍ
و أثناء رجوع كلتومة بعد إبلاغها لمبارات الأعيان الرافضين لوجود
فكي شعَيبو في قريتهم بدخوله في خلوة للتضرع والدعاء لجلب
الغيث بدأت السحب تتكاثف بوتيرةٍ متسارعةٍ و شلع البريق
سالعبادي سايق قدامه دأم رويق و قالت وررر صابة كبت
مطراً لم تشهد القرية مثيلاً له في السنين الماضية ..

《11》♤ أسرعت كلتوماية للفكي و هي تصيح فرحاً تبشر بهطول المطر
وطلباً للمزيد من البركة.. نهض مغاضباً من سباته العميق .. وخرج متلفحاً فروته.
من جلد النمر وحمل عصاتة أم شعقات متوجهاً إلى باحة سوق المحاصيل الذي
صار رواده يتجارون طلباً للإحتما من المطر الغزير الذي تواصل إنهماره..قصد الفكي
حرازة الأعيان الذين وقفوا مشدوهين نادمين علي مجانبتهم للصواب القائل باحتفائهم
بمقدم الشيخ الذي رفع عصاته من أسفلها مشيراً بها إلى عنان السماء في زهوٍّ خالتطه
سعشعة سكرته النهارية صائحاً فيهم بنبرة لا تخلو من الافتخار و التشفي: هيييي
يا عيال أم زقدة ، عيال النجس ، كفاكم ألمي و لا نزيديكم ؟!!