ومن نعمره ننكسه في الخلق...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 10:23 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-16-2020, 05:53 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ومن نعمره ننكسه في الخلق...

    04:53 PM February, 16 2020

    سودانيز اون لاين
    سيف اليزل برعي البدوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    يقول سبحانه في وصف آخر أطوار حياة الإنسان: {ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون} (يس:68) تخبر هذه الآية الكريمة أن من طال عمره تنكس في خلقه، أي: انقلب حاله، وارتدت قواه، وتراجعت قدراته متجهة نحو الضعف والوهن، وصار كمن انتكس وانقلب رأساً على عقب، ويكشف هذا الوصف القرآني الدقيق العلم بحالة عامة من التدهور والارتداد، تتسع لتشمل كافة التغيرات الظاهرة والخفية؛ وذلك لاستيعاب لفظ {الخلق} لكافة التركيبات والأنشطة البدنية.

    ومنذ نزول القرآن الكريم إلى زمن غير بعيد لم يكن معروفاً سوى التغيرات الظاهرة في الهيئة، ومع توفر التقنيات، وتقدم الدراسات، لم تخرج التغيرات الخفية المكتشفة حديثاً عن الوصف القرآني الجامع {ومن نعمره ننكسه في الخلق} وينسجم هذا الوصف المطابق للواقع مع نظائر عديدة تتعلق بوصف مراحل العمر عامة، أو مرحلة الشيخوخة خاصة، وبهذا يكشف القرآن العلم بخفايا التكوين في بيان معجز، لا يعارض الحقائق الخفية، ولا يصدم المعارف السائدة منذ التنزيل.

    مجمل أقوال علماء اللغة والتفسير

    يذكر أهل اللغة أن (النكس) قلب الشيء على رأسه. والمقام يتعلق بوصف الحالة في أواخر عمر الإنسان بعد بلوغه غاية الكفاءة في مرحلة الشباب؛ ولذا التعبير بفعل (النكس) في الآية الكريمة يعني انقلاب الحال في الخلق. وقد ورد فعل (النكس) في قوله تعالى: {ثم نكسوا على رءوسهم} (الأنبياء:65) وذلك في بيان حال قوم النبي إبراهيم عليه السلام عندما عادوا للإعراض بعد ما غلبتهم حجته، قال الشوكاني: "أي: رجعوا إلى جهلهم وعنادهم، فشبَّه سبحانه عَوْدَهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء أعلاه".

    وكذلك قوله جل شأنه: {ومن نعمره ننكسه في الخلق} قال الألوسي: "فيه تشبيه" أي تشبيه انقلاب حال من بلغ الشيخوخة بقلب الشيء على رأسه، قال ابن منظور: "فصار بدل القوة ضعفاً، وبدل الشباب هَرَماً". وقال أبو السعود: "فلا يزال يتزايد ضعفه، وتتناقص قوته، وتنتقص بنيته، ويتغير شكله وصورته، حتى يعود إلى حالة شبيهة بحال الصبي في ضعف الجسد، وقلة العقل، والخلو عن الفهم والإدراك". وقال البغوي: "أي: نُضعِف جوارحه بعد قوتها، ونَرُدُّها إلى نقصانها بعد زيادتها". ولفظ {الخلق} هنا تعبير عن البِنية والجوارح، أو الخلقة، قال ابن كثير: "هو الضعف في الخلقة" لأن الخلق يستعمل بمعنى المخلوق، وفي لغة العرب التي نزل بها القرآن أن يسمى المفعول باسم المصدر، فيسمى المخلوق خلقاً لقوله سبحانه: {هذا خلق الله} (لقمان:11) وقوله تعالى: {فانظروا كيف بدأ الخلق} (العنكبوت:20) والمبدوء الشيء المخلوق، وهذا نظير قوله تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} (الروم:54).

    قال ابن كثير: "والمراد من هذا الإخبار عن الضَّعف والكبر، ودلائله الظاهرة والباطنة" وأكد ابن كثير في موضع آخر على اشتمال النص الكريم الدلالة على تغيرات باطنة للشيخوخة بالإضافة إلى التغيرات الظاهرة؛ فقال: "تتغير الصفات الظاهرة والباطنة". ورجح الألوسي اختلاف زمان ابتداء تغيرات الشيخوخة، ونَصُّ عبارته: "والحق أن زمان ابتداء الضعف وانتقاص البِنية مختلف؛ لاختلاف الأمزجة والعوارض".

    و(الشيخوخة/Senescence) حالة متدرجة، لا مفر منها من التدهور والانهيار، تصيب الأجهزة والأعضاء والأنسجة والخلايا كافة، فتضعف قدرتها على التكيف والحفاظ على التوازن عند التعرض للضغوط، ويمر بها كل كائن حي عند الهِرَم وفَقْاً لنوعه في طول الأجل، إذا لم تعجل بموته عوارض بيئية، أو مرضية؛ ولذا فالنظرة الحديثة أنها حالة تدمير ذاتي مبرمج، يفسح المجال لأجيال جديدة وأنماط تحافظ على استمرار الحياة وتنوعها. والشيخوخة ليست حالة مرضية، وإنما هي مرحلة تكثر فيها الأمراض، وحينئذ تصبح شيخوخة مَرَضية، وتفاصيل ذلك يعتني بها علم جديد، اسمه علم الشيخوخة (Gerontology).

    فقوله عز من قائل: {ومن نعمره ننكسه في الخلق} يتضمن الإخبار بأسلوب معجز بليغ عن حالة عامة من التدهور والارتداد، تتسع لتشمل كافة التغيرات الخفية للشيخوخة، التي لم يعرف أحد عنها شيئاً عند التنزيل، وكشفتها الدراسات العلمية حديثاً، والنص الكريم ورد ضمن منظومة من النصوص تعالج موضوع مراحل العمر عامة، أو الشيخوخة خاصة في تكامل وائتلاف بلا اختلاف.

    يقول سبحانه: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} (الروم:54) وصف سبحانه التغير في القوة على طول العمر مع التذكير بأن الإنسان قد خُلِقَ ضعيفاً ابتداء، وكأنه بهذا قد رسم منحنى تصويريٌّا، تستبين فيه درجة القوة في مختلف مراحل العمر قبل أن يُستخدَم ذلك الأسلوب في الدراسات العلمية الحديثة، والقوة تبلغ أوْجها في مرحلة الشباب، ثم يُعكس الاتجاه، ويبدأ الارتداد والانقلاب والانتكاس، ليكون سمة مرحلة الشيخوخة؛ ولذا وصفها القرآن بالضعف، والعجيب أنه التزم بتمييزه عن الضعف الأول بإضافة (الشيب) كما قال تعالى: {ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة}.

    قال أهل التفسير: قوله تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة} يعني أنه خلقكم ضعفاء، ثم جعلكم أقوياء، ثم جعلكم ضعفاء في حال الشيخوخة؛ حيث تتغير الصفات الظاهرة والباطنة. ومعنى من {ضعف} أي: من نطفة ضعيفة، وقيل: أي في حال ضعف.

    وقال تعالى حكاية عن نبيه زكريا عليه السلام: {قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا} (مريم:4) التدرج في الشيب يجعل ضعف الشيخوخة في تَنَامٍ مع انعدام الأمل في استرداد قوة الشباب، وذلك مقابل تدرج الضعف الأول نحو القوة، والتصوير في وصف (الشيب) بالنيران المشتعلة، لبيان استيعابه لأغلب الرأس، يفيد أن المقام للمبالغة والاستيعاب؛ وهكذا يجعل نسبة الوهن للعظم كذلك، وليست لقصر الوهن عليه، وكأنه قال: (نال الوهن مني أصلب شيء) فمن باب أولى كل ما دونه صلابة، وبذلك يعم الوصف بالوهن أغلب البدن، فتأمل الدقة في التعبير وغاية البيان باعتماد هذا الأسلوب التصويري.

    قال المفسرون: قوله تعالى: {قال رب إني وهن العظم مني} أي: ضَعُفَ، وأراد أن قوة عظامه قد ذهبت لكبره، {واشتعل الرأس شيبا} يعني انتشر الشيب فيه، كما ينتشر شعاع النار في الحطب، وهذا من أحسن الاستعارات، ولا ترى كلاماً أفصح من هذا، وفيه من فنون البلاغة، وكمال الجزالة ما لا يخفى. وتخصيص {العظم} لأنه دعامة البدن، وأصل بنائه؛ ولأنه أصلب ما فيه، فإذا {وهن} كان ما وراءه أوهن، {واشتعل الرأس شيبا} شَبَّهَ الشيب في بياضه وإنارته بشواظ النار وانتشاره وَفُشُوِّه في الشعر باشتعالها، وأسند الاشتعال إلى الرأس الذي هو مكان الشيب مبالغة، والمراد من هذا الإخبار عن الضعف والكبر ودلائله الظاهرة والباطنة.

    وقوله عز وجل: {هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون} (غافر:67) عَبَّر القرآن عن بلوغ الإنسان مرحلة الشباب بلفظ (الأشُدّ) ويعني هنا غاية القوة، وفي مقام مرحلة الضعف التي تلي حالة الأَشُد أتى باللفظ {شيوخا} المشتق من مادة (الشيخوخة)، وهو بهذا الترتيب والتمييز بعد حالة (الأشُدّ) قد وصف مرحلة الشيخوخة ضمناً بالضعف بالنسبة لمرحلة الشباب، أو قمة منحنى القوة بالنسبة للعمر، والقوى تتزايد مع النمو، وعند بلوغ الأشُد يقف تصاعد المنحنى، ويستوي بينما تستمر القدرة العقلية والخبرة في تزايد حتى يكتمل الاستواء عند الأربعين، قبل أن يرتد المنحنى، وينعكس الاتجاه، وفي قوله تعالى: {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما} (القصص:14) وقوله سبحانه: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك} (الأحقاف:15) أضاف القرآن إلى بلوغ (الأشُدّ) بلوغ الاكتمال، وذلك بلفظ (الاستواء) وجعل حده {أربعين سنة} لتحقق الحكم السديد والإمامة في العلم، فكأنه بهذا التقرير قد اختار التعبير بالغالب، وهو الأسلوب المعتبر علميٌّا اليوم.

    قال المفسرون: {ولما بلغ أشده} أي: المبلغ الذي لا يزيد عليه نشؤه، وقوله تعالى: {واستوى} أي: كَمُلَ، و(بلوغ الأشُدّ) في الأصل هو الانتهاء إلى حد القوة، وذلك وقت انتهاء النمو وغايته، وهذا مما يختلف باختلاف الأقاليم والعصور والأحوال. وقوله: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة} هو أقصى نهاية بلوغ الأشُد في الأغلب، وفي الأربعين يتناهى العقل، فإذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان، ومن الناس من يموت قبل أن يخرج طفلاً، وآخرون قبل الأشُدّ، وآخرون قبل الشيخوخة، {ومنكم من يتوفى من قبل} أن يبلغ الشيخوخة، {ولتبلغوا أجلا مسمى} أي: ولتبلغوا ميقاتاً مؤقتاً لحياتكم وأجلاً محدوداً، لا تجاوزونه، يريد أجل الحياة.

    وضعف الشيخوخة نذير الهلاك؛ ولذا عبَّرَ عنها القرآن حكاية عمن بلغها، أو وصفها بأسلوب يفيد الاسترحام، كقوله: {مسني الكبر} (الحجر:54) وقوله: {وأصابه الكبر} (البقرة:266) وقوله: {وقد بلغني الكبر} (آل عمران:40) وقوله: {وقد بلغت من الكبر عتيا} (مريم:8) وقوله: {وأبونا شيخ كبير} (القصص:23) وللتدهور في البِنية والوظائف وصف القرآن الشيخوخة بأنها {أرذل العمر} (النحل:70) ومن أهم ملامح التدهور إصابة المخ، وتناقص المهارات العقلية، والكفاءات الذهنية، والعلم بالذات والموجودات، مما قد يفسر سبب اختيار تلك الوظيفة العليا، التي تختص بالتكليف لتبرير الوصف، قال تعالى: {والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير} (النحل:70) وقال سبحانه: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا} (الحج:5).

    والله سبحانه يسن تشريعاً للأبناء، يكشف العلم بالمخلوقات، يراعي فيه حالة الضعف البدني والعقلي عند الآباء عند بلوغهم الكِبَر، قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} (الإسراء:23-24) ونلحظ في هذا التعبير غاية العناية والرأفة والرحمة بكبار السن، حتى إن القرآن قد قَرَنَ الإحسان بالوالدين عند الكِبَر بوحدانية الله، وهي قضيته الكبرى.

    قال أهل العلم: (الأرذل) من كل شيء الرديء منه، ولا يرجى له بعده عُوْدٌ من النقصان إلى الزيادة، ومن الجهل إلى العلم، كما يرجى مصير الصبي من الضعف إلى القوة، ومن الجهل إلى العلم، وإيثار فعل (الرد) على الوصول والبلوغ ونحوهما؛ للإيذان بأن بلوغه والوصول إليه رجوع في الحقيقة إلى الضعف بعد القوة {لكي لا يعلم بعد علم شيئا} (النحل:70) من المعلومات، أي: لينسى ما يعلم، أو: لئلا يعلم زيادة علم على علمه، وهذه عبارة عن قلة علمه، لا أنه لا يعلم شيئاً البتة، فالمراد المبالغة، وفائدة ذلك الإيذان بأن بلوغ الأشُد أفضل الأحوال.

    وفي قوله تعالى حكاية عن امرأة إبراهيم عليه السلام: {قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} (هود:72) أضاف القرآن إلى عجزها عن الإنجاب سبباً آخر لاستعجابها بقولها: {وهذا بعلي شيخا}، و(البعولة) من الذكورة والفحولة، ولا يوصف بها سوى الذكر، فكأنه أخبر ضمناً عن تحول نشاطه إلى الضعف عندما أصبح شيخاً، وأما لفظ {عجوز} المشتق من (العجز) فقد قصره على وصف الأنثى المقطوع بعجزها عن الإنجاب بتجاوزها سن الحيض، كما قال تعالى: {إلا عجوزا في الغابرين} (الشعراء:171) ولذا رافق اللفظ {عجوز} الوصف {عقيم} لانقطاع الأمل في الإنجاب بانقطاع الحيض في قوله: {فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم} (الذاريات:29) و(الشيخ) غير مقطوع الأمل، ووصفه هنا يتعلق ببيان ضعف النشاط لا زوال الخصوبة، والعجيب أن القرآن لم يصف (الذَّكَرَ) أبداً باللفظ (عجوز) بينما لغة التخاطب منذ التنزيل إلى اليوم تجيز القول: (هذا رجل عجوز) فانظر إلى أي مدى قد بلغت في القرآن الدقة في التعبير.

    ويمكن في وقتنا الحاضر تقديم الأدلة على أن الشيخوخة مقدرة، وفق برنامج يعكس العلم والحكمة في الخلق، ومن تلك الأدلة اكتشاف حد لعدد انقسامات الخلية. وتؤيد الأبحاث العلمية الحديثة أن الشيخوخة ليست إلا وجهاً من الموت المبرمج للجسم، وأما اكتشاف الموت المبرمج للأعضاء الخلوية الدقيقة، والموت المبرمج للميتوكوندريا فقد أضافا مزيداً من الأدلة على أن الأحداث الحيوية مقدرة لتسلك سلوكاً حكيماً لا عن مصادفة، حيث تذوي الأعضاء الخلوية الدقيقة أو الميتوكوندريا عندما تصبح ضارة أو غير ذات فائدة، ومثله اكتشاف ظاهرة الموت المبرمج للخلية؛ فبعض الخلايا تسلك مسلكاً اجتماعيًّا عجيباً للدفاع عن الجسم عندما يغزوها فيروس، فتستدعي عمليات مقدرة موجودة آلياتها بداخلها، تجعلها تموت ومعها الفيروس مدفون في أحضانها، وقد تبين أن ذلك الأسلوب المقدر الفريد يتبعه الجسم للتخلص من الخلايا، أو حتى الأنسجة التي أصبحت ضارة به، أو على الأقل غير ذات فائدة، وبالمثل أمكن لأبي ذنيبة التخلص من ذيله ليصبح ضفدعاً خفيف الحركة، قادراً على القفز، وأمكن للشجر أن يسقط أوراقه مبكراً في الخريف؛ لأنها ستكون غير ذات فائدة في الشتاء، ويوفر ما ستستهلكه من الغذاء، فهل يمكن أن يُنسب ذلك السلوك الواعي إلى الخلايا، أو إلى الكائنات نفسها، أو إلى المصادفة، أم هو أحد مظاهر التقدير المبثوث على المستويات من حكيم عليم بكل المخلوقات؟ إن المصادفة لا يمكن أن تقيم نظاماً ثابتاً ذا أحداث تتكرر بانتظام، ولا سبيل سوى الإقرار بحكمة الله وعنايته المتجليتين في كل حين ومكان في أنفسنا وما حولنا، وأما وحدة أصول الموجودات واختصاص كل نوع بتقدير موحد رغم التمايز فشاهد عِيان على قدرة الله ووحدانيته.

    إن أول من تنبه لظاهرة الشيخوخة كعلم مستقل هو الطبيب الفرنسي (شاركوت/ Charcot) عام 1881م، ولم يتبعه أغلب الباحثين إلا في القرن العشرين، ولذا نعجب أن يولي القرآن الكريم موضوع الشيخوخة عنايته قبل ذلك بأكثر من اثني عشر قرناً، ولا نجد لهذا نظيراً في أي كتاب آخر ينسب اليوم للوحي غير القرآن الكريم، وإن إدراك خفايا الشيخوخة في عصرنا حيث توفرت التقنيات إنما هو شهادة للقرآن: {أنه الحق} (البقرة:144) {وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل * لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون} (الأنعام:66-67).

    * مادة البحث مستفادة من موقع (الهيئة العالمية للكتاب والسنة http://http://www.eajaz.orgwww.eajaz.org) بتصرف.
    ---------------------------------
    هضم النفس والتواضع: خلق كريم، وخلة جذابة تستهوي القلوب، وتثير الإعجاب والتقدير.

    هو خلق بين خلقين، وقصد بين تفريطين، ووسط بين طرفين.. والممدوح منه ما كان متسما بالقصد والاعتدال؛ لأن الإفراط فيه داع للخسة والمهانة والتفريط فيه باعث على الكبر والعجب.

    وقيل في معناه: هو احترام الناس حسب أقدارهم وعدم الترفع عليهم.
    وسئل الحسن البصري: أي شيء التواضع؟ قال: يخرج المرء من بيته فلا يلقى مسلما إلا ظن أنه خير منه.
    وهذا ما كان يفعله مطرف بن الشخير حيث يقول: "والله ما رأيت أحدا من المسلمين إلا ظننت أنه خير مني: إن كان أكبر مني قلت أطاع الله قبلي وعبده أكثر مني، وإن كان أصغر مني قلت عصيت الله أكثر منه".

    وفي مسند الشهاب عن عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَوَاضَعُوا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ".

    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله].

    وقد جاء في كتاب "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله أن أصل هذا الباب مراقبة النفس ومحاسبتها والاطلاع على عيوبها، فمن اطلع على عيبها مقتها في ذات الله تعالى.
    وقد روى الإمام أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا".

    وقال مطرف بن عبدالله: "لولا ما أعلم من نفسي لقليت الناس".
    وقال بكر بن عبدالله المزني: "لما نظرت إلى أهل عرفات ظننت أنهم قد غفر لهم، لولا أني كنت فيهم".
    وقال أيوب السختياني: "إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل".

    ولما احتضر سفيان الثوري دخل عليه أبو الأشهب وحماد بن سلمة فقال له حماد: يا أبا عبدالله! أليس قد أمنت مما كنت تخافه، وتقدم على من ترجوه وهو أرحم الراحمين؟ فقال: يا أبا سلمة أتطمع لمثلي أن ينجو من النار؟ قال: إي والله إني لأرجو لك ذلك.

    وقد ذكر جعفر بن زيد: أنه راقب صلة بن أشيم ليلة، فصلى الليل حتى كان عند الصبح جلس فحمد الله تعالى بمحامد لم أسمع بمثلها ثم قال: "اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار فإن مثلي يصغر أن يجترئ أن يسألك الجنة".

    وقال محمد بن واسع: "لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد أن يجلس إلي".
    وأثنوا على داود الطائي يوما فقال: "لو يعلم الناس بعض ما نحن فيه ما ذل لنا لسان بذكر خير أبدا".
    وقال أبو حفص: من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات، ولم يخالفها في جميع الأحوال، ولم يجُرّها إلى مكروهها في سائر أوقاته، كان مغرورا.. ومن نظر إليها باستحسان شيئ منها فقد أهلكها.

    وكل هذا منهم رضي الله عنهم من باب التواضع وهضم النفس، وقد تعلموا هذا من السابقين الأولين من أصحاب النبي الكريم، فقد كانوا أفضل خلق الله وأكثرهم تواضعا لربهم عز وجل:
    جاء في [كنز العمال: 35704] عن الأصمعي قال: "كان أبو بكر إذا مدح قال: اللهم أنت أعلم مني بنفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون".

    وفي تفسير ابن أبي حاتم عن عقبة بن صهبان الهنائي قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن قول الله عز وجل: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله}[ فاطر:32] فقالت: يا بني هؤلاء في الجنة، أما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد له رسول الله بالجنة، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به، وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلكم".. فجعلت نفسها معنا رضي الله عنها وأرضاها.

    وفي معجم الطبراني ومسند أحمد عن مسروق قال: دخل عبد الرحمن "يعني ابن عوف" على أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: [إن من أصحابي لمن لا يراني بعد أن أموت أبدا]. فخرج عبد الرحمن من عندها مذعورا حتى دخل على عمر رضي الله عنه فقال له: اسمع ما تقول أمك، فقام عمر رضى الله عنه حتى أتاها فدخل عليها فسألها ثم قال: أنشدك بالله أمنهم أنا؟ قالت: لا.. ولن أبريء بعدك أحدا".
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما أرادت ألا تفتح عليها هذا الباب، ولم ترد أنك وحدك البريء من ذلك دون سائر الصحابة.

    التواضع من صفات الصديقين
    ومقت النفس في ذات الله من صفات الصديقين، ويدنو العبد به من الله تعالى في لحظة واحدة أضعاف أضعاف ما يدنو بالعمل.
    قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن الحسن بن أنس حدثنا منذر عن وهب: أن رجلا سائحا عبد الله عز وجل سبعين سنة، ثم خرج يوما فقلل عمله وشكا إلى الله تعالى منه واعترف بذنبه، فأتاه آت من الله فقال: إن مجلسك هذا أحب إلى من عملك فيما مضى من عمرك.

    وفي الزهد أيضا عن قتادة: قال عيسى بن مريم عليه السلام: "سلوني فإني لين القلب، صغير عند نفسي".
    وفيه: "كان داود عليه السلام ينظر أغمض حلقة في بني إسرائيل فيجلس بين ظهرانيهم (أكثرها تواضعا ومسكنة)، ثم يقول: يا رب مسكين بين ظهراني مساكين".

    لقد نظر هؤلاء الصالحون الصادقون في حق الله عليهم فعظموه وقدروه، ثم نظروا بعد ذلك في نفوسهم فعلموا عوارها وضعفها وعجزها عن القيام بحق الله؛ فأورثهم ذلك مقت نفوسهم والإزراء عليها، فتخلصوا من العجب ورؤية العمل؛ ففتح لهم باب الخضوع والذل والانكسار بين يدي ربهم، وعلموا أن النجاة لا تحصل لهم إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته، فإن من حقه أن يطاع ولا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.

    فمن نظر في هذا الحق الذي لربه عليه عَلِم عِلْم اليقين أنه غير مؤد له كما ينبغي، وأنه لا يسعه إلا العفو والمغفرة، وأنه إن أحيل على عمله هلك.. فهذا محل نظر أهل المعرفة بالله تعالى وبنفوسهم، وهذا الذي أيأسهم من أنفسهم وعلق رجاءهم كله بعفو الله ورحمته. حتى قال سيد المتواضعين عليه افضل الصلوات وأزكى التسليم كما في الصحيح: [لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته](رواه البخاري ومسلم).
    تواضع تكن كالنجم لاح لناظر .. .. على صفحات الماء وهو رفيع
    ولا تك كالدخــان يعـلو بنفـسه .. .. إلى طبـقات الجـو وهو وضـيع
    فأقبح شيء أن يرى المرء نفسه.. .. رفيـعـا وعند العالمـين وضيـع
    ------------------------------------
    أخرج الإمام أحمد رحمه الله عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضرَبَ اللهُ مَثلًا صِراطًا مُستَقيمًا، وعلى جَنَبَتَيِ الصِّراطِ سُورانِ فيهما أبوابٌ مُفَتَّحةٌ، وعلى الأبوابِ سُتُورٌ مُرْخاةٌ، وعلى بابِ الصِّراطِ داعٍ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، ادخُلوا الصِّراطَ جميعًا ولا تَعْوَجُّوا، وداعٍ يَدْعو مِن فوقِ الصِّراطِ، فإذا أراد الإنسانُ أنْ يَفتَحَ شيئًا مِن تلكَ الأبوابِ، قال: وَيْحَكَ! لا تَفْتَحْهُ؛ فإنَّكَ إنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فالصِّراطُ الإسلامُ، والسُّورانِ حُدودُ اللهِ، والأبوابُ المُفَتَّحةُ مَحارِمُ اللهِ، وذلك الدَّاعي على رأسِ الصِّراطِ كتابُ اللهِ، والدَّاعي مِن فوقِ الصِّراطِ واعِظُ اللهِ في قَلبِ كلِّ مسلمٍ".

    قال ابن تيمية رحمه الله: (فقد بيَّن في هذا الحديث العظيم الذي من عرفه انتفع به انتفاعا بالغا -إن ساعده التوفيق- واستغنى به عن علوم كثيرة أن في قلب كل مؤمن واعظا، والوعظ هو الأمر والنهي، والترغيب والترهيب).
    قال الحسن رحمه الله: (إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه...).
    وقال: (من كان له واعظ من نفسه كان له من الله حافظ، فرحم الله من وعظ نفسه وأهله...).
    وقال ابن سيرين رحمه الله: (إذا أراد الله تعالى بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه يأمره وينهاه).
    إن هذا الواعظ الداخلي في قلب المؤمن هو السبيل إلى الإقبال على الخير وترك الشر والفجور والظلم والإثم، كما قال الشاعر:
    لن ترجع الأنفس عن غيها ما لم يكن لها منها زاجر

    لأن هذا الواعظ في الحقيقة يكون حارسا ورقيبا على صاحبه لا يفارقه، يحصي عليه أفعاله، يجعله يزن بميزان دقيق يميز الخير من الشر، والبر من الإثم. إنه الضمير الذي يوجه نشاط المسلم، وهو الذي يظهره الله تعالى للعلن والحساب والجزاء يوم القيامة {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} (الطارق:9).
    إن هذا الواعظ حين يقوى في قلب المؤمن سيدعو صاحبه إلى طاعة الله وامتثال أمره واجتناب نهيه، والله تعالى يوفقه لذلك ويؤيده بمَلَك يقذف في قلبه إلهامات الخير.
    وهو الذي يُشعر صاحبه المراقبة الدائمة واطلاع الله تعالى عليه في كل أحواله {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}(النساء:1). {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(الحديد:4). {أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}(العلق:14).

    يقول الشيخ حسن البنا رحمه الله تعالى: (فيقظة الضمير، ودقة الشعور، وحياة الوجدان، جعلها الإسلام قوام صلاح الفرد، وديدبانا(رقيبا وحارسا) قائما لا يغفل، يحصي عليه خواطره وهواجسه، وألفاظه وكلماته، وأعماله وتصرفاته..).
    كما أن هذا الواعظ الداخلي في نفس المؤمن يقوي الشعور بحضور الملائكة الكرام الكاتبين الذين يكتبون كل ما يصدر من العبد، وأن هذا المكتوب سيعرض على صاحبه فيقرأه بنفسه ويُسأل عنه ويجازى به {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (الانفطار:10-12) {هذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (الجاثية:29). {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق:18). {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ}(القمر:52-53). {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} (الإسراء:13-14). {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}(الكهف:49).

    إن هذا الواعظ الداخلي – الضمير – هو الذي يحمل صاحبه على محاسبة نفسه في كل أحواله، قبل العمل بمراقبة الباعث على العمل، هل هو إرادة وجه الله تعالى؟ أم إرادة الثناء والمجد والجاه عند المخلوقين؟ كما قال الحسن رحمه الله تعالى: (كان أحدهم إذا أراد أن يتصدق بصدقة نظر وتثبت فإن كان لله أمضاه). وقال: (رحم الله تعالى عبدا وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر).
    كما يحاسب نفسه أثناء العمل وبعده، ويحاسب نفسه على طاعة لله قصر فيها ولم يوقعها على الوجه الذي ينبغي، وعلى كل عمل كان تركه خيرا من فعله..ويحاسب نفسه على المناهي، فإن فعل شيئا منها تداركه بالتوبة والاستغفار وفعل الحسنات الماحية؛ فإن الله تعالى يمحو الخبيث بالطيب{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}(هود:114).

    إن هذه اليقظة لواعظ الله في القلب هي صفة رئيسة للمؤمن يبينها الحسن البصري فيقول: (المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة). ويقول: (إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتى يلقى الله ، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وبصره ولسانه وفي جوارحه...).
    إن هذا الواعظ في قلب المؤمن هو الذي يجعله يُسر بحسنته وتسوؤه سيئته، وينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ساءتك سيئتك وسرتك حسنتك فأنت مؤمن".

    إنه داع إلى التصويب الذاتي للسلوك، والتقويم الذاتي للنفس الإنسانية بحيث لا تنساق وراء الأهواء والنزوات بلا رادع يردعها عما يشينها في الدنيا والآخرة.
    إن تربية وتنمية هذا الواعظ أو الضمير هي التي تخرج الإنسان الحق من البشر، وهي التي تحول النفس الأمارة بالسوء إلى نفس أمارة بالخير..إنها تربية إلى الحد الذي لا يكتفي صاحبه بالندم بعد الوقوع في خطأ أو معصية، بل يدفعه إلى اختيار سبيل الحق وملازمة طريق التقوى في سلوكه مع الله تعالى، ومع الخلق، وأقصر سبيل إلى تربية هذا الواعظ في النفوس هو تربية الإيمان في النفوس، وهو أمر شاق ليس بالأمر الهين.

    إن بناء المصانع والمدارس والسدود والمنشآت سهل ومقدور عليه، ولكن الأمر الشاق حقاً هو بناء الإنسان .. الإنسان القادر على نفسه، المتحكم في شهواته، الذي يعطي الحياة كما يأخذ منها، ويؤدي واجبه كما يطلب حقه، الإنسان الذي يعرف الحق ويؤمن به ويدافع عنه، ويعرف الخير ويحبه للناس كما يحبه لنفسه، ويتحمل تبعته في إصلاح الفساد، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتضحية النفس والمال في سبيل الحق.
    إن صنع هذا الإنسان أمر عسير غير يسير.
    ولكن الإيمان وحده هو صانع العجائب، الإيمان هو الذي يهيئ النفوس لتقبل المبادئ الخيرة مهما يكمن وراءها من تكاليف وواجبات، وتضحيات ومشقات، وهو العنصر الوحيد الذي يغير النفوس تغييراً تاماً، وينشئها خلقاً آخر. ويصبها في قالب جديد، فيغير أهدافها وطرائقها، ووجهتها وسلوكها وأذواقها ومقاييسها، ولو عرفت شخصاً واحداً في عهدين -عهد الكفر وعهد الإيمان- لرأيت الثاني شخصاً غير الأول تماماً، لا يصل بينهما إلا الاسم، أو النسب أو الشكل.
    ----------------------------------------------------------------
    ي وصية النبي الجامعة لابن عباس رضي الله عنه وللمسلمين من بعده، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة].. وهذه الزيادة ثابتة صحيحة. رواها الترمذي وغيره وصححها عدد من الأئمة.

    يقول فيها النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس ما معناه: "يا غلام إذا أردت أن يحفظك الله في الشدائد والمحن، ويدفع عنك ما تكره من الرزايا والنقم، ويحفظ عليك دينك من مضلات الفتن، فتعرف عليه في حال رخائك، فإن العبد إذا اتقى الله في حال رخائه، وحفظ حدوده وراعى حقوقه، وأطاعه في أوامره ونواهيه، وعظمه في كل وقت وحال، صارت له بالله معرفةٌ خاصة، ومحبةٌ ومودة تقتضي أن يحفظه الله في حال شدته".

    فإذا كنت في صحة وعافية، ومال وغنى، وأمن ورفاهية، هدوء في عائلتك، وسكينة بينك وبين زوجتك، أولادك طائعون لك، أمورك تسير على ما يرام وعلى ما تشتهي.. فأنت في رخاء ونعيم، فلا يصدنك كثرة الرخاء والنعيم عن الاشتغال بالعبادة، وكثرة الدعاء، وتلاوة القرءان، وكثرة الذكر، والعمل الصالح.

    لا تكن كعبد السوء لا يعرف ربه إلا في حال الضر والحاجة الفقر الفاقة.

    لا تكن عبد سوء إذا مسه ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا.
    عود نفسك اللجوء إلى الله قبل ساعات الاضطرار.. فإن الناس كلهم يحسنون التوجه إليه في ضرائهم وعند حاجاتهم حتى مشركوا العرب، وكفار العالم، وملحدوا البشرية، كلهم {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (العنكبوت:65).

    وقد ذكر بعض إخواننا أنه ركب طائرة من عاصمة عربية متجها إلى موسكو ـ عاصمة الإلحاد في العالم ـ وعلى متنها عدد كبير ممن يقولون: "لا إله".. قال فبينما نحن في السماء دخلت الطائرة في سحابة رعدية فاضطربت اضطرابا شديدا حتى أيقن كل من فيها بالهلاك.. قال: فما بقي في الطائرة أحد إلا ورفع يده يسأل الله النجاة!!!
    وصدق الله إذ يقول: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ....}(يونس:22، 23).

    البطولة الحقيقية
    إن البطولة ليست أن تذكر الله عند حاجتك وفاقتك وفي ضرائك ومحنتك، فهذا يحسنه كل أحد كما قلنا، وإنما البطولة كل البطولة أن تكون ذاكرا لله في سرائك، شاكرا لأنعمه، عاملا بمرضاته، قائما بحقه، سائرا على طريقه الذي رسمه لك.

    وأما الذين لا يعرفون ربهم إلا عند الشدائد وينسونه حال النعمة والعافية فقد نعى الله عليهم، وذمهم كثيرا في كتابه. قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}(الزمر:8).
    وقال سبحانه: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(يونس:12).
    وقال جل في علاه: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}(فصلت:51).

    والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل على واقع يعيشه أكثرنا، فطالما كنا في عافية فنحن غافلون بعيدون عن الله وعن عبادته وطاعته معرضون عن دعائه، حتى إذا حلت بنا مصيبة، أو وقعنا في كرب أو أصابنا مرض أو ابتلاء رفعنا أكف الضراعة، ولهجت ألسنتنا بالسؤال والدعاء العريض.

    وإنما يستجيب الله في الشدائد لمن كان يعرفه في رخائه، فعود نفسك اللجوء إلى الله قبل وقت الاضطرار، ورش سهامك قبل أن ترمي بها، واجعل لنفسك رصيدا عند الله وقت السعة يمكنك أن تعتمد عليه وتسحب منه وقت الحاجة والضيق..

    وانظر كيف عامل الله عبده يونس بن متى عليه السلام حين التقمه الحوت فدعا ربه في ظلمات ثلاث: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت {لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}(الأنبياء:87)، قال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (الأنبياء:88)، وبيّن الله سبب الاستجابة وإنقاذه من هذا المكان العجيب الذي لا يخرج منه أحد أبدا فقال: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(الصافات:143، 144)؛ يعني لولا تسبيحه لنا وكثرة ذكره ودعائه وطاعته في زمن رخائه لما أنجيناه في زمن شدته وبلائه.

    وانظر في الجانب الآخر إلى فرعون لعنه الله، عبد أنعم الله عليه فتكبر وعتا، وعاند وجحد نعمة الله وفضله، فلما أدركه الغرق دعا ربه ـ كما دعا يونس ـ لكن الإجابة اختلفت تماما قال الله تعالى له: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}(يونس:91).
    أي أنك في زمان الرخاء كفرت وتكبرت وعتوت ونسيت، فما وجدنا لك عند شدتك رصيدا كما وجدنا ليونس عليه السلام. {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}(يونس:92).

    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم[مَن سرَّه أن يستجيبَ الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء] رواه الترمذي والحاكم وصححه.

    فإذا أردت أن يكون الله لك في ضرائك على ما تحب، فكن له في سرائك على ما يحب.
    وإذا أردت أن يعرفك الله في الشدائد، فتعرف عليه في النعماء والرغائب.
    [تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة]..
    وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
    ------------------------------
    تربية الأبناء من المهمات الصعبة التي تحتاج إلى الكثير من الصبر والحكمة، فالوالدان يقومان ببذل مجهود كبير في تربيتهم تربية سليمة، وحتى يتحقق ذلك يوجد ثلاث استراتيجيات يقوم بها الوالدان وهي: بناء الثقة، اصطياد الإيجابيات وإعادة تحويل السلبيات.

    كيف تبني الثقة ؟
    ثمة أمور يجب الالتفات لها حتى تتمكن من بناء الثقة لدى أبنائك:

    أولا: إزالة الخوف، عليك أن تبتعد عن كل الأساليب التربوية التقليدية والتي تُستخدم فيها العقاب والتهديد والعنف وحتى تعابير الوجه من تقطيب الجبين ونبرة الصوت الحادة.

    ثانيا: عليك أن لا تحاول أن تتحكم أو تسيطر على أبنائك بغية تحقيق نتيجة معينة بل يجب عليك منحهم المساحة الكافية حتى يتمكنوا من الاستقلال عنك شيئا فشيئاً من خلال تدريبهم على الاستقلالية مبكرا ثم تنسحب تدريجيا من حياتهم ولا مانع من الأخطاء وهو الثمن الذي يقودهم للاستقلالية النفسية والذهنية والمعنوية مع بقائك مرجعا لهم وخبرة للاستعانة بها عند الحاجة، والإنسان يختلف عن باقي الكائنات الحية في أنه يحتاج وقتا طويلا للاستقلالية عن الوالدين لأن الله كلف الوالدين بهذه المسؤولية على خلاف باقي الكائنات الحية التي تكفل الله تعالى بها (الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ) [طه : 50] .

    ثالثا: لتقوية العلاقة بينك وبين أبنائك عليك اللعب معهم والمرح، فذلك يساعد على بناء الثقة لديهم ويقوي الاتصال كما يؤسس الألفة وهذا بدوره يزيد من استجابتهم لما تريده منهم ، فيمكنك من خلال قصة أو لعبة غرس فكرة مهمة لديهم .

    رابعا: صادق ابنك ولتعلم أن الحلوى أقرب لقلبه من الكتاب الجديد والنشاط الذي تشاركه معه والرحلات أحب إليه من الآلاف التي تقوم بإنفاقها عليه، والأب الذكي هو الذي يحضر معه هدية عند دخوله البيت أو تحفة أو قصة شيقة.

    خامسا: أحِب ابنك بلا شروط - رغم أن جميع الآباء يحبون أبنائهم دون شروط - إلا أن الأبناء لا يعلمون ذلك لذلك تتزعزع الثقة لديهم لأننا لو سألنا الأبناء عن متى يحبكم آباؤكم يجيبون إذا تفوقنا أو أطعناهم في كل شيء، فإن لم يستطع يصاب باليأس و يفقد الثقة بنفسه، تحب ابنك حين تسأله متى أحبك ولماذا؟ فيجيب دائما تحبني ولأنني ابنك، وأفضل الوقت الذي نخبر فيه أبناؤنا أننا نحبهم هو الوقت الذي كنا نعاقبهم فيه ونلومهم فبدلا من أن تلومه قل له أحبك، وبدلا من أن تعنفه افهمه، وبدلا من أن تقطب جبينك ابتسم له.

    سادسا: افهم ابنائك وانظر بعيونهم لتحظى بصداقتهم، فاهتماماتهم وميولهم تختلف عنك فالأطفال يحبون اللعب والمرح والحرية على خلاف الكبار يحبون السيطرة والجدية لذا تحدث الكثير من المشاكل، لذلك عليك أن تسمعهم أكثر من أن تكلمهم حتى لا يبقون معتمدين عليك.

    سابعا: عامل طفلك باحترام وعلى أنه انسان وليس طفل، له أفكاره ومشاعره وشخصيته لأنه هو المستقبل ويجب علينا أن نتخلى عن الرهبة التي غرسناها فيهم.

    ثامنا: امسح على رؤوس ابنائك وضمهم إلى صدرك بحنان ومحبة ودفء، فالرسائل غير الملفوظة أهم من الكلمات ذاتها.

    تاسعا: حتى تستطيع بناء الثقة يجب أن تكون أهلا للثقة من خلال كونك قدوة جيدة لأبنائك في سلوكك وكلامك وعاداتك وحسن أخلاقك.

    عاشرا: حافظ على العلاقة الطيبة بينك وبين أبنائك واهتم بتوازنهم النفسي حتى تكون نتيجة تربيتك كما تريد، فحين يكون هناك خلل في علاقتك بهم ونفسيتهم تجد مستواهم الدراسي وأخلاقهم في تدني.
    اصطياد الإيجابيات
    دائما حين نركز على شيء لا نرى غيره على الرغم من أنه أمام أعيننا إلا أننا لا نلاحظه، ولأن أغلب الآباء والأمهات اعتادوا التفكير السلبي فإنهم يركزون دائما على السلبيات ويرون فقط أخطاء أبنائهم وصوتهم العالي على الرغم من أن هذا السلوك يشكل جزءاً بسيطاً من أسلوب حياتهم، وأن الغالب على سلوك أبنائهم الطيبة والإيجابية، لذا على الوالدين أن يركزوا على الإيجابيات ليكافئوهم عليها وينسوا فكرة العقاب، والمكافآت يجب أن تكون معنوية أكثر من أن تكون مادية حتى لا يشعر الطفل أن لسلوكه الحسن مقابل، فحين نقوم بمدحه على تصرفه وخصوصا أمام الآخرين فإن هذا له الأثر الأكبر في قلبه ولا ننسى الكلمة الطيبة (( الله يرضى عليك، ممتاز، أحسنت، أنا فخور بك....)).
    إعادة توجيه السلبيات
    حين يتصرف الأبناء بشكل خاطئ يجب أن نتعامل مع السلوك نفسه لأن المرء ليس سلوكاً، مثلا حين ينسى الابن كتابة الواجب المدرسي ليس معناه أنه كسول ولكنه نسي كتابته، لذا حتى تستطيع تحويل السلبيات يجب عليك أن تتبع الخطوات التالية:

    1- ركز على الخطأ نفسه وليس على ابنك.

    2. إذا كان الخطأ بسيطا يجب عليك أن تتجاهله ولا تركز عليه حتى لا يزداد ضرراً.

    3. إذا كان ابنك غير متعمد للخطأ فيفضل أن تسامحه وتتجاوز عن الخطأ.

    4. أن تفهم القصد الكامن وراء السلوك الخاطئ لأنه غالباً يكون إيجابيا، فأغلب الشجار الذي يدور بين الأبناء هو بسبب الطاقة الهائلة التي تحتاج إلى التفريغ ويمكن ذلك من خلال الرياضة، فإن لم تستغل هذه الطاقة فإنها سوف تتجه لسلوك سلبي تفرغ نفسها من خلاله.

    5. ضع السلوك الخاطئ ضمن السلوكيات الجيدة التي يقوم بها أبنائك وقومها.

    6. احتفل بالخطأ وافرح به، لأن الممارسة تورث الخبرة، فالطفل حين يتعلم المشي سقط كثيرا حتى تعلم فلولا تلك العثرات لما استطاع المشي، لذا كلما أخطأ شجعه وادعمه حتى يصل.

    7. حين يخطئ ابنك راجع نفسك أولاً لأنك فشلت في تعليمه فهو مستعد لكل أنواع السلوك الجيد ومفطور على الرغبة في التعلم، ومثالا على ذلك ذكر كاتب (كتاب أبناؤنا جواهر) أنه حين كان صغيرا ارتكب خطئاً كبيرا حين تأخر عن موعد مهم مع والده بسبب انشغاله باللعب مع أصدقائه وحين سأله عن سبب تأخيره كذب عليه خشية منه، وكان والده يعلم السبب الحقيقي لكنه بدلا من أن يعاقبه نظر إليه بحب وقال: أعتذر منك يا بني لأنني اضطررتك للكذب علي ولابد أني تصرفت معك يوما بطريقة جعلتك تخاف وتخشى مصارحتي، لا بأس عليك يا بني سأعاقب نفسي اليوم بالعودة إلى البيت سيراً على الأقدام لأراجع نفسي ولأكتشف خطئي، لا بأس عليك يا بني أنا المسؤول ولست أنت، ومن يومها تعلم الكاتب عمليا معنى المسؤولية.

    8. العقوبة المقننة وهي اتفاقية بينك وبين أبنائك معلومة الحدود والشروط ولا تخل بالثقة ولا تخدش المحبة، والهدف منها مساعدة الطفل على تجاوز الخطأ وليس الانتقام من المخطئ، ومن المهم اختيار الوقت المناسب لك ولابنك وتكونان في مزاج حسن، وتشركه في الاتفاق على الأهداف المرجوة والارشادات العامة والمصادر المتاحة والمحاسبة والمساءلة، والمكافآت في حال إنجاز الاتفاقية والعقوبات في حال التقصير، ثم يوقع كلاكما على النقاط المتفق عليها.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    كتاب" أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون "
    ----------------------------------------------------
    أمرالله لتعظيم نبيه وتعزيره وتوقيره، وإجلاله واحترامه وتقديره، أمر لا يخفى على مؤمن ومسلم، وكل من تصفح كلام الله وكتابه ووحيه أدرك ذلك وعلم كيف أن الله جل في علوه قد أثنى على رسوله ونبيه، وحبيبه ووليه، وصفيه ونجيه، وأجلَّه في كتابه، ووقره في خطابه، فما ناداه قط باسمه المجرد وإنما {يأيها النبي}، {يأيها الرسول}، وكيف أنه أقسم بحياته ـ ولم يقسم في كتابه بحياة بشر سواه ـ قال ابن عباس: "ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، ولا رأيته أقسم بحياة أحد غيره". واشتق الله له من اسمه، وربط ذكره بذكره، فلا يكاد يذكر الله تعالى إلا ويذكر النبي معه.
    وضم الإله اسم النبي إلى اسمه .. إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
    وشــق له مــن إســمه ليجـــلــه .. فذو العرش محمود وهذا محمد

    وإن من تمام التقدير وكمال التكريم والتوقير، هذا الأمر الذي بدأ الله فيه بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وأمر به المؤمنين من خلقه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(الأحزاب:56).
    قال البخاري رحمه الله: "قال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء"، وقال ابن عباس: (يصلون يبرِّكون) أي: يباركون. قال ابن كثير في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: 56]: "المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عبادَه بمنزلة عبده ونبيه وحبيبه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمَر تعالى أهل العالم السفليّ بالصلاة عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين".

    كنز الخيرات
    الصلاة على المختار كنز عظيم من كنوز الخيراتِ، وباب واسعٌ من أبواب المبرّات، ومصدر هائل للأجور والحسنات، ولو علم المسلم ما جعل الله فيها من الخير والفضائل والثمرات ما فتر لسان عن مداومة الصلاة والسلام عليه.. عليه الصلاة والسلام.
    وإن من أعظم تلك الفضائل وأزكى تلك الثمرات، ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي [من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرًا].
    يا ألله.. تصلى على النبي مرة فيصلي عليك رب العزة عشر مرار، وتصلى على النبي مرة في الأرض فيصلى الله عليك عشر مرات في السموات العلى!!
    وإذا أردت أن تصلّي عليك الملائكة فأدِم الصلاة على النبيّ، فقد صح عنه أنه قال: (ما من عبد يصلي عليّ إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي عليّ، فليقلّ العبد من ذلك أو يكثر).

    درجات ومحو سيئات
    كثيرة هي سيئاتنا، ووفيرة هي خطيئاتنا والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لمحو السيئات، وكسب الحسنات ورفع الدرجات؛ روى الإمام أحمد والنسائي عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحُطّ عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات](رواه أحمد والنسائي)، وفي رواية: (كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورُدّ عليه مثلها).
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    تكفى همك ويغفر ذنبك
    الهموم والغموم سبب الشقاء في الدنيا، والمعاصي والذنوب سبب الشقاء في الآخرة، فمن أراد أن يزيل الله عنه هم الدنيا وشقاء الآخرة فليكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. روى الإمام الترمذي والحاكم عن أبيّ رضي الله عنه أنه [قال للنبي: إني أكثِر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير، قال: قلت: الثلث؟ قال: ما شئت، فما زدت فهو خير، قال: قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فما زدت خير لك، قال: قلت: الثلثين؟ قال: ما شئت، فما زدت خير لك، قال: قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تكفى همّك ويغفر لك ذنبك].
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    طريق الشفاعة
    يوم القيامة يوم عظيم الأحوال شديد الأهوال، كثير الفظائع تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يشيب من هوله الولدان، يغضب فيه الله غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، يبحث فيه جميع الخلق عن أحد يشفع لهم عند خالقهم، وأعظم الناس شفاعة يومئذ المرسلون، وأعظمهم جميعا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول الله له "يا محمد سل تعط واشفع تشفع".. فمن أراد أن يشفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم المهيب فليكثر من الصلاة والسلام عليه.. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً](رواه الترمذي)، وصحّ عنه أنه قال: [إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة](رواه مسلم).
    فله لــواء الحمد غير مدافع ... وله الشفاعة إذ يكون كليما
    يا أيها الراجون منه شفاعة ... صلوا عليه وسلموا تسليما
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    شرف ورفعة
    شرف وأي شرف، ورفعة وأي رفعة أن يذكر اسم أحدنا عند رسول الله، وأن يسلم عليه وأن يرد عليه النبي السلام.. والصلاة على النبي سبب لعرض اسم المصلّي على النبيّ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أكثروا من الصلاة عليّ، فإن الله وكّل لي ملكا عند قبري، فإذا صلى عليّ رجل من أمتي قال الملك: يا محمد، إن فلان ابن فلان صلى عليك الساعة](صححه الألباني في الصحيحة)، ومن اللطائف قول بعض أهل العلم أن هذا باب من أبواب البر بالوالد أن تكون سببا في أن يذكر اسمه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وصح عنه أنه قال: [إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام](رواه أحمد والنسائي).
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : [مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ](رواه أحمد وأبو داود).
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    كفارة المجلس
    كثيرة هي مجالسنا التي نلغو فيها، ونغتاب فيها ونقول ما لا ينبغي، وهي مجالس حسرات وتبعات يوم القيامة، ولا نجاة من هذا إلا بأن نذكر الله فيها ونصلى على نبيه؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: [ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي إلا قاموا عن أنتن من جيفة]، وقال: [ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ـ أي: نقص وتبعة وحسرة ـ، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم] وفي رواية: [ما قعد قوم مقعدًا لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب].
    اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

    صيغ الصلاة
    قد ثبتت الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في بيان صفة الصلاة عليه في الصحيحين وغيرهما، ومن ذلك حديث كعب بن عجرة أنه قال: [يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك.. فكيف نصلي عليك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد](متفق عليه).

    ومن ذلك حديث أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه قال: [قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد](رواه البخاري).

    ومن ذلك قوله في حديث أبي مسعود الأنصاري لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه قال: [قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل على محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد](قال البيهقي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح).

    محاذير
    وكل صيغة وردت جاز أن يصلى بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وقد اخترع بعض الناس صيغا فيها شرك ومخالفات شرعية فهذه لا يجوز الصلاة على النبي بها، وبعضهم اخترعوا صيغا استعملوها في أوقات مخصوصة ورتبوا عليها أجورا لم يدل عليها دليل، فإن جاز استعمالها مطلق الاستعمال فلا يجوز اعتقاد تخصيص وقت أو عدد أو ترتيب ثواب لم يرتبه الشارع.
    وخير أمور الدين ما كان سنة .. وشر الأمور المحدثات البدائع

    مواطن وأزمنة
    والصلاة على رسول الله مستحبة في كل وقت من ليل أو نهار فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: [لاَ تَجعَلُوا قَبري عيدًا، وصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُم تَبلُغُنِي حَيثُ كُنتُم](صحيح أبو داود).

    وقد ذكر العلماء مواضع يحسن بالمسلم ويستحب له فيها صلاته على رسول الله ـ وفي بعضها تجب ـ فمن ذلك ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام فذكر من تلك المواطن: "الصلاة عليه في آخر التشهد وكذا في التشهد الأول، وعند آخر القنوت، وفي صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية، وفي الخطب والعيدين والاستسقاء، وعند إجابة المؤذن، وعند الإقامة والدعاء، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعلى الصفا والمروة، وعند الاجتماع في المجلس وقبل التفرق منه، وعند ذكره، وحال الوقوف عند قبره، وعند قيام الرجل من نوم الليل، ويوم الجمعة وليلتها، وعند الهمّ والشدائد وطلب المغفرة، وعند ـ سماع أوـ كتابة اسمه وإلقاء الدروس والتعليم والتذكير، وكل موطن يُجتمع فيه لذكر الله... إلى غير ذلك مما ذكره رحمه الله.

    ومن أشهر المواطن التي أمرنا فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن نكثر الصلاة والسلام عليه فيها يوم الجمعة وليلتها: فعن أوس بن أوس قال: قال رسولُ الله: [إنَّ مِن أفضَلِ أيَّامِكُم الجُمُعَة، فَأكثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاة فيه، فَإنَّ صَلاَتَكُم مَعرُوضَةٌ عَلَي، قال: قالوا: يا رسول الله، وكَيفَ تُعرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيكَ وَقد أرَمتَ؟! قال: يقولُ: بَلِيتَ ـ أي: صرت رميمًا ـ ، قال: إنَّ الله حَرَّمَ عَلَى الأرضِ أجسَادَ الأنبِيَاءِ](أبو داود بإسناد صحيح).

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد ما أحاط به علمك، وخطه قلمك، وأحصاه كتابك.
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد رمل الصحارى والقفار، وعدد ما أظلم عليه ليل أو طلع عليه نهار.
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة دائمة حتى ترضى وحتى يرضى.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    islamweb






                  

02-16-2020, 07:27 PM

Amira Hussien
<aAmira Hussien
تاريخ التسجيل: 11-26-2016
مجموع المشاركات: 1716

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن نعمره ننكسه في الخلق... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    سبحان الله
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de