أظھر مقطع فیدیو تداولھ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة ترفع علما أقرب إلى علم تنظیم ”داعش“ قرب صوامع الغلال بمدینة القضارف السودانیة. وقال بیان مرفق مع المقطع -الذي لم تتأكد سكاي نیوز عربیة من صحتھ -إن الجماعة تعمل على إنشاء إمارة جدیدة تحت إمرة زعیم واحد لكافة دول العالم الإسلامي – بحسب زعم البیان. وأثار المقطع مخاوف كبیرة من أن تستغل بعص الخلایا المتشددة النائمة حالة الاضطراب والفوضى الأمنیة الحالیة خصوصا في شرق السودان الذي یشھد ھشاشة أمنیة بسبب خلافات قبلیة داخلیة وتأثیرات سلبیة نجمت عن دخول الحكومة الإثیوبیة ومقاتلي جبھة تحریر إقلیم التیغراي المتاخم للحدود السودانیة. الأوضاع الأمنیة یربط الخبیر الاستراتیجي العسكري أمین مجذوب بین بروز مثل ھذه الظواھر والأوضاع الداخلیة المضطربة والھشاشة الأمنیة في شرق السودان. ویقول مجذوب لموقع سكاي نیوز عربیة إن من المتوقع أن تعمل أجھزة مخابرات خارجیة بعینھا على زعزعة استقرار السودان عبر مختلف الوسائل مستغلة حالة الحرب الحالیة في حدود السودان الشرقیة. ویشدد مجذوب على أن ضعف الأجھزة الأمنیة في مقاومھ مثل ھذه التنظیمات یغري تنظیمات جدیدة للإعلان عن نفسھا في محاولة لإیجاد روابط خارجیة توفر لھا الدعم والتمویل. ولا یستبعد مجذوب أن یكون وصول بعثة الأمم المتحدة الجدیدة للسودان أحد أسباب ظھور ھذه الجماعة في ھذا التوقیت، حیث أعلنت تنظیمات رادیكالیة وجماعات تابعة للنظام السابق رفضھا للخطوة. وفي كل الأحوال یؤكد مجذوب على خطورة الأمر وضرورة التعامل معھ بجدیھ من قبل الحكومة السودانیة والقوى الإقلیمیة والدولیة حتى لا یتحول السودان إلى بؤرة لمثل ھذه الفصائل الرادیكالیھ والتنظیمات المتطرفة ومجموعات بوكوحرام وداعش الموجودة في أفریقیا وتحتاج إلى حاضنھ. تحلیل الظاھرة یعزي الصحفي فتحي مادبو المتخصص في شؤون الجماعات الإرھابیة الظاھرة إلى توافر البیئة الحاضنة وحالة السیولة الرأسیة والأفقیة التي یعیشھا السودان والانفلات الأمني الذي برزت ملامحھ في أحداث السلب والنھب التي اجتاحت بعض مدن البلاد مؤخرا. ویقول مادبو لموقع سكاي نیوز عربیة إن التراخي الأمني وغیاب ھیبة الدولة في الكثیر من الحالات جمیعھا أسباب تغذي مثل ھذه الظاھرة. ویضیف مادبو عاملا آخر یتمثل في وجود الدولة العمیقة التي لا تزال تتغلغل في عمق الأجھزة الأمنیة وتشجعھا على التراخي على أمل أن یؤدي الانفلات الأمني إلى عودة النظام المخلوع. لكن مادبو لا یتوقع أن تمضي الظاھرة إلى مدى ابعد ویعتبرھا مجرد انفلات ومحاولة لاستغلال الأوضاع الحالیة، مؤكدا أن المجتمع السوداني لا یمكن أن یشكل حاضنة لأي جماعات إرھابیة في أي وقت من الأوقات نظرا لمستوى التسامح الكبیر الذي یتمتع بھ السودانیون إضافة إلى تجربة المجتمع السوداني السیئة مع محاولات دغدغة مشاعر الناس بالخطاب الدیني الذي استخدمھ النظام البائد طوال الأعوام الثلاثین الماضیة. ومن جانبھ، یرى عبده مختار استاذ العلوم السیاسیة أن ظھور مثل ھذه الجماعات حتى وإن كانت صغیرة أو محدودة یعتبر مؤشرا خطیرا. ویقول مختار لموقع سكاي نیوز عربیة إن الجماعة، إذا تأكدت صحة المقطع المنشور، ستشكل تحدیا كبیرا للأجھزة الأمنیة السودانیة لمنع نشوء بؤرة جدیدة للتطرف تؤثر على الشباب وكیان الدولة والاستقرار الأمني والعالمي خصوصا أن ھنالك احتمالا كبیرا لأن تكون لھا امتدادات خارجیة. خلایا نائمة على الرغم من أن من المبكر الربط بین المجموعة التي ظھرت في مقطع الفیدیو الأخیر وتنظیم محدد، إلا أن المرجح ھو وجود عدد من الخلایا النائمة في السودان. ومنذ مطلع تسعینیات القرن الماضي، انتشر الفكر المتشدد بشكل واسع في السودان، إذ عمد نظام المخلوع عمر البشیر الذي كان یعمل تحت مظلة الإخوان على استخدام شعارات دینیة ومتطرفة لدغدغة مشاعر الشباب وإشراكھم في الحرب الأھلیة في جبال النوبة والنیل الأزرق والجنوب ذي الغالبیة المسیحیة والذي انفصل في العام 2011 وكون دولتھ المستقلة. كما تأثر بعض الشباب أیضا بأفكار زعیم تنظیم القاعدة أسامة ابن لادن الذي بدأ بتنظیم صفوفھ من داخل معسكرات في السودان قبل أن یغادره إلى أفغانستان في النصف الثاني من تسعینیات القرن الماضي. وخلال السنوات الأخیرة تسلم السودان عددا من مواطنیھ الذین كانوا یحاربون في صفوف داعش في العراق ولیبیا، وسط تقاریر تشیر إلى اختراقات كبیرة أحدثھا التنظیم في عدد من الجامعات السودانیة. وتحدث بعض رجال الدین السودانیین علنا خلال السنوات الماضیة عن عدائھم للمصالح الغربیة في العالم الإسلامي. ودعا محمد علي الجزولي، الذي أعلن في مناسبات عدیدة تأییده لتنظیم ”داعش“، لضرب الولایات المتحدة وشركائھا وكل مؤسساتھا في المنطقة الإسلامیة لاستنزافھا، بما في ذلك المدنیین. ولتوصیل رسالتھ وأفكاره استخدم الجزولي في الفترة الأخیرة قناة طیبة التابعة لرجل الدین المتشدد عبدالحي محمد والتي یعتقد أنھا تبث من تركیا حالیا. سیاسات الحكومة وحمل البعض سیاسات الحكومة مسؤولیة المساعدة في بروز التوجھات المتشددة. وانتقدت ھیئة شؤون الأنصار التي كان یتزعمھا الراحل الصادق المھدي رئیس حزب الأمة – أكبر الأحزاب السیاسیة في السودان – عزم الحكومة السودانیة تنظیم ملتقى تشارك فیھ مجموعات إسلامیة ویھودیة ومسیحیة وھندوسیة ولا دینیین، یعقد السبت في الخرطوم. وعلى الرغم من إقرار الھیئة بأھمیة التسامح الدیني والتعایش السلمي والسلام الاجتماعي، إلا أنھا اعتبرت أن عقد المؤتمر في الظرف الحالي في السودان سیؤجج النزعات المتطرفة. وأوضحت الھیئة في بیان الجمعة أن دعوة ممثلي دیانات وعقائد لا وجود لھا في السودان في ظل ھذه الظروف الاستقطابیة یعتبر صبا للزیت على النار، وسیفتح الباب لفتنة دینیة وتطرف داعشي یسمم الأجواء المتسامحة في السودان، ویتفتح الباب لردود أفعال تھدد الأمن القومي السوداني. وأضاف البیان أن أھل السودان صاروا مضرب المثل في موضوع التعایش السلمي والتعایش الدیني وظلوا ینشرون ثقافة التسامح عبر مؤسساتھم الدینیة وكیاناتھم الاجتماعیة وطرقھم الصوفیة، مشیرا إلى أن الأصوات المتطرفة والمغالیة التي تظھر ھنا وھناك تعتبر شاذة وغریبة على أھل السودان وھي تمثل مفاھیم مستوردة من بیئات لا تشبھ البیئة السودانیة المتسامحة.
02-06-2021, 08:20 AM
Biraima M Adam Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27549
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
Biraima M Adam
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست