عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخيل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2025, 06:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-18-2021, 08:38 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخيل

    07:38 AM January, 18 2021

    سودانيز اون لاين
    mohmmed said ahmed-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    وم حظرت دولة النوير إذاعة أغنية "اب ذوق عشا أمو" من راديو أم درمان .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 17 كانون2/يناير 2021
    الزيارات: 291

    للأستاذ فاروق جاتكوث فيديو ذائع. وفيه يأتي بخطاب باكر للزعيم إسماعيل الأزهري يقول فيه إن السودان بلد عربي إسلامي حر. ويعلق عليه فاروق قائلا شوف ديل قرروا أن السودان عربي وإسلامي حتى قبل أن يستقل. وانفجرت القاعة صفقة وضحكاً سخرية ممن سموا الوليد قبل وضوعه. ولو علم فاروق وجمهوره حق العلم بما استنكروه لكان ضحكهم كالبكاء. فالأصل في تشكيل القومية هو صفوة الجماعة التي نهضت بأمرها مثل مؤتمر الخريجين. فهي التي لا ترى الوطن المنتظر إلا في صورتها. وهذا علم نشأة القومية لمن ألقى السمع وهو شهيد. ويسمي أهل العلم العملية التي استنكرها جاتكوث وأضحكت جمهوره ب"تخيل الأمة". فهذه الصفوة الناهضة بالقومية تتخيل الأمة وهي في رحم الغيب عربية مسلمة ما نسبوا أنفسهم هم عرباً مسلمين. ولهدا يقال إن القومية الصغرى مثل الشمالية تتخيل وطنا مصنوعاً من ثقافتها الضيقة ليغطي ثقافات القوميات الأخرى في الوطن التي ستنتظر الدخول في بوتقة الجماعة ذات الشوكة لتخرج منها على صورتها كما تشتهي. وهذا تلخيص ركيك مني لأشهر نظرية في حقل نشأة القومية عرضها بنديكت أندرسون في كتابه "الأمم المتخيلة" قبل أربعة عقود.
    يرمي كثيرون العيب في أسلمة الدولة وتعريبها عندنا على الثقافة العربية والإسلامية التي لا ملكة لها دون سائر ثقافات العالمين للتعايش مع غيرها من الثقافات. وهذا جهل ذائع. فكل قومية صغرى بنت وطناً كما فعلت الصفوة العربية الإسلامية عندنا فَجَرت بحق الثقافات والأقوام المساكنة لها. خذ عندك بلد النور فرنسا. فكان الفرانك الجرمانيين هم من بنى فرنسا وضموا إليها شعب البريتاني الغالي الذي يحتل غربي فرنسا في ١٥٣٢ وأروه نجوم القائلة ثقافياً. فحرمهم الفرانك ذو الشوكة استعمال لغتهم حيث حظروها في المدارس ونصبوا اللافتات تحذر من الحديث. ونشأت منذ حين حركة "هامش" برياتني تغني:
    بغير اللغة البريتانية ليس ثمة بريتاني
    وأريد في ما تبقى من حديث أن أسأل القارئ: هل تصورت ما كان يمكن أن يكون عليه السودان لو كانت صفوة مؤتمر الخريجين من شعب النوير لا الجلابة؟ سأسبق القارئ إلى هذا السيناريو عن حكم النوير للسودان:
    قالت الأنثروبولوجية البريطانية شارون هتشنشون في كتابها عن شعب النوير إن بهم شبهة "عنصرية" في نظرتهم للشماليين. فهم يحرمون الزواج بالأقارب الذين لا يتحرج الشمالي (أو الشمالية) من نكاحهن مثل ابن العم وبنت العم وقس على ذلك. وهذه النكاحات في عرف النوير تؤدي، متى انعقدت، إلى العقم والفساد والمحن. واحتك النوير بالشماليين ووجدوهم يرتعون في الزواج ممن هم حرام في عرفهم ولكنهم في أمان الله ولادين ولادة أرانب لا عقم ولا الله قال. فاحتاروا: لماذا كانت محارمهم حلالاً على الشماليين حراماً عليهم؟
    وجدت هتشنسون النوير في الثمانيات يتداولون عن هذه المفارقة بينهم وبين الشماليين. وساقهم ذلك إلى تفسيرات مختلفة ومعقدة. ومن تلك التفسيرات قولهم إن دم الشمالي مختلف عن دمهم. وهو اختلاف يوحي بأن دمهم هم أرفع درجة من دم الشماليين. وخاصة وهم ينسبون اختلاف الدم إلى عادات شمالية "مقرفة" مثل أكل المرارة وختان الأولاد والبنات.
    واضح أن للنوير سوء ظن بالشماليين لأنهم على خلاف منهم ينكحون محارمهم ولا يضربهم العقم بسبب دمهم الذي في الدرجة السفلى. وهذه من نوع الحزازات الفاشية بين الأقوام. ولن تصبح عنصرية إلى حين يمسك النوير بزمام الدولة ويصدرون قانوناً يمنع زواج محارمهم هم مثل ابن العم وبنت الخال. ويأتي فيهم على إذاعتهم مثل الرويبضة الطيب مصطفى يصادر أغنية المرحوم الصديق عبد الرحمن بلاص:
    بلال يا بلال اب ذوق عشمو
    دوب أنا حيي ياخد بت زعمو
    ويبكر بالوليد أنا اشيل اشمو
    فالأغنية تروج للفسوق بزواج المحارم وذريته لا تستحق أن تنشال وتشم.
    كل ثقافة نهضت صفوتها لبناء أمة تخيلتها مقطوعةً من قماشة ثقافتها. وستكون حزازاتها شريعة الأمة إلى حين تحاصرها الثقافات الأخرى وتفرض عليها الامتثال للزمة المتنوعة. هذا هو علم بناء الأمة. والساخرون والضاحكون يمتنعون.
    [email protected]






                  

01-18-2021, 08:49 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    د عبد الله على ابراهيم
    يقول ان الاصل فى القومية تقوم به الصفوة ثم يتشكل الوطن على هوى هذه الصفوة
    وكم يبدو هذا امرا متعسفا
    صفوة السودان في مؤتمر الخريجين تقرر ان الوطن عربي اسلامى
    وعلى اهل ثقافة ولغة وديانة وتراث الدينكا والهدندوة والنوير والنوبة والنوبيين
    الانخراط في ما يتخيله هولاء من وطن
    ولا تقول بغم
    ويستنكر ان يقول جاتكوث كلمة

    المهم عبد الله ينافح عن خيار هذه الصفوة الملعونة ويستكثر على الاخر السخرية
    الوقائع والتاريخ لا تعنى بالتخيل بل الواقع المرير لحشر الوطن اناء ضيق قاد الى الحروب والاقتتال ثم ارلانفصال واذا ما استمر هذا التخيل الاعرج والاعوج فلينتظر عبد الله مزيد من الحروب والانفصال


    الطريف ان د عبد الله التسامح مع متخيل الصفوة المجرب على ارض الواقع والمنتج للكوارث

    يشجب ما لم يحدث عندما يتنبا بان النوير عندما يحكمون سوف يمارسون العنصرية

    غايتو موازينك مقددة
                  

01-18-2021, 08:53 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    مقال د عبد الله
    نشر في سودانايل
                  

01-18-2021, 09:27 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    د عبد الله يكتب في موضوع الهوية
    بطريقة فيها قدر كبير من الاستهبال والاستغفال

    يقول بكل براءة
    ان موضوع الهوية انتحال
    ولكل مجموعة اختيار انتسابها لجذور ما
    يبدو الحديث في ظاهره برئيا
    انا عاوز اقول اصولى من الجزيرة العربية انت مشكلتك شنو

    طبعا المشكلة اول ما
    تمرر مجموعة سكانية فكرة اصولها المزعومة
    تبدا الخطوة الثانية الاخطر
    وهى انا من اصول كانية مانية
    اذا انا افضل منك

    فيا دكتور بالله المجموعات السكانية الاخرى في السودان اذكى من كدة
    فياخ ابذل جهد اكبر حتي تستكردها
                  

01-18-2021, 10:28 AM

عبدالحفيظ ابوسن
<aعبدالحفيظ ابوسن
تاريخ التسجيل: 06-24-2013
مجموع المشاركات: 22319

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    تحياتي محمد

    Who controls the past controls the future. Who controls the present controls the past.
    George Orwell, 1984

                  

01-18-2021, 04:09 PM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: عبدالحفيظ ابوسن)

    سلام عبد الحفيظ

    الكلام في البريزنت دا العكة بتدور
                  

01-18-2021, 08:25 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    تعرف ما محمد
    عبد الله دا بيكتب كويس
    بس أول ما يجي في موضع الهوية يتوه توهة قروي في الخرطوم
    رغم طول تعامله ومرات كتيرة إستخدامه الناجح لمناهج الديالتيك
    ألا أنه لم يستطع أن يأسس لمسألة عروبة السودان تأسيسا علميا
    في هذا الحقل ينزلق بسهولة للتفكير الرغبوي
    والحاجة القلتها إنت "الإستهبال"
    Quote: د عبد الله يكتب في موضوع الهوية
    بطريقة فيها قدر كبير من الاستهبال والاستغفال

    يقول بكل براءة
    ان موضوع الهوية انتحال
    ولكل مجموعة اختيار انتسابها لجذور ما
    يبدو الحديث في ظاهره برئيا
    انا عاوز اقول اصولى من الجزيرة العربية انت مشكلتك شنو

    كان في واحد صاحبي مغربي كل مرة أقول ليهو إنه الملك الحسن شريف (من أشراف مكة والدوحة النبوية)
    يقول لي يعني أنا وضيع

    كأن عبد الله لم يقرأ التاريخ
    إدعاء الأصل الشريف أو حتي العربي يأتي بإمتيارات
    (أوضح ما تكون عند الهاشميين في اليمن )
    وبعض من أشراف السودان الذين بسبب من شرفهم تهدي لهم الأراضي مجانا
    ويوفر لهم العمل برضو مجان
    واحدهم يرفل في الحرير وعمره ما جرا ليهو طورية في حواشة

    في مقالة رائعة لكمال الجزولي كتبها ردا علي عبد الله في هذه الموضوع في اليومين الفاتو ديل
    ممكن توردها لمزيد من العلم
                  

01-19-2021, 06:17 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: Nasr)

    سلام محمد عباس
    عبد الله في موضوع الهوية
    ما بيختلف عن اى متعصب
    بس هو قايل نفسو احرف

    ممكن مقال كمال الجزولى هنا
                  

01-19-2021, 06:37 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    ضَوْء عَلَى السُّودَانَوِيَّة (مناقشة مع ع ع إبراهيم): تَطْبِيقاً عَلِى النَّمُوْذَجِ الجَّنُوْبِي (لِلخُروجِ من حَالةِ الجَّوْرَبِ المَقْلوب!) .. بقلم/ كمال الجزولي
    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 15 كانون2/يناير 2021
    الزيارات: 532

    (1)
    نشر صديقي عبد الله علي إبراهيم، في الأسبوع الأوَّل من ديسمبر 2020م، كلمة مغرقة في التَّجنِّي، على غير عادته، ينكر فيها على «السُّودانويَّة» أبسط مقوِّمات الوجاهة الفكريَّة، كونه، في ما قال، لا يعرف دعوة مثلها أفسدت «خطاب الهويَّة»، فهي، عنده، «لا دعوة، لأنها تصف حالة كوننا سودانيِّين لا غير، كما تصف بريطانيا البريطانيِّين»! وعلامة التَّعجُّب منِّي، كون مؤدَّى هذه العبارة لا يعني سوى أن الدَّعوة إلى فهم الظاهرة على ما هي عليه دون إحالتها إلى حالة أو أخرى، هي «لا دعوة»، وهذه «بشتنة» لفهوم الآخرين لا تليق بعبد الله! ومن سنخ ذات هذه «البشتنة» المجَّانيَّة أن «السُّودانويَّة»، عنده، ليست سوى «صفقةٍ» يريد بها أصحابها «رأب الصَّدع السُّوداني، كيفما اتَّفق، مضربين عن أيِّ اعتبار للثَّقافة التي هي لبُّ الهويَّة»! واستنتج عبد الله من ذلك أنهم يرومون «صلحاً» بين عرب السُّودان وأفارقته، «في طقس سياسي يخلع عن كليهما هويته (الثَّقافيَّة) جزافاً»! ولإثبات وجود «هويَّة ثَّقافيَّة عربيَّة» في البلاد، دحضاً، أو قل «شيطنةً» لمسعى «السُّودانويِّين»، فلكأنهم، أصلاً، جحدوا هذه الهويَّة، مضى عبد الله يستنظف بعض الشَّواهد، كأبيات المرحوم حسن بابكر الحاج في مناسبة ميلاد طفلته: «يا بسمة الصُّبح العليل تهبُّ من علياء نجد»، ليشْبُطَ في لفظ «نجد»، على منهج الشَّيخ عبد الله عبد الرحمن الضَّرير «العربيَّة في السُّودان»، متسائلاً كيف يستقيم فهم هذا البيت بغير اعتبار لموضع «نجد» العربيَّة فيه، أو بلا تذوُّق لـ «بنية العاطفة» وراءها؛ ثمَّ جلب، إلى ذلك، استشهاد السَّفير خالد فرح بغناء بنونة بت المك في أخيها: «أسد بيشة المِكَرْبِتْ قمزاتو متطابقاتْ»، حيث «بيشة»، وهي مأسدة في جنوب الحجاز، راسخة بقوَّة في الذاكرة العربَّية بالسُّودان، كما قال، وهلمَّجرَّا، فلكأن زعم المستعربين السُّودانيِّين
    الانتماء الهويوي إلى الثَّقافة العربيَّة يمتنع بغير هذه الإحالات المركزويَّة! وفي الختام يهزُّ عبد الله ويرزُّ، قائلاً «من أراد خلع عليِّه فليفعل، ولكني لن أخلع معاويتي»!
    فليطمئن الصَّديق العزيز؛ طرح «السُّودانويَّة»، أصلاً، لا يقوم على «مفاضلة» بين الانتمائين الثَّقافيَّين العروبي والأفريقاني، بل لعلَّه، للمفارقة، يقاوم، أساساً، هذه «المفاضلة» التي يسعى لتحاشيها، والتي لولاها لما احتجنا لأن نتنازع الغناء بين «إلى العُرب تُنسبُ الفطنُ»، وراء العطبراوي، و«أنا أفريقي أنا سوداني» وراء الكاشف! أمَّا حكمه على «السُّودانويَّة» بأنها انصراف عن «اعتبار الثَّقافة لبَّ الهويَّة»، فتأليف غريب عن حيثيَّات دعوتها الحقيقيَّة كما سنرى بعد قليل، بل هو حكم، للمفارقة أيضاً، موغل غربة حتَّى عمَّا عهد النَّاس في منهج البحث لدى عبد الله نفسه، فلو كان كلف خاطره، ونظر، ولو عابراً، في ما كتب أهل «السُّودانويَّة»، أو مَن عرضوا لها، طوال السَّنوات الماضية، بالقراءة العادلة، والتَّعليق المنصف، لكان خلص، بالقطع، إلى تقدير أدقِّ وأفضل من أن يبدو كما لو أنه انتبه، فجأة، إلى خلل فيها، بعد نيف وأربعين سـنة منذ أن قدَّمت طرحها أوَّل مرَّة!
    فلأن ذلك كذلك، ولأن عبد الله مِمَّن لا يجوز إغفال كلامهم، فقد اخترت، بدلاً من خوض مناقشة جديدة لكلمته، أن أستعيد، هنا، نشر إحدى بواكير مقالاتي حول المسألة، والتي لم يكن مستغرباً أن تستند، في بعض مرجعيَّاتها، إلى عبد الله نفسه (!) وإن كانت تنصبُّ، في معظمها، على نموذجِ «الحالة الجَّنوبيَّة»، مقدِّراً أنها ربَّما تفي للرَّدِّ على تلك الكلمة، ومركِّزاً، بالأخص، على الجَّوهري الأهمِّ فيها، وهو اتِّهامه لـ «السُّودانويَّة» بالاقتصار على «السِّياسي»، وإهدار «الثَّقافي» الأكثر تأثيراً على مسألة «الهويَّة»، والوعي بالذَّات، وبالآخر، مِمَّا ينطوي على التَّجني الذي أشرت إليه في فاتحة هذا الرَّد، وقلت إنني لم أعهده فيه من قبل، حيث معكوس حكمه متاح تحت قدميه، مباشرة، لو كان نظر!
    (2)
    الشَّاهد أنني كنت كتبت، عام 2002م، أنه، سواء انتهت، آنذاك، أم لم تنتهِ، إلى أىِّ شئ، مفاوضات مشاكوس، التي كانت جارية بين النِّظام البائد وبين الحركة الشَّعبيَّة لتحرير السُّودان، بقيادة الرَّاحل جون قرنق، فإن أحكَمَ ما كان يتوجَّب أن نحيطها به من نظر هو أن نكُف عن اعتبارها «يوم قيامة سياسي»، ينجرد فيه «الحساب الختامي» لـ «الحالة السُّودانيَّة»، وتنغلق «الدَّفاتر» كلها، ويجرى تبادل «المخالصات» النِّهائيَّة، لمجرَّد أن شركاء «الإيقاد»، وأصدقاءها، يريدون ذلك! فمشاكوس، في واقع الأمر، مناسبة أخرى من مناسبات صراعاتنا السِّياسيَّة التي كان ينبغي أن نتصدَّى، وحدنا، لتحمُّل عبء مجابهتها، وتدبيرها، وحسمها. على أننا، وكعادتنا المرذولة، للأسف، لم نحسن شيئاً من ذلك كله، ربَّما لأن أحداً، فى «الإيقاد»، أو «شركائها»، أو «أصدقائها»، ممَّن مكَّنَّاهم، بغفلتنا، من الأمر كله، لم يحفل، أصلاً، بإشراكنا فيه! ولا يتوهَّمنَّ كريمٌ أن ضمير المتكلمين، هنا، عائدٌ، فقط، إلى قوى المعارضة، فثمَّة أكثر من سبب للاعتقاد بأن الحكومة والحركة نفسيهما ما انفكَّا يتزحزحان، على طاولة تلك المفاوضات، وفق برنامج محسوب، من خانة «الذَّات» إلى خانة «الموضوع»! وما الطـريـقـة الدراماتيكـيَّة التي أخـرج بهـا «الاتِّفـاق الإطـاري» فـي خـتام الجَّـولة الأولـى (2002/7/20م) ببعيدة عن الأذهان!
    صحيح أنه لا جدال، البتَّة، في أننا نعيش في عالم يزداد تقارباً، وانشغالاً بأحوال أطرافه، مهما ترامت وتناءت، وأن أهمَّ ما يهمُّ أقوياءه هو إطفاء بؤر النِّزاعات المشتعلة فيه بأسرع ما يمكن، نسبة لما تُكبِّدهم عمليَّة الإطفاء من كلفة مبهظة في ما إذا أهمل الحريق، وترك ليستفحل! لكنه، في نفس الوقت،عالم منقسم من جهة المصالح، والفكر، والأجندة، والسِّياسات، أقله قوى إمبرياليَّة تحتقب أجندات أطماعها، ومقوِّمات بطشها المادِّي، وأكثره شعوب كادحة ما تزال تراكم عناصر نفوذها المعنوي، والخلط بين الفسطاطين غشامة في أفضل التَّقديرات!
    لذلك، ولأن من يفرِّط فى أجندته الوطنيَّة، لا يعود ثمَّة سبيل أمامه لذمِّ الأجندات الأجنبيَّة، فإن الأمل يبقى معقوداً بالمدى الذي نستطيع فيه الإفاقة على حقيقة أن ما ظللنا نصطلح عليه بـ «مشكلة الجَّنوب» هو، فى الواقع، مجرَّد ملمح أعلى صوتاً لمشكلة بنائنا الوطني بأسره. فهل كفَّت «الوحدة»، نهائيَّاً، عن أن تكون خيارنا المصيري؟! ألم يتبقَّ لنا، حقَّاً، سوى المفاضلة البائسة بين «انفصال» مأساوي، وبين «وحدة» بشعرة معاوية لا نجد فى أيدينا ما يدعمها غير هذه الحفنة من التَّدابير الإجرائيَّة العجفاء (منصـب النائب الأول، وضع العاصمة القوميَّة، التَّرتيبات الأمنيَّة .. الخ)؟! أين، تراه، موقع العامل «الثَّقافي والنَّفسي التَّاريخي» من إعراب هذه التَّدابير التي لا يتوقَّف وسطاء «الإيقاد» عن اجتراحها بلا هوادة؟‍‍!‍
    (3)
    لقد شاع التَّأكيد على عناصر «الوحدة» بين مفردات منظومة التنوُّع السُّوداني لدى أغلب الباحثين والكاتبين، بما يعفينا، في سياق هذه المقالة، من الخوض في تفاصيل اقتران «الثَّقافي» بالسِّياسي، على طول خطوط التَّاريخي، والجُّغرافي، والاقتصادي، والاثني، وما إلى ذلك، خلال القرون الخمسة الماضية. على أننا نرى أنه، وبرغم علوِّ ضجَّة السِّياسي، وسط هذه العوامل مجتمعة، فلا يزال هنالك ما يحمل، بوجه عام، على التَّجرُّؤ بالقول إن ثمَّة مشكلاً «ثقافيَّاً» كامناً، يقيناً، خلف كلِّ مشكل «سياسي»، في ما يتَّصل بقضيَّة «الوحدة» فى بلادنا، وما ذلك إلا لشدَّة ارتباط «الثَّقافي» بمسائل «الهويَّة»، والوعي بالذَّات، وبالآخر، والاحساس المشروع بالتَّميُّز، قبل أن يُخرج الاقتصاد السِّياسي، من فوق كلِّ هذا، أثقال قسمة السُّلطة والثَّروة .. الخ.
    ولكون «الثَّقافي التَّاريخي» هو، في المحصلة النِّهائيَّة، المختبر الأدقُّ لقياس رغائب الناس الحقيقيَّة، والتَّعبير الأكثر صدقاً في تفسير دوافعهم وخياراتهم، فإن ضجيج التَّعانف السِّياسي في ما يتَّصل بـ «مشكلة الجَّنوب»، على كلا المستويين الحربي والسِّلمي، عاجز، في هذا المنظور، عن إخفاء حقيقة أن المقومات «النَّفسيَّة/الثَّقافيَّة» لـ «الوحدة» تظلُّ، بالنِّسبة للجَّنوبيِّين بعامة، والمثقَّفين منهم بخاصة، أقوى من دواعي الانفصال المتهومين به في مستوى سياسة المركز الرَّسميَّة، كما وفي مستوى الوعي الاجتماعي السَّائد في الشَّمال.
    تلك هى الفرضيَّة الرَّئيسة التي تتحرَّك منها هذه الكتابة، والتي ربَّما تكفي أعجل نظرة مستبصرة لتَّاريخنا الحديث للتَّدليل عليها، فعلى سبيل المثال:
    (1) لم تحُل ذاكرة الرِّقِّ التَّاريخيَّة، وتأثيراتها السَّالبة على صورة العربى المسلم عموماً منذ عشرينات القرن التَّاسع عشر، دون أن تتبلور صورة الإمام المهدى، عليه السَّلام، كابن للرُّوح المقدَّس دينق لدى الدينكا، مثلاً، وانخراطهم، من ثمَّ، فى حربه الثَّوريَّة ضدَّ الاتراك، بصرف النَّظر عن العوامل الأخرى التي أدَّت لانقلابهم، لاحقاً، لمقاومة المهديَّة!
    (2) وبرغم ما سمِّى بـ «السِّياسة الجَّنوبيَّة» التى استندت إلى تلك الذاكرة، والتى اتَّبعتها الادارة البريطانيَّة منذ بداية الحقبة الاستعماريَّة مطلع القرن العشرين، وأقامت هيكلها الأساسى على ترسانة من القوانين والإجراءات الرَّامية لاستبعاد المؤثِّرات الشَّماليَّة، وإعاقة التَّقارب بين الشَّطرين، كـ «قانون الجَّوازات والتَّراخيص لسنة 1922م»، و«قانون المناطق المقفـولة لسنة 1929م»، واللذين قصد منهما أن يصبح الجَّنوب، فضلاً عن جبال النوبا الشَّرقيَّة والغربيَّة، أرضاً أجنبيَّة بالنِّسبة للسُّوداني الشَّمالي، وإلى ذلك «قانون محاكم زعماء القبائل1931م»، وفرض الانجليزيَّة لغة رسميَّة فى الجَّنوب، وتحديد عطلة نهاية الأسبوع فيه بيوم الأحد، وتحريم ارتداء الأزياء الشَّمالية على أهله، وابتعاث الطلاب الجَّنوبيين لإكمال تعليمهم في يوغندا، وغيرها من القوانين والإجراءات السِّياسيَّة، برغم ذلك كله فإن الأمر لم يحتج، بعد قرابة نصف القرن، إلى أكثر من إبداء حسن النِّيَّة، والوعد بتلبية أشواق الجَّنوبيِّين للحكم الفيدرالي، كيما يصوِّت نوابهم، في أوَّل برلمان سوداني، مع استقلال السُّودان الموحَّد.
    (3) وبرغم تدشين الأجندة الحربية الدَّمويَّة ابتداءً من 1955م، واستمرار العدائيَّات النَّاشئة من خراقة السِّياسة الشَّمالية التَّقليديَّة تجاه الجَّنوب، وقصر نظر المواقف الجَّنوبيَّة، النخبويَّة منها تحديداً، تجاه الشَّمال، عسكريَّة كانت أم مدنيَّة، فإن صوت التَّعبيرات الوحدويَّة، على تفاوتها، لم يخفت عبر كلِّ تلك الفترات، سواء في مؤتمر المائدة المستديرة، عام 1965م، عقب ثورة أكتوبر، أو في اتفاقيَّة أديس أبابا 1972م، أو على هامش كلِّ المواجهات المتواصلة منذ 1983م.
    (4) وبرغم المكابرة السِّياسيَّة الواضحة في إصرار أقسام مهمَّة من الانتلجينسيا الجَّنوبيَّة على تضمين الانجليزيَّة في النصوص الدُّستوريَّة لغة رسميَّة للجَّنوب، بل وبلوغ الأمر ببعضهم إلى اقتراح السَّواحيليَّة لغة قوميَّة هناك (Sir Anaye, Nile Mirror, Feb. 1974)، إلا أن كلمة «الثَّقافي» الحاسمة مضت في هذا الأمر، بحيث راح اقتراح السَّواحيليَّة يضمر حتَّى تلاشى تماماً، وانحصرت الانجليزيَّة بين أقليَّات النُّخب المتعلمة، وهي ليست لغة أفريقيَّة بأىِّ معنى، بينما واصلت اللغات المحليَّة أداء رسالتها، من جهة، وتكرَّس «عربي جوبا»، من جهة أخرى، لغة تواصل lingua franca في قاعدة المجتمع الجَّنوبي بين قوميَّاته المختلفة، على غرار «عربي أم درمان» في الوسط، والشَّمال، وربَّما في أوسع مناطق البلاد، وكان لإذاعة أم درمان، وبالذَّات لـ «أغنية أم درمان»، الفضل الأعظم في ذلك؛ والعربيَّة، من قبل ومن بعد، لغة أفريقيَّة حملها «الجلابى .. إلى الجَّنوب منذ 1878م، ووزَّع مفرداتها، وصيغها، مع بضائعه، وقد وجدت فيها قبائل الجَّنوب (وجبال النُّوبا) .. لغة تتفاهم بها (حتَّى) في ما بينها» (عبد الله على ابراهيم؛ الماركسيَّة ومسألة اللغة في السُّودان، عزة للنشر، الخرطوم 2001م، ص 40). ومع الاقرار بأن هذا كله لا يزال أقصر من قامة المعالجات المطلوبة فى إطار التَّخطيط الثقافي واللغوي الدِّيموقراطي الرَّاشد، إلا أننا «.. لسنا بحاجة إلى اعتساف هذا التَّطوُّر الحر والموضوعي بصيغ دستوريَّة .. تنطوي على الإكراه» (نفسه).
    (5) ضف الى ذلك الملاحظة السَّديدة التي لم تغب عن تحليلات واستنتاجات الكثير من الكتَّاب والسِّياسيِّين حول ظاهرة نزوح أكثر الجَّنوبيِّين شمالاً، هرباً من الفاقة، وويلات الحرب، مقارنة بالقليل منهم الذى لا ينزح جنوباً إلا اضطراراً.
    (6) وقد استندتُ، في أكثر من مناسبة، إلى الملاحظة السَّديدة التى كان أبداها لى صديقي الشاعر المفكر الراحل سر أناي كيلويلجانق، عليه رحمة الله ورضوانه، حول أن معظم اللغات الجنَّوبيَّة تحوي مفردة «جورشول»، بمعنى «الغريب»، فى الإشارة إلى اليوغندي أو الزائيري مثلاً، فى حين تستخدم مفردة «مندوكورو» في الإشارة إلى السُّودانى المستعرب الشَّمالي.
    (7) ومن ملاحظات سر أناي، أيضاً، ذات الدَّلالة القويَّة، أن إحساس الجَّنوبي، وهو يتجوَّل في مدن الشَّمال، إنما هو إحساس من يتجوَّل في أرض تخصُّه، بعكس مشاعر الغربة التى ما تلبث أن تلفه بمجرد أن تطأ قدماه أرض أيِّ بلد أفريقي آخر! فلا يعود سائغاً ترويج الإعلام الرَّسمي، فى سياق سياسة «العدائيَّات»، لعبارة جون قرنق الشَّهيرة بأنه يشتهي أن يشرب القهوة في المتمَّة، أو نحو ذلك!
    (8) وحتَّى في مفاوضات مشاكوس المار ذكرها، منذ يونيو 2002م، بين الحكومة وبين الحركة الشَّعبية/الجَّيش الشَّعبى، وبرغم مثالبها الكثيرة، أو ما يحيط بها من صراع جنوبىٍّ ـ جنوبىٍّ، وشمالىٍّ ـ شمالىٍّ، أو ما قد يلوح فيها أحياناً من ميل مظهري للمفاصلة، إلا أن عين السَّخط وسوء النيَّة وحدها هي التى لا تستطيع أن تلمح، خلف كلِّ ذلك، طيوف رغبة جنوبيَّة حقيقيَّة فى «الوحدة»، وإن كانت بأشراط أكثر غلظة!
    (4)
    ظلت حكومات «الجلابة» المتعاقبة في الخرطوم، منذ الاستقلال، أسيرة للنُّقوش، والظِّلال، والتَّلاوين التَّقليديَّة، في صورة الذَّات كما تشكَّلت تاريخيَّاً لدى الجَّماعة السُّودانيَّة المستعربة المسلمة، ونخبها المختلفة، خصوصاً على الشَّمال النِّيلي، وامتداداته إلى المثلث الذّهبي (الخرطوم ـ كوستي ـ سنار)، وهي النُّقوش، والظلال، والتَّلاوين التى لطالما بلورت وعي هذه الجَّماعة الزَّائف بتوطُّنها النِّهائي في العِرْق العربي الخالص، واللسان العربي الخالص، والثَّقافة العربيَّة الاسلاميَّة الخالصة، قبل أن تدفع تأثيرات اندغامها فى ملابسات حركة التَّحرُّر الوطني بأقسام مهمة منها إلى البدء فى الاستشعار الخافت لنبض العنصر الأفريقي ضمن مكوِّنات هذا الوعي دون أن يغلب عليه من الجَّانب الآخر. وليس من العسير تلمُّس ملامح صورة الذَّات هذه فى أساسيات المنهج الذى اتَّبعته عام 1956م لجنة التحقيق فى الأحداث المأساوية التى وقعت فى توريت وغيرها عام 1955م، بين يدي الاستقلال. فلقد ركزت تلك اللجنة تركيزاً شديداً، كما لاحظ فرانسيس دينق مثلاً، بحق، على ما يفرِّق لا ما يجمع، وذلك تحت تأثير المبالغة فى تقدير النتائج التَّاريخيَّة لعمليَّات «الأسلمة والتَّعريب» فى الشَّمال، وتضخيم الفوارق التي ترتَّبت على تكريسها بين الشَّمال والجَّنوب (فرانسيس دينق؛ مشكلة الهويَّة في السُّودان ـ أسس التَّكامل القومي، ترجمة محمد علي جادين، مركز الدِّراسات السُّودانيَّة، القاهرة 1999م، ص 122 ـ 123). لقد أضحت تلك الفوارق وحدها هي القضايا التى يتمُّ وضعها في الاعتبار على رأس أّيِّ «مرشد» لعمل أيَّة حكومة في الخرطوم تجاه الجَّنوب، عسكريَّة كانت أم مدنيَّة، إلى حدِّ التيئيس من «الوحدة». وتتلخَّص تلك القضايا، كما حصرتها لجنة التَّقرير، فى خمسة محاور رئيسة، مع ملاحظة قصرها مصطلح «شمال ـ شمالي» على الرِّقعة الجُّغرافيَّة المار ذكرها:
    أولها: أن الشَّمال عرقيَّاً عربي والجَّنوب زنجي، وأن الشَّمال دينيَّاً مسلم والجَّنوب غالباً وثني، وأن الشَّمال لغويَّاً يتكلم العربيَّة والجَّنوب يتكلم أكثر من ثمانين لغة.
    وثانيها: أن الجَّنوبيِّين يعتبرون الشَّماليِّين، بسبب ملابسات تاريخيَّة، أعداءهم التَّقليديِّين.
    وثالثها: أن السِّياسة البريطانيَّة عملت، حتَّى 1947م، على ترك الجَّنوبيِّين يتطوَّرون في خطوط أفريقيَّة زنجيَّة، واستخدمت أداة القانون، كقانوني المناطق المقفولة والرُّخص التِّجاريَّة المار ذكرهما، لإعاقة أيَّة إمكانيَّة لتعارف أو تقارب الشَّماليِّين والجَّنوبيِّين، مثلما عمل النَّشاط التَّعليمي للإرساليَّات التَّبشيريَّة على تغذية هذه السِّياسة.
    ورابعها: أن الشَّمال تطوَّر سريعاً في مختلف المجالات، لعدة عوامل اقتصاديَّة، وسياسيَّة، وجغرافيَّة، وغيرها، بينما ظلَّ الجَّنوب، لذات العوامل، على تخلفه المزري، الأمر الذى أورث أهله شعوراً بأنهم ضحايا خداع، واستغلال، وهيمنة، من قبل الشَّمال.
    وخامسها: أنه، ولكلِّ هذه العوامل، فإن الجَّنوبيِّين يفتقرون إلى الشُّعور بالمواطنة المشتركة مع الشَّماليِّين (لاحظ الإحالة المستعلية إلى الشَّمال فى ما يتصل بمعيار المواطنة)، بل وأنهم، أي الجَّنوبيِّين، يفتقرون إلى الشُّعور بالوطنيَّة والانتماء إلى السُّودان، وحتَّى الوعي الذى برز مؤخَّراً، أي عشيَّة الاستقلال، هو وعي «إقليمي/ مناطقي» وليس «وطنيَّاً».
    وكالعادة لم يفت على التَّقرير «اتِّهام» الشِّيوعيِّين بالضُّلوع في تلك الأحداث، مشيراً لتزايد نشاطهم، خلال ديسمبر 1954م، في مركز الزَّاندي والمورو، وبين عمَّال صناعة القطن ونقاباتهم! على أنه ربَّما يكتسى أهمية خاصة توثيق التَّقرير لكون الجَّبهة المعادية للاستعمار وزَّعت «منشوراتها»، آنذاك، بلغة الزَّاندي (تقرير لجنة التَّحقيق في اضطرابات جنوب السُّودان، في أغسطس 1955م، الخرطوم 1956م ـ يوسف الخليفة أبوبكر فى حريز وهيرمان بل، 1965م ـ ضمن عبد الله على ابراهيم، 2001م).
    باختصار كان ذلك التَّقرير نعياً حقيقيَّاً لكلِّ مقوِّمات «الوحدة»، كونه جاء نتاجاً طبيعيَّاً للذِّهنيَّة المستعليَّة بمركزويَّة الذَّات في علاقتها بالآخر، والمنطلقة من معياريَّة صراحة العرق، وصفاء اللسان، وتفوُّق الثَّقافة! وفى هذا تكمن تأثيراته المأساويَّة اللاحقة، حيث شكَّل، عمليَّاً، المعطيات المعتمَدة فى خلفية جُلِّ السِّياسات المتعاقبة بشأن الجَّنوب، منذ الاستقلال، باستثناء القليل من الشَّواهد التَّاريخيَّة الإيجابيَّة، كبيان 9 يونيو 1969م، وجهود وزارة شؤون الجـَّنوب تحت قيادة جوزيف قرنق (1969م ـ 1971م)، والقليل الذى انعكس من ذلك في اتفاقيَّة أديس أبابا 1972م.
    وإذن، توهَّمت الحكومات المتعاقبة، تبعاً لذلك «المرشد»، أن تكريس «الوحدة» لا بُدَّ أن يعني، ميكانيكيَّاً، وبصورة تبسيطيَّة مخلة، الانطلاق على طول الخط المعاكس لترتيبات الإدارة البريطانيَّة السابقة، حسب رؤيتها لها، فأصبحت خطة «الأسلمة والتعريب» المتلازمين، ضربة لازب، في المنظور الاجرائي البحت، والقائمين في رموزيَّات القوَّة الماديَّة، وفي شطط التَّفوُّق الإثني (العرقي + الثَّقافي)، وفي الاستهانة بحقِّ الآخر في التَّميُّز الذَّاتي، هي البديل الوطني «الحر المستقل» للسِّياسات الاستعماريَّة!
    فاقم من ذلك، لأقصى الحدود، توهُّم الجَّماعة المستعربة المسلمة الصُّغرى، أو، بالأحرى، نخبها الطبقيَّة، بأن عليها القيام، في هذه التُّخوم من العالمَيْن العربي والإسلامي، بأداء «رسالة ما» ألقت بها على عاتقها الجماعة الكبرى فى مركز القلب من مضخة الثَّقافة العربيَّة الإسلاميَّة، وفحواها «تجسير» الهوَّة التي تعيق حركة «العروبة» و«الإسلام» صوب عالم الأفارقة الوثنيِّين، حتى تنساب الحضارة باتِّجاه واحد: من الشَّمال إلى الجَّنوب، الأمر الذى ولَّد لدى غالب النخب الشَّماليَّة المتسيِّدة، طبقيَّاً، بالاستناد إلى مختلف العوامل الاقتصاديَّة ـ السِّياسيَّة الاجتماعيَّة، ذهنيَّة «رساليَّة» مستعلية تجاه الجَّنوب، من شأنها إقصاء أيِّ مشروع لمثاقفة متكافئة وعادلة، لتستعيض عنها بمناهج وآليَّات الاخضاع والاستتباع وحدها، مثلما ولَّد لدى قطاعات عريضة من النُّخب الطبقيَّة الجَّنوبية ردود فعل شديدة العنف والحِدَّة تجاه كلِّ ما هو عربي وإسلامي، مِمَّا يتمظهر، غالباً، فى الميل الى المبالغة في تضخيم الانتماء إلى الرُّموزيَّات الثَّقافيَّة والعرقيَّة الأفريقيَّة، والدِّيانة المسيحيَّة، واللغة الانجليزيَّة، رغم أنف «عربى جوبا» الذى سبق أن أشرنا إلى أن التَّكوينات القوميَّة الجَّنوبيَّة نفسها لا تعرف، بلغاتها الثَّمانين، لغة تواصل غيره في ما بينها.
    تساوت، في مستوى هذا النَّظر، أنظمة مختلفة تعاقبت على كراسي السلطة في الخرطوم: بعضها يدَّعي العلمانيَّة، وبعضها الآخر يتلبس النَّهج الثِّيوقراطي، وحكومات بعضها عسكري ديكتاتوري، وبعضها الآخر مدني ديموقراطي، وبعضها الثَّالث عسكري يرتدي الملابس المدنيَّة، ويلعب بـ «البيضة والحجر»! كما تساوت فى النَّظر المعاكس، أو ردود الأفعال على تفاوتها، أحزاب وتنظيمات وقوى وحركات جنوبيَّة، في «المدينة» كما في «الغابة».
    (5)
    خطل هاتين النَّظرتين المتصادمتين، واللتين لطالما حبستا «العروبة» و«الأفريقانيَّة» في أسر مفاهيم عرقيَّة وثقافيَّة ضيِّقة، إنَّما يكمن، على اختلاف الأنظمة والحكومات الشماليَّة المتعاقبة، والأحزاب والتَّنظيمات الجَّنوبيَّة ، في كونهما تمتحان من الأوهام بدلاً من الوعي بحقائق الواقع الموضوعي، وخطورتهما إنَّما تتمثَّل في كونهما تواصلان دعم مناخ العدائيَّات المستمرِّ بلا طائل، بدلاً من الإسهام في دعم أيِّ مشروع محتمل لوحدة وطنيَّة مرموقة.
    لسنا البلد الوحيد الذى تكوَّن من أكثر من إثنيَّة، لكن ما من بلد كذب فيه بعض الناس، مثلنا، وبهذا القدر، على أنفسهم، كما كذب المستعربون المسلمون، بزعم انتسابهم إلى عرق «خالص راقٍ» يستعلون به على بقية الأعراق، فوجد الآخرون أنفسهم مضطرين للانخراط في مقاومة هذا الاستعلاء بالسِّلاح النَّاري! ولسنا البلد الوحيد الذى قام، مثلنا، على تعدُّد وتنوُّع تحتاج أطرافهما إلى حوار تاريخي هادئ، ومثاقفة تلقائيَّة رائقة، غير أنه ما من بلد كابرت فيه جماعة كما كابرت جماعتنا المستعربة المسلمة بتفوُّقها الثَّقافي، والدِّيني، واللغوي، مطالبة الآخرين بالتَّنازل لها عمَّا بأيديهم من ثقافة، ودين، ولغة، فلم تحصل منهم، طوال عمر أوهامها هذه، على أكثر من إيغالها تجاههم في الكراهيَّة والدَّم! ولسنا البلد الوحيد الذي أدَّى استلحاقه القسرى، مثلنا، بفلك السُّوق الرَّأسمالية العالميَّة، وهو لما يزل، بعدُ، في مرحلة ما قبل الرَّأسماليَّة، إلى تفاوت قسمة الثَّروة، وحظوظ التَّنمية، والتَّطوُّر غير المتكافيء بين مختلف أقاليمه، سوى أنه ما من بلد كالسُّودان انطمست بصائر نخبه الطبقيَّة الحاكمة عن رؤية المخاطر التى يمكن أن تحيق بسلطتها، هي نفسها، فيما لو تحوَّلت هذه المظالم إلى «غبينة» تاريخيَّة!
    ومع ذلك فإنه ليس من قبيل المعجزات أن تفضى بنا حقائق الصِّراع، ومسارات التَّدافع، وطنيَّاً، وإقليميَّاً، وعالميَّاً، إلى مستقبل تنعم فيه بلادنا بدرجة معقولة من تساكن الأعراق، وتعايش الأديان، وتحاور الثَّقافات، وتوازن التَّطور، فى ظلِّ وحدة وطنيَّة راسخة. وما من شك في أننا سنكون أقرب إلى هذا المستقبل، بقدر ما سيراكم تاريخنا من معطيات موضوعيَّة تتيح لكلِّ مفردة في منظومة تنوُّعنا وتعدُّدنا أن تعى نفسها، دونما أوهام، في نسق علاقاتها بالآخرين، وأن تعي مصالحها، بصورة أفضل، وأكثر واقعيَّة، فى سياق تدافعها السِّلمي معهم، الأمر الذى سيجعل من التَّكافؤ، والتوازن، والتَّساكن، والتَّعايش، والحوار، ليس فقط حالة بديلة عن حالة الاحتراب الماثلة، بل ضرورة لا غنى عنها لوجودنا نفسه.
    على أن هذا المستقبل المأمول ليس محض طور تلقائي للارتقاء، يقع، حتماً، وعلى أيَّة حال، وسواء عملنا لأجله أم لم نعمل، وإنما يحتاج إلى حركة دفع قصديَّة جادَّة باتجاهه، للخروج بعمليَّات التَّنمية، على ضعفها، وشحِّها، وبطئها، من احتكار مثلث الوسط الذهبي «الخرطوم ـ كوستى ـ سنار»، وامتداداته الشَّماليَّة النِّيليَّة «وفق مخطَّط حمدي» التَّدميري، إلى رحابة الوطن بأسره. ويمكن إجمال هذه الحركة في ثلاثة محاور أساسيَّة:
    (1) الانطلاق من مجرَّد الاقرار بواقع التَّعدُّد والتنوُّع، إلى تصميم برامج للتَّنمية المتكافئة بين مكوناته كافة، مع إعطاء الأولويَّة لاستغلال الموارد القوميَّة، خصوصاً الزِّراعة والذَّهب، والبترول، فى التَّنمية الاقتصاديَّة ـ الاجتماعيَّة ـ الثَّقافيَّة التي تقوم تعاوناً بين هذه المكوِّنات، كخطة ذات جدوى أكبر من مجرد الاقتصار على «قسمة العائد» البائسة، والتي سبق للحكومة أن اتفقت عليها مع مجموعتى مشار ولام أكول، ضمن «اتفاقيَّة الخرطوم للسَّلام لسنة 1997م»، حتى غدت «عجلاً مقدَّساً» لا يمكن التَّخلى عنه، بل وتكاد، بهذا المعنى، تشكِّل ورطة لمفاوضات مشاكوس! غير أنه من المهم، أيضاً، عدم إغفال أهميَّة تخصيص ما يكفي من الموارد للاسراع في ردم فجوة التَّخلف والتَّهميش التى ظلت تعاني منها بعض المناطق الإثنيَّة، فى الجَّنوب وغير الجَّنوب، وذلك بإيلاء الاعتبار الكافي لمبدأ المعاملة التَّفضيليَّة لهذه المناطق فى ما يتَّصل بإعادة توزيع عائدات المعادن، كالذَّهب، والبترول، والانتاج الزِّراعي الرِّيفي بشقَّيه الزِّراعي والحيواني، وغيرها من الثَّروات المصنَّعة، سواء كان ذلك من خلال ما تخصِّصه الميزانيَّة السَّنويَّة العامَّة، أو ما يتمُّ رصده ضمن ميزانيَّة التَّنمية، لأغراض الارتقاء بخدمات الصَّحَّة، والتَّعليم، وغيرها في هذه المناطق.
    (2) ولأن العامل الاقتصادى، رأسماليَّاً كان أم اشتراكيَّاً، غير قمين بمجرَّده، يقيناً، بالتَّكفُّل بحلِّ مشاكل القوميَّات، ولنا الأسوة السَّيِّئة في خبرة الاتِّحاد السُّوفييت، سابقاً، ومشكلة الباسك في أسبانيا، وحراكات البريتان في فرنسا، وتململ الكويبك في كندا، وصراعات الجَّيش الجُّمهوري الإيرلندي مع الحكومة البريطانيَّة، على سبيل المثال، فلا مناص من التَّواضع على بناء دولة مدنيَّة ديموقراطيَّة بمعيارية المواطنة، والعدالة الاجتماعية، والحريَّات العامة، وحقوق الانسان كافة، كما نصَّت عليها المواثيق الدَّوليَّة، لتكون حاضنة وطنيَّة لهذه العمليَّات، ليس، فقط، في مستوى الاطار الدُّستوري والقانوني، وإنما بالمراجعة التَّاريخيَّة المطلوبة بإلحاح لمحدِّدات «الهويَّة» الوطنيَّة في سياسات «التَّخطيط الثَّقافي»، ومناهج التَّربية والتَّعليم، وبرامج الرَّاديو والتِّلفزيون، وغيرها من أجهزة الاعلام، ووسائط الاتِّصال الجَّماهيريَّة الأخرى ذات الأثر «الثَّقافي» الحاسم في صياغة بنية الوعي الاجتماعي العام، بما يشيع مناخاً صالحاً لازدهار كلِّ المجموعات، بمختلف «ثقافاتها»، وأديانها، ومعتقداتها، ولغاتها، وانخراطها فى «مثاقفة» ديموقراطيَّة هادئة في ما بينها، «فليس أمرّ من صدام الثَّقافات .. وأدمى»، على قول شهير للمرحوم جمال محمد أحمد. خطوة كهذه يستحيل إنجازها عبر صفقة منفردة بين قيادات جنوبيَّة، مهما بلغ نفوذها، وبين أيَّة حكومة في الخرطوم، بالغاً ما بلغ مستوى فلاحها فى بسط سلطتها، بل لا بُدَّ من انجازها عبر أوسع مشاركة للحركة الجَّماهيريَّة المنظمة في أحزابها، وتنظيماتها السِّياسية، ونقاباتها، واتحاداتها المهنيَّة، والنوعيَّة، ومؤسَّساتها المدنيَّة الطوعيَّة، وروابطها الإقليميَّة، والمناطقيَّة، وغيرها فى كلِّ أنحاء البلاد.
    (3) وإلى ذلك لا بُدَّ من انخراط الجَّماعة السُّودانيَّة المستعربة المسلمة نفسها في حوار داخلي حرٍّ، بين جميع أقسامها، حول فهومها المتعارضة لدينها الواحد، وما يتَّصل بعلاقته بالدَّولة وبالسُّلطة السِّياسيَّة، الأمر الذي لطالما شكَّل، منذ فجر الحركة الوطنيَّة، بؤرة نزاعات خطيرة، لم يقتصر أثرها السَّالب على هذه الأقسام وحدها، بل امتدَّ ليطال علاقات هؤلاء المستعربين المسلمين بمساكنيهم من أهل الأعراق، والأديان، والثَّقافات، واللغات الأخرى فى الوطن، وليشكِّل عائقاً أمام أيَّ مشروع مأمول لـ «وحدة وطنيَّة»، من كلِّ الجَّوانب الاقتصاديَّة، السِّياسيَّة، الاجتماعيَّة، والثَّقافيَّة.
    هذه المعالجات المستقبليَّة المرغوب فيها هى سيرورة تاريخيَّة، لا محض ترتيبات إجرائيَّة إداريَّة، ولذا من الصَّعب، بل من العبث محاولة توصيفها هنا تفصيلاً جدوليَّاً، أو تقييدها بمدى زمني محدَّد، وفق مصفوفات معينة، سواء من خلال مشاكوس أو غيرها. وقد تتعرَّض هذه المعالجات للانتكاس حتَّى بعد التَّواضع عليها، وقد يبلغ هذا الانتكاس حدَّ «الانفصال» نفسه، سواء في المدى القريب أو المتوسِّط، على أن جملة عوامل «الوحدة» التى أشرنا اليها تدفعنا إلى التَّفاؤل بأنها، حتَّى لو وقع الانفصال في أيِّ وقت، سوف تشكِّل الخيار النِّهائي في المدى البعيد. وربَّما زوَّدتنا بالمزيد من التَّفاؤل، في هذه المناقشة، عبارة سر أناى الشَّاعرية الحكيمة: «إن الآلام التي يعانيها وطننا، الآن، هي، قطعاً، آلام الطلق، بأكثر مِمَّا هي آلام المرض»!
    (6)
    كثيرون هم المثقَّفون والسِّياسيُّون السُّودانيُّون الذين أفاقوا، منذ زمن ليس بالقصير، في الشَّمال كما في الجَّنوب، على وعي جديد ووثيق بخطل هتين النظرتين المتصادمتين لـ «العروبة الخالصة» و«الأفريقانيَّة الخالصة»، وخطورتهما. وحتى من لم يفق، بعد، تماماً، أو ما يزال فى طور المكابرة الفصاميَّة، لا تعدم تعبيراته، فكرياً أو سلوكياً، لمَّع وإشراقات من هذا الوعي الذي أنتج، على الأقل، دعوة جادَّة ومؤثِّرة على صعيدي السِّياسة والثَّقافة لصياغة مداخل «سودانويَّة»** مختلفة للتعامل مع قضايانا ومشاكلنا، ليس بالنسبة للجَّنوب فحسب، بل بالنسبة لكلِّ الاثنيَّات والمناطق، إنطلاقاً من ضرورة الوعي الذي لا غنى عنه بحقائق الهويَّة الثَّقافيَّة السٌّودانيَّة نفسها، على ما هي عليه من تركيب عربي ـ أفريقي معقَّد، وليس مجرَّد «مزيج» من هذين العنصرين، كما قد يعبِّر البعض خطأ، وذلك دونما حاجة للإحالة إلى غيره. هذه الإحالة بالذَّات هي التي أثبتت، دائماً، أنها تستتبع الصِّدامات المتشنجة بين مختلف المكوِّنات «الإثنيَّة».
    لقد شكَّلت هذه الدعوة أحد أهم المحاور التى اشتغل عليها كثيرون، من أبرزهم فرانسيس دينق، خصوصاً فى مباحثه حول مشكلة الهويَّة وديناميكيَّاتها. إن منهج الإحالة هذا لبائس حقاً ، بل انه قد يفضى أحياناً إلى حدٍّ مُروِّع من البؤس المعرفي، ومن ذلك، على سبيل المثال، توصيف السُّودان كمحض «جسر» بين العالمين العربي والأفريقي! ولعلَّ في هذا شيئاً مما نبَّه نور الدِّين ساتِّي لخطورته الاستثنائيَّة، كونه لا يورثنا، فى المحصلة النهائيَّة، سوى النَّظر إلى الذَّات كـ «جورب مقلوب!» (م/الثقافة السُّودانيَّة، ع/15، أغسطس 1980م).
    ولما كان للمثقَّف الجَّنوبي، على وجه التَّحديد، دوره الاستثنائي في تعيِّين المآلات النِّهائيَّة التى يندفع باتِّجاهها هذا النِّزاع، فلقد بدا لى دائماً غير كاف مجرد الاقتصار على مناهج البحث التَّقليديَّة التي تغيِّب هذا المثقَّف، كإنسان من جهة، وكدور فاعل شديد التَّأثير والخطورة من جهة أخرى. ووقع عندى سداد كثير فى محاولة الاطلال على المشكلة من باب مقاربة هذا الكيان الفاعل والخطير، عبر ثلاثة نماذج منه، وذلك ضمن فصل «جنوبيُّون»، في كتابي بعنوان «الآخر»، والذي صدرت الطبعة الثَّانية منه، مؤخَّراً، عن دار «رفيقي» للنَّشر بجوبا. وهي مقاربة لا تجفل فَرَقاً من أن تصنَّف فى كثير من لحظاتها وملامحها العامة كجنس فى الابداع الأدبي، التماساً لمعرفة أوثق بالكيفيَّة التي تمور وتعتمل بها في عقل هذا الانسان، ووجدانه، معاً، شتى الأفكار والرُّؤى التي ترسم خطوط توجُّهاته، ومختلف المشاعر والأحاسيس التي غالباً ما تؤثِّر في حسم خياراته، وربَّما كان هذا هو أقصى ما تأمل فى بلوغ شئ منه هذه المساهمة التى تتحرَّك، كما سبق وأوضحنا، من افتراض أصالة العمق «الوحدوي» لدى غالبيَّة المثقَّفين الجَّنوبيِّين، برغم قشرة الجَّفاء المظهريَّة السَّميكة!
    الهوامش:
    * ورقة قدِّمَت فى ندوة مركز الدِّراسات السُّودانيَّة بقاعة اتِّحاد المصارف بالخرطوم، 30 ـ 31 أكتوبر 2002م، بعنوان «التَّنوُّع الثَّقافى وبناء الدَّولة الوطنيَّة في السُّودان»، بمناسبة اكتمال ترجمة ونشر أعمال فرانسيس دينق باللغة العربيَّة.
    ** نور الدين ساتى، وليس المرحوم أحمد الطيب زين العابدين كما يعتقد الكثيرون خطأ، هو أوَّل من سكَّ وأشهر هذا المصطلح فى محاضرته التي نظمتها، في نوفمبر 1979م، «جمعية أصدقاء الكتاب» بالنادى الكاثوليكي بالخرطوم، حول «معضلات التَّمازج الثَّقافي في السُّودان»، وقد نشرت جريدة «الصَّحافة»، آنذاك، ملخصاً وافياً لها، ثمَّ في مقالته المشار إليها بعنوان «الحوار بين المكوِّنات الثَّقافيَّة للأمَّة السُّودانيَّة» بمجلة «الثَّقافة السُّودانيَّة»، والتي تعتبر امتداداً مستفيضاً لتلك المحاضرة، وقد أثارت كلتاهما صدى وجدلاً واسعين. واستطراداً فقد أسهم نفر من المثقفين، شعراء، وأدباء، وباحثين، في تطوير مداخل التَّفكير، والتَّناول، والطرح لهذه الدَّعوة، من بينهم نور الدين نفسه، إضافة إلى النُّور عثمان أبَّكر، وسرأناي كلويلجانق، وأحمد الطَّيِّب زين العابدين، وكاتب هذه المقالة، من خلال ندوة مخصوصة أداروها في ما بينهم على عدد من الجلسات، وفي زمن طويل نسبيَّاً، مطالع ثمانينات القرن المنصرم، ثمَّ عمل الملحق الثَّقافي لصحيفة «الأيَّام»، تحت إشراف الرِّوائي النَّاقد عيسى الحلو، على إفراغ أشرطتها، وتحريرها، ونشرها، عقب انتفاضة أبريل عام 1985م. كما تناول الدَّعوة بالتَّعليق عدد من الكتَّاب أبرزهم الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا.
    ■ ■
    [email protected]
    الرجوع إلى أعلى الصفحة
    © 2021 sudanile.com


    مقالة كمال الجزولى هى رد على مقال اخر لعبد الله
    هناك المشترك في اشارة كمال الى ان كلمة عبد الله مغرقة في التجنى
    وتحليل صائب من كمال لفكرة العروبة والافريقانية وتمازجهما في السودان وانهما ليسا على طرفي نقيض او صراع فى مفهوم السوداناوية
                  

01-19-2021, 08:58 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)


    لا أعرف دعوة أفسدت خطاب الهوية منذ عقود مثل دعوة “السودانوية”. وهي “لا دعوة” لأنها تصف حالة كوننا سودانيين لا غير كما تصف “بريطانيا” البريطانيين وهم قوم شتى. وهي عندي صفقة لرأب الصدع السوداني كيفما اتفق مضربين عن اعتبار الثقافة التي هي لب الهوية. فأراد سدنة السودانوية صلحاً بين عرب السودان (أو من يزعمون العروبة) وأفارقته في طقس سياسي يخلع منهما هويته جزافاً. وكانت يا سلام. فلا عربي بعد اليوم ولا أفريقي بعد اليوم وإنما سوادنه أحباباً بفضل الله. وهنا مربط الفرس. فكيف يمكن ل”سودانوية” من أصول تاريخية وثقافية بين العرب والأفارقة أن تخلع مواردها هكذا وتظل شيئاً ذا معنى؟

    دعنا نقف عند أوجه الصعوبة التي تُبطل السودانوية متى تحللت من مكوناتها الأصل. جاء المرحوم ماجد بوب مرة بأبيات للمرحوم حسن بابكر الحاج (نائب البرلمان عن الحزب الاتحادي في 1965 الذي صوت ضد حل الحزب الشيوعي) في ميلاد إحدى بناته:
    يا بسمة الصبح العليل تهب من علياء نجد

    فكيف يستقيم فهم هذا البيت، والأهم من ذلك تذوقه، بغير اعتبار للموضع العربي المذكور: نجد. فإحسان قراءة هذا البيت لا تتحقق بغير “بنية العاطفة”، كما يقولون، التي من وراء نجد العربية. ومثل هذا كثير. صبا بردى وضمين الطائف ونور الشام.

    ولكن من أنصع الحجج على بطلان تجريد السودانوية من مواردها العربية أو الأفريقية ما جاء عن ذاكرة المنشأ التي من ورائهما. وهي الذاكرة التي لا تكون الهوية إلا بها.

    ومن ذاكرة المنشأ العربي ما رواه لي نصر الدين جاري في مدينة كولمبيا ومن شعب العركيين عن جدته. فقال إنها كانت تستنجد” “يا الأحدب” في قيامها وقعودها. ولم استغرق طويل وقت لأجد سيرة هذا الأحدب العركي في سياق قدوم العرب للسودان. فكان الرجل زعيماً على العركيين وفي خصومة شديدة البأس ضد المماليك. فتحارب بنو عرك، من جهينة، وبنو هلال في 1348. فتناصر بنو هلال والمماليك وهزموا بني عرك.

    وظلت بنو عرك تقاوم المماليك على رأس العرب المنسحبين جنوباً من مصر إلى السودان بغير هوادة. وصعد في هذه الفترة نجم محمد الواصل الأحدب من بني عرك الذي هزم بني هلال واضطرهم للهجرة جنوباً. وقد اشتهر بالكرم حتى جذب إليه الأعراب المشردة.

    وبلغ من القوة أن المماليك ما كان بوسعهم جمع الضريبة في الصعيد المصري بغير إذن منه وحمايته. ولم يطل صبر المماليك على الأحدب وأعدوا عدتهم للقضاء عليه وعلى ثوار عرب من شاكلته في الصعيد. فسمع العرب بذلك وأزعجهم. فمنهم من رتب للهجرة للسودان أو طلب الحج أو التخفي.

    وانضم بدو منفلوط ومراغة وبنو كلب وجهينة وعرك للأحدب. وتراجع الحلف العربي نحو السودان وتبعه المماليك وأعملوا فيه السيف بغير رحمة لسبعة أيام. واستسلم الأحدب بالعفو ففرضوا عليه كعقوبة فلاحة الأرض وعدم حمل السيف أو ركوب الحصان.

    وجاء السفير خالد فرح بفوح من ذاكرة المنشأ هذا من أغنية بنونة بنت المك “أسد بيشة” قالتها في أخيها:
    أسد بيشة المِكَرْبِتْ قمزاتو متطابقاتْ

    وعلمت لأول مرة من السفير أن بيشة مأسدة في جنوب الحجاز. والمأسدة هي عرين الأسود. فبقاء هذه الصيغة (ويسميها الفولكلوريون الفورمويوليك” formulaic” وهي طوب العبارات الجاهز يبني بها الشاعر الشفاهي قصيدته) في الذاكرة العربية في السودان مما يُكذب الدعوة إلى تبني سودانوية مبرأة من العروبة أو الأفريقية. فلن نفصم هذه الذاكرة من هوية عرب السودانيين إلا بأمر صفوي عال يحتكر لنفسه التصرف في “بنية عاطفة” سائر الناس كيفما اتفق.

    ولا أدري ما قيمة عقيدة في الهوية مثل السودانوية تقطع بين عرب السودان وذاكرة عروبتهم جرياً وراء صفقة سياسية للسلم الوطني. كيف ساغ لأهل هذه العقيدة أن السلم الوطني رهين بهذا الخلع الذي يدعون له وليس بإعادة التفاوض في السودان الموروث من الاستعمار على حد المواطنة؟ وهو ما ظللنا نحاوله نقوم ونقع ولم تخلص النيات ولا العزائم.
    من أراد خلع عليّه فليفعل ولكننا لن نخلع معاويتنا.

    [email protected]

    مقال د عبد الله ورد كمال الجزولي
                  

01-20-2021, 09:32 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    كتاب التاريخ للصف السادس: الله ينعل الماعون الضيق .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 19 كانون2/يناير 2021
    الزيارات: 400

    تحاشيت التعليق على كتاب التاريخ المقرر على الصف السادس خلال الزوبعة المثارة حوله من الثورة المضادة. لم أعطل التعليق عليه شفقة به بل لأن التشغيب المضاد اقتصر على الكتاب وحده دون بقية المقرر. وهذا لؤم محض. فالكتاب عندي معيب ولكن الفي فئة المتعلمين الرثة اتعرفت. فماعونها ضيق. الله ينعل الماعون الضيق. فتهجم على المسألة بغير عدة شغل مهني. تقرأ النصوص كأنها تقرأ الكف والجواب من عنوانه. وتزبد عند الفم عند فصوله ومأربها غير مأرب التربية بل فش غبينة على ثورة أحالتهم إلى الاستيداع ولا نجاة لهم إلا بالنزول عند حقيقة إن الثورة التي عصفت بهم لن تخمد نارها.
    جاء الكتاب بما لا يصح في تربية النشء وهو تجريعهم وجهة نظر لا علماً محققاً من جماع وجهات نظر. وغلبت فيه رواية دعاة الهوية الأفريقية للسودانيين التي صدعوا بها لعقود بصورة طغى فيها التسيس والحشد لا طلب الحقيقة. ومع جنوح الكتاب لرواية الأفرقة للسودانيين إلا إنه يضطرب في تعيينها اضطراباً كنت سميته "الهرج بالهوية" عندما تهارشت المنابر لعقود حول المسألة بغير كتاب منير. فجاء الكتاب عن الشخصية السودانية بعقيدة الأفرقة "بصمته" ثم "جاط". فقال إن الشخصية السودانية أفريقية من حيث العرق والموطن الجغرافي وعربية إسلامية من حيث اللغة والاعتقاد. وما يفهم من هذا أن ليس بالسودان عرق عربي. ولم يطق الكتاب مع ذلك صبراً على هذا التقرير فسرعان ما قال، بعد تعيين الطرق التي دخل بها العرب السودان، إنه "عبر هذه الطرق انتشر العرب في كل انحاء السودان". ووصف العرب في موضع آخر كعنصر جديد دخل البلاد. وقال في موضع ثالث إنه توجد بالشمال قبائل عربية كثيرة. وذكر في موضع رابع "كما هناك العديد من القبائل العربية في السودان". وهذا من هلهل القول. فكيف بربك تقصر السودانيين على العرق الأفريقي ثم لا تكف بعدها عن إثبات وجود العرق العربي؟ لا مرة. لا اثنين. لا ثلاثة.
    وتجد التخليط نفسه في تناول الكتاب لكيفية دخول الإسلام السودان: أبالسيف أم بالحسنة؟ فجاء الكتاب على ذكر عبد الله بن أبى السرح غازياً للسودان وهزمه النوبة الشجعان رماة الحدق. وسنتجاوز ما أخذه آخرون قبلي عن تاريخ تلك غزوة (بل وحقيقة حدوثها) ومن أمر بها وفي عهد أي خليفة لنرى كيف انتهى الكتاب إلى نقض غزله في دخول الإسلام بالسيف كما توحي عبارته التي سلفت. فنفى لاحقاً إتيان الإسلام بالغزو. فقال إن السودان لم يُفتح بواسطة جيوش إسلامية. وزاد بقوله إن الإسلام لم يدخل السودان عن طريق الحرب أو الغزو. وقال في موضع آخر إنه دخل بواسطة التجار والصوفية. وما جاء ذكر الفونج حتى وجدنا المسلمين يسلون سيف الغزو والنصر. فقال إنه مع تأثر الفونج بالتصوف إلا أنها في بدايتها قادت الحروب، وحطمت الممالك المسيحية، وأعطت وزناً وقوة للثقافة العربية الإسلامية. وجاء برسم مصاب بفقر دم الفن لخراب سوبا على يد الفونج ترامت فيها جثث ضحايا مسيحيّ سوبا، واحتل بعض مقدمة الصورة سوباوي متمحن في فعائل الفونج. ولا أعرف من أين للكتاب أن يجزم بسلمية الممالك المسيحية في السودان كما فعل. فقال إنها استمرت لأكثر من سبعة قرون لم يسجل لها لتاريخ حروباً مع سكان البلاد الوثنيين. دليلك!
    لا غلاط أن تاريخ الإسلام في الكتاب مسطر ب"عين السخط" على الإنقاذ المحمولة على نهج إسلام علماء الفقه والسلطان المتشدد. فتجد الكتاب يُعلى من قدر الصوفية وينسب لها تحول الأفريقيين السلس للإسلام. ويكثر من إيراد هذا النسب كلما ذكر تاريخ مملكة إسلامية. ففي ملكة تقلى الإسلامية في جبال النوبة قام حكمهم على التصوف. ولا غلاط أن الكتاب أراد الطعن للإنقاذ وعدوانيتها الجهادية بقوله إن الصوفية لا يهاجمون الأهالي، ولا يسيئون إليهم. فدعوتهم بحسن المعاملة وإسلامهم متسامح في تربية وترقية سلوك الناس أكثر من الخطب والحماس والتسلط الحاكم. ولا أدرى ما نفع الطالب من مثل هذا التشقيق للإسلام إلى صوفية وعلماء، ومن سوقه للاعتقاد في صلاح الأوائل وفساد الأخيرين. أما قول الكتاب إن أفريقيا تحولت للإسلام تحت تأثير الصوفية وحدها فغير دقائق. فالثابت أن الملوك والتجار ودلالاء القوافل من تبعهم وجدوا في فقه الإسلام ما أغراهم للتحول إليه. فقد أعانهم بفقه العقود والبيوع والموازين وخلقية التجارة بعامة لتجويد نظم ممالكهم السياسية والتجارية.


    مقال د عبد الله هدية معتبرة
    لجماعة د اسماعيل وعبد الحى وشيخ التفاف

    يحمله احدهم ومن فوق المنبر يجعر
    هدم الاسلام
    ويتم الترويج للصوفية فى المدارس
                  

01-20-2021, 09:43 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    لسودانوية أو الوعي بالخصوصية الثقافية والإثنية للسودان .. بقلم: عبد المنعم عجب الفَيا
    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 19 كانون2/يناير 2021
    الزيارات: 198

    يعرِّف عالم الانثروبولوجيا الإنقليزي إدوارد تايلور (1832-1917م) الثقافة بأنها: الكلُّ المرّكب That complex whole which includes.. الذي يشمل اللغة والمعارف والمعتقدات والعادات والتقاليد والفنون والقوانين والأعراف والأخلاق وكل ما يمكن للفرد اكتسابه، مما شاكل ذلك، بوصفه عضوا يعيش في مجتمع ما.
    وهذا تعريف جامع مانع، كما يقول المناطقة وعلماء الكلام، في وصفهم للحدّ (التعريف) الذي يحيط بالمفهوم ويحتويه دون زيادة أو نقصان. ولصبغته الديالكتيكية، بالمعنى الهيجلي والماركسي، أضحى هذا التعريف من التعريفات الكلاسيكية المفضلة والأكثر شهرة واعتمادا في علم الانثروبولوجيا والإثنوغرافيا.
    واستصحاباً لهذا التعريف الجامع المانع نقول إن (السودانوية) في المفهوم المعرفي والعلمي والواقعي (لا الآيديويلوجي) هي الوعي بذلك الكل المركب الذي تتكون منه الثقافة السودانية ويعطيها خصوصيتها بكل ما تمتاز به من روافد متنوعة ومتشابكة ومتضافرة أسهمت وتسهم في تشكيل الفرد السوداني والشخصية السودانية والوجدان السوداني عبر التاريخ الطويل وحتى اللحظة الراهنة دون إقصاء (خلع) لرافد ما.
    وما يقال عن الثقافة ينطبق على الأعراق أو الإثنيات فالسودانوية هي إقرار بكل المكونات الإثنية (العرقية) التي شكّلت وتشكِّل سكان السودان وظلت في حالة تداخل وتلاقح وتمازج مهما اختلفت درجة هذا التداخل والتمازج أو انعدمت، وذلك دون إقصاء لعرق أو انحياز لعرق دون آخر.
    والسودانوية بهذا المعنى، توصيف أو مفهوم أو منظور معرفي عام لواقع الحالة السودانية، هي إقرار بذلك "الكل المركب" الإثني والثقافي والوعي به والعمل على إبرازه، وليست مدرسة أو جماعة أدبية وفكرية بعينها كما أنها ليست نزعة فكرية عابرة مرتبطة بمرحلة تاريخية محددة بل هي حقيقة وجودية ماثلة متجاوزة للزمان بغض النظر عن الوعي بها أو عدمه، وباقية ما بقي السودان.
    فمع أن المصطلح (سودانوية) قد صك في الربع الأخير من القرن العشرين إلا أن تاريخ الوعي بالخصوصية السودانية سابق لظهوره بحقب تاريخية طويلة وظل هذا الوعي يتبلور ويتشكل عبر مختلف مراحل وسيرورات المجتمع السوداني.
    وهذا الوعي بالخصوصية السودانية نتاج لإدراك ذاتي واستبطان محض ولم يكن استنساخاً لصورة الآخر للذات، ولم يستمد جذوره من أي مصادر استشراقية أو استعمارية كما يحلو للبعض أن يروج في محاولة للتقليل من قدرة العقل السوداني على انتاج معرفة بذاته.
    بدايات المصطلح:
    أول من قدّم تعريفاً علميا معرفيا لمصطلح (السودانوية) رغم أنه ليس أول من اجترحه، هو المرحوم البروفسير أحمد الطيب زين العابدين، الأستاذ بكلية الفنون سابقاً والذي يقول إنه ليس أول من استعمل المصطلح، فقد سبقه إليه نور الدين ساتي وكمال الجزولي، وإنه بدأ يستعمله شخصيا سنة 1980. (انظر: السودانوية التشكيلية، أحمد الطيب زين العابدين، مجلة حروف، العدد الرابع 1990).
    ويعرّف أحمد الطيب المصطلح بقوله: "المنظور السودانوي، واقع وجداني أو شعور بالاختلاف والخصوصية الثقافية لأهل السودان، إحساس بالتفرد بحيث تتعدد الثقافات وتتوحد في شعور جامع، ورؤية للخصوصية التي تتجلى في أرقى صورها في الإبداع الأدبي والفني". (انظر: عموده منظور سودانوي، جريدة السودان الحديث 1993-1994).
    وزبدة هذا الكلام هو قوله: "بحيث تتعدد الثقافات وتتوحد في شعور جامع". فـ"التوحد في شعور وجداني جامع" هو شرط وجودي لكل جماعة سكانية اختارت أن تعيش في وطن واحد في أي بلد من بلدان العالم.
    فالثقافات والإثنيات في أي دولة أو رقعة جغرافية وسياسية معينة، ليست (كونتونات) منعزلة عن بعضها البعض بل توجد دائماً في حالة تداخل واحتكاك وتفاعل ديناميكي لا ينفك، بحيث تتوحد وتتكامل في وحدة جامعة، مُشكِّلة ذلك الكل المرّكب، ليكون الناتج في النهاية تلك الخصوصية الثقافية والإثنية التي تميز كل بلد عن غيره من البلدان.
    وهذا "الشعور الوجداني الجامع" هو ما يعرف بالوحدة في التنوع unity in diversity وهو التعبير الذي يستخدم في البلدان متنوعة الثقافات والإثنيات مثل الولايات المتحدة وكندا والهند وجنوب وأفريقيا وسويسرا واستراليا ودول أمريكا اللاتينية وأثيوبيا والسودان وغيرها.
    ويذهب كثير من الدراسين والمنظرّين في شئوون الثقافة إلى تفضيل مصطلح "الوحدة في التنوع" على مصطلح "التعددية الثقافية"multiculturalism ونحن مع هؤلاء، وذلك لأن الكيانات السكانية في أي بلد في العالم كما ذكرنا تعيش في حالة تواصل وتفاعل ديناميكي interaction لا ينقطع وذلك بفضل آليات ونُظم الدولة المدنية الحديثة.
    وأما لماذا سودانوي وليس سوداني؟ يقول أحمد الطيب زين العابدين في محاولة للإجابة على السؤال:
    "هو سودانوي لأنه مشروع نظري وإبداعي يجعل للسودان قيمة استثنائية بحيث تبرز كقيمة قادرة على تفسير ذاتها بذاتها، وذلك قياساً على (إنسانوية) التي يقصد بها الدراسات التي تجعل للإنسان قيمة أساسية في أي مشروع منهجي، وذلك بخلاف المعنى المألوف لكلمة إنسانية، وكذلك قياسا على (مصروي) فالمصرويات عند علماء الآثار هي الدراسات التي تقصر على الحضارة المصرية". انتهى.
    غير أن البروفسير أحمد الطيب زين العابدين يقول إنه ليس لديه توصيف خاص به من شأنه أن يغيّر من نجاعة التوصيفات السابقة عليه لخصوصية الثقافة السودانية وذلك من لدن حمزة الملك طمبل وجماعة مجلتي (النهضة والفجر) وجماعة (الغابة والصحراء) ومدرسة (الخرطوم التشكيلية) ومحمد المهدي المجذوب غيرهم. (انظر: السودانوية التشكيلية، مجلة حروف، العدد الرابع 1990).
    وكان الأستاذ أحمد قد أشاع المصطلح ومفهومه من خلال (عموده) الصحفي الذي كان ينشره بالصفحات الثقافية الاسبوعية لجريدة (السودان الحديث) في الفترة بين عامي 1994– 1995 وقد توفر على نشر عدد من النصوص القصصية بهذا العمود والتي جمعت ونشرت فيما بعد قبيل وفاته في سنة 1998 في مجموعة قصصية باسم (دروب قرماش).
    وقد جاءت هذه النصوص السردية تجسيداً حياً المنظور السودانوي في مستواه الإبداعي متخذاً من منطقة شرق دارفور (ريفي أم كدادة) مرتع صباه مسرحاً لأحداث هذه المجموعة القصصية، حيث تتداخل القبائل وتتفاوت في انتماءاتها العرقية والثقافية، من عربية بادية إلى مستعربة إلى إفريقية خالصة، وحيث الطبيعة لا تزال في بكارتها وعنفوانها وحيث البيئة المحلية الاجتماعية غنية بأساطيرها وأحاجيها وأهازيجها.
    وقد انعكس ذلك الفضاء الفسيفسائي على العوالم الداخلية للنصوص، فتراوحت لغة الحوار بين العربية البادية والعربية الهجين وتفاوتت تبعاً لذلك أسماء الشخصيات وتنوعت الأهازيج والإيقاعات، الشيء الذي أضفى على قصص المجموعة حرارة وحيوية تفتقدها الكثير من القصص.
    وفي محاولة للتأسيس الفكري لهذا المنظور السودانوي يقول أحمد الطيب زين العابدين في آخر حوار صحفي أجري معه ونشر قبيل رحيله بجريدة (سنابل): "إن هذه المحلية التي يستنكفها البعض هي العالمية نفسها"، وفي إشارة عميقة إلى ضرورة التمسك بالخصوصية الثقافية وضرورة التعبير عنها دائماً، يقول: "نحن في السودان ينبغي ألا نفتعل المواقف لإرضاء الآخرين.. الحقيقة إن الآخرين إنما ينظرون إلينا باعتبار أننا الآخر الثقافي ويتوقعون منا أن نعطي ما عندنا وليس ما عندهم". انتهى.
    الجذور التاريخية للسودانوية:
    سبقت الإشارة إلى أن السودانوية بوصفها مفهوماً أو منظورا إبداعيا وثقافياً وإثنياً، قديمة جداً ولا يعود تاريخ الوعي بها فقط إلى تاريخ ظهور هذا المصطلح في الربع الأخير القرن العشرين، وللإحاطة بهذا المفهوم والوعي به علينا أن نتتبع جذوره التاريخية في مختلف مراحل تشكل الوعي القومي السوداني.
    وفي سبيل ذلك سوف نتوقف عند أبرز المقاربات والمساهمات الفكرية التي أسست لهذا الوعي وعملت على بلورته حتى انتهى إلى بروز المصطلح في أواخر القرن العشرين وما تبع ذلك، فيما بعد، من مقاربات للمفهوم وبخاصة عند جون قرنق ومنصور خالد وفرانسيس دينق وغيرهم.
    ولكن قبل أن نشرع في ذلك لا بد من التنبيه إلى بعض الأخطاء التي كثيرا ما تعتري الحديث عن قضية (الهوية) السودانية حتى عند كبار منظريها. وأعظم هذه الأخطاء الخلط بين الخاص والعام، أي بين الفردي والجماعي.
    إن التنظير لهوية أمة ما هو بحث في المشتركات والخصائص العامة التي توحِّد الكل في شعور جامع بالانتماء إلى كيان واحد، وليس تخندقاً للفرد في دائرة انتمائه الضيق: (العنصر والقبيلة والجهة والإقليم واللغة). وهذا التخندق سببه النظرة الأحادية التبسيطية الإختزالية غير الديالكتيكية التي تقصي (تخلع) الآخر المختلف وتبحث عما يفرق لا عما يجمع.
    وبرغم أن جلّ منظريّ الهوية في السودان من أهل اليسار إلا أنه تغيب عن أكثرهم النظرة الديالكتيكية العلمية الواقعية وتغلب عليهم النظرة التبسيطية الأحادية التخيليّة الإقصائية، "فيرون الأشياء إما بيضاء وإما سوداء" على حد تعبير الطيب صالح على لسان مصطفى سعيد.
    ومن نافلة القول، إن الإحساس بالانتماء إلى المشترك العام لا يلغي الانتماء إلى الخاص المحدود. فهناك دائماً دائرتان، دائرة أوسع وهي رابطة الوطن، تحيط بدائرة أصغر أي دائرة القبيلة والعرق والجهة والإقليم.
    وغني عن القول إن الاحساس بالانتماء إلى الدائرتين في وقت واحد، يحتاج إلى وعي متجاوز وهو وعي لا يكتسب بالدراسة والتسلح بالنظريات مهما علا شأنها، إنما هو إحساس فطري common sense يهبه الله لمن يشاء ويصرفه عمن يشاء، ولذلك تجده عند كثير من الناس البسطاء الأميين وقد لا تجده عند بعض حملة أعلى الدرجات العلمية والأكاديمية.
    ولتوضيح هذه الصورة عمليا نضرب مثالاً واقعياً من تاريخ الحركة الوطنية الحديثة. كانت جمعية الاتحاد التي تمخضت عنها جمعية اللواء الأبيض التي قادت ثورة 1924م، قد أصدرت كتابا يضم القصائد التي قيلت في أحد أعياد المولد النبوي فكتب سليمان كشه في إهداء الكتاب: "إلى شعب عربي كريم".
    فاعترض على ذلك، علي عبد اللطيف، وطلب أن يكتب بدلا عن ذلك: "إلى الشعب السوداني الكريم" فرفض كشة. وكان هذا الخلاف سببا في تخلف سليمان كشه عن الانخراط في جمعية اللواء الأبيض، وذلك على ذمة اليابانية يوشيكو كوريتا في كتابها (علي عبد اللطيف).
    فقد كانت نظرة علي عبد اللطيف تشرئب إلى الدائرة الأوسع الوطن (السودان) بينما كانت نظرة سليمان كشة لا تزال في ذلك الوقت محصورة في الدائرة الأصغر (العرق) ولم تع بعد أن الوعي الأممي (نسبة إلى أمة) متقدم على الوعي القبلي والعشائري وأن هذا الوعي لا يلغي الانتساب إلى القبيلة والعشيرة. فعبارة "الشعب السوداني" في قول على عبد اللطيف، لا تخلع ولا تقصي العنصر العربي، فهي تشمل بالضرورة العربي وغير العربي، أما إصرار سليمان كشة على عبارة "الشعب العربي" ففيه خلع وإقصاء بالضرورة لغير العربي.
    ويلزمنا هنا أيضا أن نسوق مثالاً آخر لمنظِّر من كبار منظري الهوية السودانية وهو الشاعر الدكتور محمد عبد الحي، وذلك للتدليل على كيف يكون الوعي بالانتماء إلى الوطن متقدماً ومتجاوزاً لانتماءات الفرد الضيفة من غير أن يلغيها أو يخلعها. فعبد الحي برغم انحداره من أرومة عربية خالصة (إذا أخذنا بظاهر الأشياء لأغراض تبيان هذه النقطة فقط) إلا أنه كان من أشد الدّاعين إلى رد الاعتبار للمكون الأفريقي في الذات السودانية.
    وهذا ما دعا رفيقه محمد المكي إبراهيم أن يقول: "كان صديقنا محمد عبد الحي، عربي السمت بصورة صارخة ومع ذلك اضطلع بدوره التأسيسي في حركة الغابة والصحراء". فقد كان هاجس عبد الحي هو التأسيس لذلك "الشعور الجامع" من خلال رمزية سنار والتي يقول عنها في هوامش ديوان (العودة إلى سنار):
    "في القصيدة، ربما كانت سنّار، دفقة من كيان الفنان في شبابه حينما رغبّ، كما رغبَّ جيمس جويس قبله، في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد". انتهى. (ستكون لنا عودة إلى إشارات عبد الحي بالقصيدة إلى الرموز الأبعد من سنار).
    وأما قول الذات الشاعرة بالقصيدة: "بدوي أنت؟ لا، من بلاد الزنج؟ لا. أنا منكم تائه، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان".
    فهو ما تعكسه وتصوره لغة الشعر ذات الطبيعة التركيبية الديالكتيكية. فالشعر بطبيعته تركيبي ومجازي وتجريدي يميل في الغالب إلى الترميز ويحتفي بالكليات دون الجزئيات. لذا علينا أن ننظر إلى هذا التوصيف الشعري، للهوية السودانية، في عمومياته ولا نقف عند حدود القراءة الحرفية.
    إن الشاعر هنا لا يبحث في انتمائه الفردي الضيق، وإنما يبحث في القواسم المشتركة والشعور الجامع للأمة لا عن الخصائص التي تميز القبائل والثقافات بعضها عن بعض. فلا خوف إذن في هذا التوصيف الشعري، لمن أراد أن يبقى عربي كامل العروبة أو أن يلحق نسبه بالعباس أو بسبطى النبي الكريم الحسن والحسين. ولا خوف فيه لمن أراد أن يحتفظ بافريقيته الإثنية والثقافية كاملة. والحقيقة، بين بين، والفضيلة، كما يقال في علم الأخلاق، بين طرفي نقيض. وفي القرآن: "وكذلك جعلناكم أمةً وسطا".
    ونواصل،،،،
    [email protected]

    مقال لعبد المنعم عجب الفيا ذا صلة بالموضوع
                  

01-20-2021, 06:28 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    يا محمد
    هذه الملاحظة لزميل المنبر عبد المنعم عجب الفيا ضائبة تماما
    Quote: برغم أن جلّ منظريّ الهوية في السودان من أهل اليسار
    إلا أنه تغيب عن أكثرهم النظرة الديالكتيكية العلمية الواقعية وتغلب عليهم
    النظرة التبسيطية الأحادية التخيليّة الإقصائية، "فيرون الأشياء
    إما بيضاء وإما سوداء" على حد تعبير الطيب صالح على لسان مصطفى سعيد.


    ربما كانت اللجلجة الحاصلة للناس كلها يسارا ويمينا
    أنه ليس بحضرتنا تعريف "علمي" ل "الهوية"
    والذي علي أساسه يتم الحوار
    حتي نصل إلي ذلك التعريف وعشان نصل ليه نواصل في الحوار

    في ورقته الشهيرة "تحالف الهاربين" خلص عبد الله ع إبراهيم
    إلي :
    Quote: فأهدى السبل إلى السلام
    والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات
    وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .


    وهو موقف أكثر تقدما رغم أن الورقة كانت قد نشرت في ثمانيات القرن الماضي
    فهو هنا لا يمحق الثقافة أو الثقافات غير العربية حقها في التواجد
    ولكن
    واقع الحال يقوم أن الثقافات غير العربية "الأفريقية" تدافع عن وجود صعب
    في مواجهة الثقافة العربية. كان الثقافة والهوية الأفريقية -- ومنذ إنقلاب الهمج علي نبلاء الفونج --
    في موقف المدافع عن وجودها... لا الممارسة الحرة لها في بلد حر
    ولدلك كانت سياسات الأسلمة والتعريب "غصبا" هو البرنامج الثابت المتجدد
    للنخبة الحاكمة في السودان
    نستطيع القول أن نخب الثقافة العربية قد أعطبت سؤال الهوية جزافا
    فكان مجرد تعلم اللغة العربية وإعتناق الدين الإسلامي
    هو مدخل مناسب وضروري لإدعاء أصل عرقي "أثني" عربي"كهوية"
    ربما كان ذلك ضروريا في أزمان خلت
    كإسترايجيات بقاء في وجه حملات الإسترقاق وسوق العبيد
    كان إسماعيل باشا الذي غزا السودان بحثا عن العبيد والذهب
    قد قسم الفضاء السوداني إلي
    شمال مسلم (ولاحقا عربي) معفي من الإسترقاق
    (و لا مانع أن يساهم في حملات الإسترقاق )
    وجنوب غير مسلم يمكن إسترقاقهم
    (وجنوب هذه غير محددة جغرافيا بدقة)
    لذلك كان إدعاء العروبة هو ملاذ من الإسترقاق
    لذلك كانت مشكلة الثقافة العربية (وفي معيتها أو قلبها الهوية العربية)
    أنها مدعاة
    لاحظ أن الهجرات العربية للسودان قد أستطاعت أن تساهم
    في نشر الدين الإسلامي ومن ثم العربية كلسان
    ولكنها بالطبع لم تستطع أن تغير الخارطة الجينية للأفارقة في السودان
    طيب المشكلة وين ؟؟؟
    المشكلة كانت في إستتباع الثقافة العربية بالعرق العربي
    بمعني إدعاء عرق عربي يتصل في أحسن الأحوال بأسرة النبي الكريم
    محمد بن عبد الله (ص) وفي أسوأها بقريش أو تغلب
    (لاحظ أن قليل جدا من حملة الثقافة العربية الدين يقرون بأن عروبتهم عروبة لسان لا أصل عرقي )
    برضو المشكلة وين ؟؟؟
    المشكلة كانت في الإستعلاء العرقي والقومي لمنسوبي هذه الثقافة
    علي باقي الأعراق الأفريقية التي تقطن وكانت تقطن البلاد
    من زنوج ونوبة وبجة
    وما تطاول سنوات الحرب الأهلية إلا تمظهرها قاسيا لذلك الإستعلاء
    لم تك الحرب الأهلية هو مواصلة للأسلمة والتعريب فقط
    ولكنها أي أيضا محاولة بائسة وفاشلة لمحو العرق الأفريقي من أرض السودان
    (مع ملاحظة أن العرق العربي الذي يريد أن يمحق العرق الافريقي
    هو في أصله أفريقي هارب من ذاته الافريقية)

    وهكذا كانت السودناوية عند النخب المتقدمة في السودان
    محاولة مصالحة ولم شمل لثقافتين تعاركا كثيرا
    محاولة لإنزال عقيدة إسمها الوحدة في التنوع
    لأرض الواقع
    بديلا لسيادة ثقافة واحدة بكل كل ما تملك ما قدرة علي القهر
    والمحق الثقافي والسياسي والإقتصادي

    في كلمات عجب الفيا

    Quote: استصحاباً لهذا التعريف الجامع المانع نقول إن (السودانوية)
    في المفهوم المعرفي والعلمي والواقعي (لا الآيديويلوجي) هي الوعي بذلك الكل المركب
    الذي تتكون منه الثقافة السودانية ويعطيها خصوصيتها بكل ما تمتاز به من روافد متنوعة
    ومتشابكة ومتضافرة أسهمت وتسهم في تشكيل الفرد السوداني والشخصية السودانية
    والوجدان السوداني عبر التاريخ الطويل وحتى اللحظة الراهنة دون إقصاء (خلع) لرافد ما.

    بمعني آخر أن السودانوية كتنزيل للوحدة في التنوع
    هي غصن زيتون للسلام قدمته تخب متقدمة في الثقافة العربية في السودان
    لإخوتهم من بقوا علي أفريقيتهم

    وأقرأ معي مقتفطا من مساهمة كمال الجزولي

    Quote: كثيرون هم المثقَّفون والسِّياسيُّون السُّودانيُّون الذين أفاقوا، منذ زمن ليس بالقصير،
    في الشَّمال كما في الجَّنوب، على وعي جديد ووثيق بخطل هتين النظرتين
    المتصادمتين لـ «العروبة الخالصة» و«الأفريقانيَّة الخالصة»، وخطورتهما.
    وحتى من لم يفق، بعد، تماماً، أو ما يزال فى طور المكابرة الفصاميَّة، لا تعدم تعبيراته،
    فكرياً أو سلوكياً، لمَّع وإشراقات من هذا الوعي الذي أنتج، على الأقل،
    دعوة جادَّة ومؤثِّرة على صعيدي السِّياسة والثَّقافة لصياغة مداخل «سودانويَّة»

    علي أن ذلك لا يروق ل عبد الله
    في ما يبدو لي أنه خوف علي المكانة المرموقة للثقافة العربية الإسلامية
    (حيت أن القمة لا تسمح بأكثر من واحد)
    فهو يقول
    Quote: ولا أدري ما قيمة عقيدة في الهوية مثل السودانوية تقطع بين عرب السودان
    وذاكرة عروبتهم جرياً وراء صفقة سياسية للسلم الوطني. كيف ساغ لأهل هذه العقيدة
    أن السلم الوطني رهين بهذا الخلع الذي يدعون له وليس بإعادة التفاووه في السودان
    الموروث من الاستعمار على حد المواطنة؟


    شرح (وكما نري) أن ذاكرة العرب والتي فرقت الناس
    إلي سادة وعبيد عرب ورقيق تبقي كما هي
    وما في زول يقرب منها

    عندما نقول أن عبد الله قد فارق مناهج العلم هنا
    لأنه لا يقر، أولا أن طول الإختلاف والصراع يولد حتما
    دعوات لتهدئة اللعب ك "السودانوية" مثلا
    وأن الثقافات بما فيها العربية تتطور
    وهذا بالضبط ما قاله عبد الخالق محجوب في مؤتمر المائدة المستديرة
    حينما نعت الجنوبيون المشاركون في المؤتمر بأن الشماليين هم أحفاد الزبير باشا
    مقتطف من خطاب عبد الخالق
    Quote: كم تمنينا لو شملت رياح التغيير بعض إخواتنا تشرممن يحبذون نعتنا
    (احفاد الزبير باشا).حسناً نحن احفاد الزبير باشا (ضحك) فإننا لا نتواري من تاريخنا،
    ولكننا ننتقده بموضوعية وبدون مرارات،نحن نتعلم درسا من كل ذلك.فالرق لم يزدهر
    إلا بتشجيع الاستعمار الاروبي لخدمة مصالحه.فالعار لكل من ساهم في تجارة الرقيق

    نضيف أن الرق في السودان إزدهر بتشجيع الإستعمار التركي المصري للسودان
    Quote: فأحفاد الزبير تقدموا مع خطى الزمن لبناء السودان الجديد، ومؤسساته التقدمية
    ومن بينها الحزب الشيوعي السوداني.مشكلة جنوب السودان ترجع جذورها الى الفوارق الاثنية
    والجغرافية،كما هو الحال في بلدان أخرى.ومثل هذه المشكلات،على اي حال،لم تقف عائقاً في
    طريق تعايشهم في دولة واحدة تجسد تطلعاتهم و مصالحهم.والشرط الاساسي هو ان تنعقد روابطهم
    على ارضية صلدة للتفاهم واحترام كل مجموعة للحقوق المشروعة للمجموعات الاخرى.


    تأمل
    أن عبد الله الحافظ كتاب عبد الخالق صم
    فاتت عليه هذة المساهمات العميقة والمقتدمة علي عصرها؟؟؟
                  

01-21-2021, 05:52 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: Nasr)

    المفارقة يا محمد
    انو د عبد الله عندو مساهمات عميقة ورصينة فى موضوع الهوية وتعدد الثقافات السودانية
    في كتابو الماركسية واللغة
    وفى كتاب نحو حساسية شيوعية
    وفى مقالات بعد احداث غزو الجبهة الوطنية والتى اسماها اعلام نميري المرتزقة
    وكمال الجزولى يكتب انه يستشهد بكتابات عبد الله القديمة

                  

01-21-2021, 07:50 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    الأخ محمد سيد أحمد.

    عبد الله علي إبراهيم رجل مضطرب ذهنيا ومنافق كبير.

    هذا الرجل يدعي بأنه "ماركسي" ولكنه أختار طوعا أن يعمل ويعيش في أمريكا "الإمبريالية"
    هذا الرجل يعمل بكل جهد من أجل أثبات عروبته وعروبة السودان ولكنه في نفس الوقت يعمل في أستاذ جامعي للدراسات الأفريقية بجامعة معظمها من الطلبة السود في أمريكا، وطبعا مثل هذه المناصب يفضل أن يعين فيها أستاذ أفريقي.

    عبد الله علي إبراهيم في السودان ماركسي وعربي، ولكنه في أمريكا أفريقي وإمبريالي كبير.

    ده قمة الانفصام لرجل قد يكون قد صار في الثمانينيات من عمره.
                  

01-21-2021, 07:54 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: Deng)

    سلام دينق

    للاسف مثقف وكاتب زى عبد الله له مساهمات عظيمة
    يكتب ما يدعم دعاة التعصب والاستعلاء
                  

01-21-2021, 05:08 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: mohmmed said ahmed)

    عبد الله رغم كتاباته العديدة والمتنوعة في الثقافة السودانية
    لم يتاول يوما الكتاب العظيم والإضافة الثرة للمكتبة السودانية
    كتاب علاقات الرق في السودان للراحل العظيم نقد
    ليه يا ربي ؟؟؟؟؟
    مع إنه لعبد الله كتاب عن الرق في السودان
    وصعب جدا أن تكتب عن الهوية في السودان
    ولا تتطرق لموضوع الرق من قريب أو بعيد

    بالمناسبة لا أدعي أنني قرأت كل ما كتب عبد الله علي إبراهيم
    بس لو أنه كتب عن كتاب الرق في السودان، ممكن تقولوا لي والمصدر لو سمحتم
    قوقل ما طلع أي حاجة
                  

01-21-2021, 08:49 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: Nasr)

    اهلا محمد وضيوفه

    ياخي انت محظوظ ما بيجيك ريح من الاسافل.

    ربما انهما لا يفهمان مثل هذه المواضيع،

    مع انها يفترض ان تكون المرتع المفضل للقطيع السلفي.
                  

01-24-2021, 07:21 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله على ابراهيم ينحاز لتخيل ويرجم تخ� (Re: osama elkhawad)

    هههه
    يا اسامة
    انصار د عبد الله من الاسكيل العالى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de