شرح مبسط لموضوع القرض التجسيري-هشام كاهن

Quote: *إعفاء متاخرات البنك الدولي والقرض التجسيري..* عدد من الأصدقاء والمعارف اتصلوا مستفسرين عن القرض التجسيري وتفاصيل عملية إعفاء ديون السودان لدى البنك الدولي فحبيت أكتب البوست دا للإجابة على بعض هذه الأسئلة بحكم مساهمتي مع الزملاء في وزارتي المالية والعدل في الجوانب القانونية لهذه العملية. معليش حيكون بوست طويل شوية لكن سأحاول أكتب وأشرح ببساطة حتى أوصل أكبر قدر من المعلومات. ١. أبدا بإجابة السؤال الأكثر ورودا : هل نحن سددنا القرض التجسيري للأمريكان بقرض تاني من البنك الدولي ونكون بس بدلنا دين بدين "وكأنك يا زيد ما غزيت" ؟ الإجابة لا لا ثم لا. قرض الأمريكان التجسيري (بليون ومية وخمسين مليون دولار) تم سداده في نفس اليوم بمنحة من البنك الدولي نفسه ، أكرر "منحة" "منحوووووو" يعني تمويل غير مسترد. وبالتالي المحصلة النهائية للسودان هي تصفية المتاخرات من غير أي مديونية جديدة سوي للأمريكان أو البنك الدولي. ٢. بعد الإجابة الفوق دي ممكن نشرح شوية تفاصيل عملية القرض التجسيري. البنك الدولي في نهاية العام الماضي أبدى رغبته في مساعدة السودان في سداد متاخراته لدي البنك حتى يعود السودان للإستفادة من البنك مرة أخرى. طيب البنك قرر أنه يدي السودان منحة كافية لسداد هذه المتاخرات لكن عشان الإجراء دا يكون قانوني لابد من سداد المتاخرات أولا ليتم توفيق أوضاع السودان قانونيا ثم يقوم البنك بدفع منحته بعد ذلك مباشرة (مباشرة دي في نفس اليوم). ولأنه السودان ما عنده بليون ومية وخمسين مليون دولار قاعدة ساكت من غير شغلة هنا بتجي الحوجة لدخول طرف ثالث ليساعد في هذه العملية الإجرائية . هنا دخلت أمريكا وقررت أنها تساعد في هذه العملية بتقديم قرض ليوم واحد بيسمي القرض التجسيري (Bridge Financing (. ٣. الشغلانية دي عشان تجهز فيها شغل قانوني وإجرائي كتير جدا بين الأطراف الثلاثة وداخل الأطراف الثلاثة حتى يستوفي كل طرف إجراءته القانونية الداخلية .. الكلام دا أخد ليه زي ٣ شهور كدا. وتم تحديد يوم ٢٥ مارس لتنفيذ العملية ليه ٢٥ مارس بالذات؟ لأنه البنك صدق المنحة للسودان في اجتماع مجلس إدارته والذي عقد في يوم ٢٣ مارس (بشرط أن يتم صرف دفع المنحة مباشرة بعد تسديد المتاخرات). المنحة المصدقة من مجلس الإدارة للسودان هي بليون و٣٧٠ مليون دولار يعني أكتر من المبلغ المطلوب، هنا مهم أنه نوضح انه المنحة دي ما عندها علاقة بمنحة ال ٢ بليون دولار الحنتكلم عنها بعد شوية. في يوم ٢٤ مارس تم توقيع اتفاقية المنحة بين البنك والسودان وكدا بقت العملية جاهزة من الناحية القانونية للتنفيذ. ٤. في يوم ٢٥ مارس قامت وزارة الخزانة الامريكية بدفع مبلغ بليون ومية وخمسين مليون دولار للبنك الدولي لسداد متاخرات السودان، بوصول المبلغ لحساب البنك يكون السودان قد وفق أوضاعه وفي نفس اليوم (بعد ساعات فقط) قام البنك الدولي إستنادا على تعليمات صرف من حكومة السودان بتحويل نفس هذا المبلغ من حساب المنحة المصدقة لحكومة السودان إلى حساب الخزانة الأمريكية وكدا دين أمريكا اتسدد من المنحة وفضل لينا مبلغ ٢٢٥ مليون دولار دي بتتحول لخزينة حكومة السودان كدعم مباشر. بإنتهاء هذه العملية السودان بكون وفق أوضاعه ومن حقه الاستفادة مجددا من خدمات البنك الدولي وفي نفس الوقت أمريكا شالت قروشها وما عندنا أي دين جديد البنك. كدا أتمني أنه نكون شرحنا قصة القرض التجسيري دي بوضوح. **** ٥. بعد توفيق أوضاع السودان مع البنك أعلن البنك أنه في الفترة القادمة أو السنتين القادمتين سيقدم منح (وشرحنا منح دي فوق يعني شنو) بقيمة ٢ بليون دولار يبدأ تخصيصها لمشاريع وبرامج تنموية محددة على حسب أولويات الحكومة للتنمية. يعني دي حتمشي لمشاريع محددة بتقترحها الحكومة بالتشاور مع البنك، وحيصل فريق من البنك في أول أسبوع من ابريل للبدء في النقاش حول تحديد هذه الأولويات. وزي ما قال رئيس الوزراء ووزير المالية في احتفال أمبارح الأولوية مفروض تكون لمشاريع الصحة والتعليم والبنيات التحتية من كهرباء وري ومياه شرب وزراعة الخ ... طبعا في ناس ممكن يقولوا الطرق والكباري والمطارات والميناء ووو المهم أنه الأولويات تتحدد بصورة علمية ومؤسسية وباستراتيجية واضحة ولازم نبدأ بالادأهم ثم المهم .. ولمن نحل موضوع ديونا ومتاخراتنا مع المنظمات التانية حتكون في مصادر أكبر للتمويل. ٦. أنا شخصيا بشوف أنه أهم شي الآن أنه نجهز لتنفيذ وإنجاح هذه المشاريع .. التمويل شي وتنفيذ وإنجاح المشاريع أمر مختلف تماما ،، وتوفير التمويل لا يعني بالضرورة نجاح المشاريع. أهم شي الناس تعرف أنه التنفيذ هو مهمة الحكومة وليست مهمة البنك الدولي ولا أي من المنظمات المانحة (ديل مهمتهم يراقبوا أنه القروش ماشة في ما اتفق عليه وأنه مافي فساد وتلاعب بهذه الأموال) وقضية نجاح المشاريع من فشلها يعتمد في الأساس على الجهة الحكومية المنوط بها تنفيذ المشروع وعلى فريق عمل المشروع ومدي قدرتهم في إدارة وتنفيذ المشاريع. وكلنا عارفين قدرات الخدمة المدنية في السودان المتواضعة لذلك أمر جاهزية الدولة للتنفيذ هو أكبر خطر سيواجه هذه المشاريع وقدرتنا على الاستفادة من التمويل. ٧. لذلك أقترح أنه نبدأ من الآن وبعد اختيار المشاريع والوزارات والمؤسسات التي ستقوم بتنفيذ هذه المشاريع لابد من إيلاء اهتمام كبير جدا على أمر تشكيل فرق المشاريع ومدراء المشاريع وبقية المهام داخل هذه الفرق من تخصصات فنية وخبراء مشتريات وإدارة مالية ومتخصصين في البيئة والآثار الإجتماعية الخ.. ولا بد من البدء الآن في عمليات تدريب مكثفة لهذه الفرق حتى تكون جاهزة للتنفيذ وقيادة هذه المشاريع. هنالك من يرى أن نستعين ببيوت خبرة لتتولى أمر تنفيذ هذه المشاريع.. أنا شخصيا ومن تجربتي في مشاريع التنمية هذه الفكرة غير صائبة.. نعم يمكن أن نطعم الفرق الحكومية بخبراء من خارج الوزراء بالذات في التخصصات الغير موجودة داخل الوزارة لكن لكي نعيد بناء مؤسساتنا الحكومية ورفع كفاءتهم لا مفر من أننا نستثمر في أنهم يتحملوا المسؤولية ويقوموا ويقعوا لحدي ما نقيف علي حيلنا. نعم في البداية حتكون في تحديات ومشاكل في التنفيذ ودا شي طبيعي لكن بالممارسة فقط يأتي التجويد. ما ننسي إنه الناس ديل ما بنفذوا المشاريع الممولة من الخارج بس بل هم نفس الناس المفروض ينفذوا المشاريع الممولة من مصادرنا الذاتية والممولة من الموازنة، يبقي رفع كفاءتهم وقدراتهم مهمة لينا نحن ديل وقروشنا قبل قروش االمانحين. *** ٨. في سؤال أخير مافي زول سأله لكن داير أجاوبه .. البنك الدولي دا قبل كدا عمل شنو في السودان؟ السؤال دا ممكن يكون مربوط بأنه الديون والمتاخرات دي أصلا عملنا بيها شنو ؟ ٩. البنك بدأ في تمويل مشاريع في السودان بعد الإستقلال مباشرة .. أول حكومة وطنية بعد الإستقلال كان أكبر مشروع تنموي وطني شاغل بال الحكومة هو بناء خزان الرصيرص ومشروع امتداد المناقل وذلك لمضاعفة المساحة المزروعة في مشروع الجزيرة ... المشروعين ديل مولهم البنك الدولي وما اتخيل لي في زول ممكن يكابر أنه المشاريع دي ما حققت أهدافها بصورة كبيرة وما زلنا نجني ثمارها إلى يومنا هذا. بعد داك البنك الدولي موَّل عشرات المشاريع في قطاعات تنموية مختلفة منها الكهرباء والطرق والسكة حديد وتوسعة ميناء بورتسودان وكمية من المشاريع الزراعية وفي التعليم وللأسف دي نفسها المشاريع والتي لم يقم السودان بسداد مبالغ تمويلها بالرغم من استفادته من هذه المشاريع وها هي تعفى. ١٠. كما ذكرت بعض هذه المشاريع ما زال يعطي للإقتصاد وبعضها للأسف أعطى لفترة ولكن بالإهمال وسوء الإدارة فشل وبعضها ممكن يكون فشل عديل من الأول بسبب سوء الإدارة والفساد. ١١. الكلام دا بيقودنا لأهمية حاجتين أنه لازم نضبط عملية الدين الخارجي واستخدامه ودفع مستحقاته حتى لا تتحمل الأجيال القادمة وذر قرارتنا بأعباء هذه الديون كما يحدث الآن لجيلنا الذي يتحمل أخطاء سوء إدارة الموارد والفوضي من حكومات وأجيال سابقة وهنا نقصد الإنقاذ وما قبل الإنقاذ. ثانيا أهمية إدارة المشاريع للتاكد من نجاحها واستدامة هذا النجاح لأنه أسوأ حاجة أن تنتهي الأجيال القادمة بتحمل ديون على مشاريع أصلا لم نستفد منها. مرة أخرى معذرة للإطالة .. (الصور لقرض وبناء مشروع خزان الرصيرص من صفحة صور السودان القديمة سائلين الله التوفيق في بناء عشرات المشاريع القومية الجديدة لبناء هذا الوطن).

Quote: لذلك أقترح أنه نبدأ من الآن وبعد اختيار المشاريع والوزارات والمؤسسات التي ستقوم بتنفيذ هذه المشاريع لابد من إيلاء اهتمام كبير جدا على أمر تشكيل فرق المشاريع ومدراء المشاريع وبقية المهام داخل هذه الفرق من تخصصات فنية وخبراء مشتريات وإدارة مالية ومتخصصين في البيئة والآثار الإجتماعية الخ.. ولا بد من البدء الآن في عمليات تدريب مكثفة لهذه الفرق حتى تكون جاهزة للتنفيذ وقيادة هذه المشاريع. هنالك من يرى أن نستعين ببيوت خبرة لتتولى أمر تنفيذ هذه المشاريع..

Quote: تفاءل يا عمك الليلة ليلة مباركة مستجابة الدعاء بإذن الله. كدا كدا بكرة ح يجوك ناس كمال كرار وكبلو ينفسوا لينا الموضوع و يطلعوه كسور و بواقي ولن يحكمنا البنك الدولي و يا عمال العالم اتحدوا!

Quote: في يوم ٢٥ مارس قامت وزارة الخزانة الامريكية بدفع مبلغ بليون ومية وخمسين مليون دولار للبنك الدولي لسداد متاخرات السودان، بوصول المبلغ لحساب البنك يكون السودان قد وفق أوضاعه وفي نفس اليوم (بعد ساعات فقط) قام البنك الدولي إستنادا على تعليمات صرف من حكومة السودان بتحويل نفس هذا المبلغ من حساب المنحة المصدقة لحكومة السودان إلى حساب الخزانة الأمريكية وكدا دين أمريكا اتسدد من المنحة

Quote: هلا باشمهندس محمد سليمان.. وين الحى بيك.. السودانيون مغرمون بالـ wishful thinking

Quote: أعتقد من الأفضل الإعتماد علي إنسان السودان و موارد السودان للخروج من المأزق اللذي فيه السودان. و لن يكون الأمر سهلا .. لكن المسألة تتطلب العزيمة القوية و العمل المنظم الجاد

Quote: ما في منحة و لا يحزنون .... مافي حاجة مجاناً

Quote: يعني بقت مُحللاتي ساي ! أها فترة التحليل الوجيزة ـ مجان واللا بي فوائد زي ماقال الهادي هباني؟

Quote: الميدان: إبراهيم ميرغني أوضح عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الدكتور صدقي كبلو بأن ما حدث من تفاهمات بين حكومة السودان والبنك الدولي والإدارة الأمريكية يعد خطوة إيجابية وتصب في مصلحة السودان، وفي الحقيقة ليس هناك من كاسب في هذه المسألة غير السودان فالولايات المتحدة الأمريكية أصدرت قرضاً واستعادته بعد ثلاثة أيام وتبقي لنا منه قدر بسيط، ولكن المسألة الأساسية هي كيف نتعامل مع ما أتيح لنا من فرص للمنح من البنك الدولي باعتبار أننا أعضاء فيه وكيف نوجه هذه المنح لمشاريع البنيات التحتية الأساسية وهي الطاقة والسكة حديد والتعليم والصحة ولا بد أن يكون لنا مشاريع محددة وجاهزة للتنفيذ في هذه المجالات وأن لا تذهب المنح لإعداد الدراسات ودفع مرتبات الخبراء الأجانب كما أن القضية كلها تشير إلى أهمية السودان بالنسبة للمجتمع الدولي ولاستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة وأضاف، لا بد لنا من الاستفادة من هذه الأهمية كما فعلت دول جنوب شرق آسيا على أيام الحرب الاهلية.

Quote: A source familiar with the matter said Sudan's overall debt includes about $2.8 billion owed to the World Bank, International Monetary Fund and African Development Bank (ADB); $19 billion owed to countries in the Paris Club of official bilateral creditors; $21 billion to non-Paris Club members; and the rest to commercial creditors.

Quote: لكن الرقم الوحيد المزبوط في اللحظة دي هو ان دين البنك الدولي تم سداده!

Quote: نجي للنقطة المهمة في كلامك!.بالتأكيد لا خلاف القروض ليست مخرجا (لوحدها او مع اساءة التوظيف) و الحل في استثمار الموارد و الانتاج لكن هناك حقائق لايمكن نهرب منها! في اللحظة دي تزجد ستون مليار دين! غض النظر عن سببها او فيم استغلت في نهاية الامر هي حقيقة واقعة ولا مهرب منها الا بسدادها او اعفائها! الحقيقة التانية انو عشان تنتج و تستثمر في مواردك محتاج تمويل كبير و بنى تحتية تخليك تحقق عائد مجزي من استثمارك! مدير مشروع الجزيرة قال اعادة تأهيل قنوات الري وحدها فقط عايزة سبعمية وخمسين مليون دولار! الري عصب المشروع عايزين كهرباء حقيقية تكفي لنتحدث عن صناعة تضيف قيمة للزراعة و الثروة الحيوانية عايزين بنية تحتية جيدة للنقل طرق وسطة حديد ومواعين تخزين و ميناء للتصدير و الاستيراد! من غير الاستثمارات و الصرف دا الحديث عن الاعتماد على النفس و زيادة الانتاج يبقى ضربا من الرومانسية وونسة المنتديات فقط! طيب انت مغرق بالديون التي توقفت عن سداد اقساطها و تصنيفك الائتماني سيئ! ولا جهة تمويل ستمولك مع نسبة المخاطر العالية!

Quote: نموذج الدولة الدعمجية الحبرتجية.... من المؤسف ان نجد من يوصف بأنه "خبير اقتصادي" يسخر من سداد السودان لقرض البنك الدولي عبر القرض التجسيري الامريكي في عملية خلصت السودان من ١.١٥ مليار دولار كما تم منح السودان ٢ مليار دولار للتنمية و ٢٠٠ مليون دولار لدعم الموازنة العامة...يسخر بالقول "هل البنزين اتوفر وهل الخبز اتوفر وهل الدولار انخفض وهل تحسنت الاسعار وهل حصل العاطلين على عمل؟!" في محاكاة لمنطق البسطاء الذين يفترض به توعيتهم بأن طريق الاصلاح طويل ولن يتأتى في شهور او سنة أو سنتين ولا نتوقع الحصول على منحة او قرض اليوم فتخرج الى الشارع غدا لتجد الأرض قد انبتت قمحا ووعدا و تمني!!...و اي خبير و ان اختلفت رؤيته لطريق الاصلاح فإن اي طريق يختاره لدولة فقيرة ومتهالكة سيتطلب توفير التمويل والمنح والذي يستوجب تسوية متاخراتنا ذلك انه ليس لديك كحكومة داخليا المال الكافي لاستحثاث مواردك الطبيعية فالطبيعة لا تولد المال من نفسها بل باستثمارك فيها سواء في شكل توفير بنيات للقطاع الخاص لينمو ويسدد لك عبر الضرائب او حتى استخدام الاموال لتمويل قطاع عام منتج يسدد من دخله كبديل....ولكن تغلب الايديولوجيا على المهنية لدى الكثيرين....والا فإن أي نظرة موضوعية لن تؤدي لهذه الأسئلة في التعليق على منح وقروض تنموية فالفرق بين الصرف التنموي والصرف الاستهلاكي معلوم بالضرورة...ولمن لا يعلم فمبدئيا الحاجتين ديل في موازنة الحكومة هما بندان منفصلان تماما حيث أن الدعم السلعي يقع تحت بند المصروفات الجارية (current expense) في حين أن مصروفات التنمية هي اصول رأسمالية (fixed assets) تقع تحت فصل التنمية و الذي يعتبر المحدد الرئيسي لسرعة نهوضنا فكلما قل حجم اموال بنود فصل الصرف الجاري وزاد فصل التنمية يعني ذلك أننا نستثمر في النمو و نبني مقومات النهضة...ثانيا ان الصرف على شراء السلع ودعمها صرف غير منتج لا يوجد له مصدر سداد اساسا لذلك لم و لن تجد مؤسسة دولية تموله فإن أردت توفرها حقا فلتنادي برفع الدعم عنها....في حين أن الصرف التنموي المدروس هو صرف منتج يسدد نفسه عبر عائداته و يسهم في توظيف الناس وزيادة انتاجهم وتحسين مستوى معيشتهم عبر كسب قوتهم والمساهمة في اقتصاد بلدهم ولذلك ستجد له التمويل حال اصلاح علاقتك مع المانحين ومؤسسات التمويل..فلو صرفت هذه ال ٢ مليار على الوقود والقمح ستعود للشحدة قريبا اما اذا صرفتها في أصول منتجة فستوفر لبعض المواطنين مصدر دخل ثابت وخدمات لسنوات قادمة.. ان ما يروج له هؤلاء "الخبراء" من قصص الدول الغارقة في الديون بسبب مؤسسات التمويل تغفل حقيقة رئيسية وهي السؤال فيما أنفقت تلك الديون التي اغرقت هذه الدول؟ ولماذا تركت الديون لتتضخم بفعل الفوائد بدلا عن السداد في المواعيد؟ وفي الغالب ستجد انها أنفقت على نفس المصروفات الفارغة التي تزيف الواقع و يدعو اليها هؤلاء من دعم للسلع ودعم لقيمة العملة المنهارة أو في افضل الفروض مشاريع خاطئة لا تحقق اي عائد..إن لوم الدائنين على غرق المقترضين يشبه لومك احد البنوك التجارية على وجود المتعثرين في السجون!..حيث أن فيه تنصل عن مسؤولية هذه الدول في ما تم تبديده من اموال...ويتم الحديث عن مؤامرة عالمية وكأن الممولين يهوون ضياع اموالهم ويسعدون بذلك مقابل رؤيتك تعاني..ببساطة حاول أن تجيب على هذا السؤال...ماذا يضير العالم أن انهار هذا السودان تماما؟ بل أليس الاسهل على "الامبريالية" تركك تنهار ان ارادت السيطرة على سيادتك او مواردك بثمن بخس؟! يتحدث هؤلاء الخبراء وكأننا نمضي بنجاح ويريد العالم تدميرنا حقدا على هذا النجاح الباهر..والحقيقة إن أراد العالم فعلا تدميرنا ما عليه سوى تركنا نستمر في نفس الطريق الذي كنا عليه دون مد العون لا استشاريا ولا ماليا..وسننهار لا محالة دون أن يصرفو ثمن تذكرة طائرة ليصلونا.. في عالم اليوم ملايين الاعمال تقترض يوميا ومئات الدول التي تحصل على القروض وجميعهم ماضون في طريق النجاح بالتوظيف الصحيح للتمويل..كما أن هنالك الآلاف من رجال الاعمال في السجون وعشرات الدول المتعثرة بتوظيفها الخاطئ للأموال ثم تركها الديون معلقة دون سداد او الوصول لتسويات لتتراكم الفوائد...ومن قوة عين هؤلاء الخبراء أن تكون الدولة مليانة ديون لحدي اذنيها ثم يدعونها بكل بساطة لعدم السداد او التسوية او الالتفات للامبريالية على شاكلة "الصندوق تحت مركوبي ده" في نموذج للدولة الحبرتجية التي لا تفي بالتزاماتها التعاقدية ولا تعترف بديونها..السؤال هنا ان كان الخبير يضع الانتاج والتصدير ضمن استراتيجيتهم لمن ستصدر اذا قطع الدائنون علاقتهم بك و فرضوا عليك العقوبات؟! اما الأكثر غرابة وتناقضا في رؤية الخبير هو قوله بأنه لم تنهض أي دولة عبر الديون (وهي جملة كاذبة اساسا ولصدقناه لو قال أن بعض الدول لم تستدين ونهضت والراجح أن كل الدول تستدين وتنشئ المشاريع وتسدد ما عليها لنهوض اسهل و اسرع واقرب مثال سد النهضة في اثيوبيا جنوبا)....اما التناقض فهو دعوة الخبير للاعتماد على انفسنا لتمويل نهضتنا..ثم في نفس الوقت يدعو الخبير للاستمرار في هذا الصرف البذخي الاستهلاكي على الدعومات و يدعو لمجانية الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها من الخدمات أسوة بدول السمبك التي يصل متوسط ضريبة الفرد فيها ٤٠% من دخله...ولكن في نفس الوقت يعارض الضرائب على الواردات وتحريك الدولار الجمركي و أي تدابير تخصم من المواطنين (سوى الضرائب التصاعدية التي لا مجال لتطبيقها فورا).....وكأن التنمية تتم بالدعاء والتضرع والاستمرار في هذا التبديد ..وليس بالتقشف والاجتهاد والعمل..ان نهضتنا ذاتيا ليست مستحيلة ولكن يجب أن نعلم ان تكاليف وعناء نهضتنا ذاتيا تفوق تكاليف نهضتنا بالقروض أضعافا مضاعفة..فدعوة اصحاب الايديولجيا "الشعبوية" للاعتماد على الذات هي محض اشعار وبروبغاندا لحصد اللايكات، حال بدء الحكومة تطبيقها فعلا سيطلقون صرخاتهم المصطنعة من العواصم الاوروبية بالدعوة للتخفيف على المواطنين للكسب السياسي الرخيص! #الخلاصة: عزيزي الخبير يمكنك أن تختلف في توظيف المال ولكن لا يمكنك إنكار حوجتنا اليه..كما لا يمكنك الدعوة للاعتماد على الذات و إلى تبديد الاموال في الدعومات معا في نفس الوقت..ولا يمكنك الدعوة لعلاقة مع العالم والتصدير له ودعوته للإستثمار وانت تدعو لأكل قروشه وتكبيرها منه..قليل من الاتساق لا يضير! #لا_لدعم_أي_حاجة #تحديات_الفترة_الانتقالية