🔴 *الهجوم على القراي والسكوت عن جرائم الحركة الإسلامية*
✍ *جعفر خضر*
📡 *صحيفة الديمقراطي* 📅 *2021/1/3
تشهد وزارة التربية ممثلة في مدير المركز القومي للمناهج الدكتور عمر القراي هجوما متواصلا من منسوبي النظام البائد والمتشددين وبعض المواطنين. وقد تم استهداف القراي من واقع كونه ينتمي للفكر الجمهوري، ومن ثم اعتبار أنه بذلك سيؤثر على المنهج ويجيره لصالح فكره. ولم ينتبه هؤلاء، أو لا يريدوا أن ينتبهوا، إلى أن القراي لا يؤلف المناهج بنفسه، وإنما تقوم بهذا الأمر لجان مختصة. ويتوفر الآن قدرا من الحرية والشفافية يكفي لإصلاح أي اعوجاج أو خطأ يحدث في المناهج. ولذلك عندما اتضح أن هنالك صورة غير مناسبة تم تضمينها في كتاب التاريخ للصف السادس، أعلن القراي أنه سيخضع رئيس لجنة مادة التاريخ للتحقيق. والغريب في الأمر قيل أن الصورة، محل الجدل، تُدرّس في جامعة أم درمان الإسلامية لطلاب وطالبات كلية الفنون، ولم يحتج عليها أحد. رغم أن الجامعة الاسلامية يكثر فيها علماء الدين والفقهاء. مما يدلل على أن وراء الهجمة غرض، والغرض مرض. ولكن الأهم لماذا لم يحتج هؤلاء العلماء على العبث الذي جرى في المناهج عموما في عهد الإنقاذ منذ مؤتمر التعليم الذي انعقد في العام ١٩٩٠م؟ تناول منهج القرآن وعلومه للصف الأول الثانوي الإنقاذي مدارس تفسير القرآن الكريم وعلق عليها. وتوصل المنهج إلى أن أفضل تفسير للقرآن - على الأطلاق - هو تفسير سيد قطب، أحد قيادات الإخوان المسلمين المتشددين، الذي تفوّق تفسيره على الأولين والآخرين، ولم يحتج أحد على هذا الترويج السافر لمدرسة الإخوان المسلمين الفكرية ! جاء في ذلك المنهج البائد أن أشهر مدارس التفسير ست مدارس، وتناولها واحدة تلو الأخرى. وابتدأ بتناول التفسير بالمأثور الذي أورد المنهج أن "عيبه" اختلاط الصحيح بغير الصحيح، ونقل كثير من الأقوال المنسوبة للصحابة من غير إسناد ولا تثبت مما أدى إلى التباس الحق بالباطل .. ودخول كثير من الإسرائيليات والنصرانيات، وبعض أصحاب المذاهب المتطرفة لفقوا أقوالاً ونسبوها إلى النبي – صلى الله عليه وسلم، وبعض أعداء الإسلام دسوا على الرسول – صلى الله عليه وسلم – الأحاديث الموضوعة". ثم أورد المنهج أهم كتب التفسير بالمأثور هي: جامع البيان لتفسير القرآن للطبري، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، وتفسير الدر المنثور للسيوطي. أي أن تفسير سيد قطب أفضل من تفسير هؤلاء أجمعين. ثم تناول المنهج التفسير بالرأي الذي ينقسم إلى التفسير المحمود، والتفسير المذموم الذي يستند إلى الهوى. وتطرق منهج القرآن وعلومه إلى تفسير الصوفية. وحدد أن التصوف ينقسم إلى تصوف عملي؛ وتصوف نظري، وهؤلاء يدينون بمبادئ فلسفية لا تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ومن الكتب التي أُلفت في ذلك روح المعاني لشهاب الدين محمد الألوسي. وأشار المنهج إلى التفسير الموضوعي. وتناول تفسير الفلاسفة الذي له قسمان: من أُعجبُوا بالفلسفة وأخذوا منها كإخوان الصفا وابن سينا، وعدم التوفيق بين الدين والفلسفة. وتم التعزيز بالسؤال: ما موقف المسلمين من الفلسفة؟ وأخيرا تناول المنهج التفسير في العصر الحديث الذي اشتمل على أربعة أنواع: اللون العلمي الذي جعل القرآن مشتملاً على كل العلوم ما وُجد وما لم يوجد؛ اللون المذهبي الذي فسّّرت كل فرقة بما يتفق ومعتقداتها؛ التفسير الباطني وهو تفسير يتفق وشهوات القائلين؛ اللون الأدبي الذي طابعه أدبي رقيق يصل إلى المعاني في أسلوب شيِّق جاذب. ولم يذكر المنهج لهذا اللون الأدبي عيب البتة. وتناول المنهج تفسير ظلال القرآن لسيد قطب الذي “عُرف باتجاهه الأدبي”. وجاء في ذات منهج القرآن وعلومه للصف الأول أنّ سيد قطب (قد اتّصل بالشيخ حسن محمد عبد الرحمن البنا مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين في مصر والذي انتشر في مناطق عديدة من دول الإسلام، وله أثره البيِّن في التأثير على مجتمعات المسلمين، حيث ركّز على شمولية الإسلام على جميع جوانب الحياة الخلقية؛ والروحية؛ والاقتصادية؛ والاجتماعية؛ والسياسية وغيرها). العبارات الأخيرة تمثل مدح مباشر لتنظيم الإخوان المسلمين؛ الشيء الذي يجعل من المنهج ساحة للدعاية الفكرية والاستقطاب السياسي، وهذا ما لا يليق بالمناهج الدراسية. وقد مدح المنهج سيد قطب وتفسيره مدحاً مستفيضاً، ولم يأخذ عليه مأخذاً واحداً، ولا على تفسيره، ولا على اتجاهه الأدبي، بعكس المفسرين الآخرين. فمثلاً الجصاص في أحكام القرآن كان “يروِّج لمذهب الأحناف وينافح عنه”؛ وفتح القدير الشوكاني تفقه على مذهب الزيدية، وقد ذُكرت الزيدية ضمن اللون المذهبي الذي فسّرت فيه كل فرقة القرآن بما يتفق ومعتقداتها؛ أما الزمخشري – صاحب الكشاف – فقد كان معتزلياًً في اعتقاده، وسُئل الطالب: ما العقيدة التي كان يعتنقها ؟ مما قد يستشف منه أنّ الاعتزال عقيدة أخرى غير الإسلام وليس مذهب إسلامي. أمّا الأسئلة المتعلقة بسيد قطب فهي: بماذا اشتهر سيد قطب؟ اذكُر أهم كتبه في الدراسات القرآنية؟ ما الدوافع الأساسية لسيد قطب في تفسيره الظلال؟ ما التصوُّر الشامل للحياة الذي يراه سيد قطب؟ ما الفرق بين منهج سيد قطب ومنهج المفسرين السابقين ؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تفضي إلى تأكيد أهمية تفسير سيد قطب ؛ أمّا السؤال الأخير فنتيجته الحتمية أنّ يصل الطالب إلى أن تفسير سيد قطب هو أحسن التفاسير ! أي أن الحركة الإسلامية وظفت المنهج الدراسي لتجنيد الطلاب، ولم يكن همها وقتئذ القرآن ولا علومه، وإنما همها الكسب السياسي الرخيص! ولم يحتج، على ذلك، مثيرو غبار اليوم، لأن المنهج كان يخدم أغراضهم الحزبية والشخصية. الجدير بالملاحظة أنّ هذه التفاسير الحديثة في منهج الصف الأول لم تشتمل على تفاسير أخرى كتفسير البروفيسير عبد الله الطيب، محمد متولي الشعراوي، ومحمد شحرور .. الخ. حتى الذين لا ينتمون للإخوان المسلمين لم نر اعتراضاتهم وقتها، أكان ذلك خوفا أم طمعا؟ ولماذا علت صيحاتهم اليوم؟ إن الحركة الإسلامية هي أكبر من عبث بالمناهج المدرسية ووظفها لخدمة أيدولوجيته السلطوية، مما أضر بالمنهج الدراسي، بل أضر بالدين الإسلامي ضررا بليغا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالله عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست