اهداء لحبيبنا الجميل .. النصري أمين .. الجرادي والتلييس

Quote: الرجل الجرادي .. والتلييس .. وتهميش الجسدي علي عبدالوهاب عثمان [email protected] الرجل المسطح أو ( الجرادي ) هو ذو بنية مستقيمة خالية من أي نتوءات أو تضاريس من الرأس الى القدمين تماماً مثلا (الجراد) فالأصل في السودانيين هو النحافة إلا من تغيرت تضاريسهم بفعل عوامل الاغتراب وتغيير العادات الغذائية ، وحتماً سيرجعون الى الاصل في نهاية المطاف .. وكنت في السابق افتخر كثيراً بأنني من النوع (الجرادي) وان الرجل من المفترض ان يكون مثل عود القنا وبأن الله كرمه وجعله بدون اي زوائد او تموجات ليلعب دوره كراً وفراً في اعمار الكون .. ولكن بعد عدة تجارب في العمل العام تغيرت قناعاتي نهائياً واصابني نوع من الاحباط لأنني ولأسباب جينيه ووراثية لا يمكن أن اتعرض لتغيير محلوظ في الشكل الخارجي حتى لو لجأت الى فكرة مشروع التسمين او المعسكر المقفول .. وسبب هذا اليأس والاحباط هو ذلك التهميش الجسدي الذي اتعرض له من جراء تواجدي في تلك التجمعات والليالي السياسية والادبية والفنية التي تعقد ضمن الحراك الاجتماعي ومشاركات رابطة دنقلا الكبرى بجدة .. فمهما بلغت من الحضور العلمي والخطابي والمعرفي فلا يمكن أن تكون عضواً مؤثراُ يشار اليك بالبنان ما لم تكن في كامل الزي السوداني مصحوباً بكل الاكسسوارات لزوم التميز مثل الجوال والسبحة والعصا وعلى الكتف الشالات المطرزة التي تتدلى حتى تخوم تلك التضاريس الامامية .. فيقول قائل ما الضير في ذلك وجميع هذه الاشياء متوفرة في السوق وفي المتناول ؟؟.. نعم اعرف انها متوفرة في الاسواق واعرف أماكن شرائها ولكن المشكلة ان هذا الزي لا يتناسب مع البنية الجسمانية ( للرجل الجرادي ) فلذا يتحتم عليه أن يعيش على هامش هذه المناسبات كمتفرج فقط ، لا يجرؤ على ارتقاء المنصة والوقوف صفاً كما هو متبع في مناسبات التكريم .. تخيلوا منظر ( الجرادي ) وهو يقف على المنصة مجاوراً لجسد ضخم بحجم المصارع (هوق هوقان) من المؤكد سوف يبدو وكأنه ذلك الصفر على يسار الرقم وهذا بعينه هو (التهميش الجسدي) .. وأكثر ما يثير غيظي هو ذلك المصور التلفزيوني ورغم إنتمائه الى قبيلة الجراديين يوجه كاميرات التلفزيون نحو هؤلاء القوم حصرياً ويسلط الاضواء على تلك المناكب العريضة والاوداج المنتفخة والخدود البالونية والأهم تلك العصا التي يتوكأ عليها عند اجراء المقابلات الشخصية مع مراسلي التلفزيون ويهش بها اثناء اغاني الحماسة والعرضة مع أن هذا النوع من الفن السوداني الاصيل يعتمد اساساً على القفز في الهواء بتوازن معين وبحركة انسيابية ومتناغمة مع الايقاع مما جعله ممارسة حصرية على الرجل الجرادي دونكم ذلك (التلييس) الذي لو أستطاع أن يقفز في الهواء مرة واحدة لتحول الى كوم من الحطام وهكذا يكون له خيار واحد لا مفر منه أن يتمايل بجسده وكأنه في حلقة ذكر. وإمعاناً في التغول على حقوق الرجل الجرادي فقد انتقلت ممارسة التهميش الى حلقات اوسع واكبر ضمت رجال الامن والاستقبال وعمال الخدمات في الفنادق والصالات وقد لاحظت أنهم لا يهتمون بالرجل الجرادي ولا يولونه اي عناية لالتصاق صورة نمطية ( للتلييس) في اذهانهم .. ونقول لهؤلاء ان الايام دول ولكل زمن رجاله وسوف يأتي اليوم الذي تكون فيه السيادة للرجل الجرادي وهو يوم الزوغة والجري واطلاق الساقين الى الريح وهذه لعمري طوق النجاة من مصائب كثيرة .. فهنيئاً لكم تمتعوا بمواهبكم الجسدية الفارهة في حدود الحيز والمساحات المتاحة لكم ، أما الرجل الجرادي فإذا ضاقت مساحاته فيمكنه تسلق الاشجار وجني الثمار وركوب الخيل والبغال والحمير والجمال والقفز فوق الجدار والتمتع برحلات السطوح والتمدد في أضيق الأماكن حتى لو كان سجن الترحيل .. ولتغيير هذا الواقع المختل نريدها ثورة مخملية سلمية تدعو الى إدخال تعديلات على تفصيل الجلابية السودانية حتى لا تظهر بعض العيوب الجسدية مثل عروق الرقبة وعظام الصدر البارزة والتي تجعل من الرجل الجرادي كئيب المنظر وكأنه يستجدي الصدقات .. إذا كانت هذه سلبيات الرجل (التلييس ) فالرجل الجرادي مكلف اقتصادياً خاصة إذا مارس الطريقة الجرادية في التعامل مع أطباق البوفيه والمرطبات والحلويات لأنه يتناول الطعام بدون محاذير طبية وبلا حدود .. وأخيراً ولتقريب الصورة اكثر يبقى اخونا الفنان الرائع كمال ترباس هو الشماعة المثالية للجلابية ونموذج متكامل لما يسمى بالدنقلاوية ( تلييس ) ومعناه الرجل ضخم الجثة .