آناء الغناء وأطراف البكاء

(في مقام البرتقالة)

فى كل صباح تلوِّح
بلون إبتسامها
بأريج نورها الفسيح
للعابرين
ترسم الأغنيات
فوق جدران الندى
وعلى خدود الريح

والعابرون
يخلع بعضهم
كساء شوقه ليستريح
وآخرون
غمسوا أصابع النشوة
فى مواعين الضوء
حيث نضار ظلها ممزوجا
بفضة ابتسامها النمير

يقضي بعضهم
فرض وجده
ويستهل نافلة التبريح
تتهجأ الخطوات
أبجدية الوصول
ليمتزج الطين فى أحلامهم
برحيقها الوثير
ينهمل رمل الدمع
من عيون الدعاء
يبلل وجه التسبيح

يا
ضوئها الوفير
يا
عبيرها العبير

يا
رحيقها ال

بعضهم
يطيل صلاة وجده
وقوفا وقعودا
أو ربما موتا
يشبه فى هيئته الأولى
لحظة الميلاد
ينحت إسم الحياة
على ألواح شهوة الأرض
وهى تهز جسد البذرة
تغرس فيها سر إسمها الكبير
يطيلون الصلاة
وقوفا قرب جدران الهواء
وقعودا فوق عطرها الفسيح

أما العابرون
خلف قطعان أمنياتهم
وعلى ما تبقى من حلمهم
يتوكأون
وساعة يحتدم الجدل
حول ضرورة أن يتحد
جسد الماء
ودم النار

ماء الليل
ونار النهار

والبرتقالة
ماضية فى سحر لونها
تسكب خمر ابتسامها الطري

جاء العابرون
ليبارك الوقت أقدام توقهم
يزينها بقلائد من فضة عذراء
بشربة من رحيق الضوء
لا تظمأ بعدها مفاصل المسافة
حين القلب يعتزم المسير

يا عبيرها العبير

إذن
فحدثينا
يا سيدة الندى
عن موتنا الأخير
أو عن الفرق
بين أن نموت ارتواءا
يغتالنا ظمأ الموج
وبين أن نحيا فى لجة التراب
وسط يبابنا الوفير

ومن لدنك يبدأ التوهج
منك تأخذ الظلال
قوت يومها وماء عشقها
منك ترتوي شرايين البيوت
ومسامات الحقول
إذن فحدثينا
عن صلة البرد
بصيف الموتى والعاشقين
عن دفءٍ يشتهيه شتاء القصائد
عن صيفٍ يستوطن الجمرُ حلمَه
عن خمرٍ يتشبه بالأعياد
عن وقت لا يضن علينا
بأرواح الفصول