قصة قصيرة: لوحة صامتة كتبه أسعد عبد الله عبد علي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-24-2025, 07:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-24-2025, 12:00 PM

اسعد عبد الله عبد علي
<aاسعد عبد الله عبد علي
تاريخ التسجيل: 08-06-2016
مجموع المشاركات: 645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قصة قصيرة: لوحة صامتة كتبه أسعد عبد الله عبد علي

    12:00 PM December, 24 2025

    سودانيز اون لاين
    اسعد عبد الله عبد علي-العراق-بغداد
    مكتبتى
    رابط مختصر





    الكاتب/

    كانت ليلةً شتائيةً شديدة الهدوء، رغم زحمة الطريق؛ البرد يلسع الوجوه ويجبر الجميع على "التخندق" داخل معاطفهم الثقيلة. كان ينتظر وصول صديقه هشام، كي ينطلقا نحو قاعة "الواسطي" في منطقة "زيونة"، حيث يُفتتح الليلة في تلك الصالة الفنية معرض للرسم التشكيلي, لقد كانا مولعين بحضور مثل هذه الفعاليات الفنية.
    كان الحاضرون مبكرين قبل افتتاح المعرض، وقرب الصالة توجد كافتيريا، فطلبا القهوة وأخذا الأكواب وقوفاً قرب الشريط الأحمر. اختلطت رائحة القهوة الساخنة بعطر الطلاء المترسب على اللوحات, كان الحضور قليلاً، ونصفهم تقريباً من النساء اللواتي أضفين على الأجواء لمسة من الأناقة الشتوية المخملية.
    وسط هذا الصخب الهادئ، وقع بصره على فتاة تمسك بكاميرا تصوير؛ كانت امرأة في منتصف الثلاثينيات تقريباً، ببشرة سمراء تلمع تحت أضواء "السبوت لايت" المركزة، وابتسامة ساحرة كانت تظهر بوضوح وهي تتأمل الأعمال الفنية, كانت مشغولة بالتقاط صور دقيقة للوحات، وكأنها توثق تفاصيل لا يراها غيرها.

    بدأ يرمقها بنظرات سخية، لم يحاول إخفاء إعجابه، وهي بدورها كانت تسرق منه نظرات خاطفة، تارةً تخفيها خلف عدسة كاميرتها، وتارةً تتركها معلقة في الفضاء الفاصل بينهما.
    كان الزحام يشتد حول مسؤول رسمي يقف بجانب الرسام الذي راح يشرح فلسفة ريشته، فاستغل هو تلك الفرصة، واقترب منها ببطء وهي تقف أمام لوحة تجريدية غارقة في اللون الأزرق. توقف بجانبها تماماً، وقال بنبرة هادئة: "عذراً... هل يمكنني التقاط صورة لهذه اللوحة؟"
    التفتت إليه فوراً، واتسعت ابتسامتها التي سلبت لبه، ثم تحركت بسرعة لتفسح له مجالاً، وأبدت أسفاً رقيقاً بحركة من أصابعها، وكأنها تعتذر لأنها كانت تعيق رؤيته. شعر بانتشاء داخلي؛ لقد فُتح باب الحديث أخيراً.

    بينما كان يتظاهر بتصوير اللوحة، شعر بعينيها تراقبه باهتمام. أنزل هاتفه، والتفت إليها قائلاً بابتسامة واثقة: "تصويركِ دقيق جداً.. هل أنتِ رسامة محترفة أم مجرد متذوقة شغوفة للفن؟"
    هنا، سكن كل شيء. اندهشت الفتاة، وتغيرت ملامحها فجأة من الابتسام إلى نوع من الارتباك اللطيف. رفعت أصابعها إلى فمها بحركة تعبيرية رقيقة ومشوبة بالأسف، ثم حركت رأسها يميناً ويساراً بهدوء، وأشارت بيدها إشارات صامتة فهم منها الحقيقة المذهلة: إنها خرساء.
    سقطت الكلمات من فمه كأحجار ثقيلة. صُدم، ليس نفوراً، بل مفاجأةً لم تكن في الحسبان. بدت هي حزينة للحظة، ربما لأنها تمنت لو استطاعت مجاراته في الحديث، أو لأن الصمت في تلك اللحظة كان أثقل من أن يُحتمل.

    لم يجد بُداً من محاولة تلطيف الموقف، فابتسم لها ابتسامة دافئة تنم عن التقدير والاعتذار معاً، ثم انسحب بهدوء تاركاً خلفه عطراً من الحيرة. لم تمر الحادثة مرور الكرام، فقد التفتت بعض الفتيات القريبات بفضول أنثوي واضح، يرقبن ما دار بين "السمراء" وهذا الغريب.

    ابتعد عنها، لكنه لم يبتعد عن مدارها؛ كانت لا تزال ترمقه بنظراتها من بعيد، نظرات لم تعد تحمل التحدي بل تحمل وداعاً صامتاً. وفي تلك الأثناء، لمح صديقه هشام في الجهة الأخرى من القاعة، فتوجه نحوه، واتخذ من الحديث مع صديقه حجة لينسحب تماماً من القاعة، تاركاً وراءه لوحةً بشرية لم تكن معلقة على الجدران، بل كانت تنبض بالجمال والصمت في ليلة شتاء لن ينساها.
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de