في عالم اليوم، لم تعد السيطرة على الشعوب تتم عبر الجيوش والأسلحة فحسب، بل أصبحت تتطلب استراتيجيات أكثر تعقيدًا تتعلق بالقوة الناعمة. يتم ذلك من خلال تغييب الوعي والإدراك الحقيقي للأحداث، وسرقة عقول الناس عبر الانشغال بتفاهات لا تنتهي. يُشير الكاتب غوستاف لوبون، مؤسس علم نفس الجماهير، في كتابه "سيكولوجية الجماهير"، إلى أن عقل الفرد يكون أكثر واقعية ومنطقية، بينما عقلية الجمهور تميل إلى البدائية والعاطفية، مما يجعلها سهلة التأثر خاصة في أوقات الانفعال والأزمات.
لذلك، ليس من المستغرب أن نجد أفرادًا ذوي ثقافة عالية ينجرون وراء انفعالات تؤدي بهم إلى أفعال بدائية تُظهر تخلفًا واضحًا.
من جهة أخرى، يتناول المفكر والناقد نعوم تشومسكي تأثير الإعلام على نفوس الناس، حيث يقدم 10 استراتيجيات يستخدمها الإعلام الموجه لإحداث تأثيرات نفسية عميقة. رغم وضوح بعض هذه الأدوات، إلا أنها لا تزال تحتفظ بفاعليتها وتأثيرها الكبير على المجتمعات. وقد استند تشومسكي في تحليله إلى "وثيقة سرية للغاية" تعود إلى مايو 1979، والتي تم العثور عليها في عام 1986، وتحمل عنوان "الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة". هذه الوثيقة تمثل دليلاً للتحكم في البشر والسيطرة على المجتمعات.
في هذا السياق، نحتاج إلى فهم كيف يمكن للإعلام أن يستخدم هذه الاستراتيجيات للإلهاء والتحكم في الشعوب، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها السودان اليوم. إن صناعة الوعي وتنوير النشء يعدان من الأدوات الأساسية لمواجهة مثلث تدمير الشعوب.
كما أن السياسيين يؤكدون على أهمية مبادرة "بداية" كذراع مهم لدعم خطة بناء الإنسان وإعداد أجيال قادرة على مواجهة الفكر بالفكر ونبذ التطرف. يتطلب ذلك ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز الوعي الوطني لدى الشباب، ليكونوا قادرين على التصدي للتحديات التي تواجههم.
إن الحرب المفروضة على السودان ليست مجرد صراع عسكري، بل هي حرب تتعلق بالوعي والثقافة. ولذا، فإن الانتباه إلى هذه القضايا يصبح ضرورة ملحة لنستطيع مواجهة التحديات وبناء مستقبل أفضل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ادم ابكر عيسي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست