الخيانة… حين يصبح الوطن معروضًا للبيع….ومن يشتري الخراب؟ كتبه الصادق حمدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-08-2025, 10:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-19-2025, 09:41 PM

الصادق حمدين
<aالصادق حمدين
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 51

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخيانة… حين يصبح الوطن معروضًا للبيع….ومن يشتري الخراب؟ كتبه الصادق حمدين

    10:41 PM October, 19 2025

    سودانيز اون لاين
    الصادق حمدين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر



    - هولندا

    هل أنا خائن؟
    سؤالٌ ظل يطرق رأسي، كأنّه صفعة وعي مؤجلة. أليس الخائن بالتعريف هو من يبيع وطنه؟ لكن ماذا لو كان هذا “الوطن” هو أول من باعنا؟ ما الذي تبقّى لنا لنتمسك به سوى شعارات جوفاء عن التضحية والفداء، في حين أن الواقع لا يُشبه إلا غابة ضارية الضعيف فيها هالك لا محالة. و "صكوك" الوطنية داخلها أصبحت "كروت" إدانة تُستثمر فيها دماء الأبرياء وطاقات الأجيال في مشاريع لا نعلم إن كانت لنا أم علينا.

    لقد قيل لنا منذ الطفولة: “وطن الجدود نفديك بالأرواح نجود”حتى ترسّخت هذه الكلمات في وعينا كما لو أنها قَسم مقدس، لكننا كبرنا لنعرف أن الوطن نفسه قد تركنا مكشوفين لعواصف الفقر والقمع والتنزيح والتهجير ومجاهيل التشرد والاعتقال الجماعي في متاهة سقفها الجهل والتجهيل، وأن مناهجنا غرست فينا روايات مجيدة لا صلة لها بما نعيشه في شوارع مهترئة، ومدارس مكتظة تبيع لأطفالنا الجهل، ومشافٍ خاوية من الرحمة، ومنازل لا تصمد أمام غضب الطبيعة، وأطعمة لا تصلح للاستهلاك الآدمي، وبيئة ملوثة تقتل الحياة فينا ببطء متعمد.

    نعم، هناك من يبيع الوطن، ولكن البيع لا يبدأ بالوثائق والمعاهدات، بل بالخضوع للصمت الخنوع، بقبول الذل والوصاية، وبالمشاركة في سرديات الكذب الرسمية التي تمنح خونة الأمس وسام الشرف، وتحاكم الصادقين من أبناء الوطن بتهمة “قلة الولاء والوطنية”.

    انها العمالة في أبهى حلتها قشابة يا سادة. إنه السقوط الحر في مستنقع الخيانة والعمالة والنفاق، لقد ذُبح الوطن نهارا جهارا على محراب الغدر والتآمر. لقد كتبتها من قبل وسأكتبها الآن "تبا لأولئك الذين يختزلون الشرف ما بين السُرّة والفخذين"، وتبا لهذا الوطن الذي حوت مناهج تعليمه زيفا ونفاقا ما بين القول والفعل، قيل لنا في بواكير برائتنا "الوطن دونه المهج الغوالي"، وفي غفلة من التاريخ فتح هذا الوطن فخذيه للتدخلات الأجنبية والوصاية الخارجية، وتركنا نعيش في حالة تناقض وطني قاتل، وتهنا ما بين العزة والذلة.

    تمسكنا الأعمى بالسرديات الزائفة التي جعلت دون وعي منا حاضرنا مرتبط بماضينا، مع قطيعة كاملة لمستقبلنا الذي هو ليس ملكنا، بل ملك لمن يأتون من بعدنا، فماذا نقول لهم؟ أنقول لهم بكل فخر كسير نعم! نعم! لقد هربنا وتركنا ظهر الوطن مكشوفا؟ يا لذلنا ويا لإنكسارنا…..ما زال عار هروبنا يقبح دواخلنا، فلم نعد نجيد إلا البكاء على حاضرنا التعيس، أما المستقبل فقد ضاع منا ما بين "من نحن ومن هم"، وضياع الهُوية في متاهة النقاء العرقي واختلاف السحن والألوان.

    من يبيع اليوم نفسه وكرامته قد يبيع غدًا أكثر مما نتصور، حتى الشرف يصبح قابلًا للمساومة حين يفقد الإنسان قيمته ومعناه. لقد تهنا بين روايات البطولات المصنوعة، وحاضرٍ مُرّ نلعنه في سرّنا جهرا، وبين مستقبل نعلم أنه لن يكون لنا، بل لأجيال قادمة لن تجد ما نورثها له سوى الحسرة والضياع.

    ما زال عار هروبنا الكبير من مواجهة الطغاة يلاحقنا، ليس لأننا خنّا الوطن، بل لأننا لم نملك الشجاعة لحمايته من عبث العابثين ومقامرة المغامرين. فهل نلوم من هرب، أم من دفعه للهروب؟ وهل نلعن الخونة الصغار، أم نبحث في أصل الخيانة الأكبر؟

    نحن في لحظة سقوط حرّ… ليس فقط من قمة الأمل، بل من وهم الحكاية كلها. ولا نجيد الآن إلا البكاء، لا على الماضي فقط، بل على كل ما ضاع، وما سيتبدد لاحقًا.

    ربما حان الوقت لنُعيد النظر في مفهوم “الخيانة” كما نعرفه، لا باعتبارها مجرد انتهاكٍ للثقة أو خروجٍ على قيم الأمانة والولاء، بل كوجهٍ آخر لفشلٍ جماعي أعمق. فكيف نُسمي تجاهل صرخات الإنسان السوداني الذي تُهدر كرامته يومًا بعد يوم داخل وطنه؟ أليست الخيانة الحقيقية أن نخذله بصمتنا، أن نراه يُهان، يُقصى، ويُحرم من أبسط حقوقه، بينما ندّعي الانتماء والمروءة؟

    آن الأوان لأن نُدرك أن الخيانة لا تتجلى فقط في بيع الأسرار أو التحالف مع الأعداء، بل أيضًا في العجز عن بناء وطنٍ يحفظ كرامة أبنائه، في القبول بالذل كواقعٍ دائم، وفي التعايش مع الظلم كأمرٍ طبيعي. تلك، لعلها الخيانة الأشد إيلامًا.

    الصادق حمدين - هولندا
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de