معركة بلا بوصلة.. غياب العقل السياسي كتبه د. ياسر محجوب الحسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-08-2025, 10:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-17-2025, 05:59 PM

د. ياسر محجوب الحسين
<aد. ياسر محجوب الحسين
تاريخ التسجيل: 07-28-2018
مجموع المشاركات: 398

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
معركة بلا بوصلة.. غياب العقل السياسي كتبه د. ياسر محجوب الحسين

    06:59 PM October, 17 2025

    سودانيز اون لاين
    د. ياسر محجوب الحسين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر



    أمواج ناعمة




    في خضمّ المعركة المصيرية التي يخوضها السودان ضد ميليشيا الدعم السريع، يحقق الجيش والمقاومة الشعبية والقوات المشتركة تقدما ميدانيا بيّنا في جبهات الكرامة المختلفة، ضمن هدف استراتيجي معلن يتمثل في الحفاظ على كيان الدولة وتفكيك بنية التمرد المسلح الغاشم. ومع ذلك، يبرز سؤال جوهري يفرض نفسه على المشهد: أين هو العقل السياسي الذي يدير هذه الحرب ويضع انتصاراتها في اطارها الصحيح؟



    منذ التغيير الذي جرى في أبريل 2019، ظلّ السودان يعيش هشاشة سياسية وفراغا كبيرا لم يملأه أي مشروع وطني متكامل أو عقل سياسي استراتيجي قادر على إدارة الأزمة المركّبة التي تمر بها البلاد. فرغم تعدد المبادرات وصدى الأصوات المبحوحة، وتغيّر الحكومات، بقيت القدرة على التخطيط والتنسيق والاتصال السياسي الوطني شبه غائبة.



    العقل السياسي في المفهوم العلمي لا يعني مجرد وجود قيادة عليا أو أفراد ذوي كفاءة، بل هو بنية مؤسسية للعقل الجمعي للدولة، تقوم على مبدأ التنظيم، والمأسسة، والتخطيط الاستراتيجي، وصياغة القرار السياسي على أسس المصلحة الوطنية. وهو ما تفتقر إليه الساحة السودانية اليوم. فبينما يخوض الميدان معركته بوضوح هدفه العسكري، تبدو الرؤية السياسية غارقة في ارتجال المواقف، وردود الفعل، والمساومات قصيرة الأمد.



    إنّ أخطر ما يواجه السودان اليوم ليس فقط السلاح الذي بيد المليشيا الإرهابية، بل غياب مركز سياسي محترف يقود المعركة بوعي استراتيجي. فالمعركة لم تعد ميدانية فقط، بل هي أيضا معركة سرديات ورؤى سياسية، يتنافس فيها اللاعبون الإقليميون والدوليون على فرض تصوراتهم للحل السياسي المقبل. في هذا السياق، تبرز اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالسودان بقيادة واشنطن كأخطر مشروع يهدد السيادة الوطنية اليوم.



    فمنذ تشكيلها، تحاول اللجنة الرباعية فرض مقاربة خارجية لإدارة الأزمة السودانية، تقوم على إعادة إنتاج النخب المدنية الموالية لها، وفرض تسوية سياسية تستبعد القوى الوطنية التي تتصدى عسكريا للمليشيا، وتهمّش الجيش كمؤسسة سيادية تمثل الدولة. هذه المقاربة في جوهرها تسعى لتفكيك الدولة السودانية من الداخل عبر مسارات ناعمة من الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، تحت غطاء “الوساطة الدولية” و“الدعم الإنساني”.



    إنّ ترك الساحة السياسية السودانية بلا عقل وطني منظم يجعل البلاد عرضة لمثل هذه المشاريع، ويحوّل القرار الوطني إلى ملف دولي تديره العواصم الأجنبية. فحين لا يعرف مدى التنسيق بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء مما يفتح مجالا للمساعي الخبيثة للوقيعة بين الطرفين، بل تنعدم الرؤية الوطنية الموحدة، الأمر الذي يجعل من السهل على القوى الخارجية أن تملأ هذا الفراغ وأن تفرض حلولا تخدم مصالحها لا مصالح السودان.



    الفراغ السياسي لا يُملأ بالتصريحات ولا بالمبادرات الفردية، بل يحتاج إلى عقل دولة مؤسسي يجمع مجلس السيادة ومجلس الوزراء في منظومة واحدة للتخطيط والتنسيق، بحيث يشكلان معا نواة العقل السياسي الوطني الذي يضع الرؤية، ويدير الخطاب، ويستثمر المنجز العسكري دبلوماسيا وإعلاميا واقتصاديا. فالمجهود العسكري مهما بلغ لا يمكن أن يحقق أهدافه دون غطاء سياسي متماسك يحسن إدارة الحرب والسلام معًا.



    لقد أثبتت تجارب الدول الخارجة من النزاعات، كما في الجزائر بعد العشرية السوداء أو في سريلانكا بعد الحرب الأهلية، أن العقل السياسي المنظم هو الذي يضمن تحويل النصر العسكري إلى استقرار سياسي، عبر توحيد الرؤية، وإدارة العلاقات الدولية بذكاء، ووضع مسارات انتقال متدرجة نحو الدولة المدنية الآمنة.



    أما في السودان، فإنّ الاجتهاد الفردي ظلّ هو السمة الغالبة منذ 2019، حيث تتخذ القرارات السياسية والعسكرية أحيانا بمعزل عن منظومة مؤسسية قادرة على قراءة التوازنات الداخلية والخارجية. ومهما بلغت قدرات هذا القائد أو ذاك، فإن الفرد لا يستطيع أن يواجه وحده تعقيدات المشهد، الذي تتداخل فيه العوامل القبلية، والاقتصادية، والإقليمية، والاستخباراتية.



    إنّ المهددات التي تعصف بالسودان اليوم من مشروع اللجنة الرباعية، إلى التدخلات الإقليمية، إلى محاولات تفكيك الهوية الوطنية؛ أكبر من أن تُعالج بعقل فرد أو مبادرة شخصية. المطلوب هو إحياء مؤسسات الدولة السياسية بروح جديدة تقوم على المهنية، والتخطيط الاستراتيجي، واستقلال القرار الوطني.



    لقد حان الوقت لأن يدرك صناع القرار أن الحرب ليست نهاية السياسة، بل استمرار لها بوسائل أخرى، كما قال كلاوزفيتز أبرز المفكرين العسكريين المعاصرين. وإنّ النصر الحقيقي لا يتحقق بالرصاص وحده، بل بقدرة الدولة على تحويل القوة العسكرية إلى مشروع وطني جامع، يعبّر عن إرادة الشعب ويحصّن البلاد ضد الوصاية الخارجية.



    إنّ بناء هذا “العقل السياسي” ليس ترفا فكريا، بل هو شرط بقاء الدولة السودانية نفسها. فالبلاد التي تخوض حربا بلا عقل سياسي، إنما تسير نحو نصرٍ بلا ثمرة، أو سلام بلا استقرار.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de