د. احمد التيجاني سيد احمد عاصمة الهامش المقاوم لم تكن نيالا يومًا مدينة عادية. منذ السبعينات، برزت كإحدى مدن الهامش التي واجهت تهميش الخرطوم المتراكم. ومع اندلاع حرب دارفور عام ٢٠٠٣، تحولت إلى ملجأ لمئات الآلاف من النازحين، لتصبح شاهدًا حيًا على جرائم النظام البائد. تقارير الأمم المتحدة و"اليوناميد" وثّقت انتهاكات واسعة ضد المدنيين في محيطها، ما جعلها عنوانًا لمقاومة الهامش وصموده.
عاصمة العدالة اسم نيالا ارتبط أيضًا بالعدالة، إذ إن الجرائم التي وقعت في دارفور دفعت المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرات توقيف ضد قادة النظام بتهم الإبادة وجرائم الحرب. منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية أكدت أن ما جرى يمثل "إبادة ممنهجة". بذلك، غدت نيالا رمزًا لتوق السودانيين لعدالة لا تُبنى على الإفلات من العقاب، بل على إنصاف الضحايا وإحقاق الحق.
عاصمة الإنتاج رغم الحرب والتهميش، لم تفقد نيالا مكانتها الاقتصادية. فهي مركز تجاري ضخم، وقلب لحركة الثروة الحيوانية التي تمثل أكثر من ٤٠٪ من إنتاج السودان. كما تعد سوقًا رئيسيًا للسمسم والفول السوداني والصمغ العربي. وتشير تقارير البنك الدولي وبرامج الأمم المتحدة إلى أن الإقليم يمتلك مقومات تؤهله ليكون قاعدة لاقتصاد منتج وسيّد نفسه. وعلى دولةًً الجوار مصر التي اعتادت تهريب واستغلال الثروات الزراعية السودانية، وشرايها بعملات سودانية مزيفة، أن تعيد حساباتها؛ فهذه الموارد بالنسبة لها قد تمثل الفارق بين الحياة والموت، لكنها بالنسبة للسودان شرط سيادته وبقائه.
من قلب دارفور يبدأ ميلاد وطن الحرية من نيالا ودارفور، اللتين دُفعتا إلى الهامش لعقود، تبدأ إعادة تعريف السودان. فشعار "حرية، سلام، وعدالة" الذي رفعته ثورة ديسمبر لم يكن إلا صدى لأصوات النازحين والمهمشين. اليوم، لم تعد دارفور مجرد "أطراف"، بل قلب الوطن الجديد الذي يتأسس على التنوع، والكرامة، والحرية.
الخلاصة نيالا تختصر الحكاية: مقاومة، عدالة، إنتاج، وحرية. ليست جغرافيا فحسب، بل بوابة لميلاد السودان الجديد.
كسرة في الفيديو الذي بثّه المناضل مزمل محمد بريمة على فيسبوك، برزت صورة تجمع رييس سلطةً التاسيس محمد حمدان دقلو (حميدتي) ونائبه عبد العزيز الحلو. هذه الصورة، رغم تباين خلفياتها، تعكس حقيقة اللحظة السودانية الراهنة: - حميدتي يمثل مسارًا صاعدًا من قلب التحديات الراهنة، وهو يسعى إلى تثبيت موقعه كقوة فاعلة في مستقبل السودان. - الحلو يمثل مسارًا آخر يقوم على حق تقرير المصير والعلمانية، ثابتًا على خطاب العدالة والمساواة وبناء دولة جديدة.
وفي سياق نيالا عاصمة السودان الجديد، تصبح هذه الرمزية علامة على أن ميلاد الوطن القادم لن يكون إلا عبر تقاطع طرق القيادات المسلحة والمدنية، وبانتشار مركز الثقل من الخرطوم إلى دارفور وجبال النوبة. الصورة إذن ليست مجرد لقطة، بل هي شهادة على أن السودان الجديد يولد من الهامش، وأن إعادة بناء الدولة لن تتم إلا على قاعدة واضحة: حرية، سلام، وعدالة.
د. أحمد التيجاني سيد أحمد عضو موسس في تحالف تأسيس ١ سبتمبر ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
احمد التيجاني سيد احمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست