نزلت لأدنى مستوى وكان بإمكانها أن تتسلق لأعلى درجة ، فغدت مجمع فشل بتؤدة ٍ يتسلل لمواقف جد محرجة ، متداولة عبر المحافل الدولية كظاهرة رائجة ، عن دولة غنية صوب الفقر متدحرجة ، عن قاعدة التطور بنقيضها خارجة .
ما استقرَّت على حال كل زاحف صوبها صال داخلها وجال فكانت الأعراق لخليط من الأصول مازجة، ومتى دقق الباحث وجدها مع أي سيطرة خارجية بيسر مندمجة ، فقد عرفت على مراحل تناوب الحكم عليها أصول بشرية سعت لإخضاع الجزائر لتوسُّعها مهما بعُدت نواتها ، ومنها اختصاراً : النوميديين .. والفينيقيين .. والبونيقيين .. و الرومان .. والوندال .. والبيزنطيين .. والأمويين .. والعباسيين .. والأدارسة .. والأغالبة .. والرستميين .. والفاطميين .. والزيريين .. والحماديين .. والمرابطين .. والموحدين .. والحفصيين .. والزانيين والعثمانيين ، طبعاً تمركزت بين أوساطها المتأثرة بأكثر من حضارة وأسلوب حياة وعقليات متباينة مَن جعلت منها دولة بمساحة معينة في الظهور الواضح ككيان مستقل متدرجة ، لكن فرنسا بحلول القرن التاسع عشر حرمتها الحرية وأرخت استعمارها لتكبِّلها من جديد لا تفرق في الإهانةة بين أحمد أو خديجة ، الجميع لديها درجة ثانية متربعة فوقهم عن قوة مُهرِّجَة، فأنست معظمهم (مع تقدم الزمن) حتى النطق باللغة المحلية الدارجة ، وحوَّلت نهارهم ليلاً بهيماً حتى صارت المرأة دجاجة ، وأغنى رجل يملك فقط دراجة ، من وضعية أوجدتها فرنسا لتكريس التبعية المطلقة لنفوذها جعلت من الجزائر فرنسية الانتساب دون سواها من الدول الإفريقية المستعمرة بدورها من فرنسا ذاتها ، بالتأكيد هناك سبب ليس جله معتمداً على الثروة النفطية والمعدنية الأخرى مَن أعطَى الجزائر هذه الميزة لتصبح أحدى مقاطعات فرنسا الكبرى ، إذ هناك مِن الجزائريين من شجعوا فرنسا على التفكير في ذلك والعمل على ضبطه إداريا حسب القوانين الفرنسية ، لانسجامهم مع ثقافة ألبَسَتْهُم بذلة أوربية ومكنتهم من الاقتران بشقراوات زُرْقِ الجفون والعمل في إدارة أدلال بني جلدتهم بأجرة مهما بلغت قيمتها لا تعوض شرف وكرامة المتوصل بها . ولولا شرارة الوطنية المشتعلة قي صدور قِلَّة من النساء والرجال ، ترعرعوا وسط جو القهر والتنكيل والظلم والاعتداء المجاني على الحرمات ، من طرف جند فرنسا و توابعهم الخونة ، لضاعت الجزائر وانسلخت عن كل مقومات دولة لها الحق في الوجود ، تلك القلة استطاعت أن تزرع في نفوس الملايين عبر سنين ، حب المقاومة والجهاد ، المتبوع بتحقيق المراد أو الاستشهاد ، وجدوا في المغاربة الأحرار أقوى سند ، مما عرَّضهم سبيل ذلك لأقصى اضطهاد ، وكانت مدينة وجدة المغربية أعز ملاذ ، احتضنت المقاومة الجزائرية بما لها وما عليها ، في ملحمة مهما حاولت الجزائر الرسمية نكرانها لن تستطيع ، فهي ساكنة في وجدان الجزائريين العارفين بالحقائق ، المهم نالت الجزائر استقلالها ، ومنذ تلك الآونة إلى الآن لم تحقِّق أي شيء ، يعطى للجزائريين حفهم ، فيما قدموه من دمهم الطاهر المسكوب طيلة سنوات الرصاص ، ومن لحومهم المقطَّعة داخل معتقلات الاستعمار البغيض ، ومن أرواحهم وما أكثرها قد تصل إلي سبعة ملايين شهيد ، فماذا كان جزاؤهم ، حفنة من العسكر تجثم على حاضرهم طامعة استمرار نفس الوضع في مستقبلهم ، لينعموا ما شاؤوا من خيرات البلاد على هواهم ، وليشرب باقي الشعب من البحر ، لذا في الجزائر حاليا الكل خاسر والكل يتحدث عن هول الخسائر .
...كيف يعقل أن تكون الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية خالية من جناحي اسمها الرسمي ، تطير بعير طاقة "الديمقراطية" ولا توازن "الشعبية" ، طيراناً عشوائياً بغير بوصلة تعين على معرفة الاتجاه ، ولا ضبط علُوٍّ مواتي للطيران ، ولا وسائل للنزول على أرضية مهيأة ، بما يجب من تجهيزات تسهل العملية دون اصطدام فتحطُّم أكيد ؟؟؟ ، كيف السبيل للتحكُّم بفريق عسكري لا يهمُّه سوي محيط يمتص فيه ما بخدم به مصالح نفسه بما كدَّسه بالعملات الصعب في بنوك سويسرا وفرنسا ومصارف أخرى ، تاركاً مساحة 2.381.740 كيلومتر مربع ، مما يجعلها دولة تحتل المرتبة العاشرة في العالم ، والأولى على الصعيد المتوسطي والعربي والإفريقي ، عرضة أجزاء شاسعة منها لرياح الإهمال ، وضياع ما استوطنها من نساء ورجال ليقتاتوا مما يعثرون عليه في الطبيعة غالبا الجرداء ، ويسكنون داخل خيم مرقعة بحبال غلب الزمن صلابتها فغدت هشة تدين من اكتفوا بالتزاحم على العاصمة وكبريات المدن ، أو ما يُعرف بالجزائر الدولة كذلك ، وهي لا تتوفر على ما يجعلها كبيرة ، إلا بما توافد عليها من مهاجرين ، طمعاً في سَكنٍ لائقٍ وعمل وحق مشروع في ثروة وطنهم ، فيصطدمون بكونهم غير مسجلين (معظمهم) حتى في اللوائح المانحة لهم واجب الانتساب في نفس وطنهم . (للمقال صلة)
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة