دولتان إفريقيتان ملتصقتان (جغرافيا) بعضهما ببعض على امتداد ألف كيلومتر مربع ، لكنهما الآن على غير وفاق عكس ما يحتم تواجدهما على حسن الجوار واقتسام العديد من المزايا والأعراف والتقاليد وبالتالي الانتساب للقارة السمراء ، الجزائر قلقة من التواجد العسكري الروسي فوق الأرض المالية الممثل في الفيلق الإفريقي التابع لوزارة الدفاع الروسية ، مما تعتبره خطرا على أمنها القومي ، ومالي تتهم الجزائر صراحة بالتدخُّل في شؤونها الخاصة ، وأكثر من ذلك دعمها عناصر انفصالية ، تسعى للاستيلاء على الحكم ، أو إقامة كيان منزوع حيزه من الدولة المالية الموحدة التراب الوطني . التوافق المفروض أن يكون سمة الدولتين للعيس في سلام ، تحوَّل لصراع متصاعد ينوِّه بانفجار حتمي بينهما ، إن لم تُعالج قضاياهما الخلافية ، بحوار مفتوح هدفه البحث عن نقطة التقاء لا سبباً للفراق المشوب بما لا يُحمَد عقباه ، للجزائر في ذات الموضوع تجربة طويلة المدى مع المملكة المغربية ، يخص تبنيها جماعة صحراوية تعمل على زعزعة الاستقرار المغربي ، فالنيل من وحدته الترابية ، ولولا صبر المملكة المغربية ومحاولة تهدئة الهيجان الجزائري لاندلعت ما يجعل منطقة المغرب العربي ، مهددة بحرائق حرب شرسة ، الخاسر الأكبر فيها إفريقيا أولا وأخيراً ، كما الجزائر مرشحة لاعتناق توتر جديد بينها وتونس ، سببه صحراء تدَّعي تونس ملكيتها ، لولا فرنسا التي ضمتها للجزائر ، أثناء احتلالها البغيض لجل دول المغرب العربي ، لذا تعد فرنسا أم المصائب التي تؤدى حاليا ماً تؤديه تلك الدول من صراعات أكثرها بالخطيرة .
... جمهورية مالي تحدها شمالا الجزائر، ومن الشرق النيجر ، وساحل العاج وبرقينا فأسو من ناحية الجنوب ، وموريتانيا والسنغال من الغرب ، مساحتها الإجمالية 1.240.192 كيلومتر مربع ، تقطنها 22 مليون نسمة نصفهم يعيشون تحت ضغط الفقر ، تعد مدينة باماكو العاصمة الإدارية لها ، مواردها الطبيعة تقتصر على الملح واليورانيوم والذهب .
الحكم في مالي تقابله معارضة تتضح معالمها مع سلسة من الإجراءات المُتخذة من طرف رئيس المجلس العسكري الجنرال أسيمي غويتا المتربع على كرسي النفوذ العام عبر البلاد بعد انقلاب 2021 ، حيث أعطى لنفسه حق قيادة مالي دون منازع لمدة خمس سنوات متجددة تلقائيا دون اعتماد أي انتخاب ، شمال مالي صحراء زادها تهميش السلطات وإبعادها من أي استثمار عمومي ببناء مشاريع تساعد الأهالي على إيجاد فرص للعيش السليم ، زادها ذلك ما جعلها بؤرة لوجود منظمات مسلحة تخوض أحيانا هجمات على السلطات الرسمية المركزية مسببة لها عدم الشعور باستقرار دائم ، وأهم هذه المنظمات جماعة أزواد الداعية للانفصال عن دولة مالي حفاظا على هوية الطوارق ومرجعياتهم الثقافية ، إن لم تمكنهم نفس الدولة ، من حكم ذاتي يحققون من ورائه التوصل بحقهم المشروع من الثروة الوطنية ، وإلحاق الشمال بالجنوب في كل تطور تنموي قد يحصل مستقبلا ، إن ساد التعقل و التدبير المُحكم الحكيم لشؤون البلاد العامة ، دون إدخال أية عناصر أجنبية التي لن تضيف إلا العويص من المشاكل على المتراكمة ، الجاعلة من مالي متخبطة بسبب طموحات نظام عسكري يرى فيها الشعب المالي خطرا قد يفرز فتنا لا نهاية لها إلا بإرجاع الدولة كدولة إلي وراء الوراء .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة