مأساة السودان كرقعة جغرافية تكمن في عقول أهله، وخاصة أهل الشمال، وجراء الوهم الذي يعيشونه بعمق، فإنهم يفسدون كل شيء وهم يحسبون أنفسهم محسنين. ولا زالوا يحيون في حالة تكرار لأنفسهم أكثر من تداول الشمس والقمر والفصول منذ ميلاد الأرض إلى اليوم وإلى يوم يبعثون. فهناك غرضان للبرهان من تأسيس حكومته: أولها غرض نفسي، وهو اقناع الشماليين بأن الأوضاع عادت كما كانت عليه، وهذا نوع من التخدير السايكولوجي، لذلك هم فرحون بها، رغم أن هذه الحرب ليست حرباً كحروب جيش الشمال ضد الشعوب الأخرى في النيل الازرق والشرق وجنوب كردفان وجبال النوبة ودارفور، بل هذه حرب كشفت عن الأسد الورقي الذي اعتمد على الزئير بصوت عال، ليتضح أنه مجرد ثور ليس له حتى خوار، لذلك فالأحوال لن تعود لتستقر لأبناء الشمال كما كانت قبل الحرب، حتى لو عاد البرهان وشكل عشرات الحكومات. أما الغرض الثاني، فهو الحصول على الشرعية وسحب البساط من قحط حمدوك. وهذا أيضاً لن يحدث، فالشرعية لا تحققها حكومات مزيفة، بل تؤسسها الحقيقة على أرض الواقع، فإما شرعية ثورية، وهذه انقلب عليها البرهان، أو شرعية دستورية، وهذه انقلب عليها البرهان أيضاً، وإما شرعية السيطرة على الأرض، وهذه أيضاً فقدها البرهان. لذلك هذه هي (شبه الحكومة) الوحيدة التي لم يحسدها الشماليون، لأنهم وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنها (حكومة حمام غمران) وأنها لا تتمتع حتى بالقدرة على تجاوز حدود الشرق والشمالية ونهر النيل، والبرهان نفسه أكثر من يعلم بوهميتها. على أية حال حالة التكرار هذه لن تخدم مصالح الشماليين، بل هي في الواقع تعيد تكرار مأساة شبه الدولة التي أفضت الى انفصال الجنوب واستقلال المناطق المحررة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة. واستمرار التفكير بذات هذه الطريقة المكررة يعني أنه لا يمكن أن تُطرح حلول حقيقية لحل أزمة السودان، بل مجرد تعنت واصرار على مبدأ (عليَّ وعلى أعدائي)، بتدمير الدولة (طوبة طوبة)، في استمراء للعنت والصلف الجهول. فلتخوضوا ما أنتم خائضون، ولتتعنتوا ما أنتم متعنتون، حتى يأتي يوم لا تقبل فيه شفاعة ولا يؤخذ فيه عدل ولا هم ينصرون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست